كشف الغمة -11- باب ما جاء في نشر العلم والدلالة على الخير

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: باب ما جاء في نشر العلم والدلالة على الخير

الإثنين 25 شوال 1444هـ

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

- ما هو الجود في هذه الأمة؟

- تسهيل الله لنشر العلم بمختلف الوسائل

- نيل الأجر أو الإثم فيما يورث

- كيف تزيد الصدقة القليلة على الكثير؟

- ما هي أفضل الصدقات؟

- من الذي يبعث يوم القيامة أمة وحده؟

- وصول العلم لأهل المهن بسبب صدق وإخلاص العالم

- انشغال المجالس بالأخبار، وأحوال مجالس السابقين

- خطورة كتمان العلم

- الذي يسخر القرآن لمراداته وأفكاره

- نقل ما يروى عن بني إسرائيل

- إظهار العلم إذا لعن آخر هذه الأمة أولها

- نزول الآفات والمصائب لمن أهمل التعليم والتواصي بالحق

- ما هي خيانة العلم؟

نص الدرس مكتوب:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبسندكم المتصل إلى الإمام أبي المواهب سيدي عبدالوهاب الشعراني في كتابه: (كشف الغمة عن جميع الأمة)، إلى أن قال رضي الله تعالى عنه وعنكم ونفعنا بعلومه وعلومكم وعلوم سائر الصالحين في الدارين آمين..

باب ما جاء في نشر العلم والدلالة على الخير

كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول: " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ،ورثه أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من في صحته وحياته تلحقه من ماله بعد موته" 

وفي رواية: "خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلم يعمل به من بعده ".

وكان يقول :" ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر".  

وكان يقول: "نعم المطية كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلمها إياه" 

وكان ﷺ يقول : "ألا أخبركم عن الأجود الأجود الله الأجود الأجود، وأنا أجود ولد آدم، وأجودكم من بعدي رجل علم علماً فنشر علمه يبعث يوم  القيامة أمة وحده، ورجل جاد بنفسه لله عز وجل حتى يقتل"

وكان ﷺ يقول : " ما من رجل ينعش لسانه حقاً حتى يعمل به بعده إلا جرى له أجره إلى يوم القيامة ثم وفاه الله ثوابه" ، ومعنى ينعش يقول ويذكر .

وكان ﷺ يقول: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" . أو قال . عامله .

وفي رواية: «الدال على الخير كفاعله وإن الله عز وجل يحب إغاثة اللهفان» . 

وقال علي رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى: ﴿ قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا" [التحريم: ٦]، قال: علموا أهليكم الخير .

وكان ﷺ يقول: " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار"، وفي رواية: " ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه إلا أتى به يوم القيامة ملجوماً بلجام من نار »

وفي رواية:" من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نار ومن قال في القرآن بغير ما يعلم جاء يوم القيامة ملجماً  بلجام من نار" .  

وفي رواية : "من كتم علماً مما ينفع الله به الناس في أمر الدين الجمه الله يوم القيامة بلجام من نار".

وكان كعب الأحبار رضي الله عنه يقول :" أنف داود عليه السلام من تعليم بعض عصاة بني إسرائيل فأوحى الله تعالى إليه : يا داود أنفت من تعليم هؤلاء فما ثمرة إرسالك، فإن المستقيم لا يحتاج لك والمعوج لم تعلمه ؟ فقال : يا رب عفوك ، فكان بعد ذلك يدور عليهم ويعلمهم في بيوتهم "

وكان ﷺ يقول : "إذا لعن آخر هذه الأمة أولها وكتموا حديثاً بلغهم عني فقد كتموا ما أنزل الله"

وكان ﷺ يقول : "مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز ثم لا ينفق منه ".

وكان علقمة بن سعيد رضي الله عنه يقول : " خطب رسول الله ﷺ ذات يوم فأثنى على طوائف من المسلمين خيراً، ثم قال : ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم، ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم. وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يفقهون ولا يتعظون، والله ليعلمن أقوام رانهم ويفقهونهم  ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا، ثم قرأ قوله تبارك وتعالى: (لُعِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ * كَانُوا۟ لَا یَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرࣲ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ  ﴾ [المائدة: ۷۸ - ۷۹] ، ثم نزل .

وكان ﷺ يقول : " تناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله عز وجل سائلكم ".

الحمد لله مكرمنا بالشريعة والدين والبيان على لسان عبده ونبيه وحبيبه الأمين سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 ويذكر الشيخ الشعراني عليه رحمة الله تبارك وتعالى في هذا الباب بعض ما جاء في نشر العلم والدلالة على الخير وهي البضاعة الغالية التي يُرتقى بها إلى الدرجات العالية وتُسهم في حفظ الدين وفي حياة الدين، وفي قيامه بين الخلق وهو الأمر العظيم الذي أشار الله تعالى في قرآنه إلى أهله بالفلاح في قوله (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[ 104-آل عمران].

وحذَّرَ مما ينازل الأمة من انحراف وتباعد (لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) فالقيام بنشر العلم والدلالة على الخير من حدوّ الإنسان لنفسه وتذكير إياها ومعاتبته إياها على تقصيرها وترغيبها فيما يقربها إلى الرّب؛ وفيما يرفع درجتها عنده؛ ومن تعليم أولاده وأهل بيته وتعويدهم على أنواع الخير، وحثهم على عمارة العمر والوقت وعلى عمل السنن في مآكلهم ومشاربهم ومطاعمهم، وعلى تطبيق حكم الله وشريعته وسط الدار؛ فتكون دار كل واحد من المؤمنين مركز لتطبيق شرع الله ولتطبيق أحكام الله وللعمل بمنهج الله جل جلاله، ثم تعليم الأقارب والجيران والأصدقاء والأصحاب ليكون ذلك أيضا ديدن المؤمن كلما جلس مع من يجالسهم أو يصاحبهم ولو ساعة من ليل ونهار في مشي في طريقه أو في ركوب سيارة أو طيارة إلى غير ذلك؛ يحمل معه إرادة نشر الخير؛ وإرادة تعليم العباد ما يرضي عنهم الرب جل جلاله وتعالى في علاه، هذا شأن الأمة الذين يدعون إلى الخير وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون،وهذا هو الجود في هذه الأمة. ومن أجود هذه الأمة كما نسمع في الحديث "من علم علما فنشره" من أجود الناس بعد هذه الأمة في هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يقول كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مما يلحق المؤمن" أي يناله ويصل إليه "من عمله وحسناته بعد موته علمًا علِمَهً ونشره" فيبقى أجره مستمرًا له ما انتفع بذلك العلم الذي نشره من بعده، وهذا أيضًا من شأنه أن ينمو ويتكاثر؛ ففيه نوع من التنمية البديعة الرفيعة بأن يعلم الذي علمته غيره فيكون لك مثل أجورهم، ثم غيره يعلِّمُ ما تعلَّمَ لآخرين، وجيلًا بعد جيل والثواب يستمر للمعلم الأول، وهكذا. وبذلك تعلم أنه ما من لحظة ولا نفس إلا رُفِعَ في ديوان سيدنا رسول الله من الطاعات والعبادات ما تعمله الأمة في المشارق والمغارب مضاعفًا للذين علَّموهم لهم مثله، والذين علَّموا من علَّموهُم لهم مثل الإثنين، والذي علَّموا من علَّموهُم لهم مثل الثلاثة، مضاعفة فتصل إلى صحيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مضاعفات كبيرة على تسبيحة كل مسلم، وصدقة كل مسلم في شرق الأرض أو غربها؛ عربًا وعجمًا صغارًا وكبارًا فكم يرتقي -صلى الله عليه وسلم- في كل لمحة وفي كل نفس في الدرجات صلوات ربي وسلامه عليه.

وبهذا إذًا يعرف فضل الأولين والمتقدمين على من يأتي بعدهم لأنه تندرج أعمالهم في صحائف من كان قبلهم يقول: "علمًا علمه ونشره" وقد علم الله ضعفنا في آخر الزمان فيسر وسهل وعدد أسباب النشر لنا، فمن السهل أن ينتشر الكلام الطيب والخير إذا أردت نشره بمختلف الوسائل المتاحة لنا في عصرنا وزماننا من فضل الله تبارك وتعالى علينا، ولذلك يكون نشر السوء فيها نشر الغفلة؟ ونشر الضر فيها كفران لنعمة الله في ما يسَّر من هذه الوسائل؛ وسببًا أيضًا والعياذ بالله لتنمية الشر والسيئات والعقوبة على الذي ينشر الشر، والذي يقول الكلمة الكذبة فتحمل عنه في الآفاق والعياذ بالله -تبارك وتعالى- يشتد عذابه يوم القيامة، وهكذا عبَّر "يكذب الكذبة فتحمل عنه في الآفاق" وكل ما حدث من الوسائل ذكره خاتم الرسائل وأشار إليه ﷺ.

يقول: "وولدًا صالحًا تركه" فإنه تسبب في وجود ذلك الولد، ثم تسبب في صلاحه من خلال معونته وتعليمه وتذكيره تربيته؛ فيصيرعمل الولد واصلًا ثوابُه مثل ثوابِه إلى أبيه وإلى أمه "وولدًا صالحًا تركه" فأقل درجات الصلاح بالإسلام مسلم، فهذا أقل درجات الصلاح، فما يعمل من خير يصير إلى والديه مثله "وولدًا صالحًا تركه" وفيه التعرض لبقاء الأجر بسبب الأولاد فيكون ذلك من نية المتزوج من المؤمنين حين يتزوج.

و مصحفًا ورثّه" وفي هذا إشارة إلى أن ما يورثه الإنسان؛ ففيما يستعمل ذلك الإرث ينال صاحبه منه نصيب، إن خيرًا وإن شر، هذا ورث مصحف وهذا ورث مزمار؛ جاءوا من بعده يستعملونه ليبيعونه وهذا ورثه وكلهم ورثوا، هذا له مثل الأجر من قرأ في المصحف، وهذا عليه إثم من زمر بالمزمار، لأن هذا التركة حقُّه خلَّف هذا (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) [يس 12] اللي قدمه من حياته من عمله والآثار اللي خلفها من بعده مكتوبة له؛ فلا تورث إلا ما ينفعك وهكذا.

وكذلك إذا عوَّدَ أولاده استعمال شيء من الأجهزة في السوء؛ ثم خلَّف الجهاز ودخل للقبر؛ سيستعملونه من بعدك في السوء لأنك عودتهم عليه وما زجرتهم عن ذلك؛ وسيكون لك مثل آثامهم عليك والعياذ بالله تبارك وتعالى من بعدك، فانظر ماذا تورث، فأشار إلى المصحف؛ مثله كتب العلم؛ مثلُه ما ورَّث من أسوكة؛ مثله ما ورث من سجادة يصلى عليها؛ كل ما يستعمل في الخير من بعده إذا ورثه فإنه يتعرض أن ينال ثواب ما عمل في ذلك الإرث الذي تركه.

 قال: "أو مسجداً بناه" في الصدقات الجارية، وفيه ثواب ما يوقف من الخير "أو بيتاً لابن السبيل بناه" فيأوي إليه الغريب فينزل المسافر أو المار بذلك البلد في ذلك البيت الغرفة اللي بناها لابن السبيل؛ فيصادف أن ينزل فيه من عموم المؤمنين من يؤجر عليهم ومن خواصهم من يعظم أجره عند الله، ينزل شديد الحاجة فيعظم أجره، ينزل مقرَّب وصدِّيق وذو معرفة بالله تعالى، فينزل في ذاك البيت ابن السبيل فيحصل الذي وقّّف في هذا البيت أمر جليل من الله تعالى وثواب جزيل من الله تبارك وتعالى، وهكذا. 

 وكان الملك الحبوذي عليه الرحمة لله من ملوك ظفار وكان جاء إلى هنا وتصدق، كان رجل يحب الصدق و ثري، فتصدق في ليلة بصدقات كثيرة في الحرم المكي، ونازل باله من النفس وهو يطوف أنه ما أظن أحدًا على ظهر الأرض تصدق الليلة بمثل هذه الصدقات التي وفقني الله لها، فأراد الله أن ينبهه؛ فيسمع هاتف فوقه يقول له: بلى فلان بن فلان في بلد الهجرين تصدق الليلة بصدقة هي أعظم عند الله من صدقاتك هذه كلها، فحفظ الإسم فلان بن فلان باكزبور، فبقي بعد أن أكمل حجته وخرج إلى حضرموت وجاء إلى الهجرين، وقال لهم أين با كزبور؟ قالوا: با كزبور بالسكان واحد فقير، قال: أريد أبيت عنده هذه الليلة، فرَّحب به، وظل عنده جاء القرص حقه حق الخبز قسمه ، له بينه وبينه وأعطاه إياه، جلس يتكلم ويتحدث معه يقول له الصدقة التي تصدقت بها ليلة كذا وكذا، أريدك تهب لي ثوابها بما شئت، بأعطيك ما تريد أنا، ضحك الشيخ وقال له: لا والهاتف الذي سمعته فوق الكعبة ذاك الليلة أنا أيضاً سمعته، ولا أبيعه، قال: ها ! قال: ولا أبيعك ثواب الصدقة، قال له: بماذا تصدقت، قال: شوف كما هذا الذي أعطيتك الخبز فقط، وَرَد ذاك الليلة غريب ما يؤبه له، ولا أحد انتبه منه، وأخذته إلى بيتي وأعطيته هذا، مثل هذا، فوقع عند الله بمكان، وأنت ابني لك أماكن للغرباء مادامك مقتدر، ابني دار في البلدان، ليلة بيصل كما الذي وصل عندي وبيعطيك ربك كما الذي أعطانا، عرض عليه فلوس رفض أن يأخذ منه أي شي، وضع دراهم له تحت الحصير حقه؛ لما خرج ثاني يوم سافر؛ جاء ينظف المكان حصل الدراهم عرف أنه هو  طرحها له هذا الرجل فبنى بها مسجد في الهجرين، معروف مسجد با كزبور في الهجرين، فتضاعفت صدقة هذا الرجل في تلك الليلة، نصف قرص أعطاه واحد فقير لكنه غريب محتاج ما أحد منتبه منه فوقعت عند الله بمكان زادت على صدقات في الحرم المكي! مع أن الصدقة في الحرم بمئة ألف، كل درهم بمئة ألف درهم، زادت هذه الكسرة التي وقعت في بطن هذا الجائع صاحب المقام الرافع عند الله تبارك وتعالى؛ فزادت على ذاك كله، فتتخيل بهذا ما ثواب الذين أدخلوا السرورعلى قلب رسول الله وما قدموه إليه… ماذا يكون ثوابهم ومنزلتهم  عند الله؟! فلما وضع سيدنا عثمان ثمانين ألف؛ قلبها بيده قال: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ﷺ، فما أسعد الأنصار والمهاجرين به بما يدخلون من السرور عليه ومن نصرته ومن خدمته ومن القيام معه وهكذا.

يقول: "أو بيتاً لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه" تسبب فيه إجراء نهراً في شيء من البلدان لمنفعة الناس "أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته" إذا كان يبقى أثرها، وفي رواية "خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلمٌ يُعمَلُ به من بعده" وهو أيضاً متعلق بمعنى الحديث الذي في صحيح مسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينفع به أو ولد صالح يدعو له" وكان يقول: "ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر" ، علم يُنْشَر أفضل الصدقات نشر العلم النافع ولما رأي بعض الفقهاء والصالحين بعد موته ما فعل الله بك قال غفر لي بتنبيهي على مسألة في الاستنجاء وقلت إن من يستنجي من الغائط ينبغي أن يسترخي حتى يستوعب استخراج جميع النجاسة ولا يبقى شيء عليه، قال: فلما نبهت بهذه المسألة غفر الله لي، وهذا تنبيه فصحت صلاة الناس ممن انتبهوا لكلامي فغفر الله لي بهذه المسألة. لا إله إلا الله 

"ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر" ولذا تعلم غَبْن الذي إذا قيل له علم أو ذكر علم أو محاضرة قال: بكم تعطوني؟ كم ؟ ما أغبنه! كم يفوته من الخير الكبير الدائم الباقي العظيم، فلو أعطوه الدنيا من طرفها إلى طرفها ما يساوي شيء مما يفقده من الثواب على نشر هذا العلم. لا إله إلا الله. فلما كان التصدق بالعلم أفضل الصدقات، فالبخل بالعلم أشد أنواع البخل، ولهذا يلجم أصحابه بلجام من نار، الذين يكتمون العلم الذي يحتاجه الناس من علم الدين والشريعة.

 وكان يقول "نعم المطية" وفي لفظ الهدية "كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلمها إياه". وقد كانت هكذا بيوت المسلمين شغالة، ففي عهده ﷺ كلما رجع صحابي إلى بيته تقول زوجته ما قال رسول الله؟ ما فعل رسول الله؟ ماذا أُنزل على رسول الله؟ وكانوا يتبادلون القيام بالأعمال التي يحتاجونها؛ فيشتغل أحدهم في اليوم وصاحبه يتفرغ للجلوس مع رسول الله ﷺ لترقب أحواله في ذاك اليوم وما ينزل عليه ما يعلمه، فإذا كان المساء يرجع إلى أخيه يقول اليوم قال: كذا وفعل كذا ونزل عليه كذا، في اليوم الثاني ذاك يروح إلى العمل والثاني يلازم النبي وهكذا يتناوبون بينهم البين.

وهكذا كانت تحنُّ البيوت بنقل هذا الخير والعلم وسماعه؛ وتنتقل من المساجد ومجالس العلم إلى الديار والمنازل وتتنور بها، وهكذا. "نعم مطية" أو العطية عندكم عندك ماذا..؟ جاء لفظ المطية يعني مركوب يركبه لارتقاء الدرجات معناه، وإن كان العطية أيضًا فصحيحه، وجاء في لفظ "الهدية" في رواية "نعم الهدية كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخيك فنعم هدية ونعم العطية وهي لك مطية ترقى بها"

 وكان ﷺ يقول "ألا أخبركم عن الأجود" من الأجود؟ "قال الأجود الأجود الله" الله الأجود الأجود الله أكبر ونعم الكريم الجواد "وأنا أجود ولد آدم وأجودكم من بعدي رجل علم علمًا فنشر علمه يبعث يوم القيامة أمة وحده". فرد يُبعَث أمة، ومعناه: يلحق به من استفاد به ومن تعلم منه، ومن كان في درجته، ومن كان دونه فيرفع، ومن كان فوقه فيرفع هو إلى درجتهم، فيصيرون أمة يحشرون في القيامة، وهو وحده كأنه أمة كاملة ويلحق به هؤلاء، ولهذا لما سمع بعض أهل العلم جمّال في عدن، حمّال يحمل على جملِه الحمول للناس ويتكلم مع واحد في مسألة في الفقه، ويرد عليه ويقول: لا حكمها كذا كذا، لفت نظره كلامه، جاء إلى عنده، قال: ما بكم؟ قال: أنا أقول في المسألة الفلانية كذا كذا، قال: هذا يقول كذا، قلت له: أنا الجمال وأنا سألت عنها شيخي عبد الله الشاطري في تريم قال لي كذا كذا، قال: ها، وحصَّل الصواب معه هذا، قال: الآن هذا علمه وصل للحمالين حق عدن هناك! وصل إلى هنا! أرجو أن يبعث يوم القيامة أمة وحدة، حتى وصل لأهل المهن المختلفة في الأماكن بسبب الصدق والإخلاص في نشره كان.

يقول: كنت أسأل الله أن ينشر علمي في الشرق والغرب، قال بعدين وهو في مكة يدعو الله عند الملتزم بهذا، بعدين وهو يتفكر ويقول: ما الذي بيوصلنا للشرق ؟! ما الذي  بيوصلنا للمغرب؟!  قال: يسر الله لي هذا الرباط وجاؤوا ناس من الشرق وجاؤوا ناس من الغرب؛ وأخذوا هذا العلم ونشروه، لا إله إلا الله. 

وهكذا قال: سيدنا شهاب الدين يعرض علم سيدنا عبد الرحمن بن علي أحيا به الله علم الدين فأصبح العلم منطوقا بكل فم، صار الرجال والنساء والصغار يتكلمون بالعلم وسط البلاد من أثر هذا الإنسان بينهم، فكان حديثهم في العلم، وكلامهم في العلم، ويقولون المسألة الفلانية حكمها هكذا، والمسألة الفلانية حكمها هكذا، وبذلك تعرف فضل الشغل بما أوحى الله وبما أنزل على أنبيائه؛ وتعرف الخديعة التي خدعونا بها شغلونا بكِلٌمانُهم-الكلام الفارغ- بأخبارهم "، تريد رياضيًا، تريد اقتصاديًا، تريد اجتماعيًا، تريد سياسيًا، أخبار.. أخبار.. أخبار.. ولا فيها دلالة على الله، ولا وصول إلى الله، ولا حكم من أحكام الله، وقضوا على الأعمار والأفكار، انقضى العمر ووصل الإنسان إلى ربه حصل الكيس خالي حقه، ما معه زاد سواء، ضيّع عمره كله في تتبع كلام هؤلاء، ولو كان يعمر مجلسه بمثل هذا الخير.. هكذا يُعهدون إن اجتمعوا في مناسبة وفاة؛ وإن اجتمعوا في مناسبة زواج؛ وإن اجتمعوا في مناسبة ولادة؛ وإن اجتمعوا في مناسبة دخول بيت؛ وإن اجتمعوا.. مجلسهم معمور بين الذكر والإنشاد والإرشاد والتذاكر في الخير ما يعرفون إلا هذا.. كان يقول الحبيب عبدالقادر السقاف: نأتي لعند الحبيب محمد بن هادي السقاف، أول ما نصل السلام عليكم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ما شاء الله درسكم أين وصلتم في الكتاب الفلاني؟ ما هو باب؟ ما قرأتم أمس؟ كيف مرت عليكم المسألة الفلانية؟ كلامه هكذا من أول الجلسة لآخرها علم وذكر ولا يتخبَّر عن شيء ثاني، ولا يسأل عن شيء من الأمور العادية لما يترتب عليها أمر دين أبداً.

وهكذا قَالَ الحبيب عَبْدُ اللهِ بِنَ حُسَيْنِ بِالْفَقِيِّه:

وَفَاتَنِي مِّنْ خِيَارِ النَّاسِ كَمْ رَجُلٍ 

مَا فَارَقَتْ الذِكْرَ طُولَ الْعُمْرِ وَالْكُتُب

 ذكر وكتب، عبادة وعلم، علم وعبادة، طول العمر ما فارق الذكر طول العمر والكتب، بعضهم يذهبون أيام الزيارة زيارة النبي هود على أرجلهم يمشون يتدارسون القرآن، وحفاظ هم،  في الطريق يمشي مقرأ بمقرأ، ويختمون ختمات قبل ما يصلون للشعب، خلال يومين في الطريق يمشون وقد ختموا ختمتين ثلاث أربع ختمات، وهم في الطريق يقرون هذا يقرأ مقرأ، هذا يقرأ مقرأ. لا إله إلا الله.

قال "وأنا أجود بني آدم وأجودكم من بعدي رجل علم علمًا فنشر علمي يبعث يوم القيامة أمة وحده ورجل جاد بنفسه لله عز وجل فيقتل في سبيل الله". فهؤلاء أجود الأمة من بعد نبيها؛ آخذي العلوم بالإخلاص والصدق والتواضع وناشريها في الناس والعباد والآفاق، والمقدمين لأنفسهم لتكون كلمة الله هي العليا، يجودون بأرواحهم.، هؤلاء أجود الناس. لا إله إلا الله.

وبعدهم كما جاء في الروايات وأحاديث أُخَرْ من بعد هؤلاء. هذا المجاهد وهذا العالم ينشر العلم، وبعده رجل معتزبٌ معتزلٌ في شعب من الشعاب، يعبد الله ويدع الناس من شره، هذا أجود بعدهم، أما الذي لا هو عالم يعلم خلق الله، ولا هو مجاهد في سبيل الله، وجالس بين الناس يغتاب ذا ويأذي ذا ويضر ذا؛ خرج من دائرة الخير كلها، لا من ذا، ولا من ذا، ولا من ذا، كان اعتزل واقعد واسكت، كُفْ شرك عن الناس. أقل ما يكون، لا هو معلم الخير، ولا هو مجاهد في سبيل الله، ولا سلم منه صغير ولا كبير، ويفتن بين خلق الله ويأذي ذا، ويتكلم على ذا، ويسب ذا ويطلع ذا وينزل ذا! من أين جئت أنت؟! ما هذه التربية؟ ما هذا المسلك؟! هذا مسلك هلاك مؤبد- والعياذ بالله-، هذا مسلك خسران والعياذ بالله تبارك وتعالى. 

وقال في الرواية الأخرى في خير الناس من بعده، "يأتي من بعده رجل ممسك بعنان فرسه يجاهد في سبيل الله" يندفع من معركة إلى معركة. "ورجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره". ما يضر أحد ولا يؤذي أحد. وهذا جاء لا هو عالم ولا مجاهد؛ ويسب العلماء؛ ويسب المجاهدين، بسم الله الرحمن الرحيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، المجاهدين يتكلم عليهم والعلماء يتكلم عليهم، ما الذي معك؟ وبضاعتك في الحياة هذه الدنيا، وما مهمتك في الحياة؟ هذا من أخطر خلق الله وأبعدهم عن الله جل جلاله. من أخطرهم عاقبة.

يقول كان يقول "ما من رجل ينعش لسانه حقا". يعني يحيي ويظهر ويذكر فيذكر فيظهِر ويروج بين الناس  لسانه حقا، يروج للحق "ويعمل به من بعده إلا جرى له أجره إلى يوم القيامة ثم وفاه الله ثوابه". فينعش اللسان: يقول ويذكر، فينتشر هذا الخير ويحيى ويذكر بين الناس ويعمل به، أنعش لسانه حقًا يُعمَل به من بعده. 

قال يقول "من دل على خير فله مثل أجر فاعله " أو قال "مثل أجر عامله".

وفي رواية: "فالدال على الخير فله مثل أجر فاعله وإن الله عز وجل يحب إغاثة اللهفان"  قال علي رضي الله عنه في قوله تعالى (قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارࣰا) [التحريم:6] قال: علموا أهليكم الخير هذه الوقاية للنار، تعلمه الخير فيعمل به يترك المعاصي خلاص وقيته النار، وإلا تأتي با تصلح، تأتي بشيء حاجة تستره من النار بها كيف بتعمل به؟  تعلمه الخير يرغب فيه ويبعد عن الشر صلحت له وقاية من النار (قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارࣰا).

كان يقول "من سئل عن علم فكتمه" أي من العلوم التي يحتاج إليها الناس ينتفعون بها وخصوصًا في أمر دينهم، "فكتمه لُجِمَ يوم القيامة بلجامٍ من من نار" نعوذ بالله، يحرقه وما حرقه.. يرجع له.. ولا يزال هكذا طول القيامة اللجام في فمه نار.. كلما حرقت رجع تحرق لسانه وتحرق شفتيه تحرق حنكه ويرجع، وتحرقه ويرجع باللجام هذا؛ لأنه ما رضي يتكلم بالحق وكتم علم يحتاج الناس إليه في دينهم، "ويقول ما من رجل يحفظ علمًا فيكتمه.." يعني والناس يحتاجون إليه في دينهم "إلا أوتي به يوم القيامة ملجومًا بلجامٍ من نار" "فمن سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجومًا بلجامٍ من من نار"، "ومن قال في القرآن بغير ما يعلم جاء يوم القيامة ملجمًا بلجامٍ من نار" فقل لهؤلاء الذين أوحت إليهم شياطينهم أن يسخروا القرآن لمراداتهم وأفكارهم ، "يقول: من قال في القرآن بغير ما يعلم جاء يوم القيامة ملجمًا بلجامٍ من من نار". كما جاء في اللفظ الآخر "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" نعوذ بالله تعالى.

 وأما ما نقل عن كعب الأحبار الإعتبار بأنه ما يصح لكونه يروي عن أخبار بني إسرائيل، وكلامهم كثير عن الأنبياء غير لائق من جملة خزعبلاتهم ، واسمه.. وافتراءاتهم على أنبيائهم .

"ويقول أن أَنِفَ سيدنا داود عليه السلام من تعليم بعض عصاة بني إسرائيل.." هذا بعيد عن الأنبياء "فأوحى الله له يا داود أنفت من تعليم هؤلاء فما ثمرة رسالتك فإن المستقيم لا يحتاج لك والمعوج لم تعلمه قال يا ربي عفوك " فكان بعد ذلك يدور عليهم يعلمهم في بيوتهم، كان يقول "إذا لعن آخر وهذه الأمة أولها وكتموا حديثا بلغهم عني فقد كتموا ما أنزل الله" والعقاب معروف في قوله (إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡتُمُونَ مَاۤ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَیَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَیَلۡعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ) [البقرة:159] 

وفي لفظٍ "إذا سب أصحابي فمن كان عنده علم فليظهره فكاتم العلم يومئذٍ ككاتم ما أنزل على مُحمَّد" وفي لفظٍ "إذا ظهرت البدع ولعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن من كتم يومئذٍ علما فقد كتم ما أنزل الله على مُحمَّد" اللهم صل وسلم عليه وعلى آله. "مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه" ما الفائدة؟ حساب عليه بس يحاسب عليه ولا انتفع به لا هو ولا غيره، يكنز الكنز ولا ينفق منه. قال سيدنا علي: المال تنقِصُهُ النفقة والعلم يزداد بالإنفاق، وهذا حتى لا يحرص أحد من طلبة العلم على إفادة صحابه وإرشاده إلى مظان الفائدة إلا كثر علمه واتسع وبورك له فيه، ولا يبخل أحد على إخوانه الفائدة إلا ضاق عليهم نطاق العلم، وقل حظه من حقائق العلم؛ لأن الجزاء من جنس العمل.

"كان علقمة بن سعيد رضي الله عنه يقول خطب رسول الله فأثنى على طوائف من المسلمين خيرا. ثم قال ما بال أقوامٍ لا يفقهون جيرانهم ، ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم؟ وما بال.." يعني: يكون في أمتي ناس متجاورين ويعيشون مع بعض وينسون التواصي بالحق والصبر وإقامة حلقات التعليم، كلامهم وشأنهم في مصالح دنياهم وبس، ويتركون من انحرف منهم؛ ومن شذ منهم؛ ومن عصى منهم من كبارهم ومن أولادهم ولا أحد يكلم الثاني، النبي أنكر هذا الحال في أمته وحذرهم منه، وقال لا ينبغي أن يكونوا هكذا لا يعلمون جيرانهم.. "ما بال أقوام من لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون؟" هم عندهم جهل وعندهم ضعف ولا يتعلمون؟ جيرانهم  يعلمونهم ومستعدين لكن ما يسألون، ولا يهمهم أمر الدين "لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون وَاللَّهَ لَيُعَلِّمَنَّ أَقْوَامٌ جيرانهم ويفَقهونهم ويعظونهم وَيَأْمُرُنَهُمْ وينهونهم وَلَيَتَعَلَّمَنَّ.." يعني هؤلاء من كان جاهل، "لَيَتَعَلَّمَنَّ قَوْمٌ مِنْ جِيرانهم وَيَتَفَقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا" والعياذ بالله تبارك وتعالى.

 وتنزل عليهم مصائب وآفات بسبب إهمالهم لأمر الدين، أنت جاهل  وعندك جيران عندهم فقه وعندهم علم ما تستفيد منهم، ما تسألهم، ما تحضر مجالسهم؛ إلا أنت عالم وعندك علم دين وجيران، وعندك محتاجين لا تعلمهم ولا ترشدهم ولا تفقهم ولا تحثهم على الخير ولا تعقد لهم مجلس "وقرأ قوله تعالى (لُعِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ﴿ ٧٨ ﴾ كَانُوا۟ لَا یَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرࣲ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ) [المائدة:78-79]"

 ربنا ذم هذا الحال والمسلك ونبيه ذمُّه، فكيف يقدر عليه الإنسان؟ ما علمت علِّم، وما لم تعلَم تعلَّم، ولا تكن هكذا.

 "ثم نزل ﷺ" أي: من على المنبر، "قال يقول: تناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله" سواء في كتمان العلم والسكوت عليه أو في الإيهام وتعمد الإبهام وعدم الإيضاح؛ هذا خيانة في العلم، أعظم من خيانته في ماله " وإن الله عز وجل سائلكم" ماذا علِمتُم؟ ماذا عمِلْتُم فيما علِمتُم؟ وماذا علَّمتُم؟ ومن العلم ما هو فرض عين؛ واجب تعلُّمُه وواجب نشره، ومنه ما هو سنة ومنه ما هو فرض كفاية ومنه ما يجب أن يُصان ويحفظ إلا لأهله.

 الله يكرمنا بنشر العلم والقيام بتبليغ كلام الله وحديث رسول الله ﷺ إلى القريب والبعيد الصغير والكبير ، الذكر والأنثى والعربي والعجمي والمسلم والكافر، يرزقنا الله بلاغهم، بلاغهم وحيه وتعليمه وإرشاد رسوله ﷺ وحديثه ﷺ، اللهم ووفقنا لذلك واسلك بنا أشرف المسالك وقنا الأسواء والأدواء في السر والنجوى، بسر الفاتحة اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الفاتحة.

تاريخ النشر الهجري

25 شوّال 1444

تاريخ النشر الميلادي

15 مايو 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام