(536)
(228)
(574)
(311)
من جهة الجواز فإنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها، ولكن من جهة الأولى فإن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم اختار لأزواجه أمهات المؤمنين ولأهل بيته أنهم يكشفون وقت الإحرام عندما يكونون بعيدين عن أنظار الرجال الأجانب، فإذا أقبل عليهم الركبان أسدلوا الستر على وجوههم، فكان ذلك هو الأفضل، وهو اختيار سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم لأهل بيته ولأمهات المؤمنين، فقد حججن معه حجج التسع الأمهات للمؤمنين اللاتي كن قبل وفاته صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم حج بهن جميعاً إلى البيت الحرام، قالت السيدة عائشة: كنا إذا أقبل علينا الركبان أسدلنا الستر على وجوهنا، فإذا ذهبوا عنا كشفنا عن وجوهنا.
فالمرأة عندما تكون في الخلوة مع المحارم، أو وسط السيارة عند المحارم وحيث لا ينظر إليها الأجنبي، لا يجوز لها أن تغطي وجهها مادامت مُحرمة إلى وقت التحلل الأول من الإحرام، وأما إن كانت عند الرجال الأجانب فيجوز لها ذلك.
ثم اختلف الفقهاء إذا غطت وجهها لأجل ذلك، فهل يلزمها فدية أم لا؟ ويذكر في مذهب الإمام مالك أنها إن غطت وجهها من دون غرز ولا ربط، فإنه لا يلزمها فدية، وفي مذهب الشافعية المعتمد عندهم أنها تغطي ثم تخرج فدية عن تغطية الوجه، وذلك إما أن تصوم ثلاثة أيام، وإما أن تذبح شاة، وإما أن تتصدق بثلاث آصع على ستة مساكين كل مسكين نصف صاع، فهي تتخير بين هذه الثلاثة الأشياء، كحال من أسقط شعره، أو قلم ظفره، أو تطيب في حال الإحرام.
إذاً فمن جهة الأولى والأفضل للمرأة أن تكون أمام الأجانب مغطية وجهها، ومن جهة الجواز يجوز مادامت محرمة أن تكشف وجهها، كما قرأنا أن الخثعمية كانت تسأل النبي صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم وجهها مكشوف، فلما أحس بأن سيدنا الفضل بن العباس وكان خلفه ينظر إليها وتنظر إليه، لوى برأس سيدنا الفضل حتى أنهت المرأة حديثها .
فإذاً هذا حال الجواز، وأما حال اختياره فقد رأينا كيف اختار لنسائه ولأهل بيته: إذا أقبل علينا الركبان أسدلنا الستر على وجوهنا. فلم يكن يظهر شيء من وجوههن للرجال الأجانب، وذلك هو الأفضل والأكمل علمنا ذلك من خلال سيرته صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم.
30 ذو القِعدة 1432