كشف الغمة -189- كتاب الصلاة (80) باب صفة الصلاة -32- القراءة في قيام الليل

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (80) باب صفة الصلاة -32- القراءة في قيام الليل

صباح الثلاثاء 17 محرم 1446 هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  • هل يمكن أن يجمع بين سورتين أو 3 في ركعة؟
  •  قراءة القرآن كله في ركعة واحدة
  •  الاقتصار على جزء من السورة في الصلاة
  •  ثواب من يقوم الليل بألف آية
  •  كان رسول الله ينام ثم يقوم مرتين
  •  الأنبياء لا ينتقض وضوءهم من نوم
  •  كانت بعض صلاته ﷺ جالسا في آخر حياته
  •  هل الأفضل طول القيام أم كثرة الركعات؟
  •  الجمع بين القيام والجلوس في ركعة
  •  تهجد عمر طول ليلته بقراءة الفاتحة
  •  من الذي بال الشيطان في اذنه؟ 
  •  ماذا يقول من انتبه من نومه أثناء الليل؟ 

نص الدرس مكتوب:

وكان ﷺ يقول: "لكل سورة حظ من الركوع فاركعوا في كل سورة"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: أراد أن لا يحرج أمته، وكان  يقول: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين"، وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: كانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية تسمى المئين كحم الأحقاف

ونحوها .

قال شيخنا -رضي الله عنه-: وقد اعتبرنا الألف الأولى من القرآن بالفاتحة إلى قوله تعالى في سورة الأنفال: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ) [الأنفال: ٤٥]. الألف الثاني إلى قوله تعالى في سورة الكهف: (وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا) [الكهف: ٤٥]. والألف الثالث إلى آخر سورة الشعراء. والألف الرابع إلى آخر سورة الصافات. والألف الخامس إلى آخر سورة الواقعة والألف السادس إلى آخر سورة الغاشية، هذا هو العدد المتفق عليه بين القراء وما زاد فمُختلف في عدده والله أعلم .

قالت أم سلمة -رضي الله عنها-: وكان رسول الله  يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى ثم يصبح، وكانت قراءته  مفسرة حرفاً حرفاً، وكان  إذا توضأ في الليل فصلى ثم اضطجع ونام لا يجدد له وضوءاً من النوم، ولو نفخ فكان لا يتوضأ إلا إن أحدث من غير النوم، وكانت عينه تنام ولا ينام قلبه وفي رواية عنها: "ما من نبي نام إلا استنبه قلبه ولا نام قلبه إلا استيقظت عيناه"، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: ما مات رسول الله  حتى كان أكثر صلاته جالساً، ولم يكن قبل ذلك يصلي في قيام الليل جالساً قط ويقول : "أفضل الصلاة طول القنوت"، يعني: القيام، وكان يطيله على الركوع حتى تورمت قدماه وساقاه ويقول إذا سئل عن ذلك: "أفلا أكون عبداً شكوراً".

وقالت عائشة -رضي الله عنها-: رأيت رسول الله   كثيراً ما يجمع بين القيام والجلوس في ركعة واحدة، فكان يقرأ وهو جالس حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحواً من ثلاثين أو أربعين آية ثم يركع، وكثيراً ما كان يقرأ ويركع وهو جالس، قالت -رضي الله عنها-: وكان  يصلي ليلاً طويلاً قائماً وليلاً طويلاً قاعداً فكان إذا قرأ وهو قائم يركع ويسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد يركع ويسجد وهو قاعد لا يحدث للركوع قياماً.

وتهجد عمر -رضي الله عنه- طول ليلته بقراءة الفاتحة فقال له شخص من جيرانه: رأيتك الليلة لا تزيد في قراءتك على الفاتحة ثم تركع؟ فقال له عمر -رضي الله عنه-: ثكلتك أمك أليست تلك صلاة الملائكة عليهم السلام؟ وكان  يقول: "من نام إلى الصبح لم يصل من الليل فذلك رجل بال الشيطان في أذنه" ، وكان  يقول: "من عجز عن قيام الليل فليقل إذا تعار من الليل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فمن قال ذلك ثم استغفر أو دعا استجيب له"، والله سبحانه وتعالى أعلم".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

 

الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته، عبده وحبيبه وصفوته سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين صفوة الرحمن في خليقته، وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

يواصل الشيخ -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- ذكر ما يتعلق بالقيام في الصلاة. 

قال: "وكان ﷺ يقول: "لكل سورة حظ من الركوع فاركعوا في كل سورة"، وهنا جاء كلام أهل العلم والفقه: هل يمكن أن يجمع بين سورتين أو ثلاث في قيام واحد قبل أن يركع؟ أو بعد كل سورة يركع أوَّلًا؟ والأمر فيه سعة:

  • فقال الشافعية: لا بأس أن يجمع بين السورتين والثلاث لِما ورد ذلك في عدد من الأحاديث.
  • وحمله الحنابلة على صلاة النافلة فقالوا: في النافلة يجمع بين السورتين والثلاث والأربعة أما في الفريضة، فلا يقرأ قبل الركوع بعد الفاتحة إلا سورة واحدة، فإن قرأ سورتين وأكثر فالروايتين عن الإمام أحمد قيل يُكره وقيل لا يُكره.
  • كذلك يقول الحنفية والمالكية: أنه في الفرض لا يقرأ إلا سورة واحدة، فيُكره أن يزيد على السورة في الفرض ولا يُكره ذلك في النفل، فيقرأ السورتين والثلاث قبل الركوع.

 

وهكذا؛ فحملوا الأحاديث التي فيها قراءته -ﷺ- لعدد من السور على أن ذلك كان في النافلة، ولم يفرق الشافعية بين الفريضة والنافلة فقالوا: يمكن أن يقرأ عددًا من السور أو أن يقرأ سورة واحدة بعد الفاتحة، إلا أنه أيضًا السورة أفضل من بعض السورة ولو طال البعض، ومما يُروى عنه  أنه قد يفتتح في الصلاة سورة -فهذا في الفرض- فيكملها يقرأ بعضها أو الحظ الوافر منها ثم يكمل الباقي في الركعة الثانية، وهكذا لهم نظر واجتهاد في الاقتصار على بعض السورة: أن يقرأ بعض سورة ثم يركع، والمنقول عنه  أنه إنما يقرأ سورة كاملة أو يقسمها بين الركعتين.

كذلك قراءة القرآن كله:

يقول الحنابلة: في الفرض يُكره لأنه لم يُنقل ولأن فيه تطويل، وفي غير الفرض لا بأس به كما جاء عن بعض الصحابة كمثل سيدنا عثمان أنه يقرأ القرآن في ركعة واحدة.

الاقتصار على بعض السورة بعد الفاتحة: 

الإمام مالك رأى في رواية عنه الكراهة، أنه يُكره يقتصر على بعض سورة.

كذلك يكره الحنفية أن: يقرأ في الركعة الأولى آخر سورة ثم يقرأ في الركعة الثانية آخر سورة أخرى ثانية، وقالوا: لا بأس أن يقرأ من نفس السورة ويكملها في الركعة الثانية.

وأما الشافعية والحنابلة: فلا كراهة عندهم في قراءة بعض السورة لعموم قوله: (فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ) [المزمل: 20]، سورة أو بعض سورة؛ ولكن قال الشافعية: سورة كاملة أفضل من البعض ولو طال ولو كان ذلك البعض أطول. 

 

يقول: "قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: أراد أن لا يحرج أمته"، بموالاة سور كثيرة في الركعة الواحدة، وقال يمكنكم أن تركعوا بعد كل سورة: "لكل سورة حظ من الركوع فاركعوا في كل سورة" يقصد ابن عباس: أنه لم يلزمهم بذلك وإنما أراد أن لا يحرجهم وأن يخفف عليهم.

 

"وكان  يقول: "من قام بعشر آيات.." -يعني: قام في الليل فصلى فقرأ عشر آيات- "لم يكتب من الغافلين.." - خرج من دائرة أهل الغفلة بقراءة عشر آيات في صلاة الليل- "ومن قام بمائة آية كتب من القانتين.." -قال تعالى: (وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35]، (وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ) [البقرة: 238] أي: خاشعين خاضعين متذللين. قال: "ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" الذين ينالون القنطارات من الثواب، والثلاث مئة رطل يقال لها قنطار، "ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين".

 

"وكان ابن مسعود -رضي الله عنه يقول-: كانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية تسمى المئين -يعني من ذوات المئة-  كحم الأحقاف ونحوها".

 

"قال شيخنا -رضي الله عنه-: 

  • "وقد اعتبرنا الألف الأولى.." -الألف الأولى من الآيات ومن قام بألف آية- "من القرآن بالفاتحة إلى قوله تعالى في سورة الأنفال: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ) [الأنفال: ٤٥] فهذه ألف آية: "ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين".
  • الألف الثاني -من قوله تعالى في: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ) [الأنفال: ٤٥] في الأنفال- إلى قوله تعالى في سورة الكهف: (وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا) [الكهف: ٤٥]. 
  • والألف الثالثة من هذه الآية من سورة الكهف إلى آخر سورة الشعراء.
  • والألف الرابع من أول سورة النمل إلى آخر سورة الصافات.
  • والألف الخامس من سورة (ص) إلى آخر سورة الواقعة.
  • والألف السادس إلى آخر سورة الغاشية،  فهذه ستة آلاف آية.

 

قال: "هذا هو العدد المتفق عليه بين القراء وما زاد فمُختلف في عدده والله أعلم" .

كم بقي بعد ستة الآلاف؟ فقيل ستمائة وستة وستين، وقيل أقل وأكثر في عدد من الاختلاف في عدد الآيات، كما قالوا أيضًا أنه: إذا قرأ من سورة تبارك إلى سورة الناس فإنها تكون ألف آية، " ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" يعني: الذين يُؤتون الأجور الكثيرة الكبيرة الواسعة.

 

يقول: "قالت أم سلمة رضي الله عنها: وكان رسول الله  يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى ثم يصبح"، تذكر غالب ما يكون من قيامه في الليل ﷺ، فإنه يبدأ بصلوات وعدد من الركعات قبل النوم، ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، مرتين يقوم ثم يقوم للفجر ﷺ.

"وكانت قراءته  مفسرة حرفاً حرفاً، وكان  إذا توضأ في الليل فصلى  ثم اضطجع ونام لا يجدد له وضوءاً من النوم"، فإن الأنبياء ما ينتقض وضوءهم من النوم لأنه تنام عيونهم ولا تنام قلوبهم، ولهذا قال: "لا يجدد له وضوءا من النوم ولو نفخ"؛ فأن أخرج النفس والهواء من فمه وهو نايم. "فكان لا يتوضأ إلا إن أحدث من غير النوم" أما النوم ما ينقض وضوءه -عليه الصلاة والسلام- وكذلك الأنبياء.

قال: "وكانت عينه تنام ولا ينام قلبه"، "فإنه تنام عيناي ولا ينام قلبي" يقول عليه الصلاة والسلام. "وفي رواية عنها -يعني أم سلمة-: "ما من نبي نام إلا استنبه قلبه، -وأما قوله ما يُروى في هذه الرواية من قوله-: "ولا نام قلبه إلا استيقظت عيناه" يعني: تخفَّفَّ عنه ما يعتريه من الشهود والحضور مع الله سبحانه وتعالى، فإذا خفَّ فتستيقظ العين  للقيام بالمهام من التبليغ والإنذار والتبشير وغيره من شؤون الحياة، وإلا فهم على الدوام لا تنام قلوبهم.

 

"وقالت عائشة -رضي الله عنها-: ما مات رسول الله  حتى كان أكثر صلاته جالساً -أي: في الليل، صلاة قيامه في الليل جالسًا في آخر أيامه عليه الصلاة والسلام- ولم يكن قبل ذلك يصلي في قيام الليل جالساً قط"، بل كان وهو قد جاوز الستين يصلي من الليل قائمًا، فلم يكن يجلس ويصلي من جلوس، حتى كان في السنة الأخيرة وما ناله من الضعف كان يصلي بعض القيام في الليل جالسًا، وبعضه قائمًا.

"ويقول: "أفضل الصلاة طول القنوت"  والمراد بالقنوت هُنا: القيام؛ أي: طول القيام، "أفضل الصلاة طول القنوت" ومن هنا

قال أكثر الفقهاء: أنه إذا كثرت عدد الركعات فهو أفضل أو طول القيام أفضل؟ قال: وإذا استوت في الطول؟ 

فالكثير من الصلاة أفضل من القليل، ولكن المفاضلة بين طول القيام وكثرة الركوع والسجود إذا الزمان واحد.

القول الأول:

  • فالحنفية والشافعية وفي أحد القولين عند المالكية كذلك وفي قول عند الحنابلة: إلى أن تطويل القيام أفضل من تكثير الركعات، معناه: إذا كان مدة الصلاة نصف ساعة ولكن هذا صلى فيها أطال القيام فصارت أربع ركعات، وهذا في نصف الساعة صلى ثمان ركعات أو عشر ركعات، والوقت واحد، فالأكثر قالوا: أن طول القيام أفضل من تكثير الركعات؛ لهذا الحديث: "أفضل الصلاة طول القنوت" وكما رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره،  فطول القيام.

وفرَّق بعضهم بين الليل والنهار فقال

  • إن طول القيام في الليل أفضل وكثرة الركعات في النهار أفضل، وهذا فيما يكون من النفل المطلق.
  • أما ما جاء فيه عدد عن الشارع فالعدد هو الأفضل، بأن كان مثلًا صلاة الضحى فالثمانية هي أفضل وأنه مطلوب مثل صلاة الوتر فالأحدى عشر أفضل؛ فإذا صلى هذا أحد عشر في مدة النصف الساعة مثلًا، وصلى الثاني في مدة  النصف الساعة خمس ركعات فصاحب الأحد عشر أفضل؛ لأن الأحد عشر مطلوبة في الوتر وكذلك الرواتب.

فما جاء فيه عدد عن الشارع فحيازة العدد أفضل من بعض العدد وإن كان أطول.

وأما النفل المطلق فهذا الذي ذكرنا إذا استوى الوقت فهو الكثير من الصلاة أفضل من القليل إذا استوات في الطول.

وأما المفاضلة بين الركوع والسجود:

  • فقد علمتَ ما قال الحنفية والشافعية وقول عند المالكية وقول عند الحنابلة: أن طول القيام أفضل من تكثير عدد الركعات، وبطول القيام تكثر القراءة، وأما بكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح، قالوا والقراءة أفضل من التسبيح -التلاوة والقرآن- فلهذا كان طول القيام أفضل
  • كذلك جاء عند بعض الشافعية يقول: إن صلى قائم فالقيام أفضل -طول القيام أفضل- أما إن صلى النفل وهو قاعد فكثرة العدد أفضل، لأنه كله قاعد ماشي فيه قيام، فيكثِّر من الركعات والسجدات أفضل.

 

"ويقول : "أفضل الصلاة طول القنوت" ، يعني : القيام، وكان يطيله على الركوع حتى تورمت قدماه وساقاه -ﷺ من طول القيام- ويقول إذا سئل عن ذلك -كيف تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال- : "أفلا أكون عبداً شكوراً"

 

القول الثاني:

وهكذا يأتي عند الحنابلة والقول الأظهر عند المالكية وبعض الشافعية: أن كثرة الركوع والسجود يعني كثرة الركعات أفضل من طول القيام؛ قالوا لقوله ﷺ: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، ولقوله ﷺ: "عليك بكثرة السجود" لله تعالى، وكذلك قوله للصحابي: "أعني على نفسك بكثرة السجود".

 

وفي قول ثالث:

عند الحنابلة: أنهما سواء طول القيام أو كثرة الركوع والسجود، ما دام الوقت واحد فهما في الفضل سواء لتعارض الأدلة.

وهكذا جاء عن إسحاق بن راهوية وكذلك كما ذكرنا عن بعض الشافعية: أنه تكثير الركوع والسجود في النهار أفضل وطول القيام في الليل أفضل، لما ورد عن النبي ﷺ يطيل القيام في الليل ولا تتجاوز عدد ركعاته في غالب الليالي عن ثلاثة عشر ركعة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

ونِعمَ العبد الشكور حبيبنا محمد بدر البدور صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

"وقالت عائشة رضي الله عنها : رأيت رسول الله   كثيراً ما يجمع بين القيام والجلوس في ركعة"، لمَّا أسنَّ وكبر وثَقُل فكان في الركعة الواحدة يصلي بعضها جالسًا وبعضها قائمًا.

قالت: "فكان يقرأ وهو جالس حتى إذا أراد أن يركع -إذا قرب من الركوع- قام فقرأ نحواً من ثلاثين أو أربعين آية ثم يركع، وكثيراً ما كان يقرأ ويركع وهو جالس، قالت -رضي الله عنها-: وكان  يصلي ليلاً طويلاً قائماً وليلاً طويلاً قاعداً فكان إذا قرأ وهو قائم يركع ويسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد يركع ويسجد وهو قاعد لا يحدث للركوع قياماً"، ولكن في بعض الأحوال إذا قرأ عدد من الآيات كثيرة وهو قاعد قام فقرأ ثلاثين آية أو أربعين ثم ركع.

 

قال: "وتهجد عمر -رضي الله عنه- طول ليلته بقراءة الفاتحة"، ليلة من الليالي وأخذ يتأمل معاني الفاتحة ويكررها، (بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ * ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ) [ الفاتحة: 1-3]، يكمل ويرجع (بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ - ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ - ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ) [ الفاتحة: 1-3]، ويرجع، وكان يسمعه بعض من حواليه، "فقال له شخص من جيرانه: رأيتك الليلة لا تزيد في قراءتك على الفاتحة ثم تركع؟ فقال له عمر -رضي الله عنه-: ثكلتك أمك أليست تلك صلاة الملائكة عليهم السلام؟"

 

"وكان  يقول: "من نام إلى الصبح لم يصلِّ من الليل فذلك رجل بال الشيطان في أذنه" لا إله إلا الله! وجاء أيضًا في الحديث أنه ذُكِر له ﷺ رجل نام ليلة حتى أصبح لم يستيقظ حتى طلع الفجر، قال: "ذاك بال الشيطان في أذنه".

 

"وكان  يقول: "من عجز عن قيام الليل فليقل إذا تعارَّ من الليل -أي: إذا فارقه في أثناء الليل النوم وانتبه من نومه- : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فمن قال ذلك ثم استغفر أو دعا استجيب له"، والله سبحانه وتعالى أعلم".

 

 رزقنا الله قيام الليل، ورزقنا الله الحظ الوافر من الصلاة، وجعل قرّة أعيننا في الصلاة كما جعلها قرّة عين حبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وأسعدنا بأعلى السعادة، وأصلح لنا الغيب والشهادة، وفرّج كروب المسلمين ودفع السوء عنا وعنهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

بسرِّ الفاتحة

وإلى حضرةِ النَّبي اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه،

 

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

18 مُحرَّم 1446

تاريخ النشر الميلادي

24 يوليو 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام