شرح قصيدة ( يا قلب وحِّد واترك الخلائق) - 16- شرح من قوله: ذات المحاسن سمحة القوام

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ قصيدة ( يا قلب وحِّد واترك الخلائق) للإمام عمر بن سقاف السقاف رضي الله عنه
الدرس السادس عشر:  ذات المحاسن سمحة القوام

عصر يوم السبت 28 محرم 1446هـ.

لتحميل القصيدة pdf:

https://omr.to/q-dawrah30 

نص الدرس مكتوب:

 

ذَاتُ  المَحَاسِنْ،  سَمْحَةُ  القَوَامِ *** هِيْ بُغْيَتِيْ، هِيْ مُنْيَتِيْ، مَرَامِيْ
يَا   حَسْرَتِي   كَلاَّ   وَيَا   هُيَامِي *** إِنْ   فَاتَ   وَقْتِي   وَالبِعَادُ  عَائِقْ

 

نظر الله إليكم، وبارك فيكم، وجمع الخيرات لنا ولكم ، ووَصَلنا "ذَاتُ  المَحَاسِنْ،  سَمْحَةُ  القَوَامِ" في رُتب القرب من ربنا الملك العلّام، والمعرفة الخاصة والمحبة الخالصة والرضوان الأكبر، فتلك الدرجات كما قال الناظم: "هِيْ بُغْيَتِيْ، هِيْ مُنْيَتِيْ، مَرَامِيْ" وكذلك بُغيات الصالحين والصادقين والمخلصين، فإنما تميّزوا عن الغافلين وأنواع المجرمين ببغياتهم ومرامهم ومراداتهم وأمنياتهم.

 فيقول لو فاتني هذا القرب وهذه الرفعة بالدنوّ من حضرة الرب:

 "يَا   حَسْرَتِي   كَلاَّ   وَيَا   هُيَامِي *** إِنْ   فَاتَ   وَقْتِي..."؛ أي: مضى ومَرَّ يوم بعد يوم.. أسبوع بعد أسبوع.. شهر بعد شهر.. "وَالبِعَادُ  عَائِقْ" بيني وبين الظفر بحقائق هذا القرب، وقطعني عن أن أشرب من ذلك الشُّرب.

 "يَا   حَسْرَتِي   كَلاَّ   وَيَا   هُيَامِي" فما لهم حسرات إلا على فوات القرب والقربات والدرجات الرفيعات. وأما متاع الحياة الدنيا فقد تأدبوا فيها، بتأديب مُنزل الآيات الذي قال لهم: (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) [الحديد:23]، فهي أحقر من أن يحزن عليها أو يفرح بها، ولكن يحزنون على ما فاتهم من شريف وكريم ورفيع الدرجات، ويبكون على ذلك.

"يَا   حَسْرَتِي   كَلاَّ   وَيَا   هُيَامِي *** إِنْ   فَاتَ وَقْتِي وَالبِعَادُ  عَائِقْ" 

ثم قال: 

"متىٰ توَاصلْ سَمْحَة المُحَيَّا *** …………………................"

  • المحيا: منظر الوجه والطلعة. 
  • "سَمْحَة المُحَيَّا": التي في وجهها السماح والسرور والأنس والابتسام والنور الساطع. 

والمعنى: أنَّ هذه المرتبة الشريفة "سمحة المحيّا" شأنها عند الوصول إليها والمقابلة لها: اكتناف روح هذا الواصل بالصفاء والوداد والأُنس والبهجة. فعبَّر عن هذا بقوله: "سَمْحَة المُحَيَّا"؛ فالمواصلة منها ما تكون إلا بزيادة المعرفة وزيادة القرب وزيادة المحبة وزيادة الرضا، في ازدياد المعرفة شؤون جلَّت عن أن تصل إليها الظنون، أو تحاط بكلمات من يتكلمون، فالذوق أبعد عن الكلام، وعن أن يوصف بتعبير اللسان، حتى الذوق الحسي.. فكيف بهذه الأذواق الروحية والسرية والمعنوية؟ الذوق الحسي يصعب التعبير عنه، فإذا واحد طلب منك تصف الفرق بين حلاوة السكر وحلاوة التفاح وقال لك: عَبِّر... ما الفرق بين حلاوة السكر وحلاوة التفاح؟ كله حالي لكن هذا يختلف..كيف يختلف؟.. تقول هناك فرق، إيش الفرق؟… اذهب أنت بنفسك ذُق تفاحة حالية وذُق سكر تعرف الفرق!! أما أن أكلمك فالكلام يصعب عن الذوق، ذوق حسّي حق مطعومات فكيف أذواق الأرواح؟ كيف تريدني أن أكلمك؟ غاية الأمر أشوّقك فقط لكن اطعم أنت وذُق.. إذا طعمت ستعرف.

 من ذاق طعم شراب القوم يدريه ***..................................

 فـ "متى تُواصِل سَمْحَة المُحَيَّا"؟ وإذا تعدّي الأيام علينا وتكمّل الدورة من دون مواصلة من هذه المراتب العالية! "متى تُواصِل سَمْحَة المُحَيَّا"..؟ يكرمنا الله وإياكم إن شاء الله بشريف المواصلة، بغُيوثٍ هاطلة، ورحماتٍ نازلة، وفيوضاتٍ من الرحمٰن سبحانه وتعالى متتالية، ومِنَحٍ متوالية، يا منَّاح يا فتَّاح لا تحرمنا خير ما عندك لِشرّ ما عندنا.

 

تاريخ النشر الهجري

08 صفَر 1446

تاريخ النشر الميلادي

13 أغسطس 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام