(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (88) سجود التلاوة والشكر
صباح الثلاثاء 2 صفر الخير 1446 هـ
باب سجود التلاوة والشكر
"كان علي -رضي الله عنه- يقول: عزائم السجود أربع آلم السجدة وحم السجدة والنجم واقرأ باسم ربك، وكان عمرو بن العاص -رضي الله عنه- كثيراً ما يقول: "أقرأني رسول الله ﷺ خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "ولما سجد رسول الله ﷺ في الحج قال: قد فضلت هذه السورة بسجدتين.
وقرأ عمر -رضي الله عنه- مرة في الصبح بالحج فسجد السجدتين في التلاوة، وصلى الصبح مرة أخرى فقرأ في الأولى سورة يوسف وفي الأخرى سورة النجم فلما أتى السجدة سجد ثم قام فقرأ إذا زلزلت ثم ركع، وكان ﷺ يقول: "من لم يسجد سجدتي الحج فلا يقرأهما"، ولما سجد ﷺ في سورة النجم سجد معه جميع من كان حاضراً من المسلمين والمشركين والجن والإنس غير شيخ من قريش لم يسجد وأخذ كفاً من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا فقتل بعد ذلك كافراً .
وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: "سجدنا مع رسول الله ﷺ في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك"، وكان ﷺ يسجد في ص ويقول: "سجدها داود قربة فنسجدها شكراً"، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يسجد فيها ويقول: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ ﴾ [الأنعام:90]، وكان -رضي الله عنه- يقول: "ليست سجدة ص من عزائم السجود وقد سجدها النبي ﷺ مرة فلما قرأ بها مرة أخرى تهيأ الناس للسجود، فقال رسول الله ﷺ: "إنما هي توبة نبي ولكن حيثما تهيأتم للسجود فاسجدوا فنزل من فوق المنبر فسجدها معهم"، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: لم يسجد رسول الله ﷺ في شيء من المفصل منذ تحوّل إلى المدينة.
وكان ﷺ يقرأ بآيات السجدات في الجهرية والسرية ويسجد قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "سجدت مع رسول الله ﷺ في صلاة العشاء"، وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "سجدت مع رسول الله ﷺ في الركعة الأولى من صلاة الظهر، وكنا نرى أنه قرأ بآلم تنزيل السجدة"، قال -رضي الله عنه- وكان رسول الله ﷺ يقرأ علينا السورة فيقرأ السجدة فيسجد ويسجد معه الناس حتى ما يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته.
وكان- رضي الله عنه- يقول: "لا يسجد أحدكم في أوقات النهي، فإني صليت خلف رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أرهم يسجدون حتى تطلع الشمس أو تغرب"، وكان -رضي الله عنه- إذا قرأ بالسجدة بعد الصبح يسجد ما لم يسفر.
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بالشريعة، وبيانها على لسان من جمع فيه الحسن جميعه، سيدنا محمد صلى الله وسلم، وبارك وكرم عليه، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار الذين سكنوا حصون أمنه المنيعة، وعلى من والاهم واتبعهم بإحسان إلى يوم وضع الميزان، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين أهل الدرجات الرفيعة، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكته المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويتحدث الشيخ - عليه رحمة الله - في هذا الباب عما ورد في سجدة التلاوة ثم في سجدة الشكر.
المراد بسجدة التلاوة: مواضع من القرآن الكريم إذا تلاها التالي فَيُسَنّ له أن يسجد، وكذلك يُسَنّ للمستمع الذي استمعها منه.
وهذه السجدات في القرآن اتُّفِق على إحدى عشرة سجدة منها.
قال المالكية: هي وحدها أماكن السجود، وليست عندهم سجدة في سورة النجم، ولا في سورة الانشقاق، ولا في سورة اقرأ، فصارت إحدى عشرة سجدة.
وقال الحنفية والشافعية والحنابلة: السجدات في القرآن أربعة عشر سجدة للتلاوة.
ثم اتفق الشافعية والحنابلة على عدِّها، واختلف الحنفية: فعدُّوا آية «ص» من عزائم السجود، ولم يعدها الشافعية إلا سجدة شكر، ولذا قالوا: لا يسجد بها في الصلاة على المعتمد عند الشافعية، وفي قولٍ: يجوز، أن يسجد بها في الصلاة.
وهي عند الحنفية: من السجدات ذات العزائم، فيسجد بها في الصلاة وخارج الصلاة، -سجدة سورة «ص»-.
ولكن قال الشافعية والحنابلة: في سورة الحج سجدتان.
وقال الحنفية: بل سجدة واحدة هي السجدة الأولى، ولم يقولوا بالثانية.
فصار عدد السجدات عند الأئمة الثلاثة: أربعة عشر.
ولكن عند الحنفية: في سورة الحج سجدة واحدة وكمال العدد في سورة «ص».
وقال الشافعية والحنابلة: ليست سورة «ص» من سجدات التلاوة -آية «ص»- ولكن سورة الحج فيها سجدتان فصار العدد أربعة عشر.
قال: "باب سجود التلاوة والشكر"
"كان علي -رضي الله عنه وكرم وجهه- يقول : عزائم السجود أربع". يعني: من عزائم السجود، ومعنى عزائم السجود: السجدات التي تتأكد على صاحبها فعْلها فهي من العزائم.
من السجدات عند الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، ولم يَقَل المالكية بشيء من السجدات في المفصَّل، لا في سورة النجم، ولا في سورة الانشقاق، ولا في سورة اقرأ.
يقول: "وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه كثيراً ما يقول: "أقرأني رسول الله ﷺ خمس عشرة سجدة "، فتكون مع سورة -ص- خمس عشرة.
واختُلِف في سورة -ص- هل السجدة للشكر أو هي للتلاوة؟
قال الحنفية: هي للتلاوة ومن عزائم السجود.
وقال غيرهم: هي ليست من عزائم السجود ولكنها سجدة شكر، -التي في سورة ص-، فغاية ما قيل: إنها خمسة عشر، وفي قولٍ ضعيفٍ شاذٍّ: إنها ستة عشر، تزيد فيها سجدة في سورة الحجر ﴿وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر:98 ]، ولكن هذا ضعيف ولم يعتمده أحد من الأئمة الأربعة.
يقول: "أقرأني رسول الله ﷺ خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان".
فالثلاث التي في المفصَّل: سورة النجم، وسورة الانشقاق: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ﴾ [الانشقاق: 1]، وسورة: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1].
"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "ولما سجد رسول الله ﷺ في الحج -يعني: في سورة الحج- قال: قد فضلت هذه السورة بسجدتين".
فهي عند الشافعية والحنابلة: الثانية، والأولى بالاتفاق، " قد فضلت هذه السورة بسجدتين" وهو ما عليه الشافعية والحنابلة.
"وقرأ عمر -رضي الله عنه- مرة في الصبح بالحج فسجد السجدتين في التلاوة"، -في الركعة الأولى سجد في السجدة الأولى، وفي الركعة الثانية سجد في السجدة الثانية- "وصلى الصبح مرة أخرى فقرأ في الأولى سورة يوسف وفي الأخرى سورة النجم" -في آخر سورة النجم سجدة- "فلما أتى السجدة سجد ثم قام فقرأ إذا زلزلت ثم ركع".
فإذا سجد المصلي في القيام يعود من السجود إلى القيام، ولا يجب أن يقرأ شيء، والأفضل أن يقرأ آياتٍ من حيث وقف، أو يقرأ سورةً من السور القصار ثم يركع، ولا يلزمه ذلك بل لو قام من سجود التلاوة إلى القيام ثم ركع أجزأه، والأولى أن يقرأ آياتٍ؛ إما بعد آية السجدة وإلا سورةً من القرآن.
قال: "ولما سجد ﷺ في سورة النجم سجد معه جميع من كان حاضراً من المسلمين والمشركين والجن والإنس غير شيخ - يعني: مسنّ واحد كبير في السن - من قريش لم يسجد -أنِف من السجود- وأخذ كفاً من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا فقتل بعد ذلك كافراً"، نعوذ بالله من غضب الله!
ويُقال: أن هذا كان في مكة، في أيام الهجرة الأولى بعد ما هاجر المهاجرون إلى الحبشة - الهجرة الأولى -، وعليه جاءت الدعاية لما رأوا الناس سجدوا معه؛ جاءت الدعاية أن قريشًا أسلموا، ووصلت أخبار هذه الدعاية إلى المهاجرين في الحبشة، قالوا: خلاص، ما دام أسلموا نرجع إلى بلادنا، رجعوا حصلوا الكلام كذب، ولا هناك شيء!
وما أكثر ما ينشر الناس الكذب، ويتكلمون بغير الواقع، ويستعجلون في نقل الأخبار، أمَّا في زمننا فقد تفننوا تفننًا في الكذب والترويج له والكذب له، حتى صار يتنادون من يرون أنفسهم أهلَ ثقافةٍ وسياسةٍ وهم في الساقطين، يقولون: أكثِر من الكذب حتى يصدقك الناس، كذب وكذب وكذب.. يصدّقونه، وهكذا يروّجون كثيرًا من الأفكار وشؤون غير واقعة، ومن كثرة كلامهم يصدقها الناس، فيعتبر كأنها مُستَيْقَنَة وهي كذب من أصلها! منهم من صبَر في مكة، ومنهم من رجع ثاني مرةً إلى الحبشة، فهاجر الهجرة الثانية، ومنهم من لم يكن هاجر في الهجرة الأولى وهاجر إلى الحبشة، ثم عاد المهاجرون بعد صلح الحديبية إلى المدينة المنورة، لحقوا برسوله -ﷺ- لما كاتب ﷺ ملك الحبشة أن يُرسل إليه من عنده من أصحابه فأرسلهم إليه، فوافوا المدينة ورسول الله في خيبر عام فتحها، فمنهم من انتظره في المدينة، ومنهم من لم يَصبِر وخرجوا إلى خيبر حتى يلاقوه ﷺ، ولما أقبل عليه سيدنا جعفر بعد فتح خيبر قام إليه فاعتنقه وقال: "لا أدري بأيهما أنا أَسَرّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر"، ثم أمر أن يُقسَم له ولمن معه بالسفينة من غنيمة خيبر، ولم يَقسِم لأحدٍ ممن لم يشهد الغزوة إلا لجعفر وأصحابه أهل السفينة -عليهم رضوان الله-.
قال: "وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: "سجدنا مع رسول الله ﷺ في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك"، وهو دليل الجمهور، ولم يقل المالكية بذلك.
ومع ذلك قالوا: من سجد بها في الصلاة لا تبطل صلاته، لمحلّ الاختلاف فيها؛ لأنه مختلف فيها، ومن باب أولى إذا قرأها إمامٌ وسجد فالمأموم يتبعه،.
بل أيضًا قالوا: من قرأها فسجد بها في الصلاة لم تبطل صلاته.
كذلك القول عند الشافعية في سورة -ص-: -سجدة ص- إن سجد بها في الصلاة فقيل: تبطل صلاته.
والقول الثاني عند الشافعية: لا تبطل صلاته.
وهي عند الحنفية واجبة من السجدات الواجبات، وواجب السجود عندهم أن نسجد سجدة، أو يومئ إيماءً بالركوع غير ركوع محسوب من ركعات الصلاة للمأموم إذا جاء وقد سجد الإمام سجدة التلاوة، فاقتدى به بعد أن سجد، قالوا: فركوعه مع الإمام يكفيه وليس عليه سجدة.
وإن أحرم بالصلاة قبل أن يسجد:
وجب عليه أن يسجد تَبَعًا للإمام، والسجود عند الحنفية واجب على التراخي، يجوز أن يؤخره وإن طال الوقت ، ولكن بعد تلاوة الآية أو استماعها فيسجد.
قال الشافعية: سواءٌ القارئ أو المستمع أو السامع.
قال بعض الأئمة الأربعة: من استمع وأنصت نعم، وأما من سمعها صدفة ولم يكن مُصْغيًا فلا سجدة له.
ثم إن سجدة السامع هي مطلقًا عند الشافعية.
ولكن قال الحنابلة وكذلك المالكية: إن كان الذي قرأ يصلح أن يكون إمامًا للسامع فيسجد، وإن كان لا يصلح - لو كان صبيّ غير مميز، أو لو كان امرأة تقرأ وسمعها الرجل - ما يسجد؛ لأنه ما يصح تكون إمامًا له، ولم يفرق الشافعية، قالوا: سمعها من أي مميز أو من امرأة، أو من غيرها، فيُسَن له أن يسجد.
يقول: "وكان ﷺ يسجد في -ص- ويقول: "سجدها داود قربة فنسجدها شكراً"، -أو سجدها داود توبة فنسجدها شكرًا لله تعالى- وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يسجد فيها -أي: في سورة ص- ويقول: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ﴾ [الأنعام: ٩٠].
يعني داود واحد من الأنبياء الذي أُمرنا بالاقتداء به، فإذا ذكرنا سجدته نسجد وراءه، كما نذكر سجدته فنسجد نقتدي بالنبي ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ﴾ [الأنعام: ٩٠].
"وكان -رضي الله عنه- يقول: "ليست سجدة ص من عزائم السجود وقد سجدها النبي ﷺ مرة فلما قرأ بها مرة أخرى -يعني وهو في الخطبة- تهيأ الناس للسجود -لما سجد بها قبل ذلك- فقال رسول الله ﷺ: إنما هي توبة نبي ولكن حيثما تهيأتم للسجود فاسجدوا فنزل من فوق المنبر فسجدها معهم" ﷺ .
ومن هنا اختلفوا في الخطيب إذا قرأ في الخطبة آية سجدة:
"وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : لم يسجد رسول الله ﷺ في شيء من المفصل منذ تحوّل إلى المدينة".
وهذا دليل المالكية، المفصل: من عند سورة -ق- أو سورة الحجرات إلى آخر القرآن، يعني بذلك الثلاثة السجدات: سجدة النجم، وسجدة الانشقاق، وسجدة اقْرَأْ، هذه سجدات المفصل، أي: السجدات التي في المفصل وهو آخر القرآن.
"وكان ﷺ يقرأ بآيات السجدات في الجهرية والسرية ويسجد"،
ويجب على المأموم يسجد مع إمامه إذا سجد.
"قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "سجدت مع رسول الله ﷺ في صلاة العشاء"؟ وقال ابن عمر رضي الله عنهما "سجدت مع رسول الله ﷺ في الركعة الأولى من صلاة الظهر"، لمَّا مرّ بآية سجدة سجد، إلا أنه كان يُسمِعُهم السورة أحيانًا في الظهر والعصر.
فيجب على المأمومين أن يتبعوا الإمام إذا سجد، بخلاف إذا قرأ المأموم آية سجدة فلا سجدة عليه، لاعند الحنفية ولا عند غيرهم، -ما يمكن- يتبع الإمام وما يلزمه السجدة، وقيل عندهم: أن يسجدها بعد ما يخرج من الصلاة، في قول عند الحنفية.
يقول: "وكنا نرى أنه قرأ بآلم تنزيل السجدة"، -أي: في صلاة الظهر في ذلك اليوم- "قال -رضي الله عنه- وكان رسول الله ﷺ يقرأ علينا السورة فيقرأ السجدة فيسجد ويسجد معه الناس - يعني: إذا هم في جلسة متزاحمين- حتى ما يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته"، يسجدون وما يحصل محلّ، فيسجد على رأس أخيه، وينتظر لما يرتفعون من السجود يسجد.
"وكان -رضي الله عنه- يقول: "لا يسجد أحدكم في أوقات النهي، فإني صليت خلف رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أرهم يسجدون حتى تطلع الشمس أو تغرب"، يعني: بعد الفجر حتى تطلع، وبعد العصر حتى تغرب.
فهذا نحو الصلاة اختلفوا فيه: هل يجوز في أوقات المنهيّ عن الصلاة فيها أم لا؟
والجمهور على: أنه يجوز إلا إذا تعمد، قرأ آية السجدة في هذا الوقت بالعمد، فهذا يمتنع عنه السجود.
والسجود عند الجمهور بمجرد الهُوِي، ويُسَنّ أن يكبر للهُوِي ثم الارتفاع.
وقال الشافعية: إن كان في الصلاة يكفي هذا ينوي بقلبه ويسجد مُكبّرًا للهُوِي، ثم يكبر عند الرفع؛ أما إن كان خارج الصلاة فلابد من نية وتكبير للإحرام، ثم تكبيرة أخرى سنة للهُوِي للسجود، ثم السجود وطمأنينة فيه، ثم الجلوس، فإذا جلس سلّم، لابد من السلام؛ لأنها نحو صلاة، بمنزلة الصلاة.
وكذلك أجمع الأئمة الأربع: أنه لا يجوز سجود التلاوة إلا لجهة القبلة، وإلا بطهارة، وإلا بستر عورة، مثل الصلاة، ولكن لا تحريم عندهم ولا سلام.
وقال الشافعية: لها تحريم ولها سلام.
يقول: "وكان رضي الله عنه إذا قرأ بالسجدة بعد الصبح يسجد ما لم يسفر"، يعني: إن أراد طلوع الشمس فلا إشكال، وإن أراد الإسفار، فالإسفار قبل طلوع الشمس أيضًا من الوقت المنهي عن الصلاة فيه.
رزقنا الله تعظيم الدين والشريعة، واتباع المصطفى محمد -صلى الله عليه وعلى صحبه وسلم-، ورفعنا به مراتب محبته الرفيعة، وكان لنا ما هو أهله، وأصلح لنا وللأمة الشأن كله، وأختم لنا بأكمل حسنى، وهو راضٍ عنا في لطف وعافية.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله
الفاتحة
02 صفَر 1446