(536)
(228)
(574)
(311)
شرع الحق تبارك وتعالى لنا ذكرَه مطلقا، وجعل سبحانه وتعالى للأعداد أسراراً منها ما يحصل الإطلاع عليه عبر النبوة والرسالة وهذا هو الوارد في السنة الكريمة فيما عيَّن صلى الله عليه وآله وسلم من أعدادِ بعض الأذكار فجعل بعضها ثلاثاً وجعل بعضها أربعاً وجعل بعضها سبعاً وجعل بعضها عشراً صلى الله عليه وآله وسلم وجعل بعضها ثلاثة وثلاثين وجعل بعضها مائة وفتح الباب وقال ( فيمن يقول في اليوم – لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير – أنه لا يأتي أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد ) ففتح الباب في الزيادة ولم يحدده، فعند إذٍ نذكر الله تبارك وتعالى بما شئنا من الأعداد ولا حرج علينا في ذلك ولا نهي وتحريم ولا إشارة لذلك بل من الأمر الطيب الحسن أن يرتب المؤمن على نفسه من أنواع الأذكار أعداداً لا يقصر فيها ويكون العمل ديمة كما جاء في السنة الكريمة أن عمله صلى الله عليه وآله وسلم كان ديمة، وإنما يكون العمل ديمة إذا انضبط أو تقيد فداوم عليه صاحبه فكذلك الأذكار ينبغي أن نحرص على ذكر الله على العموم وأن يكون لنا نصيب من الأذكار معينة نداوم عليها بابها مفتوح بما شئنا وكيف شئنا وبأي عدد المائة والمائتين والثلاثة والأقل والأكثر من ذلك والألف والألفين والأقل والأكثر من ذلك، أكثروا ذكر الله تبارك وتعالى أما بعد ذلك معرفة بعض أسرار الأعداد إما من طريق الإلهام أو من طريق التجربة فهذه طريق أيضاً لمعرفة سر العدد كما أشار السائل في هذا السؤال عن ( يا لطيف ) قد يذكر بهذا العدد وقد يذكر بأعداد أخر والباب فيه مفتوح وهذا العدد هو بحساب الجُمل عدد أحرف اسمه تعالى ( اللطيف ) فإذا حسبت طلعت مائة وتسعة وعشرين فكان ذلك نوع من المناسبة على أي الأحوال كل هذه الشئون مما فتح الباب فيه لنا الشرع الكريم وهدي النبي العظيم صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله ولم يحرج علينا أن نتقيد بعدد أو نزيد أو ننقص فيه ثم تولى بنفسه بيان بعض الأعداد في بعض الأذكار فهنا نعلم أن لها أسرار من باب النبوة وفتح لنا باب الزيادة فقال ( إلا من قال مثل ذلك أو زاد عليه ) فعلمنا أن ذلك العدد فيه سر ثم إن الزيادة لا تمنع ذلك السر ولا تحول بيننا وبين تحقيقه إلا أننا نحب في الأمر الوارد المقيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نتقيد بهذا العدد ثم نزيد بعد فاصل يفصل بين العدد المعين الوارد والزيادة، كما أن من شك كذلك في بلوغ العدد يأخذ بالأحوط وهو الأقل فيزيد حتى يتيقن أنه استكمل العدد الذي جاء في السنة فلا يملك أحد نصاً ودلالة من الكتاب العزيز والسنة الغراء وهدي الصالحين على منع تحديد أعداد لكل مؤمن على نفسه وعلى أصحابه ولا أن يزيد أحد أو ينقص ما شاء من ذكر الله المفتوح بابه المأمورين فيه بالإكثار سوى ما يتوهم بعض الناس من الفهم الخاطئ لمعنى البدعة وما معنى أنه لم يرد فيبنون على ذلك حكماً باطلاً لبطلان الأساس وهو الفهم عن البدعة وإنما البدعة مخالفة شيء جاءت به السنة الكريمة والخروج عنه من فعل منهي عنه أو ترك مأمور به وفي ذلك يقول الإمام الشافعي عليه رحمة الله تبارك وتعالى: البدعة بدعتان محمودة ومذمومة، فما وافق كتاباً وسنة أو أثراً فهو البدعة المحمودة، وما خالف الكتاب والسنة والأثر فهو البدعة المذمومة. وعلى هذا المفهوم الصحيح الذي يقول عنه سيدنا عمر بن الخطاب: نعم البدعة هذه. يعلم أنه لا نص في كتاب ولا سنة ولا أثر يعكر صفو اتخاذ الأعداد المعينة لمختلف الأذكار ولا الزيادة ولا النقص فيها كما أن من الواضح الجلي في هذا الأمر أنما جاء تعيينه عدداً من السنة فهو المقدم وهو المعظم ولا ينبغي أن يزاد عليه إلا في ما ورد فيه الإطلاق في الزيادة على استحسان أن يفصل بين تقيده بالعدد الوارد ثم بأن يزيد ما شاء من ذكر الرحمن جل وعلا.
16 ربيع الأول 1427