(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (85) باب صلاة التطوع ، صلاة التسبيح وخاتمة تتعلق بالباب
صباح السبت 28 محرم 1446 هـ
فصل في صلاة التسبيح
"قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: كان رسول الله ﷺ يحثنا على صلاة التسبيح ويقول: "إن استطاع أحدكم أن يصليها في كل يوم مرة فليفعل، فإن لم يستطع ففي كل جمعة فإن لم يستطع ففي كل شهر، فإن لم يستطع ففي كل سنة، فإن لم يفعل ففي عمره مرة، فمن صلاها غفر الله له ذنبه أوّله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته، ولو كان أعظم أهل الأرض ذنبًا لغفر الله له بذلك".
وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول: أمرني رسول الله ﷺ أن أفعلها إذا زال النهار قلت: يا رسول الله فإن لم أستطع أن أفعلها تلك الساعة؟ قال: صلها من الليل والنهار، وكان ﷺ يقول إذا علمها لرجل: "هي: أربع ركعات يقول في كل ركعة منها بعد القراءة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ويقول ذلك في الركوع عشرًا، وفي الرفع منه عشرًا، ولكل من السجدتين عشرًا، والجلوس بينهما عشرًا، وجلستي الاستراحة والتشهد عشرًا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، والله أعلم".
خاتمة في أمور متعلقة بالباب
"قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان رسول الله ﷺ يقول: "من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد"، وسيأتي أن ذلك في حق القادر من الأمة، وأن صلاته قاعدًا ﷺ كقائم في الأجر، وكانت حفصة -رضي الله عنها- تقول: "ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي في سبحته قاعدًا قط، حتى كان قبل وفاته بعام فكان يصلي في سبحته قاعدًا، ويقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها".
وكان أكثر جلوسه في الصلاة آخر عمره متربعًا وتارة مفترشًا، وتارة متوركًا، وكان ﷺ يقول: "عليكم بكثرة السجود فإن أحدكم لن يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة".
وجاءه مرة رجل فقال: يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة، فقال ﷺ: "أعني على نفسك بكثرة السجود"، وكان ﷺ يحث على إخفاء صلاة التطوع ويقول: "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وكان يقول: "أفضل التطوع مثنى مثنى ليلًا كان أو نهارًا"، وفي رواية: "الصلاة مثنى مثنى وتشهد وتسلم في كل ركعتين وتبأس وتمسكن وتقنع يديك. يعني ترفعهما إلى السماء مستقبلاً ببطونهما وجهك وتقول اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج". وكان ﷺ يقول: "إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها"، وتقدم في باب صفة الصلاة قوله: "لا يقبل الله عز وجل من عبده عملًا حتى يشهد بقلبه مع بدنه"، والله أعلم.
وكان ﷺ يقول: "أوّل ما يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا يُرى فيها خاشعًا"، والله أعلم".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بالشريعة والعبادة ولسانها، وبيانها على لسان عبده محمد صلى الله عليه وسلم وبارك وكَرَم عليه وعلى آله وصحبه، وعلى من سار في دربه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم والتابعين، وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين.
وبعدُ،
يذكر الشيخ -عليه رحمة الله تعالى- فضل صلاة التسبيح، وأمور متعلقة بالباب في الصلاة، فذكر في صلاة التسبيح حديث ابن عمر؛ والحديث المشهور عن العباس -رضي الله عنه- عم النبي ﷺ أنه علمه ﷺ صلاة التسبيح، واختلفوا ونظروا في سنده، ثم ألَّفَ ابن ناصر الدين الدمشقي -عليه رحمة الله- رسالة مخصوصة، سماها: الترجيح لحديث صلاة التسبيح، وقد خطَّه من ذكره في الموضوعات، وهو -بمجموع الروايات- لا ينقص عن الحسن لغيره، وبذلك:
وهي متفق على أنها في كل ركعة خمسٌ وسبعون تسبيحة، ومجموع الأربع ركعات تطلع في ثلاثمائة تسبيحة من قول: سبحان الله، والحمد لله، لا إله إلا الله، والله أكبر من الباقيات الصالحات - يأتي بهن.
فبذلك كانت صلاة التسبيح مما جاء ذكرها في الحديث، وترغيبه ﷺ لعمه العباس، وابن عمر يقول: "كان رسول الله ﷺ يحثنا على صلاة التسبيح ويقول: "إن استطاع أحدكم أن يصليها في كل يوم مرة فليفعل، فإن لم يستطع ففي كل جمعة -معناه: في كل جمعة، في كل أسبوع- فإن لم يستطع ففي كل شهر، فإن لم يستطع ففي كل سنة، فإن لم يفعل ففي عمره مرة، فمن صلاها غفر الله له ذنبه أوّله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته، ولو كان أعظم أهل الأرض ذنبًا لغفر الله له بذلك"، يقول: أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة التسابيح؛ وابن ماجه كذلك -الله- بألفاظ متقاربة.
ثم ذكر أيضًا عن "عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول: أمرني رسول الله ﷺ أن أفعلها إذا زال النهار .." أي: هذا من جملة أوقاتها، وهي تُصَلَّى في أي ساعة من الليل أو النهار، غير الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، "قلت: يا رسول الله فإن لم أستطع أن أفعلها تلك الساعة؟ قال: صلها من الليل والنهار"، أي: في أي ساعة كان من الليل والنهار. قال: "وكان ﷺ يقول إذا علمها لرجل: "هي: أربع ركعات يقول في كل ركعة منها بعد القراءة:..".
وهذه الرواية بعد القراءة:
"وفي الرفع منه عشرًا، ولكل من السجدتين عشرًا، والجلوس بينهما عشرًا، وجلستي الاستراحة والتشهد عشرًا"، الاستراحة: عند القيام من الركعة الأولى إلى الثانية، والتشهد إن فصلها فعند القيام في الركعة الثانية؛ وإلا ففي الركعة الرابعة، إن صلاها بسلام واحد.
وكله جائز، أن يصلي ركعتين ثم ركعتين، أو يصلّي أربعًا بتسليمة واحدة، قال الشافعي: والأفضل إن صلاها بالليل أن تكون مثنى -ركعتين وركعتين-، وإن صلاها بالنهار أن تكون أربعًا بتسليمة واحدة، والأمر في ذلك واسع.
قال: "فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، والله أعلم".
والمشهور ايضاً - من روايات الحديث:
يقول ﷺ لعمه العباس: ألا أعطيك؟ ألا أحبوك؟ ألا أمنحك؟ ألا أدلك على عملٍ إذا أنت عملته غفر الله لك ذنبك كله، دِقِّه وجِلِّه، أوله وآخره، ظاهره وباطنه، سره وعلانيته؟ فعلمه هذه الصلاة؛ صلاة التسبيح.
الرواية الثانية:
أن التسبيح قبل القراءة في القيام خمسة عشر، وبعد القراءة عشراً، فلا يحتاج إلى تسبيح في جلسة الاستراحة، ولا قبل التشهد، فتكمل الخمس والسبعون.
لذلك عندما سُئل - بعض أهل العلم- قال: إذا حصل له سهو فسجد سجدة سهو، فهل يسبح؟
قال: لا، إنما هي ثلاثمائة تسبيحة في مجموعة الأربع ركعات، ما يزيد عليها، ففي كل ركعة خمس وسبعون تسبيحة، فإذا فاته التسبيح في ركن من الأركان قضاه فيما بعده.
قال الشافعية: إلا إن كان في الركوع فلا يقضيه في الاعتدال؛ لأنه ركن قصير، ويقضيه في السجود الأول، وكذلك إن كان في السجود الأول نسي التسبيح؛ فلا يقضيه في الجلوس بين السجدتين ولكن في السجود الثاني، فيأتي بدل العشر بعشرين مقابل ما نسي، وهكذا إذا نسي؛ وإذا نسي في القيام يأتي في الركوع خمس وعشرين تسبيحة، خمسة عشرة للقيام، وعشر للركوع وهكذا يكون الأداء لصلاة التسبيح.
إذاً هذا بعض ما يتعلق بصلاة التسبيح -الصلاة المخصوصة- وفيها الحث النبوي كما سمعنا.
ثم ذكر في هذا الفصل أمورًا تتعلق بباب الصلاة، يقول: "قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان رسول الله ﷺ يقول: "من صلى قائمًا فهو أفضل"، والمراد: صلاة النافلة، صلاة النافلة كمثل التسبيح وكمثل غيرها من النوافل.
قال: "من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا.." كيف!؟ أحَد يصلي وهو نائم؟ فالمُراد: مُضْطَجِعًا؛ والمُراد به: أي على هيئة النائم، من صلى مضطجعًا وهو يقدر على الجلوس "فله نصف أجر القاعد" ربع أجر القائم، ينقٍّص على نفسه؛ ولكن إذا صلى مضطجعًا وجب أن يجلس لأجل الركوع والسجود، ولا يصح أن يُومِئ مضطجعًا بالركوع ولا بالسجود؛ بل يجب أن يجلس ويركع ويسجد وقت الركوع ووقت السجود، كذلك عند التشهد يجب أن يجلس ليَتشهد وهو جالس، لكن في بقية الأركان يكون مضطجعًا، وهو قادر على القيام وعلى القعود "فله نصف أجر القاعد".
"وسيأتي أن ذلك في حق القادر من الأمة" صحيح، أما العاجز فله أجر كامل؛ لأنه لم يترك القيام إلا لعذرٍ ولعجزه عنه، "وأن صلاته قاعداً ﷺ كقائم في الأجر"ﷺ؛ لأنه لم يُصَلِّ قاعدًا إلا لأجل العذر، وكان طويل القيام، ولما عظمت عليه الواردات في قيامه تورمت قدماه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فلما أسنَّ وثَقُلَ، كان يُصَلِّي قاعدًا وقائمًا، ومع ذلك كان يقرأ بدل القيام الطويل وهو قاعد كثيرًا مما يعتاد، فإذا بقي من القراءة مقدار ثلاثين أو أربعين وقف وصلاها قائمًا ثم ركع صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
قال: "وكانت حفصة -رضي الله عنها- تقول: "ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي في سبحته قاعدًا قط حتى كان قبل وفاته بعام فكان يصلي في سبحته قاعدًا، ويقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها" من الترتيل والتأمل.
"وكان أكثر جلوسه في الصلاة آخر عمره متربعًا وتارة مفترشًا"
ورأى بعض أهل العلم أن يُفَرِّق بين موضع القيام من القاعد -إذا صلى قاعدًا- وموضع الركوع والسجود، فيجلس على رجليه معًا؛ أي: يفترش اليسرى واليمنى في وقت ما يقابل القيام، ثم يفترش في أثناء الركوع والاعتدال والسجود، يكون مُفْتَرِشًا، فيجلس يقول: "متربعًا وتارة مفترشًا، وتارة متوركًا"، والأمر فيه واسع.
قال: "وكان أكثر جلوسه -ﷺ- في الصلاة آخر عمره متربعًا وتارة مفترشًا، وتارة متوركًا، وكان ﷺ يقول: "عليكم بكثرة السجود فإن أحدكم لن يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة"، اللهم أَعنَّا على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسْنِ عبادتك، قال تعالى: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) [الشعراء:218-219]، و"أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ".
"جاءه مرة رجل فقال: يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: "أعني على نفسك بكثرة السجود"، والحديث مشهور عن كعب بن مالك أنه جاء بعد أن نزل قوله تعالى: (..وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)[المائدة:67]، فصرف النبي الحرس حوالي بيته، وقال: "إن الله قد عصمني، فانصرفوا"،فانصرفوا، فجاء أستاذن سيدنا كعب بن مالك، يقعد في، فَلاحَظَهُ، قال: ألم أقل لكم: انصرفوا، فقد عصمني الله، قال: لم جلست بقصد الحراسة يا رسول الله، ولكن ذكرت أنه ربما يطرقك شئ وتحتاج إلى شيء، فجلستُ خادمًا، لأكون أول من تجد من أمتك بجنبك، تريد أي شيء، ففرح منه ﷺ، ثم قال له: سَلْ، قال: ما أسألك، لو سألتك الدنيا بما فيها أعطاني الله إياها بدعائك، ثم تذهب عني، فلا أسألك شيء، كنا في جاهلية وشر، فَأنقذنا الله بك وهدانا ثم أسأل إيش-ماذا-؟، ماذا أسأل وأطلب فوق هذا؟ قال: فاسأل شيء، قال: إن كان ولا بد "أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ."ما لكَ غرض ثاني ولا مطلب ثاني، قالَ له: "فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ" المراد: إكثار الصلاة، والاعتناء بالسجود، والتحقق بحقائقه، فإن هذا سبب القرب منه، ومرافقته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وكان ﷺ يحث على إخفاء صلاة التطوع ويقول: "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وكان يقول: "أفضل التطوع مثنى مثنى ليلًا كان أو نهارًا"، وفي رواية: "الصلاة مثنى مثنى وتشهد وتسلم في كل ركعتين وتبأس وتمسكن وتقنع يديك. يعني ترفعهما إلى السماء مستقبلاً ببطونهما وجهك وتقول اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج". وكان ﷺ يقول: "إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها"، وتقدم في باب صفة الصلاة قوله: "لا يقبل الله عز وجل من عبده عملًا حتى يشهد بقلبه مع بدنه"، والله أعلم.
قال: "وكان ﷺ يحث على إخفاء صلاة التطوع، يقول: أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" و"أفضل التطوع مثنى مثنى ليلًا كان أو نهارًا" واختلفوا العلماء، ومنهم من قال: بالأربع معًا، ومنهم من قال: بأكثر من ذلك، ومنهم من أوجب ذلك، ومنهم من استحبه، وفي روايتنا: وفي رواية: "الصلاة مثنى مثنى وتشهد وتسلم في كل ركعتين وتبأس وتمسكن وتقنع يديك"، وفي اللفظ الآخر في الحديث: إنما الصلاة مسكنة، وتواضع، وذلة، نداء رب: يا رب، يا رب، فمن لم يفعل فهي خداج. فهي خداج، فهي خداج أي: ناقصة، يقول: "وتقنع يديك. يعني ترفعهما إلى السماء مستقبلاً ببطونهما وجهك وتقول اللهم فمن لم يفعل ذلك فهي خداج" في هذه الرواية.
وكان يقول: "إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها"، أي: بقدر ما يَحْضَرُ فيها، ما يُحْضِرُ قلبه فيها، إن حَضَرَ القلب في الربع كُتِب له ربع، وحضر في الثلاثة كُتِب له ثلاثة، إن حضر في قلبه في السدس صلاة يُكْتَب له سُدس صلاة، وهكذا.
قال: وروح العبادة الحضور، حضور القلب مع الله فيها، فمن خلت عبادته عن الحضور فعبادته هباء منثور، من خلت عبادته عن الحضور فعبادته هباء منثور، والذي يصلي بغير حضور قالوا كمثل من يقدم جارية ميتة هدية للملك، ميتة لا روح فيها، وصلاة بلا حضور لا روح فيها، أو يُحْضِر بِصندوق فارغ يقدمه للملك يتقرب إليه ولا فيه شيء فهذه -لا إله إلا الله- فوجب أن نَعْتَنِيَ بالحضور في الصلوات، والخشوع.
قال: "وتقدم في باب صفة الصلاة" قال رسول الله ﷺ "لا يقبل الله عز وجل من عبده عملًا حتى يشهد" أي: يحضر بِقَلْبِه مع بدنه "بقلبه بدنه"، والله أعلم. وكان ﷺ يقول: "أوّل ما يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا يُرى فيها خاشعًا" والعياذُ بالله تبارك وتعالى.
والمشهور رواية هذا الحديث من موقوفًا على ابن مسعود، وقال: "أول علم يُنْزَع من هذه الأمة، أو يُرْفَع الخشوع، سماه علمًا، قال: حتى لا تكاد تجد خاشعا"، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أحيا الله فينا السنن، ورزقنا الاستقامة على أقوم سَنَن، وكفانا شر جميع الفتن والمحن، وكان لنا ما هو أهله في الشأن كله، ودفع عنا السوء وأهله، ورعانا بعين عنايته حيثما كنا، وأينما كنا، وأصلح الحِسَّ لنا والمعنى، وختم لنا بأكمل الحسنى، وهو راضٍ عنا.
بسِرَ الفاتحة إلى حضرة النبي
اللهم صلِّ وسلم وبارك علي وعلى آله وأصحابه
الفاتحة
28 مُحرَّم 1446