كشف الغمة 277- كتاب الجنائز (15) فصل في انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  277- كتاب الجنائز (15) فصل في انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له

صباح الإثنين 25 شعبان 1446هـ 

 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها :

  • معنى حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله
  •  انقطاع الخير إذا انقطع حضور الجنائز 
  •  من صلى على مغفور غُفِر له
  •  بماذا ينتفع الميت من غير ما تسبب به؟ 
  •  أعمال يستمر أجرها بعد الموت 
  •  هل يصل ثواب الأعمال الأخرى للميت مثل قراءة القرآن؟ 
  • حصول المغفرة لكثرة المصلين على الميت من خيار القوم 
  •  شفاعة الميت إذا شهدوا له بخير 
  • لا ينبغي تأخير الجنازة 

 

نص الدرس المكتوب :

فصل في انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له 

 

"كان ﷺ يقول: "لا تزال أمتي بخير ومسكة من دينها ما لم يكلوا الجنائز إلى أهلها"، وكان ﷺ يقول: "ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له"، وكان مالك بن هبيرة -رضي الله عنه- يتحرى إذا قلّ أهل الجنازة أن يجعلهم ثلاثة صفوف، وكان ﷺ يقول: "ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه"، وفي رواية: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه"، وفي رواية: "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين بخير إلا قال الله تعالى: قد قبلت علمهم فيه وغفرت له ما لا يعلمون"، وفي رواية: "أيما مسلم شهد له أربعة نفر بخير أدخله الله الجنة، فقال الصحابة -رضي الله عنهم-: وثلاثة قال: وثلاثة، فقالوا: واثنان فقال: واثنان، قال عمر -رضي الله عنه-: ثم لم نسأله الواحد".

ومات رجل كان مشهورًا بالسوء على عهد رسول الله ﷺ فشهد الناس كلهم فيه بالسوء إلا أبا بكر -رضي الله عنه- فقال النبي ﷺ: "إن جبريل -عليه السلام- أخبرني أن الناس صادقون في شهاداتهم ولكن الله تعالى أجاز شهادة أبي بكر -رضي الله عنه-"، وكان ﷺ يقول: "لا تؤخروا الجنازة إذا حضرت"، وتقدم آنفًا أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان ينتظر بالجنازة حضور أم الميت حتى تحضر والله سبحانه وتعالى أعلم".

 

 اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمد لله على نعمة الشريعة وأنوارها المضيئة، وعلى بيانها على لسان حبيبه محمد ﷺ، وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه ذوي الوجاهة الوسيعة، وعلى آله وصحبه ذوي الأقدار الرفيعة، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم يضع الله الميزان ويحكم بين الخلق جميعًا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الذين جعلهم الله لأهل الإنابة إليه والصدق معه الحصون المنيعة، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

وعقد الشيخ -عليه رحمة الله- هذا الفصل "في انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له"،وهذا من الأمر المجمع عليه، وهو المبين تخصيص قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: 39].

أما حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله" إنما يتعلق بعمل الميت نفسه، أنه لا يستطيع أن يضيف كسب حسنات بعد أن يموت هذا معناه، وليس فيه معنى أن الله لا ينفعه بعمل غيره ومنه الصلاة عليه، ولا في انقطاع عمل غيره له، ما في الحديث دلالة على ذلك، ودلالة الحديث على أنه لا يتمكن من أن يضيف حسنات إلى حسناته أو يكسب حسنات ويعمل انقطع عمله، ايش دخل عمل الآخرين؟ انقطع عمله يعني انتهت الفرصة التي منحت له ليعمل الصالحات ويكسب الحسنات، انقطع الأجل؛ وبقي من الأعمال التي باشرها مثل الولد الصالح لأن ولد الرجل من كسبه، ومثل العلم الذي علمه، وهذا عمل عمله بنفسه ولكن أثره مستمر فحسناته مستمرة وثواب هذا الأثر مستمر له من الصدقة الجارية والعلم الذي..؛ هذا عمل له، وهذا العمل له ما ينقطع ثوابه بموته لأن أثره باق، فهو تعلم من تعلم منه، وهو أيضًا انتفاع الناس بالصدقة التي سبِّلها الصدقة الجارية أثرها مستمر وهي عمله، فهذا عمله مستمر عمله نفسه الميت ما هو عمل غيره له.

وأما الذين يريدون أن يفهموا أنه ما يمكن أحد يعمل له؛ فنقول لا تصلون عليه بداية وخلاص، لا تصلوا عليه؛ لأنه انقطع عمله وليش عاد نصلي عليه خلاص هذا عمله ولا عملنا نحن، لماذا تقطعون عملنا نحن أحياء يا قلال العقل نحن أحياء … عملنا لماذا خلوا عملنا مستمر الله يرحمه انتهت الفرصة بالنسبة له ما عاد يستطيع كسب الحسنات هذا معنى الحديث. 

ولا خلاف بين أهل العلم في أن الصلاة على الميت ينتفع بها والدعاء له أيضًا من كل أحد ينتفع به قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ [الحشر: 10].

 

كان ﷺ يقول: "لا تزال أمتي بخير ومسكة من دينها ما لم يكلوا الجنائز إلى أهلها"، يقول أخرجه الحاكم في المستدرك وأخرجه الطبراني في الكبير ويقول الهيثمي رجاله ثقات، بمعنى أنه مادام يهتمون بالحضور للجنائز؛ وإذا مات الميت بينهم تداعى أهل بلده ومن في قريته للقيام بتجهيزه والصلاة عليه والحضور فالأمة على خير، وهي على "مُسكة من دينها" متمسكة بالدين، فأما إذا كان يموت الميت خلوه عند ولده ولا أخوه ولا يروحوا الباقين؛ ما يبالون به؛ انقطعت خيراتهم، انقطع الخير عنهم وصاروا ضعيفي الدين، ديانتهم ضعيفة يخلون الميت على أهله أقاربه "ما لم يكل الجنائز إلى أهلها" مادام يقومون بها كلهم ويهتمون بتجهيز الميت وبحضور الصلاة عليه فهم على مسكة من الدين وهم على خير،

أما إذا تركوها خلاص، كل من مات خلو أولاده يقومون به، الثانين ما لهم دخل فيه؛ وهذا الذي يحصل من بعض أثار ما يسمونه من الحضارات يصلحون عمارات كبيرة وفيها سكان كثيرة، يموت الميت فيهم جيرانه ما هم دارين به في العمارة نفسهم، ما هم دارين ولا أحد منهم يحضر، ولا أحد منهم داري، وهذا مما يستجلب من سوء هذه الحضارات إلى واقع المسلمين، وكان الجيران أولى من غيرهم أن يعلموا بوفاته بل أن يعلموا بمرضه ويعيدوه قبل وفاته، وأن يشاركوا في تجهيزه ويشاركوا في حضور الصلاة عليه وما إلى ذلك، فهذا مظهر من مظاهر الخير الحمد لله لا تزال كثير من بلاد المسلمين أقل من يحضر على الجنازة فوق الأربعين أو فوق المئة والناس يتداعون ويحضرون. لا إله إلا الله.

 

"وكان ﷺ يقول: "ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له"، ففيه انتفاعه بصلاة المصلين عليه كما يأتي أيضًا انتفاعهم هم بالصلاة .

أولًا: كونها عمل صالح من قبلهم 

وثانيا:  تعرضهم للمغفرة 

وإذا كان الميت أيضًا مغفور له فكل من صلى عليه غفر له كذلك "من صلى على مغفور غفر له"، فينفع الله الأحياء بالأموات والأموات بالأحياء، ينفع هذا بذاك كما يشاء سبحانه وتعالى ،وكما جاءت به النصوص فانتفاعه بغير ما تسبب له في حياته.

فأما ما يتعلق بالدعاء والاستغفار فهذا مجمع عليه، كذلك ما عليه الجمهور من الصدقة من الصدقة ونحوها؛ وإنما اختلفوا بعد ذلك في العبادات البدنية المحضة التي لا دخل لها في النفقة؛ أما مثل الحج عنه فنعم، وأما مثل الصدقة عنه فنعم، 

فبقي الصلاة عليه ونحوها هذه التي اختلفوا فيه، ومع ذلك فقد جاءت فيه نصوص، ومنها إن والدي مات فما بقي من برهما قال أن تصلي لهما مع صلاتك، وأن تصوم لهما مع صيامك، فإذن ففي المسألة في الشرع نظر واسع مع اختلاف الأئمة بحسب ما وصلهم من النصوص

أما ما تسبب فيه في حياته فهو من جملة عمله المستمر مثل الثلاثة المذكورة في صحيح مسلم: "صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له"، ومثل ما جاء أيضًا عند ابن ماجة وابن خزيمة وغيرهم: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علمًا علّمه أو نشره أو ولد صالح تركه أو مصحفا ورّثه أو مسجدًا بناه أو بيتًا لابن السبيل بناه أو نهرًا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته" يلحقه من بعد موته، وكذلك من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجره وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" ومستمر مات  ولا ما مات فالأجر يستمر له، وبالعكس "من سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزره و وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" كما في صحيح مسلم أيضًا، فبقي ما تعلق بالدعاء و الإستغفار هذا أيضًا مجمع عليه بين فقهاء الشريعة أنه ينفع الأموات ويصلهم ثوابه، وكان يقول  : "اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد" و يقول "اللهم اغفر لحينا وميتن إلى غير ذلك مما هو معلوم، (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) [الحشر:10]، فلا خلاف في مثل الصلاة على الميت وفي مثل الدعاء له على مدى القرون من بعد.  

لكن ما جعل الأحياء ثوابه للأموات من الأعمال الأخرى مثل الحج والصدقة والصوم اختلف الفقهاء في مشروعية ذلك ووصول الثواب:

  • فيقول أهل السنة: للإنسان يجعل ثواب ما فعله من عبادة لغيره فالعبادات غير البدنية المحضة كالصدقة والدعاء والاستغفار والوقف عن الميت مثلًا وبناء المسجد عنه أو الحج عنه هذه مجمع عليها بين أهل السنة والأئمة الأربعة وغيره.

ولكن إذا كانت عبادة بدنية محضة مثل الصلاة ما تقبل النيابة والحج يقبل النيابة والتلاوة ونحوها: 

  • فيقول له الحنفية والحنابلة: له أن يجعل ثواب عبادته لغيره سواء صحت فيها النيابة أو لم تصح وقالوا: ورد أحاديث صحيحة في الصوم والحج والدعاء والاستغفار وهي عبادات بدنية وقد أوصل الله نفعها إلى الميت فما عداها مثلها من بقية الأعمال.

  • وينقل عن الإمام الشافعي: أنه قال بالصدقة وما لا يقبل النيابة أنه لا يُفعل عن الميت مثل الصلاة عنه وكذلك هذا المذكور في مذهب مالك لكن المتأخرين من الشافعية ثواب القراءة يصل للميت واختاره جماعة من أصحاب الشافعي منهم ابن الصلاح والمحب الطبري وصحاب الخير وعليه عمل الناس 

يقول سيدنا النووي: وما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، مشيرًا إلى أنه من القرون الأولى انتشر بين الناس القراءة على أمواتهم، تلاوة القرآن على أمواتهم، وقد روى ابن مسعود يقول: "ما رآه  المؤمنون حسنًا فهو عند الله حسن" ولم يزل الحال على ذلك في مختلف الأقطار حيث بلغ الإسلام وحيث وصل الإسلام يقرأ الناس على موتاهم إذا ماتوا؛ بل ورد أن الأنصار كانوا يترددون إلى قبور موتاهم يقرأون عندهم القرآن.

 

يقول إذا كانوا "ثلاثة صفوف إلا غفر له"، وكان مالك بن هبيرة -رضي الله عنه- يتحرى إذا قلّ أهل الجنازة أن يجعلهم ثلاثة صفوف"، كم عددهم يصلحهم ثلاثة صفوف فينبغي أن يصطفوا ثلاثة صفوف مهما أمكن ولكن الصف إنما يقوم  بإثنين فأكثر وقال بعضهم: بالواحد فإذا كانوا ستة يصطفون كل إثنين في صف، وهل يحسب صف الإمام أو لا يحسب؟ فيه الخلاف. "ثلاثة صفوف إلا غفر له".  

قال: وكان ﷺ يقول: "ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه"، يكون سبب لمغفرة الله له وجوده هذا، وهذا كله يأتي على الغالب وهو في من مات على حسن الخاتمة؛ وأما من عصفت به ذنوبه وسيئاته وأحاطت به خطيئته فنُزِع منه الموت عند الإسلام فما ينفعه صلاة على الأرض كلهم لو صلوا عليه، ولا ينفعه شيء منهم قال: (فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) [المدثر:48] والعياذ بالله -تبارك وتعالى-. نسأل الله كمال حسن السابقة وكمال حسن الخاتمة عند الموت.

فأما من مات على الإيمان: 

  • فتحصل له الشفاعة من ثلاثة صفوف.

  • تحصل له الشفاعة من أربعين.

  • تحصل له الشفاعة من مئة يصلون عليه.

  • وتحصل له الشفاعة والمغفرة من الله بشهادة نفرٌ له يشهدون أنه من أهل الخير.

وكل ذا من رحمة الله -تعالى- بعباده وجوده وهو أعلم بعباده، ولا يحتاج ثناء أحد ولا ذم أحد، هو أعلم بهم وبالمثنيين والمثنى عليه هو أعلم بهم كلهم من أنفسهم؛ ولكن هكذا كانت سنته رحمة منه بخلقه وعباده -جل جلاله وتعالى في علاه-.

 

وفي رواية: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه"، "وفي رواية: "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين بخير -الأقربين من جيرانه لأنهم أعرف بحاله وأعرف بمعاملته وكل القريبين من جيرانه كلامهم يقبل فيه فإن شهدوا له بخير- إلا قال الله تعالى: قد قبلت علمهم فيه وغفرت له ما لا يعلمون"، و في بعض الألفاظ: "قبلت شهادتكم فيه وغفرت له ما لا تعلمونه مما أعلمه أنا"  أنا داري به ولكن يقبل الشهادة فسبحانه -عز وجل-. هذا كان في بعض قرى اليمن ومات فيهم رجل وما كان يوصف بالخيرات فقام واحد يريد يتعرض أن الله يغفر له، قال: اشهدوا له بالخير يا جماعة فانقسموا أهل القرية قسمين، قسم قالوا: ايش خير من أيش هذا فعله وتركه، والثانين قالوا: نشهد له بالخير، فلما في الليل بعض صلحائهم  رءآه قال: ها كيف حالك؟ قال: نفعنا الجدال حقكم فوق القبر، قال: ايش؟ قال: انقسمتوا علي أحد يقول كذا وأحد يقول كذا فربي قبل شهادة الذين شهدوا لي بالخير وغفر لي  وعفا عني، قال: الذين شهدوا لي بالخير منهم عدد قبلهم الله وغفر لي، لا إله إلا الله. وفي الحديث الصحيح: "يقول وجبت وجبت" من أثنوا عليه بالخير ومن أثنوا عليه بالشر، وأن متعلق ذلك بخيار القوم فهذا معلوم ولهم معاني لأنهم هم شهداء الله في خلقه، والعبرة بهم خيار أهل البلد وصلح أهل البلد إذا أثنوا عليه، ولكن أيضًا مع ذلك فإن أرباب الرقي في الصلاح يشهد لهم البر والفاجر؛ حتى أعدائهم يشهدون لهم والكل يشهدون لهم بالخير، لا إله إلا الله ويحمدهم البر والفاجر حتى اللي كانوا يتكلمون عليهم ويعادونهم في الدنيا عند الموت يقولون: هذا خيّر هذا إنسان طيب كان إنسان صالح، -فسبحان الله-  لا إله إلا الله، ومع ذلك فتقبل الشهادة في الحديث عندك  يقول:"أيما مسلم شهد له أربعة نفر بخير أدخله الله الجنة، فقال الصحابة -رضي الله عنهم-: وثلاثة قال: وثلاثة، فقالوا: واثنان فقال: واثنان، قال عمر -رضي الله عنه-: ثم لم نسأله الواحد" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهو مسند أحمد بهذا اللفظ وأصله في البخاري.

 قال: "ومات رجل كان مشهورًا بالسوء على عهد رسول الله ﷺ فشهد الناس كلهم فيه بالسوء إلا أبا بكر -رضي الله عنه- فقال النبي ﷺ: "إن جبريل -عليه السلام- أخبرني أن الناس صادقون في شهاداتهم -عليه يعني بالشر- ولكن الله تعالى أجاز شهادة أبي بكر -رضي الله عنه-"، وكان ﷺ يقول: "لا تؤخروا الجنازة إذا حضرت"، وكان ينتظر بالجنازة أم الميت سيدنا عمر -رضي الله عنه- إذا كانت غايبة حتى تصل وتأتي؛ ففي انتظار أحد من القرابة أو انتظار جمع وما عدا ذلك فلا ينبغي تأخير الميت، بل إما إلى خير نقدمه إليه أو شر نضعه عن رقابنا كما جاء في الحديث.

 

رزقنا الله بركة العمر، وحسن الخاتمة عند الموت، وأطال عمرنا في طاعة الله في عافية وغفر لمن مات من أهالينا وقراباتنا ومن ذوي الحقوق علينا، ومن المؤمنين والمؤمنات ومن المسلمين والمسلمات، وبارك لنا في خاتمة شعبان وبلغنا رمضان جميعه واجعلنا من خواص أهله الفائزين بالحظ الوافي من كل يوم ومن كل ليلة ومن كل ساعة من ساعاته، والذين يعظم و يتضاعف لهم الحظ من ليلة القدر فيه ويجعلنا الله -سبحانه وتعالى- من خواص من يقومه إيمانًا واحتسابًا ويصومه إيمانًا واحتسابًا، ويُقبل بأتم القبول وأحسنه.

 

 

بسر الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم

الفاتحة 

تاريخ النشر الهجري

27 شَعبان 1446

تاريخ النشر الميلادي

25 فبراير 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام