كشف الغمة 279- كتاب الجنائز (16) مسائل متعلقة بالصلاة على الميت -1-

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  كشف الغمة 279- كتاب الجنائز (16) مسائل متعلقة بالصلاة على الميت

صباح الأربعاء 27 شعبان 1446هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  • من الأحق بإمامة صلاة الجنازة؟
  •  وصية الصحابة بمن يصلي عليهم
  •  وصية السيدة عائشة وأم سلمة
  •  موقف الصلاة على سيدنا الحسن بن علي
  •  أين قبر سيدنا الحسن بن علي وأهل البيت؟ 
  •  قصة دفن الحسن بن علي وخروح الحسين من المدينة
  •  مكان دفن أولاد النبي ﷺ
  •  محبة السيدة فاطمة الستر بعد وفاتها
  •  موضع وقوف إمام صلاة الجنازة للرجل والمرأة
  • كيفية وضع مجموعة جنائز

نص الدرس المكتوب:

"فرع:  وكان رسول الله ﷺ يقول: "من صلى على جنازة ولم يؤمر لم يقبل الله له صلاة"، وكان الحسن البصري -رضي الله عنه- يقول: أدركت الناس وهم يرون أن أحق الناس بالصلاة على جنائزهم من رضوه لفرائِضهم، قال: وأوصى أبو بكر -رضي الله عنه- أن يصلي عليه أبو بردة -رضي الله عنه-، وأوصى عمر -رضي الله عنه- أن يصلي عليه صهيب، وأوصى ابن مسعود أن يصلي عليه الزبير، وأوصت عائشة -رضي الله عنها- أن يصلي عليها أبو هريرة -رضي الله عنه-، وأوصت أم سلمة -رضي الله عنها- أن يصلي عليها سعيد بن زيد -رضي الله عنه-، وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: لما مات الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قال أخوه الحسين -رضي الله عنه- لسعيد بن العاص -رضي الله عنه-: تقدم فلولا أنها سنة ما قُدِّمت، وكان بينهم شيء فقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: أتنفسُون على ابن نبيكم بتربة تدفنونه فيها وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني". 

قال أنس -رضي الله عنه-: وكان ﷺ يقف عند رأس الرجل في الصلاة عليه، وكان يقف عند وسط المرأة ليسترها من القوم، ولم يكن إذ ذاك نعش وهو الأعواد التي يجعل عليها الخيمة.

وكان ﷺ وإذا حضرت جنازة صبي وامرأة يقدِّم الصبي مما يلي الإمام والمرأة وراءه مما يلي القبلة ويصلي عليهما، وهكذا كان يفعل الخلفاء بعده يجعلون المرأة بين يدي الرجل والرجل مما يلي الإمام، وكان موسى بن طلحة -رضي الله عنه- يقول: صليت مع عثمان -رضي الله عنه- على جنائز رجال ونساء فجعل الرجال مما يليه والنساء مما يلي القبلة وكبر عليهم أربعًا، وصلى ابن عمر -رضي الله عنهما- على تسع جنائز رجال ونساء فجعل الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة وصفهم صفًا واحدًا." 

 

اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن

 

الحمد لله على نعمة الشريعة العظيمة، وبيانها على لسان صاحب المراتب الفخيمة عبد الله ورسوله سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه، وعلى آله وصحبه ومن سار على مناهجه القويمة، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، أهل المنح العظيمة والمنن الجسيمة، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

وبعد؛ 

يواصل الشيخ ذكر ما يتعلق بالصلاة على الجنائز، ويذكر في هذا الفرع أن التقدم في الإمامة على الجنازة إنما يكون بأمر ولي الميت، وإن كان الذي يتقدم الحاكم أو غيره فلا يتقدم إلا بإذن ولي الميت، ونهى أن يتقدم أحد يصلي بالناس من دون إذن وأمر من أولياء الميت، وكان رسول الله ﷺ يقول: "من صلى على جنازة ولم يؤمر لم يقبل الله له صلاة" -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.

وبذلك جاء اجتهاد الأئمة عليهم رضوان الله فيمن هو أحق بالإمامة في الصلاة على الميت وصلاة الجنازة؛ فيرى:

  •  يرى الحنفية: 

    • أن السلطان إذا حضر أو نائبه فهو أحق بالصلاة على الميت؛ بسبب الولاية، وأن في التقدم عليه ازدراء به.

    • وإن لم يكن فالقاضي؛ لأنه صاحب ولاية. 

    • وإلا فإمَام الحي الذي كان فيه يعيش هذا الميت، فإنه ارتضاه إماما للصلوات في الصلوات الخمس فيصلي عليه. 

    • ثم الولي الذكر من المكلف بترتيب العصوبة أو أولياء النكاح، إلا أن الأب يقدم على الإبن، وفي هذا المذهب تقديم الوالي إذا حضر.

  • المالكية والحنابلة: 

    • أن أحق الناس بالصلاة على الميت من أوصى الميت أن يصلي عليه، فإذا أوصى الميت أن يصلي عليه فلان أو فلان فهو أحق بأن يصلي عليه وتنفذ وصيته. وقد جاء في الكتاب معنا أنه أوصى جماعة من الصحابة مثل سيدنا عمر أن يصلي عليه صهيب،  أوصى ابن مسعود أن يصلي عليه الزبير، وعائشة أن يصلي عليها أبو هريرة، إلى غير ذلك.. ففيه إثبات أن الحق للميت في أن يعين من يريد أن يصلي عليه إماما من بعده. والرأي عند المالكية والحنابلة أن من أوصى الميت أن يصلي عليه فهو أحق أن يصلي عليه. 

    • ثم بعد ذلك الوالي أو الأمير لحديث "لا يُؤَمُّ الرَّجلُ في سلطانِهِ ولا يُجلَسُ على تَكرِمتِهِ في بيتِهِ إلَّا بإذنِهِ".

    • ثم الأولياء والعصابات هكذا، قالوا: ويقدم عندهم الأخ وابنه على العم، ثم ابن العم، وعلى هكذا..

    • وعند المالكية أن الجد يقدم، فبعد الأب يكون الجد، لأنه أقرب إلى قبول الدعاء، بعد ذلك يقدم الأفضل فالأفضل.

  • ثم قال الشافعية -عليهم رضوان الله-: 

    • الأحق بالصلاة على الميت والأولى به ولي الميت، فهو أحق بالصلاة عليه، يتقدم أو يُقَدِّم من شاء، يقدم الأب ثم الجد وإن علا، ثم الابن -إبن الميت- ثم ابنه وإن سفل، ثم الأخ؛ أخو الميت الشقيق، ثم الأخ للأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم بقية العَصبة على ترتيبهم في الإرث، ثم ذوي الأرحام. 

    • فإذا اجتمع اثنان في درجة واحدة مثل ابنين أو أخوين وكلاهما صالح الإمامة فالأسَنّ العدل هو الذي يُقَدِّم في صلاة الجنازة، قالوا: في الصلوات الأخرى يراعى الأفقه، لكن في صلاة الجنازة يقدم الأسن ممن اجتمعوا في الدرجة؛ لأنه أقرب إلى قبول الدعاء من كان أسن منهم، فهذا اجتهاد الإمام في من هو أولى أن يؤم الناس في صلاة الجنازة، 

يقول: "كان الحسن البصري -رضي الله عنه- يقول: أدركت الناس وهم يرون أن أحق الناس بالصلاة على جنائزهم من رضوه لفرائِضهم"، وهو الذي قالوا عنه: إمام الحي؛ الذي كان في حياته هذا يصلي خلفه فهو أحق بأن يتقدم في جنازته.

 

  • "وأوصى أبو بكر -رضي الله عنه- أن يصلي عليه أبو بردة -رضي الله عنه-"؛ أبو بردة بن نيار.

  • "وأوصى سيدنا عمر أن يصلي عليه صهيب" الرومي الذي نزل فيه قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)، ولكنه ترك ماله للمشركين بمكة مقابل أن يتركوه يذهب إلى رسوله ﷺ، فترك لهم المال كله، وعندما كان يحاول الخروج من مكة للهجرة إلى الحبيب ﷺ وترقب فرصة يخرج واعترضه ناس من المشركين وأرادوا أن يردوه قال: ماذا تريدوا؟ ماذا ستستفيدوا مني؟ خذوا مالي ودعوني أذهب، قالوا: أتعطينا مالك؟ قال: نعم، قال: خلاص، هات المال واذهب، فأخذوا ماله وذهب، وجاء إلى المدينة المنورة ونزلت: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [البقرة:207]، فلما دخل المسجد وجد النبي في استقباله، وقال له: "ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى" ربحت فيما تركت من مالك من أجل لقاء رسول الله والهجرة إلى الله ورسوله - عليه رضوان الله.-

  • "وأوصى بن مسعود أن يصلي عليه الزبير بن العوامة". 

  • "وأوصت عائشة -رضي الله عنها- أن يصلي عليها أبو هريرة -رضي الله عنه-"، فإنه تأخرت وفاتها ولم يبقى أحد من الآل والأكابر والصحابة، فأوصت أن يصلي عليها أبو هريرة رضي الله عنه، لملازمته النبي ﷺ من حين أسلم، وهاجر إلى أن توفي رسول الله ﷺ.

  • "وأوصت أم سلمة -رضي الله عنه- أن يصلي عليها سعيد بن زيد"، أحد العشرة المبشرين بالجنة.

 

"وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: لما مات الحسن بن علي بن أبي طالب سبط الحبيب ﷺ و ريحانته، -رضي الله عنهما- قال أخوه الحسين -رضي الله عنه- لسعيد بن العاص -كان واليا أميرًا على المدينة المنورة- -رضي الله عنه-: تقدم فلولا أنها سنة  -في تقديم الوالي- ما قُدِّمت"، ما أخليك تتقدم ولكني أوثِر اتباع السنة؛ فإما أراد السنة التي اعتادها الناس في وقتها، أو أراد أن لها أصلاً في السنة في تقديم الوالي فيكون مذهبه على ذلك سيدنا الحسين /رضي الله تعالى عنه-، فقدم أمير المدينة سعيد بن العاص وقال له: تقدم، وفيه إشارة أن حتى الوالي لا يتقدم إلا أن يأمره ولي الميت. 

وقال: "وكان بينهما شيء"، وذلك أنه أراد أن يقبر سيدنا الحسن في الحجرة الشريفة عند رسول الله وأبو بكر وعمر، فغضب الوالي ومنعوه، فحفر له في البقيع عند أمه فاطمة؛ فحفر له القبر هناك، ثم قبر إلى جانبه علي زين العابدين ابن الحسين، ثم قبر إلى جانبه محمد الباقر، ثم جعفر الصادق، كانت أربع قبور والخامس قبر سيدنا العباس بن عبد المطلب، وقبلهم قبرُ فاطمة الزهراء، وهي التي كانت القبة في البقيع المسماة قبة أهل البيت؛ فيها قُبِرَت السيدة فاطمة، ثم قُبِر سيدنا العباس، ثم قبر سيدنا الحسن، ثم قبر علي زين العابدين، ثم محمد الباقر، ثم جعفر الصادق -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-. 

وقريبا منهم كان قد قبر بناته ﷺ الثلاث؛ رقية وزينب وأم كلثوم، وهؤلاء توفين في حياته ﷺ، وقبرهن في هذا المكان، ثم كان أول من لحق به من أهل بيته بعد وفاته سيدتنا فاطمة الزهراء -عليها رضوان الله تبارك وتعالى-.

فقدم سيدنا الحسين الوالي سعيد ابن العاص، ثم تكلم أبو هريرة قال: "أتنفسُون على ابن نبيكم بتربة تدفنونه فيها وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني"، النصوص بذلك واضحة، ولكن تغلب النفوس أربابها وأصحابها. لما رجعوا من الجنازة كان الوالي هذا يثني على سيدنا الحسن -عليه رحمة الله- وتعجب سيدنا الحسين قال: أنت تقول اليوم هذا وتفعل معه ما تفعل؟! تؤذيه وتضيق عليه في حياته والآن تثني عليه؟ قال: نعم يا حسين، كنا نفعل كل ذلك مع مثل هذا الجبل، أترى هذا الجبل يهتز لشيء؟! قال: لا، قال: كان أخوك الحسن مثله ما يتأثر بشيء من سوء معاملتنا أصلا، تربية الحبيب ﷺ.

ثم خرج سيدنا الحسين بحسب مكاتبات أهل العراق له، فقتل في كربلاء -عليه رحمة الله تبارك وتعالى ورضوانه الأكبر- شهيد بِالطَّفِّ، المكان الذي في كربلاء سمى بالطَّفِّ. 

 

وَبِالحَسَنْ ذِي زِهِدْ فِي مُلُكْ دَارِ الْغُرُورُ

وَبِالحُسَيْنِ الَّذِي غَدْرُوا بِهِ أَهْلُ الفُجُورُ

شَهِيدٌ بِالطَّفِّ فَائِزُ بِالرِّضَا وَالسُّرُورُ

وَرَاحْ قَاتِلُهْ يَدْعُو فِي لَظَى بِالثُّبُورُ

 

وقد كان وهو في طفولته في بيت أم سلمة عند النبي ﷺ هو على حجره الشريف، وبعدين رأت عيناه ﷺ تفيضان بالدمع، قالت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: "إن جبريل أخبرني أن أمتي تقتل ابني هذا، وأراني التربة التي يقتل فيها". فناولها تربة من أرض كربلاء، حملتها ووضعتها في قارورة وبقيت عندها، لما جاءت الواقعة وخرج سيدنا الحسين إلى العراق وما يدرون ما الأخبار. أصبحت في يوم عاشوراء رأت التربة تحولت دم، فقالت أم سلمة: اليوم قتل الحسين. قالوا كيف عرفت؟ هو بعيد هناك و أنت هنا؟ بغى شهر حتى يأت الخبر؟ قالت: هذه التربة أعطاني إياها رسول الله، وقال: إنه يُقتل فيها الحسين، وكان أمر الله قدرا مقدورا، في هذا الأمر. 

وأما أولاده ﷺ فالقاسم وعبدالله الطيب الطاهر ففي مكة المكرمة دفنهم في الحجون، وأما إبراهيم فدفنه في البقيع ﷺ، وكما تقدم معنا أنه مات وهو ابن إحدى عشر شهرا، فدفنه في البقيع وصلى عليه ﷺ، ووقف عند قبره يدعو -صلوات ربي وسلامه عليه-، وقال: "لأنّ لَهُ ظِئْراً تُتم رَضاعَه فِي الجنَّة " تكمل رضاعه، وأيام ولادته خرج به إلى قومه وكانوا يقولون: يا أبا إبراهيم، خاطبوه: يا أبا إبراهيم.

"قال أنس -رضي الله عنه-: وكان ﷺ يقف عند رأس الرجل في الصلاة عليه، وكان يقف عند وسط المرأة ليسترها من القوم، ولم يكن إذ ذاك نعش وهو الأعواد التي يجعل عليها الخيمة"، وإنما ابتدأ ذلك من محبته سيدتنا فاطمة، وكانت ترى الجنازة يوضع فيها الرجل أو المرأة مكشوفة الجنازة، وكانت لقوة محبتها للستر وحشمتها تقول: أني أرى المرأة يظهر حجمها للرجال وجسمها، فقالت لها سيدتنا أسماء بنت عميس: كنت في الحبشة ورأيتهم يضعون أعواد على سرير الميت وبين الجوانب يغطونه، قالت: هكذا فافعلوا بي، فأمرت بذلك، وأوصت أن تكون جنازتها هكذا، محبة منها للستر بعد وفاتها! -عليها الرضوان- تربية أبيها ﷺ، وهو الذي كان يناديها بقول: يا أم أبيها، يا أم أبيها، انزلها منه منزلة الأم لقيامها بخدمته ﷺ، و لِمنزلتها عند الله وعنده. الله.. لا إله إلا الله.

وأما بناته الثلاث فقد مُتن في حياته وقبرهن بنفسه في المكان القريب من المكان الذي فيه سيدتنا فاطمة؛ وقبرها سيدنا علي في ذاك المكان. 

وهكذا كان مذهب الإمام الشافعي أنه يقوم الإمام في الجنازة عند رأس الرجل، وفي وسط المرأة. فإن كان الميت ذكر يقف عند رأسه وإن كان الميت يقف في وسط الجنازة ليسترها من القوم، "ولم يكن إذ ذاك نعش وهو الأعواد التي يجعل عليها الخيمة".

 

"وكان ﷺ إذا حضرت جنازة فيها صبي وامرأة يُقدم الصبي مما يلي الإمام -من جهة القبلة تكون المرأة- والمرأة وراءه مما يلي القبلة ويصلي عليهما"، فيمكن أن يصلي صلاة واحدة على عدد من الأموات، ويمكن أن يصلي على كل واحد صلاة، فإذا أراد أن يصلي على كل واحد فيصفّهما صفا، يصلي على كل واحد، وإذا أراد أن يصلي عليهم جمعا فيَصفهم واحد وراء الثاني، واحد وراء الثاني.. ويكون الذكر الأكبر أقرب إلى الإمام، وبعده إلى جهة القبلة من هو أصغر منه أو طفل، وبعده المرأة إن كان هناك نساء؛ فيجعل كترتيبهم في صفوف الجماعة يصلي خلف الإمام مباشرة الرجال، ثم الأطفال الصبيان، ثم النساء، وعلى هذا الترتيب أيضا تكون الجنازة. 

  • والوقوف كما ذكر هو مذهب الإمام الشافعي.

  • قال الحنفية: الإمام يقوم في الصلاة على الجنازة بحذاء الصدر من الرجل والمرأة مقابل صدرها، سواء كان الميت ذكرا أو أنثى، وإن وقف في غيره جائز ولكن هذا أفضل. 

  • ويروى أيضا عن أبي حنيفة أنه يقوم بحذاء الوسط من الرجل، وبحذاء الصدر من المرأة، هذا قول ابن أبي ليلى.

  • المالكية يقولون: يندب أن يقف الإمام وسط الذكر وحذو منكبَي الأنثى. وهذا الندب عند الشافعية، كما أشار إليه يقف عند وسط المرأة وعند رأس الرجل؛ أن الإمام يقوم ندبا عند رأس الرجل وعند عجيزة المرأة في الوسط إن كانت الجنازة أنثى. 

وجاء أيضًا أن أنس بن مالك صلى على رجل فقام عند رأسه وعلى امرأة فقام عند عجيزتها، وقال: هكذا كانت صلاة رسول الله ﷺ على المرأة عند عجيزتها وعلى الرجل عند رأسه، في رواية أبي داود والترمذي وابن ماجه، قال الترمذي: أنه حديث حسن؛ وعليه مذهب الشافعية.

  • وكذلك يقول الحنابلة: يقوم عند صدر الرجل، وقيل عند رأسه كالشافعية ووسط المرأة.

وجاء في الحديث أن أنس صلى على المرأة فقام وسط السرير. 

 

ثم ذكر ما إذا كانت جنائز مجتمعة، فيُصَفون إذا أرادوا صلاة واحدة عليهم، فيقدم الرجال ثم الأطفال ثم النساء، فيكون النساء أقرب إلى جهة القبلة، والرجل أقرب إلى الإمام عندما يصلي، فيصلون عليهم.

ويجوز صلاة واحدة على مجموعة، وهذا الذي قرأناه في قوله: "وكان ﷺ إذا حضرت جنازة فيها صبي وامرأة يُقدم الصبي مما يلي الإمام والمرأة وراءه مما يلي القبلة ويصلي عليهما"، ﷺ. 

وهكذا كان يفعل الخلفاء بعده، يجعل المرأة بين يدي الرجل والرجل مما يلي الإمام.

 

"وكان موسى بن طلحة -رضي الله عنه- يقول: صليت مع عثمان -رضي الله عنه- على جنائز رجال ونساء فجعل الرجال مما يليه والنساء مما يلي القبلة وكبر عليهم أربعًا، وصلى ابن عمر -رضي الله عنهما- على تسع جنائز رجال ونساء فجعل الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة وصفهم صفًا واحدًا".

  • فصلى عليهم صلاة واحدة وذلك جائز. 

  • والصلاة على كل واحد مستقلة أفضل.

 

وعليه العمل عندنا؛ فإذا اجتمعت عدد من الجنائز يصلون أولا على الذي وصل المكان أولا، ثم الثاني، ثم الثالث، وهكذا.. سواء كانوا رجال أو نساء، فمن دخلت جنازته إلى المصلى أولا صلوا عليه أولا، ثم الثاني ثم الثالث على حسب ترتيب وصولهم، ويصلون على كل واحد صلاة مستقلة.

 

أحسن الله خواتيمنا وبارك في أعمارنا، و جعَل الحياة زيادة لنا في كل خير وجعل الموت راحة لنا من كل شر، ونسأله خير الحياة وخير الوفاة وخير ما بينهما، ونعوذ به من شر الحياة وشر الوفاة وشر ما بينهما.

ونسأله البركة في ساعاتنا وأيامنا وليالينا، وأن يبارك لنا في خاتمة شهر شعبان ويجعله شاهدا لنا لا شاهدا علينا، وحجة لنا لا حجة علينا، ويبارك لنا في بلوغ رمضان.

ويبلغنا إياه جميعا ويجعلنا من خواصّ أهله، ومُوفري الحظ من ليلة النظرة، ومُوفري الحظ من ليلة القدر، ومُوفري الحظ من كل ليلة من ليالي رمضان، وكل يوم من أيام رمضان، وكل ساعة من ساعات رمضان، وكل نفحة من نفحات رمضان، وكل نية من نبات أهل رمضان، وكل جود يجود به على أهل الصيام والقيام، وأهل الصدق معه، يوفر حظنا من كل ذلك، ويسلك بنا من أشرف المسالك.ويجعل هذا الشهر شهر فرج  للامة وغياث للأمة وصلاح للأمة وكشف للغمة.

 

 بسر الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم

الفاتحة 

تاريخ النشر الهجري

03 رَمضان 1446

تاريخ النشر الميلادي

02 مارس 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام