كشف الغمة -186- كتاب الصلاة (77) باب صفة الصلاة -29- فصل: صلاة التراويح
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (77) باب صفة الصلاة -29- فصل: صلاة التراويح
صباح الأربعاء 11 محرم 1446 هـ
يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:
- صلاة التراويح وكيفيتها
- سبب تسميتها
- قصة بدء النبي ﷺ التراويح ثم جمعهم عمر بن الخطاب
- استمرار التراويح 20 ركعة
- معنى: نعمة البدعة هي
- متى تكون صلاة النافلة أفضل في البيت أو في المسجد؟
- طول صلاة الصحابة في التراويح
- متى تحتسب التراويح من التهجد؟
- هل يكره تأخير التراويح عن منتصف الليل؟
نص الدرس مكتوب:
فصل في التراويح
"قال أنس -رضي الله عنه-: كان رسول الله ﷺ يرغب في صلاة التراويح من غير أن يأمر فيها بعزيمة، ويقول: "إن الله تعالی فرض صیام رمضان وَسَنَنْتُ قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ولما صلاها رسول الله ﷺ في المسجد صلى بصلاته ناس قلائل فلما صلى الليلة الثانية كثر الناس ثم اجتمعوا في المسجد من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله ﷺ فلما أصبح قال: "رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم".
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وكان رسول الله ﷺ يصلي التراويح في غير جماعة عشرين ركعة والوتر، وكان يتروح فيها بين كل أربع ركعات ساعة ثم يقوم يصلي ما كتب"، فهذا هو الأصل في ترويح الإمام في صلاة التراويح، وكان أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- يقول: أحدثتم قيام شهر رمضان ولم يكتب عليكم إنما كتب عليكم الصيام فدوموا على ما فعلتموه ولا تتركوه فإن الله تعالى عاتب بني إسرائيل في قوله: (وَرَهْبَانِيَّةٌ ابْتَدَعُوهَا) [الحديد: 27] الآية.
وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يقول: صمنا مع رسول الله ﷺ فلم يَصَلِّ بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة"، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا السحور، وكان الناس يصلون في المسجد في رمضان أوزاعًا يكون مع الرجل الشيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة أو السبعة أو أقل من ذلك أو أكثر يصلون بصلاته، فلما صلى بهم النبي ﷺ صلى خلفه الناس أجمعون.
ثم توفي رسول الله ﷺ فصاروا يصلون أوزاعًا متفرقين جماعة فرادي وجماعة بإمام فقال عمر -رضي الله عنه-: إني أرى أن أجمع الناس على قارئ واحد، ثم عزمَ فجمعهم على أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-، فكان عمر -رضي الله عنه- يقول: نعمت البدعة هي، والذين يقومون آخر الليل أفضل من الذين يصلونها أول الليل ثم ينامون آخره؛ ولما كان خلافة علي -رضي الله عنه- جعل للرجال إمامًا وللنساء إمامًا، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يصلي التراويح فرادى في بيته ويقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة".
وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يطولون فيها حتى كان القارئ إذا قرأ بالبقرة في ِثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف ، وكانوا يصلونها في أول زمان عمر -رضي الله عنه- ثلاث عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ بالمئين من الآيات حتى كان الناس يعتمدون على العصي من طول القيام، وكان إمامهم أبي بن كعب وتميم الداري رضي الله عنهما.
ثم إن عمر -رضي الله عنه- أمر بفعلها ثلاثًا وعشرين ركعة ثلاث منها وتر واستقر الأمر على ذلك في الأمصار، والله أعلم".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بدينه وبيانه على لسان عبده وحبيبه وأمينه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبارك وكرم عليه؛ وعلى آله وأصحابه الواعين حق تبيينه، وعلى من والاهم واتبعهم بإحسان، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات أهل العرفان، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعد،،
يتكلم الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- عما ورد في صلاة التراويح وهي: الصلاة المخصوصة بشهر رمضان؛ بلغنا الله إياه، وجعلنا من خواص أهله لديه إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وعليها نُزِّل حثه ﷺ على القيام وذكره لفضل قيام رمضان، وقال: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"، قالوا: فيراد من قيام رمضان الصلاة المخصوصة في ليالي رمضان برمضان وهي صلاة التراويح؛ فهي السنة المرغب فيها وهي تصلى جماعة وما ورد عنه أنه صلاها إلا ثلاث ليالٍ من أواخر شهر رمضان، ثم تركها بعد ذلك خشية أن تفرض على الأمة، ثم جمع الناس عليها سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- واستمر على ذلك الحال، وقد كان عدد من السابقين الأولين الموجودين حين جمع الناس سيدنا عمر وأمره أن يصلوا ثلاثة وعشرين ركعة؛ عشرون تراويح وثلاث من الوتر.
يقول: "قال أنس -رضي الله عنه-: كان رسول الله ﷺ يرغب في صلاة التراويح من غير أن يأمر فيها بعزيمة" أي: بحتم وفرضية؛ فلم يجعلها فرضا، وإنما رغب وحثَّ فيها فهي مؤكدة؛ كما هي عند جماهير الفقهاء تتأكد صلاة الترويح في ليالي رمضان، وأفضلها عشرون ركعة كما أجمع عليه الصحابة والائمة الأربعة وعامة فقهاء الشرع المطهر.
قال: "من غير أن يأمر فيها بعزيمة، ويقول: الله تعالی فرض صیام رمضان وَسَنَنْتُ قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، فضلا من فضل الله -تبارك وتعالى- على هذه الأمة المرحومة.
"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ولما صلاها رسول الله ﷺ في المسجد -كما يأتي عن أبي ذر تحديد الليالي التي قام فيها من آخر الشهر- صلى بصلاته ناس قلائل فلما صلى الليلة الثانية كثر الناس -تسامعوا فاجتمعوا- ثم اجتمعوا.."، وجاء في بعض الروايات أنهم كانوا يصلون الرجل معه شيء من القرآن فيصلي بصلاته الثلاث والأربعة والستة وأقل وأكثر فلما خرج ﷺ ليصلي اجتمعوا كلهم وصلوا خلفه، ثم لم يخرج في ثاني ليلة، ثم خرج في ثالث ليلة، ثم لم يخرج فيما بعد، ثم خرج في الليلة الثالثة وامتلأ بهم المسجد وطوَّل ﷺ بهم إلى آخر الليل حتى قال "خِفْنا أَن يفوتنا الْفَلاح قيل: وَمَا الْفَلاح قَالَ: السَّحور" كانوا يسمونه فلاح.
قال: "فلما صلى الليلة الثانية كثر الناس ثم اجتمعوا.. في المسجد من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله ﷺ فلما أصبح قال: "رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم"" أي: فلا تقومون بها.
"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وكان رسول الله ﷺ يصلي التراويح في غير جماعة عشرين ركعة والوتر،" -لما خاف أن تفرض على الناس فيصليها وحده- "وكان يتروَّح فيها بين كل أربع ركعات ساعة" يتروح: يجلس لراحة البدن ثم يقوم إلى أربع أخرى وهكذا، قال: "ثم يقوم يصلي ما كتب، هذا هو الأصل في ترويح الإمام في صلاة التراويح"، وتسميتها صلاة التراويح: أنهم يتروحون فيها بعد كل أربع ركعات؛ أو يراوحون بين أرجلهم من طول القيام.
"وكان أبو أمامة الباهلي -رضي الله تعالى- عنه يقول: أحدثتم قيام شهر رمضان.." أي: من عهد سيدنا عمر وذلك في السنة الرابعة عشر من الهجرة؛ بعد مضي سنة أو سنتين من خلافة سيدنا عمر بن الخطاب، في السنة الرابعة عشر من الهجرة جمع الناس على الصلاة، ثم كان سيدنا علي بن أبي طالب يمر بعض الليالي والمساجد ملآنة بالمصلين جماعة فقال: "نوَّرَ الله قبرك يا عمر كما نورت مساجدنا"، ففيه فقه الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- للشريعة المطهرة، وأن ما قام على أصل في الشرع فهو مقبول يترتب عليه الخير الكثير، ولا ينسبون إلى البدعة إلا ما تخالف مع أصل الشرع المصون ووضع الأمين المأمون ﷺ.
قال يقول: "أحدثتم في قيام شهر رمضان -سيدنا أبو إمامة الباهلي- ولم يكتب عليكم؛ إنما كتب عليكم الصيام -فرض- فدوموا على ما فعلتموه"من القيام ، فإن المؤمن إذا رتب على نفسه شيء من الصالحات ينبغي أن يُداوم عليه ويواظب عليه، ويقول: "ولا تتركوه" تتهاونوا به وتقصروا فيه، "فإن الله تعالى عاتب بني إسرائيل" على عبادات أقاموها من عند أنفسهم يبتغون رضوان الله من غير المفروضة ثم ضيعوها قال تعالى: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ)) [الحديد: 27]، رجووا رضوان الله وأقاموها، هم رتبوها (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا).عاتب عليهم، وبهذا قالوا: القرآن يؤيد البدعة الحسنة، يقول: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)، لماذا لا يداومون عليها، فهو يحث على ما ابتُدعَ وهو حسن طيب، يقول لا تتركه إذا ابتدعت شيء حسن (ابْتَدَعُوهَا) فداوم عليها واظب عليها، (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا) عاتب عليهم في ذلك تركهم لهذه الرهبانية التي ابتدعوها، (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا) يعني: أنواع من العبادة والتبتل الى الله تبارك وتعالى، (مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)، ليست بفرض (إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ)، أرادوا رضواننا والقرب منا فأقاموا هذا الرهبانية قال (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا).
يقول سيدنا أبو أمامة الآن أنتم في صلاة التراويح لا تخلوا -لاتتركوا- (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)، داوموا عليها واظبوا وقوموا بحقها ولا تتركوها، فإن الله عاتب بني إسرائيل في قوله :(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا).
"وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يقول: صمنا مع رسول الله ﷺ فلم يَصَلِّ بنا حتى بقي سبع من الشهر" -يعني: ليلة الثلاث وعشرين من رمضان- فقام بنا -صلى بهم- "حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا -ليلة- في السادسة،" يعني: بقي ست ليالي ما قام بهم ليلة الرابع والعشرين، يعني قام بهم ليالي الوتر، ليلة ثلاث وعشرين، "ثم قام بنا في الخامسة" ، ليلة الخمس والعشرين "حتى ذهب شطر الليل " أي: نصف الليل، "فقلنا يا رسول الله لو نفلتنا" وزدتنا استحلينا الصلاة خلفك والقيام معك فأكملت إلى آخر الليل، "قال:إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كُتب له قيام ليله" إذا قمت مع الإمام حتى كمل صلاته كُتب لك صلاة الليلة كلها، "ثم لم يقم بنا -يعني ليلة ست وعشرين- حتى بقي ثلاث من الشهر -يعني ليلة سبعة وعشرين- فصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه -وفيها امتلأ المسجد إلى خارجه- "فقام بنا حتى تخوفنا السحور"، أن يفوتنا ، قَرُب الفجر، "وكان الناس يصلون في المسجد في رمضان أوزاعا"، يعني متفرقين "يكون مع الرجل شيء من القرآن يكون مع النفر الخمسة أو السبعة أو أقل من ذلك أو أكثر فلما صلى بهم النبي ﷺ صلَّى خلفه الناس أجمعون".
"ثم توفي رسول الله ﷺ فصاروا يصلون أوزاعا متفرقين جماعة -كما كانوا- فرادى وجماعة بإمام - واحد وحده يصلي، واحد معه اثنين، واحد معه أربعة، واحد خمسة، كلٌّ يصلي - فقال عمر -رضي الله عنه-: إني أرى أن أجمع الناس على قارئ واحد ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب -رضي الله عنه-"، وهذا في السنة في السنة الرابعة عشر من الهجرة، ومرت القرون بعد ذلك، فعامة ليالي القرون الماضية لا زادوا ولا نقيوا على العشرين؛ إلا أهل المدينة فزادوا ستة عشر ركعة فجعلوها ستة وثلاثين، وما أحد نقص في الحرمين ولا في غيرها من السنة الرابعة عشر الهجرية إلى أن جاءت أخبار الزمان، زمان الكورونا زمان البلايا، يزيدوا ينقصون في العدد بلا بصيرة ولا بينة ولا رجوع إلى سنة، ولكنها أهواء ولعب بالدين، فأصلح الله أمور المسلمين.
وقال: "فجمعهم على أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-"، فكان عمر -رضي الله عنه- يمر بهم وهم يصلون "يقول: نعمت البدعة هي"، هذه بدعة حسنة، "نعمت البدعة هي".
والمعنى:
- أن مذهب الخلفاء الراشدين أن ما وافق أصل الشرع وما وضعه المصطفى فهو حسن، يجب أن يستمسك به.
- وما يعرفون معنى للبدعة السيئة إلا ما خالف الشرع المصون وما تناقض مع هدي الأمين المأمون ﷺ .
قال: "والذين يقومون آخر الليل أفضل من الذين يصلونها أول الليل ثم ينامون آخره"، يعني: آخر الليل.
"ولما كان خلافة سيدنا علي -رضي الله عنه- جعل للرجال إماما وللنساء إماما"، وقيل: أن ذاك في عهد سيدنا عمر جمع الرجال على أُبي بن كعب وجمع النساء.
"وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يصلي التراويح فرادى في بيته ويقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة".
قال عامة أهل الفقه:
- إن صلاة النوافل في البيت أفضل إلا لمعتكف في المسجد أو لمن يخشى فوتها عليه أو ما شُرع فيه الجماعة أو صلاة الضحى عند الشافعية فصلاته في المسجد أفضل.
- وما شرع فيه الجماعة فصلاته في المسجد أفضل من صلاته في البيت، من مثل الاستسقاء ومثل العيد ومثل صلاة التراويح ووتر ليالي رمضان؛ ما شُرع فيه الجماعة فصلاته في المسجد أفضل؛ مثل الكسوف والخسوف، ما تشرع فيه الجماعة فصلاته في المسجد أفضل.
"ثم إن عمر -رضي الله عنه- أمر بفعلها ثلاثًا وعشرين ركعة ثلاث منها وتر واستقر الأمر على ذلك في الأمصار، والله أعلم".
" كان الصحابة -رضي الله عنهم- يطولون فيها حتى كان القارئ إذا قرأ بالبقرة" سورة البقرة ووزعها على اثني عشر ركعة يقولون خفف، كأنه اختصر الصلاة، وهو قرأ البقرة كلها في اثني عشرركعة، الباقي ثمانية من العشرين، وكمل البقرة "وقرأ آل عمران، فيقولون خفف الصلاة" الليلة خفيفة الصلاة -رضي الله عنهم- "وكانوا يصلونها في أول زمان عمر -رضي الله عنه- ثلاث عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ بالمئين من الآيات حتى كان الناس يعتمدون على العصي من طول القيام، وكان إمامهم أبي بن كعب وتميم الداري رضي الله عنهما، ثم إن عمر -رضي الله عنه- أمر بفعلها ثلاثًا وعشرين ركعة -وعليه أجمع الصحابة- ثلاث منها وتر -وعشرون تراويح- واستقر الأمر على ذلك في الأمصار" أي: مختلف المدن والقرى والبلدان من عهد سيدنا عمر على ممر القرون.
وهكذا بذلك استقر معتمد الأئمة الأربعة في عدد ركعاتها وكذلك في وقتها وأنه ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فلا تصح إلا بعد فعل العشاء، وهو المعتمد عند الأئمة الأربعة.
في قول عند الحنفية: أن الليل كله في ليالي رمضان ليل تطوع وقت التطوع فيمكن أن يصلي من التراويح ولو قبل صلاة العشاء ، ولكن المعتمد عندهم كغيرهم من الأئمة أنه لا يصح صلاة التراويح إلا بعد فعل العشاء، فإن صلاها قبل ذلك فهي نافلة مطلقة ليست الصلاة المخصوصة بقيام رمضان صلاة التراويح ، فينوي من صلاة التراويح لكونها اشتهرت بذلك، أو ينوي صلاة قيام رمضان لما جاء في الحديث " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا " .
وإن كانت بعد نوم فهي أيضا تهجد، وإن لم يكن نام قبلها فليست بتهجد، وهي من قيام رمضان وهي من صلاة التراويح.
- والقيام لا يشمل الليل كله ولا يختص بفعل العشاء ولا غيرها، كل عمل صالح يعمله الإنسان في الليل فهو من قيام الليل.
- وأما التهجد فما بعد النوم.
- وأما التراويح فمخصوصة برمضان.
- وأما الوتر ففي عموم السنة ووقته أيضا يكون بعد فعل العشاء إلى آخره، ثم إنه أيضا تستمر وقتها إلى طلوع الفجر.
وهل يكره تأخيرها عن نصف الليل؟
- المعتمد عند الأئمه الأربعة: لا يكره.
- في قول عند الحنفية: إنه يكره تأخيرها عن نصف الليل ، وفي كلام سيدنا عمر إشارة إلى تفضيله الصلاة آخر الليل على الصلاة أوله، صلاة التراويح آخر الليل .
وكان عليه العمل في كثير من أقطار المسلمين ويصلون اواخر الليل وفي الأوقات الأخيرة استحب أكثرهم أو سهل عليهم ان يصلوا أول الليلً والأمر واسع، وبقي في مثل البلدة هنا صلاة في أول الليل ووسط الليل وآخر الليل بعد كل وقت تحصل -تجد- المساجد بعضهم يصلون في أول ليل من الساعة الثامنة وبعضهم الساعة التاسعة وبعضهم العاشرة وبعضهم الحادية عشر وبعضهم الثانية عشر، بعضهم الواحدة بعضهم الثانيه إلى أن يخرج آخرهم إلى السحور قبيل الفجر. لا إله إلا الله.
جعلنا الله من أهل الإقبال الصادق عليه والقبول التام لديه ، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، وأصلح شؤننا ما أصلح به شؤون الصالحين، ورقانا أعلى المراتب، علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، ووقانا الأسواء والأدواء وكل بلوى، في السر وفي النجوى، وختم لنا بأكمل الحسنى وهو راض عنا، في خير ولطف وعافية.
بسرِّ الفاتحة
وإلى حضرةِ النَّبي اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه،
الفاتحة
11 مُحرَّم 1446