(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ قصيدة ( يا قلب وحِّد واترك الخلائق) للإمام عمر بن سقاف السقاف رضي الله عنه
الدرس السابع: شرح قوله: واصبِر إذَا ما العُسر حلَّ نادِيك
عصر يوم السبت 7 محرم 1446هـ
لتحميل القصيدة pdf:
فَسَوْفَ تَبْلُغْ مَا تُرِيدْ مِنْ سُولْ *** دَعْ كُلَّ صُورَه وَاشْهَدِ الْحَقَائِقْ
وَاصْبِرْ إِذَا مَا العُسر حَلَّ نَادِيْكْ *** يُسْرَان بَعْدَ الْعُسْر سَوْفَ تَأْتِيْكْ
مررنا على بعض ما يدل عليه قوله من المعنى: "فَسَوْفَ تَبْلُغْ مَا تُرِيدْ مِنْ سُـــول"؛
"دَعْ كُلَّ صُورَة وَاشْهَدِ الْحَقَائِقْ" في المجلس هذا، فصورة هذا المجلس حضورك بجسدك وسماعك للصوت عبر هذه المكبرات، وحضور هذه الأجساد، وأين حقيقة المجلس؟ حقيقة المجلس: قربة إلى الرب وتبعية لمحمد ﷺ، وتلقّي لفَائضات الجود، وحُضور وشهود، وارتقاء في مراقي القُرب، وزيادة في المعرفة؛ هذا حق، اشهد الحقيقة ودع الصور لا تبقى محبوس في الصورة.
"دَعْ كُلَّ صُورَة وَاشْهَدِ الْحَقَائِقْ"، إذا توضأت.. فما هذا الوضوء؟
فلهذا يقولون: الذي يحضر قلبه في الطهارة يحضر قلبه في الصلاة، والذي لا يحضر قلبه في الطهارة -في الوضوء- لا يحضر قلبه في الصلاة، يخف حضوره في الصلاة. فتوضأ وأنت حاضر القلب مع الله -تبارك وتعالى-.
وهكذا إذا صليت؛ فالصلاة لها صورة ولها حقيقة، "دَعْ كُلَّ صُورَة وَاشْهَدِ الْحَقَائِقْ"، وهكذا في صدقتك، وهكذا في صومك، وهكذا في قراءتك، "دَعْ كُلَّ صُورَة وَاشْهَدِ الْحَقَائِقْ".
"واصبر إِذَا مَا العُسر حَلَّ نَادِيـكْ"، إذا أي عسر نزل بشيء من شأنك وشأن قرابتك، وشأن من يهمّك أمره؛ فحلّ عسرٌ بالنادي، فتعامل مع الذي ينزل من أنواع العسر، وأنواع الشدة، وأنواع الابتلاء بما أحبّ الله منك وهو الصبر.
وسمعت ما قال سيدنا عمر فيما قرأنا في البخاري: "نِعمَ العِدلان ونعِمت العلاوة". من الله -تبارك وتعالى- لك بالصبر:
(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ) أول عدل، (وَرَحْمَةٌ) ثاني عدل، والعلاوة فوقها: (وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). نعم العِدلان ونِعمت العلاوة؛ فَالأجر فيها كبير.
إذًا، استعمل الصبر في كل ما ينزل بناديك من كل عسر، فإن ذلك:
وحالف الصبر واعلم أن أوّله *** مُرٌّ وآخره كالشهد والضَرَب
كأنه عسل يأتي.. لكن في الأخير، قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر:10].
يقول: "واصبر إِذَا مَا العُسر حَلَّ نَادِيـكْ *** يُسْرَان بَعْدَ الْعُسْرِ سَوْفَ تَأْتِيك"، ما عندك خبر من الله؟ (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح:5-6]؛ فالعسر عليه الألف واللام.. واحد، واليسر مُنَكَر، ذا يسر وذا يسر ثاني، والعسر واحد (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ..) [الشرح:5-6]، هذا العسر الأول المذكور الأول في الألف واللام راجع إليه للعهد الذِكْرِي؛ (يُسْرًا) ليس الأول هذا ثاني الآن.
للعُسـر يســران جــاءا *** في سورة الشرح فاقرأ
إن مع العسر يسرًا *** إن مع العسر يسرا
ولن يغلب عسر يسرين، يسرين وعسر واحد، ممكن العسر يزيد؟ ما يزيد العسر، يسران.. اصبر واصدق، وإذا بالحال يتحوّل إلى سرور، وفرح، وخيور كثيرة من ربك -جل جلاله- وهذه سُنَتُه في معاملة الخلق.
يُسران بعد العسر سوف تأتيك *** سلِّم لتسلَم فَالهناء يوافيـــك
يأتي إن شاء الله معنا.
06 مُحرَّم 1446