مجالات ومعاني الخلافة في الأرض وصفة أهلها ونصرة الله لهم في الدارين

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في حوش جمل الليل في منطقة صيف بوادي دوعن، ليلة الأربعاء 13 ربيع الثاني 1446هـ بعنوان: 

مجالات ومعاني الخلافة في الأرض وصفة أهلها ونصرة الله لهم في الدارين

مقدمة المحاضرة مكتوبة:

الحمد لله على مِنَنِه التي تتوالى وتتتالى، سُبحانه من مَلِكٍ عظيم وإلهٍ كريم، خَلَقَ الخَلْقَ لحِكمة وطَوى عليها عِلمَه، في تفاصيلها ودقائقها، وأبدى لنا من أصولها وواضح معانيها أسرارَ خلافةٍ عنه على ظهر الأرض، خصَّ بها آدم ومن صَلُحَ من بنيهِ وذُريته.
عَرَضَ شأنهم على الملائكة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، وعَرَضَ الملائكةُ أنفسَهم على الإله وقالوا: (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)، أشاروا إلى أنه كان على ظهر الأرض من لم يَقُم بِحق الأمانة، ومَن عَصى وعَتى وأفسد على ظهر الأرض وهم الجان، الذين أُبرِزوا قبل أبينا آدم وسكنوا الأرض، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ).
ولمَّا بَقوا على ظهر الأرض بمُشابهةٍ للتركيبة الإنسانية الآدمية من حيث وجود الشهوات، ومن حيث وجود العقل للإدراك والسمع والبصر، لم يستمِروا ويَدأبوا على القيام بمنهج الله على ظهر الأرض فأفسدوا فيها.
ولذا لمَّا قال الحق: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، أمجِّد من يقوم فيها على أمري ويستقيم على منهاجي، ذَكَرَ الملائكةُ ما كان من الجن فقالوا: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ). والفساد شامل لسفك الدماء وغيرها، ولكن نَصوا من بين أنواع الفساد على سفك الدماء لأنها أخطر ما يكون في الفساد.
ولأنه لم يُختَلَف في ذنبٍ من الذنوب وكبيرةٍ من الكبائر أتُقبَل التوبة منها أم لا؟ إلا قتل النفس بغير حق، حتى ما هو أشد إثم منها وهو الشرك بالله - والعياذ بالله تعالى - لم يختلف الصحابة ولا التابعون ولا العلماء أن التوبة منه مقبولة، ومن تاب تاب الله عليه، إلا تعمُّد قتل النفس بغير حق، اختلفوا من الصحابة ومن بعدهم: هل تُقبَل التوبة منها أم لا؟ لقول الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).
هذا المَظهر الأكبر للفساد: استحلال الدماء، سفك الدماء، قتل النفوس بغير حق. "لا يزال المسلم في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا، فإذا أصاب دمًا حرامًا ضَيَّقَ على نفسه"، "ولو أن أهل السماوات والأرض تمالؤوا على قتل مسلم بغير حق لأكبَّهم الله في النار" - والعياذ بالله تبارك وتعالى. "من أعان على قتل مسلم بغير حق ولو بشطر كلمة - نصف كلمة - لقي الله مكتوبًا بين عينيه: آيِس من رحمة الله". بمعاونةٍ على قتل مسلم بغير حق بنصف كلمة، فكيف بمن جاوز الكلام؟
هذا خطر الدماء عند الله، وهي أول ما يقضي فيها بين العباد، أول ما يُسأل العباد بينهم وبين ربهم عن الصلاة، وأول ما يُقضى في الخصومات بينهم: الدماء.

تاريخ النشر الهجري

14 ربيع الثاني 1446

تاريخ النشر الميلادي

17 أكتوبر 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية