كشف الغمة- 305- كتاب الزكاة (13) باب زكاة الفطر -2-

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  كشف الغمة 305- كتاب الزكاة (13) باب زكاة الفطر -2- 

صباح الثلاثاء 15 ذو القعدة 1446هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  •  هل يصح صاع زكاة الفطر لاثنين؟
  •  حكم إخراج زكاة الفطر بأقل من صاع
  •  إخراج زكاة الفطر بنوعين من طعام
  •  أفضل وقت لإخراج زكاة الفطر
  •  إذا مات أو اغتنى من أعطي الزكاة قبل العيد
  •  خمسة أوقات لزكاة الفطر
  •  تفسير: قد أفلح من تزكى
  •  وقت وجوب زكاة الفطر
  •  إخراج زكاة من ولد قبل العيد أو من أسلم
  •  بداية ونهاية وقت زكاة الفطر
  •  كان الصحابة يخرجون زكاتهم الزائدة لغيرهم
  •  فضل إخراج الزكاة قبل الصلاة
  •  تخصيص أصناف توزيع زكاة الفطر

نص الدرس مكتوب:

"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وكنا نخرج على عهد النبي ﷺ الصاع من الطعام ولما ضاق بالناس الحال رخَّصَ لهم رسول الله ﷺ وجعل كل صاع حنطة عن اثنين، وكان بعضهم يؤدي صاعاً من لبن ولا ينكر ذلك عليه، ولما قدم معاوية -رضي الله عنه- المدينة قال: إني لأرى مُدَّيْن من سمراء الشام يعدلن صاعاً من تمرٍ فأخذ بعض الناس بقوله وتوقف بعضهم في ذلك وفي الدقيق السابق ذكره، وقالوا لا نزال نخرج كما كنا نخرج على عهد رسول الله ﷺ، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخرج من الحنطة نصف صاع مكان صاع شعيرًا وغيره وتبعه الناس، فلما كان أيام خلافة علي -رضي الله عنه- كثرت الحنطة فزاد ذلك نصفاً فصارت صاعاً كما كانت على عهد رسول الله ﷺ.

 

وكان ﷺ يأمر بإخراج زكاة الفطر قبل خروج الناس للصلاة، وكان ﷺ يقول: "أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم"، فكان لا يخرج إلى المصلى حتى يقسمها، وكان عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- يقول لأصحابه: من استطاع منكم أن يخرج صدقة الفطر قبل أن يخرج فليفعل فإن الله تعالى يقول: (قد أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّ﴾ [الأعلى: ١٤-١٥]".

 

وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يعجلها قبل الفطر بيوم أو يومين أو ثلاثة ولا ينكر ذلك عليه، وكان فقراء الصحابة يأخذون زكاة الفطر ثم يؤدون عن أنفسهم، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يدفعون زكاة فطرهم لمن تصرف له الزكاة من الأصناف الثمانية، وكانوا يتولَّون صرف ذلك بأنفسهم لأنه إبراء للذمة، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي  صدقة من الصدقات".

 

وكان قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- يقول: "أمرنا رسول الله ﷺ بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله"، قال شيخنا -رضي الله عنه-: وهذا لا يدل على سقوط فرضيتها؛ لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر، وكان الإمام مالك يقول: أدركت الصاع الذي كانوا يؤدون به على عهد رسول الله ﷺ فوجدته خمسة أرطال وثلثاً بالعراقي وقدر ذلك بالكيل المصري قَدَحان، والله أعلم".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمد لله مُكرمنا بالشريعة الغرّاء وبيانها على لسان خير الورى، عبْده المصطفى سيدنا محمّد أرفع خلقه لديه قدرًا، اللهم أدم صلواتك على عبدك المختار سيدنا محمّد وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار، ومن والاهم فيك وبمجراهم جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين من رفعتَ لهم عندك مكانًا وجعلتهم للمهتدين ذخرًا، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين، وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

وبعدُ،

 فيواصل الشيخ -عليه رحمة الله- ذِكر ما يتعلقُ بصدقة الفطر وزكاة الفطر، "قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وكنا نخرِجُ على عهد النبي ﷺ الصاع من الطعام ولما ضاق بالناس الحال رخص لهم رسول الله ﷺ وجعل كل صاع حنطة عن اثنين" ويقصدون بالطعام: وهو الحنطة نفسها البُر. وفي هذه الرواية يذكر ابن عباس أنهم كانوا يخرجون الصاع، ثم رُخِّص أن يكون الصاع بين اثنين. 

 

  • والجمهور على أنه: لا يزال الأمر كما هو؛ لا يصحّ الصاع إلا عن واحد، ويجب أن يُخرَج عن كل واحد صاع، وهو الأربعة أمداد بمُدِّ النبي محمد ﷺ.

  • وقال أبو حنيفة: إنه يُجزئ من البُر نصف الصاع، ومن غيره من أنواع القوت صاع؛ إلا ما جاء عنه في الزبيب، وخالفه الصاحبان في ذلك -صاحباه- وقالا في الزبيب: إنه لابُدَّ فيه من صاع.

 

وكان استدلال الحنفية بمثل ما ذكر: "وكان بعضهم يؤدي صاعاً من لبن ولا ينكر ذلك عليه، ولما قدم معاوية -رضي الله عنه- المدينة قال: إني لأرى مدين من سمراء الشام يعدلن صاعاً من تمرٍ فأخذ بعض الناس بقوله وتوقف بعضهم في ذلك وفي الدقيق السابق ذكره". 

وفي الدقيق السابق ذكره أيضًًا أجازه الجمهور.

وقال الشافعية: لا يصح أن يُخرِج دقيقًا، بل يُخرِجه حَبًّا.

 

"وقالوا لا نزال نخرج كما كنا نخرج على عهد رسول الله ﷺ -أي: صاعًا-، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخرج من الحنطة نصف صاع مكان صاع شعيرًا وغيره وتبعه الناس، فلما كان أيام خلافة علي -رضي الله عنه- كثرت الحنطة -تيسَّرت وكَثُر البُر- فزاد ذلك نصفاً فصارت صاعاً كما كانت على عهد رسول الله ﷺ".

  • إذًا فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة يقولون: إن الواجب على كل فرد في صدقة الفطر الصاع، لا ينقص الصاع، لا فرق بين أن يكون من بُر أو شعير أو تمر أو زبيب أو غير ذلك إذا كان قوت أهل البلد، فلا يفرقون بين الأصناف؛ وأخذوا بعموم ما ورد في الأحاديث: "فرضَ ﷺ زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حُر وعبد، ذكر أو أنثى من المسلمين"، وكذلك ما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كنا نُخرِجُ إذ كان فينا رسول الله ﷺ زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حُر أو مملوك، صاعًا من طعام -يقصد البُر-، أو صاعًا من أَقِط، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب".

 

  • قال الحنفية: الواجب في صدقة الفطر إما نصف صاع من حنطة وسويقه أو صاع من شعير أو تمر؛ وأخذوا برواية: "خطبنا رسول الله ﷺﷺ فقال: "أدُّوا عن كل حُر وعبد نصف صاع من بُرٍّ، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير".

 

وكذلك ما جاء في رواية أبي داود "أخرجوا صدقة صومكم.."، يقول ابن عباس وقد خَطَبَ في رمضان على منبر البصرة، فكأن الناس لم يعلموا، "فقال: مَن ها هنا من أهل المدينة؟ قوموا إلى إخوانكم فعلِّموهم، فإنهم لا يعلمون، فرضَ رسول الله ﷺ هذه الصدقة صاعًا من تمر أو شعير، أو نصف صاع من قَمْحٍ، على كل حُر أو مملوك، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير"؛ فهذا دليل الحنفية: في أنه يُجزئ من البُّر نصف الصاع، 

وكذلك في الزبيب، قال أبو حنيفة في رواية عنه: إنه يكفي فيه نصف الصاع، وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد: لابُدَّ من إخراج الصاع.

ا

  • وقال الحنفية: أيضًا يجوز أن يُخرِج الصدقة من جنسين من الطعام أي: عن الواحد.

  • وكذلك يقول الحنابلة: إنه يجوز أن يُخرِج بُرًّا وذرةً وأرزًا عن واحد، يعني يُخرِج مُدًّا من بُرٍّ، ومُدًّا من ذرةٍ، ومُدًّا من أرزٍ، ومُدًّا من كذا.. 

  • قال الشافعية: لا يجوز في الفطرة الواحدة عن الواحد إلا صاع من جنسٍ واحدٍ، لا يُجزئ من جنسين؛ نعم، يُخرِج عنه من البُر، وعن زوجته من الذرة، وعن ابنه من شعير أو غيره صح، أما عن الواحد فلا  يمكن أن يتجزَّأ، لابد أن يكون من جنس واحد.؛ هكذا يقول الشافعية في حكم المسألة.

 

قال:" "وكان ﷺ يأمر بإخراج زكاة الفطر قبل خروج الناس للصلاة، وكان ﷺ يقول: "أغنوهم - يعني: الفقراء - عن الطواف في هذا اليوم -أي: عن السؤال-، فكان لا يخرج إلى المصلى حتى يقسمها".

وهذا أفضل أوقاتها، ما بين الفجر إلى وقت صلاة العيد، هذا أفضل أوقاتها، وهو صعب؛ ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين.

  • قال الشافعية: يجوز تقديمها من أول شهر رمضان، ولكن يُلاحِظ أنه يأتي يوم العيد والذين أعطاهم أهلٌ للزكاة - فأما من مات منهم أو تحول إلى غنيٍّ  فلابُدَّ أن يُخرِج مقابل ما أعطاه، فالعبرة بحالهم في يوم العيد، وإن كان أعطاهم من أول رمضان، ولكن الذي أعطاهم من أول رمضان مات في أثناء رمضان قبل يوم العيد، يجب أن يُخرِج بدل ذلك، وهكذا لمن عجَّل الزكاة؛ يجوز عند الشافعية تعجيلها من أول ليلة من ليالي رمضان، والأفضل كلما قَرُبَتْ من العيد.

 

  • وقسَّم الشافعية أوقات زكاة الفطر على خمسة، فقالوا: 

    • وقت الجواز: :وهو من أول رمضان.

    • ووقت الوجوب: وهو بإدراك جزء من رمضان وجزء من شوال.

    • ووقت فضيلة: وهو ما بين صلاة الصبح إلى الإحرام بصلاة العيد، هذا أفضلها. 

    • ووقت جواز بكراهة: وهو أن يُؤخِّرها عن صلاة العيد في نفس اليوم ويُخرِجها قبل غروب الشمس. 

    • ووقت حرمة: ويأثم صاحبها، وهو أن يُؤخِّرها عن غروب شمس يوم العيد. 

فصارت خمسة أوقات لزكاة الفطر في تفصيل الشافعية.

 

"وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول لأصحابه : من استطاع منكم أن يخرج صدقة الفطر قبل أن يخرج فليفعل فإن الله تعالى يقول: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ *  وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ) [الأعلى: ١٤-١٥]".

تَزَكَّىٰ: أخرج زكاة الفطر. 

وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ: بالتكبير للعيد.

فَصَلَّىٰ: صلاة العيد. 

فالزكاة قبل الصلاة في يوم العيد؛ (تَزَكَّىٰ *  وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ) [الأعلى: ١٤-١٥] كما جاء في تفسير أن المراد: (أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ) أخرج زكاته يوم عيد الفطر، (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) بالتكبير، (فَصَلَّىٰ) صلاة عيد الفطر.

 

"وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعجلها قبل الفطر بيوم أو يومين أو ثلاثة ولا ينكر ذلك عليه"، ومن هنا جاء اجتهاد الأئمة: ماسبب وجوب زكاة الفطر؟ من حيث الوقت ادراك أي وقت؟ 

  • قال الحنفية: إن وقت وجوب زكاة الفطر طلوع فجر يوم العيد، وهو قولٌ أيضاً عند المالكية، وجاء عن ابن عمر واستدلوا به قال:  "أمرنا رسولُ اللهِ ﷺ بزكاةِ الفطرِ أن تُؤدّى قبلَ خروجِ الناسِ إلى الصلاةِ" كما جاء في الصحيحين؛ فقالوا: إن وقت وجوبها يوم الفطر، وقالوا: إن وجوبها بطلوع فجر يوم الفطر.

  • قال الشافعية وكذلك الحنابلة: إن الوجوب بغروب شمس آخر يوم من رمضان.

 وعلى هذا فلو مات أحد في ليلة العيد قبل الفجر

  • فعند الشافعية والحنابلة يجب إخراج الزكاة عنه، لأنه أدرك مغرب الشمس ليلة العيد، فأدرك جزءًا من رمضان وجزءًا من شوال. 

  • وعند الحنفية لا زكاة عليه؛ لأنه لم يُدرِك طلوع الفجر من يوم العيد. 

وكذلك إذا وُلِدَ مولود، فإذا وُلِدَ مولودٌ للإنسان ليلة العيد: 

  • الشافعية يقولون: ما عليه زكاة، لأنه لم يُدرِك شيئًا من رمضان. 

  • وقال الحنفية: يُخرِج عنه زكاة، لأنه أدرك الفجر، أدرك فجر يوم العيد. 

  • وكذلك قال الشافعية: لو أن مولودًا وُلِدَ قُبيل المغرب ثم توفي بعد المغرب، يجب إخراج الزكاة عنه؛ لأنه أدرك جزءًا من رمضان وجزءًا من شوال. 

ولو أن مولودًا مات قبل غروب الشمس آخر يوم من رمضان فلا زكاة عليه، كما إذا وُلِدَ بعد غروب الشمس فلا زكاة عليه؛ 

ولكن تجب الزكاة عند الشافعية بإدراك جزء من رمضان وجزء من شوال، فمن كان أدرك رمضان وأدرك غروب الشمس ليلة العيد، وجب أن يُخرَج عنه الزكاة، وهذا أيضًا القول الثاني للمالكية: أنه وقت الوجوب يتعلق بغروب الشمس ليلة العيد، والقول الثاني كالحنفية، قالوا: إنه وقت وجوب الزكاة يتعلق بطلوع الفجر يوم العيد.

كذلك من أسلم بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان:

 لا تُخرَج عنه الزكاة.

لكن عند الحنفية ما دام طلع الفجر وهو مسلم، فعليه الزكاة.

 

وهكذا تتفرع مسائل على تحديد وقت الوجوب، ثم وقت الأداء:

يجب أن تؤدى قبل غروب الشمس يوم العيد، ويُكره تأخيرها عن صلاة العيد. 

  • لكن الحنفية، أو أكثر الحنفية، يرون أن وقتها مُوَسَّع، إلا أنه يُستحب إخراجها قبل أن يذهب إلى المصلى في يوم العيد، لقوله ﷺ: "أغنوهم في هذا اليوم". وقال الحسن بن زياد من الحنفية، كما قال المالكية والشافعية والحنابلة: إن وقتها مُضيَّق، فمن أداها بعد يوم العيد بلا عذر كان آثمًا؛ من أخَّر شيء من صدقة الفطر حتى غربت عليه شمس يوم العيد أَثِم، ومع ذلك لا تسقط بخروج وقتها -يقول: مضى الوقت لا شيء علي، ليس لا شيء عليك، لا تزال في ذمتك، لابد أن تُخرِجها، قال: لا قد صار رابع يوم؛ رابع يوم أو خامس يوم مادام ما أخرجتها فأخرجها فهي في ذمتك! وإنما تأثم بالتأخير، ولكن لابد من إخراجها؛ فلا تسقط بخروج وقتها، لأنها وجبت في ذمته للمستحقين وهم موجودون فيعطهم حقهم.

  • يقول المالكية والحنابلة: يجوز تقديمها عن يوم العيد بيوم أو يومين فقط، لِما جاء عن ابن عمر أنهم كانوا يعطون صدقة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين. 

  • قال الشافعية: يجوز إخراجها من أول ليلة في رمضان، والأفضل يوم العيد، ويُكره تأخيرها عن الصلاة، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد؛ فإن أخَّرها بلا عذر عصى وأَثِم، وعليه أن يُسلِّمها قضاءً. 

  • وجاء عن أبي حنيفة: يجوز تقديمها عن وقتها حتى ولو سنة أو سنتين، لِما جاء أنه ﷺ أخذ من عمه العباس زكاة سنتين مقدمًا. 

  • قال الجمهور: لا يجوز تقديمها، بل كل سنة يُخرجها في وقتها.

 

قال: "وكان فقراء الصحابة يأخذون زكاة الفطر ثم يؤدون عن أنفسهم". يعني: من وجد ما يزيد على حاجته وقوت يوم العيد وليلته يجب عليه أن يُخرِج الزكاة، ولو كان وجود ذلك لديه بسبب ما أُدِّي إليه من زكاة، هو فقير ما عنده شيء، قلنا ما عليك زكاة، ليلة العيد هذا جاب له زكاة وذا جاب له زكاة، تجمع عنده ما يكفيه وأهله لليوم والليلة وزيادة، فعليك زكاة، يجب عليك أن تُخرِج الزكاة مما جاءك، وإن كان استغناؤه أو وجود الزائد عنده بما وصل إليه من الزكاة، وإن كان؛ إذا وصلت إليك زكاوات وزادت على قوت اليوم والليلة، فوَجَب عليك أن تُخرِج الزكاة.

 

وقال: "ثم يؤدون عن أنفسهم، وكان الصحابة رضي الله عنهم يدفعون زكاة فطرهم لمن تصرف له الزكاة من الأصناف الثمانية".

(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60]. 

"وكانوا يتولون صرف ذلك بأنفسهم لأنه إبراء للذمة".

ويجوز أن يُوكِّل غيره، والأفضل أن يُخرجها بنفسه ويوصلها إلى أيدي الفقراء.

 

"وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"، أي: يَقِل ثوابها عن ثواب الفرض.

 

يقول: "وكان قيس بن سعد بن عبادة -هذا من أهل الكرم هو وأبوه، كان واسع الكرم سعد بن عبادة وولده قيس بن سعد- رضي الله عنه يقول: "أمرنا رسول الله ﷺ بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله"، قال شيخنا -رضي الله عنه-: وهذا لا يدل على سقوط فرضيتها؛ لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر، وكان الإمام مالك يقول: أدركت الصاع الذي كانوا يؤدون به على عهد رسول الله ﷺ فوجدته خمسة أرطال وثلثاً بالعراقي وقدر ذلك بالكيل المصري قدحان"، أي: اثنان من الأقداح.

  • وجمهور العلماء والفقهاء يقولون: إن صرف زكاة الفطر هي نفس مصارف زكاة المال، تُصرَف إلى من وُجِدَ من الأصناف الثمانية. 

  • وقال المالكية، وهي رواية عن الإمام أحمد بن حنبل: أنها تُخصَّص بالفقراء والمساكين فقط، لا دَخْل لغيرهم فيها، فإنها لإغناء الفقراء والمساكين في يوم العيد، إنما تُصرَف لخصوص الفقراء والمساكين.

  • قال الشافعية: من وُجِدَ من الأصناف الثمانية تُوزَّع عليهم. 

 

رزقنا الله إقامة الأمر كما يحب وعلى ما يحب، على منهج حبيبه الأطيب، وجعلنا ممن أدنى وقرَّب، ومَنَح ووَهَب، ورقَّى إلى أعلى الرتب، ووقانا الأسواء والأدواء وكل بلْوَى في السر والنجوى. 

 

بسر الفاتحة

وإلى حضرة النبي اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله

 الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

16 ذو القِعدة 1446

تاريخ النشر الميلادي

13 مايو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام