كشف الغمة- 303- كتاب الزكاة (11) زكاة المعدن

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  كشف الغمة 303- كتاب الزكاة (11) زكاة المعدن

صباح الأحد 13 ذو القعدة 1446هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  •  تقسيم المعادن عند الأئمة
  •  المعادن التي تجب فيها الزكاة
  •  حُكم من وجد معدن في أرضه
  •  نصاب المعادن ومقدار زكاتها
  •  توسع الحنابلة في زكاة المعادن
  •  الزكاة في المعادن
  •  هل تجب زكاة معادن البحر؟

نص الدرس مكتوب:

باب زكاة الفطر 

 

"قال أنس -رضي الله عنه-: كان رسول الله ﷺ يقول: "شهر رمضان معلَّقٌ بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر"، وكان ﷺ يأمر بإخراج زكاة الفطر من رمضان "صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من سلت أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من طعام أو صاعًا من أقط"، وفي رواية: "أو صاعًا من دقيق على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير والغني والفقير من المسلمين"، وزاد في رواية: "أما الغني فيزكيه الله وأما الفقير فيرد الله عليه أكثر مما أعطى"، وكان ﷺ يقول: "صدقة الفطر على الحاضر والبادي".

وكان يبعث مناديًا ينادي بذلك لأهل البادية، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: يخرج الرجل زكاة الفطر عن كل مملوك وإن كان يهودياً أو نصرانياً، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يؤدي زكاة كل مملوك في أرضه وغير أرضه وعن كل إنسان يعوله صغيراً وكبيراً وعن رقيق امرأته وعن بني نافع وكان له مكاتبان بالمدينة فكان لا يؤدي عنهما زكاة الفطر، وكان -رضي الله عنه- يعطي التمر إلا عامًا واحداً أعوز التمر فأعطى الشعير. 

 

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وكنا نخرج على عهد النبي ﷺ الصاع من الطعام ولما ضاق بالناس الحال رخص لهم رسول الله ﷺ وجعل كل صاع حنطة عن اثنين، وكان بعضهم يؤدي صاعاً من لبن ولا ينكر ذلك عليه، ولما قدم معاوية -رضي الله عنه- المدينة قال: إني لأرى مُدَّيْن من سمراء الشام يعدلن صاعاً من: فأخذ بعض الناس بقوله وتوقف بعضهم في ذلك وفي الدقيق السابق ذكره، وقالوا لا نزال نخرج كما كنا نخرج على عهد رسول الله ﷺ، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخرج من الحنطة نصف صاع مكان صاع شعيرًا وغيره وتبعه الناس، فلما كان أيام خلافة علي -رضي الله عنه- كثرت الحنطة فزاد ذلك نصفاً فصارت صاعاً كما كانت على عهد رسول الله ﷺ.

 

وكان ﷺ يأمر بإخراج زكاة الفطر قبل خروج الناس للصلاة، وكان ﷺ يقول: "أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم"، فكان لا يخرج إلى المصلى حتى يقسمها، وكان عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- يقول لأصحابه: من استطاع منكم أن يخرج صدقة الفطر قبل أن يخرج فليفعل فإن الله تعالى يقول: (قد أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّ﴾ [الأعلى: ١٤-١٥]".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن

 

الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته، عبده المصطفى سيدنا محمّد صلّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحابته وأهل مودته ومتابعته، وآبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الرحمن في خليقته، وعلى آله وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

وكان آخر ما تقدّم الكلام عليه وقرأناه من كتاب الإمام الشعراني كشف الغمة ما يتعلق بزكاة المعدن والركاز، ثم ذكر بعدها ما سمعنا من زكاة الفطر.

وقيل: من أنواع المعدن عند الأئمة

  • يقول الشافعية والحنابلة أنه ينقسم إلى:

  • معدن ظاهر ما يخرج بلا علاج، فإنما علاجه في تحصيله مثل: النفط والكبريت وإلى ذلك.

  • ومعدن باطني لا يخرج إلا بعلاج وبجهد، وذلك: كالذهب والفضة والحديد والنحاس.

  • كذلك تقسيم الحنفية للمعادن إلى ثلاث أنواع: 

  • منطبع بالنار؛ منطبع مثل: الذهب والفضة، والحديد والرصاص، والنحاس والصفر، وهذا يقبل الطرق بالحديد، وتعمل منها الصفائح والأسلاك وغيرها.

  • ومائع؛ والمائع مثل: النفط والقير. 

  • وما ليس بمنطبع ولا مائع، مثل: النورة والجصّ، والجواهر والياقوت وإلى ذلك.

 

ثم من حيث وجوب الزكاة:

يرى الحنفية:

  • أن المعادن كلها يلزم فيها الخُمُس،  ومن استخرج شيئًا من المعادن فعليه أن يخرج خمسها حالًا. وبذلك علمنا عندهم -ما تقدّم معنا- أنهم يرون أن الرّكاز شامل لكل هذا، فعندهم:

  • ما كان من المعدن المنطبع مثل: الذهب والفضة، والحديد والرصاص، والنحاس والصفر، يجب فيه الخمس حالًا.

  • أما المعدن المائع كالقير والنفط ونحوه، وكذلك ما ليس بمنطبع ولا مائع كالنورة، أو الجص فلا شيء فيها.

 

  • ثم إذا وجد المعدن هذا في داره وأرضه:

  • فإذا هي في داره وأرضه لا يجب الخمس عند أبي حنيفة.

  • وقال الصاحبان له: يلزم فيها الخمس ويجب، ولم يشترطوا نصابًا في ذلك ولا حُول؛ بمجرد ما يستخرج المعدن عليه أن يخرج الخمس، وهذا الذي قاله الشافعية والحنابلة في الرّكاز، الذي هو مخصص عندهم بدفين الجاهلية.

 

ويقول المالكية

كذلك تجب في المعدن من ذهب أو فضة وغيرها الزكاة ربع العشر، إن كان نصابًا.

 

إذًا فكلامهم حول المعادن وما يلزم فيها من زكاة، وأقطع النبي ﷺ سيدنا بلال بن الحارث المزني المعادن التي حواليهم في أرض لهم، وأخذ منه الزكاة، وكذلك من وَجَد دون النصاب، وهو الثلاث أواق من الذهب، أو واحد وعشرون أوقية من الفضة فلا زكاة عليه، والواجب في ذلك ربع العشر لا الخُمُس، إنما الخُمُس في دفين الجاهلية في الرّكاز.

 

فإذًا الحق المأخوذ من المعدن أو من واجِد المعدن زكاة عند الحنفية خُمُس، وعند غيرهم ربع العشر.

 

وتوسع أيضًا الحنابلة في ما يجب الزكاة فيه، وقالوا: 

  • المعدن الذي يخرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة، كالذهب والفضة والحديد والياقوت، وكذلك المعادن الجارية، مثل: القار والنفط والكبريت ونحو ذلك، فالكل عندهم فيه زكاة. 

  • والزكاة عندهم أيضًا الخُمُس، فما خرج من هذه المعادن يلزم فيه الزكاة، -تجب الزكاة في المعدن الذي يُخرج من الأرض-.

 

والزكاة في المعادن ربع العشر عند الأئمة الثلاثة لأنه زكاة؛ ولكن النصاب فيه إما عشرون مثقال من الذهب، أو مائتي درهم من الفضة، وهو كذلك عند الحنابلة يلزم فيه في الحال، وهو كذلك عند الشافعية بالنسبة للذهب والفضة فقط، يلزم فيه الزكاة في الحال عند استخراجه، وهذا ما يتعلق بالباب الذي سَبِق.

 

ومعادن البحر كذلك:

  • ذهب الإمام أبو حنيفة والمالكية والشافعية وبعض من الحنابلة: أنه لا يجب في معادن البحر شيء، وهكذا.

  • وقد جاء "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في العنبر: أنه دسره البحر فلا شيء فيه" -تقدم معنا-.

  • بعض الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية يقولون أيضًا: ما يُستخرج من البحر من المعادن ففيه أيضًا وجوب زكاة الخُمُس.

 

ويتكلم بعد ذلك على زكاة الفطر؛ أي: الفطر من رمضان باستكمال رمضان، سيأتي معنا الحديث عنها إن شاء الله تعالى.

 

أحيا الله الشريعة فينا، وأصلح ظواهرنا وخوافينا، ورقّانا في مراقي تقواه، وجعلنا من أهل محبته وقربه ورضاه، وجعلنا ممن يحبه ويخافه ويخشاه، ويعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وفرّج كروب أمة الحبيب الأعظم أجمعين، ويجعلنا وإياكم في خير أمة، ويرحم موتانا وأحيانا بالرحمة الوسيعة.

 

 

بسر الفاتحة

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

15 ذو القِعدة 1446

تاريخ النشر الميلادي

12 مايو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام