(229)
(536)
(574)
(311)
جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى بالوحي الشريف والدين القويم والمنهج العظيم وقد احتوى وانطوى على معارف وعلوم ومفاهيم وأسرار واسعات يبلغ الناس منها ما يُسِّر لهم على حسب استعدادهم وصفائهم ونقائهم وإخلاصهم لوجه الله تبارك وتعالى مع مستوى الفهم والفقه والإدراك عند أحدهم، فتختلف المواهب في العقول والمدارك ومهما عظُم حظُّ الإنسان من العقل والإدراك واقترن به صفاءٌ ونقاءٌ في قلبه وحُسن معاملةٍ لربه كان المجال أوسع له في انكشاف أسرار الشريعة والعمل بها ، وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يتكلم مع الصحابة بما يسعه عقلهم وفهمهم وما وصل إليه كل واحد منهم في مستواه، فجاءت الخصوصيات في مثل حذيفة بن اليمان فجعله مأمونَه على سر المنافقين أي على سر علم المنافقين ومعرفة أحوالهم وأخبارهم، وكذلك كانت له مجالس مع سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يفضي إليه بما تهيأ له أبو بكر عليه رضوان الله ، وخصَّ سيدَنا علي بمزيةٍ وخصوصيةٍ جاء فيها الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم وهو قوله ( أنا مدينة العلم وعلي بابُها ) وفي هذا المعنى ألَّف المحدث العالم الأصولي المفسر الشيخ/ أحمد بن محمد الصديق الغماري. كتاباً سماه ( عليٌ إمام العارفين ) فذكر ما جاء في خصوصيات سيدنا علي وما خُصَّ به في مجال العلم والمعرفة وما تلقاه عنه من تلقاه من الصالحين كمثل الحسن البصري وغيره، وأبناءه الكرام الحسن والحسين وما تسلسل منهم عمن وراءهم، وفي القرآن إشارة إلى تعليمٍ مخصوص من الله لمن قام بحق التقوى قال تعالى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) وفي الحديث ( من عمل بما علِم ورَّثه الله علم ما لم يعلم ) فنعلم من كل هذا أنه على اختلاف أحوال الناس في تلقيهم ومداركهم واتساع مفاهيمهم يكون لكلٍ النصيب من الفهم عن الله ورسوله فيما بلغه من الوحي الشريف، ولم يزل أرباب العقول الواسعة والقلوب الصافية أوسع الناس فهماً ومعرفةً وكل من ائتُمن على العلم وقام بحق العمل بالشريعة خُصَّ بنصيب من هذا العلم وفقه الخطاب الإلهي.
وليس ذلك بمظهرٍ ولا باسمٍ ولا بشيءٍ من هذه الأمور ولكن بحسب الاستعداد والصدق:
كلٌّ على قدر الصفاء والإقتداء نال الهدى في أحسن استقبالِ
16 رَمضان 1425