(574)
(228)
(536)
(311)
تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة مريم:
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)
مساء الإثنين 25 ربيع الثاني 1446هـ
الحمد لله مُكرمنا بالوحي والتنزيل، والبيان على لسان رسوله خير هادٍ ودليل، صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه خير جيل، وعلى مَن تبعهم بإحسان في كل بُكرةٍ وأصيل، وعلى آبائه وإخوانه مِن الأنبياء والمرسلين أهل المقام الأشرف الجليل، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، والملائكة المقرَّبين وعلى جميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنّه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
أمَّا بعد،
فإننا في نعمة تدبُّرنا لكلام الله تعالى وتأمُّلنا لآياته، وما أوحاه على خير برياته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، انتهينا في سورة مريم إلى قول الله -جلَّ جلاله- بعد ذكره الأنبياء والمرسلين:
(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59))، وقد جعل الله في مرور الأيام والليالي على هذه الأرض بمن فيها مِن هؤلاء المُكلّفين؛ الإنس والجن، تعاقُب وتداول؛
لظهور أخيارٍ وأبرارٍ وأصفياء؛ وأعظمهم الأنبياء،
وظهور أشرار وفُجّار وكُفار وفُساق مِن إبليس وجنده
فيتعاقب ظهور هؤلاء بعد ظهور هؤلاء، وخِلْفة هؤلاء لهؤلاء؛ بحكمةٍ مِن حِكمِ الله تبارك وتعالى، ففيها عظيم العِظة والاعتبار لأولي الألباب والادِّكار.
فالله يجعلنا من عباده الصالحين الذين يَعمُر بهم الأرض بأسرار الخلافة التي شهرَ شأنها ومقامها ونشر أعلامها، ويجعلنا مِن خُلفاء النبيين الذين استقاموا على منهاج سيدهم محمد الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) هذه مظاهرُ خَلف السُّوء؛ إضاعة الصلوات، الانقطاع عن العبادات لربِّ الأرض والسماوات، ومِن رأس العبادات الصلاة؛ لأن فيها السجود والخضوع للحق تبارك وتعالى والمثول بين يديه (أَضَاعُوا الصَّلَاةَ)، فإضاعة الصلاة مُنبئ بخزْي وبُعدٍ وطردٍ -والعياذ بالله تعالى-، هذه مظاهر كل خَلْفِ سوء.
(خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) أي: خضعوا وانقادوا لشهواتهم فعطَّلوا مُهِمّة العقل، ولم يُعظِّموا شأن الدين؛ فصاروا مُتّبِعين لما تشتهيه أنفسهم وتهواه، فهووا بذلك وسقطوا إلى الهاوية -والعياذ بالله-
ونعلم مِن ذلك أنَّ مظاهر خلفاء النبيين الذين هم خَلَف الخَلَف الصالح؛ إقامتهم للصلوات، وتعظيمهم للصلوات، واهتمامهم بالصلوات، وولعهم بفرضها ونفلها؛ هذا مظهر الخَلَف الصالح الذين يخلْفون الأنبياء على ظهر الأرض، ويجاهدون أنفسهم، فيتركون الشهوات التي تبعث عليها النفس الأمَّارة والأهواء، بمجاهدةٍ كريمةٍ تتحول بها مشتهياتُهم إلى مواصلة الطاعات والعبادات التي تكون في البداية شاقةً على النفس، كما قال تعالى في الصلاة: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةً) أي: ثقيلة (إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة:45].
(فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)) هلاكًا وطردًا وبُعدًا، ووادٍ في جهنم لا يُطاق -والعياذ بالله-.
ويقول الله عن هذا الخَلَف أيضًا الذين انحرفوا وضيَّعوا واتَّبعوا الشهوات أنَّ الباب مفتوحٌ لمن يتوب: (إِلَّا مَن تَابَ (60)).
(إِلَّا مَن تَابَ) اللهم اجعلنا مِن التوابين واجعلنا مِن المُتطهرين واجعلنا مِن عبادك الصالحين
(إِلَّا مَن تَابَ) فأقلَع عن إضاعة الصلوات وعن اتِّباع الشهوات، واتَّبع الأنبياء في طلب المَكرُمات، وتقويم الصفات، وتهذيب النفس.
(إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا (60)) بمُقتضى هذا الإيمان، فما كانت توبته عن عجزٍ، ولا عن مُغالطةٍ، ولا لغرضٍ؛ ولكن عن إيمان. (تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) فكانت علامة صدق التوبة معانقته لصالح الأعمال، ومحبته للحسنات.
قال: (وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) -مِمَّا عَمِلوا- (شَيْئًا (60)) (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا) [النساء:40].
(وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا)، (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ من ذكرٍ أو أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا) [طه:112] فلا ينقص شيء عليهم مِن الأعمال وجزاء كل ذرة منها، ولا يخافون حَيفًا ولا إجحافًا ولا ظلمًا من قِبَل أي أحد، بل يكافئهم الواحد الأحد، ويجازيهم بجزائه الأتم الأمجد الأشرف الأكرم الأسعد، قال تعالى: (وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا).
(يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) أي جنة؟ قال: (جَنَّاتِ عَدْنٍ (61)) والعدن بمعنى الإقامة والاستمرار والخلود.
(جَنَّاتِ عَدْنٍ) أي: الجنة التي لا يغادرونها، ولا يرحلون عنها، ولا يتحولون، كما قال تعالى: (لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) [الكهف:108] أي تحوُّلًا وانتقالًا إلى مكان آخر، فهُم دائمي المُكث والإقامة في هذه الجنات أبد الآبدين.
قال تعالى: (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ (61))، (وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ) وهو لا يخلف الميعاد (عِبَادَهُ) أي: الذين تخلّصوا وترفّعوا عن العبودية للأنفس والأهواء والشهوات، أو لبعضهم البعض، ولكل شيء سوى الله سبحانه وتعالى؛ فكانوا عباد الرحمن الموصوفين بالأوصاف المذكورة في قوله تعالى في آخر سورة الفرقان: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان: 63-64] إلى آخر ما وصفهم الحق تعالى به.
(وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ (61)) مع أنهم لم يرونها؛ ولكنَّه سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد وهو القادر القوي؛ فلهذا قال: (إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)).
(مَأْتِيًّا) بمعنى آتٍ.
أو (مَأْتِيًّا) يأتي إليه كل مَن وُعِدَ
فكل مَن وُعد الجنة يأتي إلى الجنة، مِن كل مُتقي، كما سيأتي في الآية بعدها.
(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)) فلا يموت على التقوى أحد إلا أتى الجنة لا محالة.
(إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)) وإنَّ وعد الله لآت،
(مَأْتِيًّا) يأتي بمعنى فاعل؛ آتٍ
و(مَأْتِيًّا) أيضًا يُؤتى إليه، أي كل مَن وُعِدَهُ يصل إليه لا محالة، لا ريب، لا شك، وهذه ميزة حُسن حظ المؤمن وسعادته في الدنيا؛ اليقين التام، حتى كأنه يراها رأي عين لا يشك أصلًا فيما خلق الله من الجنة والنار، ومآل المُكلفين إلى واحد منهما. (إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61))
وأعطانا الحق تبارك وتعالى- وصفًا عن هذه الجنة وطِيب عيشها، فقال جلَّ جلاله: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا) فكان مِن عجيبِ النعيم أنَّهم لا يسمعون اللغو، لا يسمعون الباطل، لا يسمعون الإثم، لا يسمعون ما لا يعنيهم، لا يسمعون الشر، لا يسمعون كذب (لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا) [النبأ:35-36] لا يسمعون غيبة، لا يسمعون نميمة.
وفيه أنَّ من نِعَم الله على المؤمن أن يعيش في الدنيا بعيدًا عن اللغو، وأن يكون أكثر ما يخرج مِن لسانه ذِكر وشُكر وخير؛ ولذا كان ضبط اللسان مِن أقوى علامات الإيمان وصلاح الإنسان؛ أن يضبط لسانه وألفاظه، وكان مِن عظيم نعمة الله على المؤمن أن يعيش في الدنيا بعيدًا عن سماع اللغو، الذي تَنشره وسائل كثيرة منها ما سُمي في وقتنا بوسائل التواصل الإجتماعي، ومنها وسائل كثيرة، وأجهزة تنشر اللغو، فمن الشرف لك والرفعة والنعيم أن لا تسمع شيئًا مِن هذا، فتُشبه أهل الجنة؛ (لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا)
ولذا تجد خيار الأمة، تجالسهم اليوم واليومين والشهر والشهرين ما تسمع غيبة، ما تسمع فُحش، ما تسمع سوء مِن القول، ما تسمع كذب، ما تسمع شر.
(لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا (62)) فكيف إلاَّ سلامًا؟! السلام ليس من اللغو، ولكن قد تأتي أحيانًا (إلاَّ) بمعنى (لكن) لكن سلامًا، لكن الذي يسمعونه سلام.
(لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا (62)) وفيه أن من الخير لنا إفشاء السلام بيننا، وأن يُسمع بعضنا بعضًا السلام، وقال تعالى: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ) [الأحزاب:44] وقال سبحانه وتعالى: (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد:23-24]، وقال تعالى: (سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ) [يس:58] -جلَّ جلاله-
فيدور الملائكة على أهل الجنة ويدخلون عليهم مِن أبوابهم وفي الأوقات المُهيّأة المناسبة للدخول ويسلِّمون عليهم، ثم إنَّ هناك ملائكة يُرسلون عليهم ينقلون إليهم ويبلِّغونهم السلام عن الله، عن ربهم -جلَّ جلاله-؛ إذا سلَّم عليهم قال: أنا رسول مِن عند الله إليك، إنَّ ربك يُقرئك السلام، فعليك مِن الله السلام (سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ) [يس:58] -جلَّ جلاله-.
(إِلَّا سَلَامًا) فالذي في الجنة كله سلام، سلام بمعنى:
التحية التي ذكرناها
وسلام؛ سالم مِن كل رفث، ومِن كل لغو، ومِن كل سوء، لا يوجد كلمة نابية، ولا كلمة سيئة، ولا كلمة قبيحة أصلًا؛ لا يسمعون (إِلَّا سَلَامًا).
فكل ما يدور بينهم سلام (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ) [الحجر:47] (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) [الطور:25] كلُّه سلام؛ ليس فيه أذى، ولا تخويف، ولا وعيد، ولا أي شيء، لا يسمعون خوفًا من حربٍ، ولا مِن قتلٍ، ولا مِن مرضٍ، ولا مِن همٍّ ولا من غمٍّ ولا من انقلابٍ ولا من غلاءٍ ولا من نقص شيء، لا شيء من هذا الكلام، لا أحد يسمعه؛ كلام كله سلام، لا يسمعون إلا ما يسرُّ قلوبهم وما يسرُّ أفئدتهم على الدوام.
(لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا (62)) أنواع ما يُرزقون مِن الثمرات والطيبات والمشروبات، ومن اللباسات، ومن غير ذلك من أنواع الرزق العجيب.
(وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)) أي على الدوام، وشبَّه أيضًا ما يأتيهم من رزقٍ بعد رزقٍ بما يكون في أيام الدنيا يشتهون الطعام في البكرة وفي العشي، فكذلك يأتيهم مِن وقت إلى وقت غِبًّا مرة بعد أخرى (مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) [الزخرف:71].
(وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا) ما يرزقهم الله تعالى به (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) مستمر غير منقطع (غَيْرُ مَمْنُونٍ) [الإنشقاق:25] غير ناقص.
(وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) فشأن الجنة عظيم، عظيمٌ عظيمٌ، جدا عظيم! كان إذا وصفها نبينا الكريم وما فيها يقف ويقول: "وفيها ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" فيقول: اقرأوا إن شئتم قوله تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة:17] فما تراها تستحق أن نبذل من أجلها؟ أن نترك شهوات من أجلها؟ أن نقتحم الاجتهاد مِن أجلها، تستحق؟ كيف ما تَستَحِق؟! هم اجتهدوا وعَرَّضوا أنفسهم حتى للهَلاك الأبدي لمَّا وَعَدوهم بشيء من المبالغ أو أَعطوهم شيء من الوظائف ماذا يساوي هذا؟ لكن هذا الذي يُساوي بَذل روحك وأَلف روح مع روحك، لِتَصِل إلى هذا النَّعيم المُقيم، الكَبير، الجَليل، الشَّريف، اللهم اجعلنا من أهل جنتك.
قال: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)) كما قال في الآية الأخرى: (أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون:10-11]، قال سيدنا الخَليل -في دُعائِه- واجعلني من وَرَثَة جَنة النَّعيم، فهي مَوَروثة، بمعنى مُعطاه، مَوهوبة لهم من قِبَل الخَلّاق -جل جلاله- (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [التوبة:89].
(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا) فما أعظم التقوى، وما أجمل التقوى، وما أشرف التقوى (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131] أي: تَوَقّوا، واحذروا سَخَطه وغَضَبه وعذابَه، كيف تَتَوَقّون ذلك؟
بامتِثال الأوامِر؛ فإن مُخالَفَتكُم لأوامره يوقِعكُم في الغَضب والسَّخط والعَذاب.
واجتِناب النواهي؛ فإن ارتِكابكم لما نَهاكم عنه يوقِعكم ويوصِلكُم إلى العذاب والسَّخَط والغَضب والطَّرد -والعياذ بالله تعالى-.
(أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131] (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)) فما أعجَبها! وما أنعَمها! وما أنعمَ أهلها!
(ولكُم فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [الزخرف:71] لما أَدخَل الله أبانا آدم الجَنة قال: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ) [طه:118-119] (لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا) [الإنسان:13] فما هناك بُكرةَ وعَشِي بالمعنى الذي في الدنيا، ليل ونهار، كل الوقت نور مستمر، ولكن تُجعل لهم علامات على عِدة أنواع، يعرفون أن:
هذا يُقابل ليل
هذا يُقابِل نهار
هذا يُقابِل مرور يوم
هذا يقابل ما كان في الدنيا مرور أسبوع، هذا يقابل.. وهكذا.
ولهم في مِقدار مرور كل أسبوع تَشريفهم بالنظر إلى وجه الله الكريم، في يوم الجمعة الذي تُسَميِّه الملائكة يوم المَزيد، فَيكون عِندهم عَلامات على مُقابِل هذا الذي كان في عالَم الأرض، لمّا كانوا في عالَم الأرض، أما عالَمُ الجَنة فشيءٌ عَليٌّ جَليلٌ كَبيرٌ، وهم في نور دائم لا ظلام فيه، لا كهرباء تنطفي، ولا يحتاجون موتورات ولا ديزل، ولا بطاريات، ولا أي شيء، نورٌ مستمر على الدوام -الله أكبر- اللهم اجعلنا من أهل جنتك (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)).
ثُم ذَكَرَ سُبحانه وتعالى، ما أمرَ جبريل أن يُخاطِب به نبينا، وذلك فيما وَرَدَ أنه قال: ما يَمنَعَك أن تَزورنا؟ -يقول لجبريل عليه السلام- وأيضًا لما سألوه بعض الأسئلة، وقال أُجيبُكُم غدًا إن شاء الله، فلم يأتِ جبريل، وهو ينتظر نزول الوحي، ثم لم يأتِ في اليوم الثاني، ثم في اليوم الثالث، إلى خمسة عشر ليلة، وهو يَنتَظِره، فَسَأَلَهُ لِمَ أبطأت وأنا أشتاق إليك؟ قال: أنا إليك أشوَق ولكني عبد مأمور، إن أَنزَلني أنزَلت وإن حَبَسَني احتَبَست، يعني ما يَقدِر إلا بأمر الله تعالى.
قال الله لسيدنا جبريل: قُل لِعبدِنا محمد (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ (64)) قال الله في وَصف الملائكة: (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى) [الأنبياء:26-28].
قال: (لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا (64)): مِن شَأن الآخرة والعالَم المُقبِل بعد خَراب السماوات والأرض.
(وَمَا خَلْفَنَا (64)): ما نُخَلِّفهُ من هذه الدنيا والسماوات والأرضين
(وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ (64)): مما نحن فيه الآن
أو (وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ (64)): ما بين النفختين؛ النفخة الأولى، والنفخة الثانية في الصور؛ له مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْض.
(لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)) فهو المُحيط عِلمًا بِكُل شيء، وهو المستحيل عليه النسيان (فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى) [طه:52] -جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه- ولكن له حِكمة فيما يُقَدِم، وفيما يُؤَخِر، وفيما يُرسل المَلَك وفيما يؤخر المَلَك عن النزول، وفيما يُسرِع بالجواب وفيما يؤخّر الجواب؛ له الأمر من قبل ومن بعد -جلّ جلاله- وله في كل ذلك حِكَم أكبر من عُقول الإنس والجن والملائكة ومن كل ما يُدركونه، قال: (لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ)
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا (65)) -جلَّ جلاله- هذه العَظَمة؛ ليست لهؤلاء المُلوك كل ما أحد عمل له تكنولوجيا أو شيء من هذا الأمور الحقيرة الزائلة يقول (أَنَا رَبُّكُمُ) [النازعات:24] (رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [الكهف:14] ما معك يا أبله؟! يا مُغترّ بهذا، وساعة تَطُنُّ أذنه، وساعة توجعه عينه، وساعة تَمغصه بطنه، (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ) [البروج:9] هو ربنا.
(رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا) الذي يأتي بالشمس مِن المَشرق هو ربنا، الذي يُسَيِّر الشمس والقمر والنجوم هو ربنا -ليس أنتم-! أنتم مثلنا مخلوقين تغترون بشيء من الأسلحة وشيء من الصناعة وأنتم فيها ضعفاء، وإذا انقَضَت انقَضَت، وإذا فَنِيَت فَنِيَت، وإذا تَعَطَّلَت تَعَطَّلَت، ليس عندكم مُلك؛ المُلك عنده هو (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ) [الحديد:2] (رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا)
(فَاعْبُدْهُ (65)) لنا الشَّرَف بعبادته، كما شَرَّف بذلك ملائكته وشَرَّف أنبياءه فلنا الشرف بعبادته.
(فَاعْبُدْهُ) اعبد هذا الرب الإله:
بالخضوع والانكسار والتذلُّل
والتعظيم والإجلال
وزيادة الإيمان واليقين، وكأنك تراه
وبكثرة الذكر
وبالشُّكر له -سبحانه وتعالى-
وبامتثال أمره
فما أعز شأن العُبَّاد للإله العزيز -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-، (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ (65)) استقِم عليها وداوِم وواظِب وواصلها مُواصَلة (وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه:132]
(وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) -جلَّ جلاله- فإنَّ ذلك الشرف الأفخر لكل مخلوق، أن يُمَكِّنَهُ الإله الحق من عِبادته، وقد شَرَّف المَلائكة وشَرَّف بني آدم والجنّ بأنواع من العبادة؛ في الإيمان به، وفي امتثال الأوامر واجتناب النواهي؛ فلهم الشرف بذلك، والعِزّ الأكبر بمعرفته -سبحانه وتعالى-، التي تزداد وليس لها نهاية، معرفتهم لأسمائهِ ومعانيها ولصفاته العليَّة وما تدل عليه، ومعرفتهم لِعظمة ذاته -سبحانه وتعالى- وهي كلها شؤون لا نهاية لها، ولكن كلٌّ يتشرف ويعتز بِنصيب من هذه المعرفة على قدره، وأعرَف الخلائق بالخالق عبده محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
يقول: (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)) هل له نَظير؟ هل له مُماثِل؟ حتى في عالم الحِس؛ لا أحد اسمه الله غيره، لا أحد اسمه الله غيره -سبحانه وتعالى لا إله إلا هو-.
(هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) هل له مُقابل؟ هل له نظير؟ هل له مثيل -لا إله إلا الله- (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11] (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص:4].
(هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) هذا الإله المُتفرِّد، الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) هو الذي يستحق العبادة وحده، دون من سواه (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) فلا يُساميه أحد، ولا يُماثله أحد، ولا يُشابهه أحد، وله من الأسماء ما لا يُسمَّى به غيره قط -لا إله إلا الله-.
ومن أكبر من تَجَرّأ الكذاب مُسيلمة، الذي سمى نفسه رحمن اليمامة، ولا أحد يُسمَّى بالرحمن غير الله تعالى، فاشتهر على ألسُن الخَلق على مدى القرون بالكذاب، لا أحد يَذكُر اسمه إلّا يقول مسيلمة الكذاب، مسيلمة الكذاب؛ هذا اسمه الحقيقي، والذي سمَّى نفسه به ما رَكِب، ما صلُحت عليه ولا بقى إلاَّ الكذاب، سمَّاه الله على لسان نبيّه، سمَّاه مسيلمة الكذاب فصار على مدى التاريخ ما يُذكَر اسمه إلاَّ الكذاب؛ بجانبه لاصقة به، ما تتحرك منه؛ كذاب -لا إله إلاَّ الله- فلا رحمن إلاَّ الله، ولا إله إلاَّ الله، ولا يجوز أن يُسَمَّى أحد باسم الله، (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا).
ثم كرر الكلام سبحانه وتعالى في شأن المُنكرين للبعث وماذا ينكرون مما يدل عليه إذا عَقَلوا، كُل ما حواليهم وخَلقُهم دليلٌ على بعثهم، (وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ (67)) أنت كيف جِئت؟ أمَّا هل سترجع بعد ذلك، هذا سهل، أولاً من أين جئت أنت؟ كيف جئت؟ أنت أمامنا إنسان؛ عينين، وأذنين، ورمش من أين جئت؟ كيف جاء؟ عسى ما هي شركة! وإلاَّ الدول التي يُسمونها عُظمى هي التي صلَّحتك؟ من أين جئت؟ كيف جئت؟ جَلّ الله، هذا هو الإشكال.
أمام عينك وتقول لي كيف أرجع؟ اترك عنك كيف أرجع، أنت الآن أمامي، كيف جئت؟ الآن الأمر مُعايِن أمام عيني، هو هذا الذي أتعجّب فيه، أما الرجوع مرة ثانية أسهل، لكن اخبرني أول مرة كيف جئت؟ (قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) [يس:78-79] هو يُنشئها أمامك ويُريك إيَّاها وبعد ذلك تقول ما عاد يقدر! كيف ما عاد يقدر؟! سرقتَ القدرة عليه؟! أو كيف؟!
قدرته أمامك هو الذي أنشأها من لا شيء -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- ومن نطفة كَوَّن عظام، أين العظام وسط النُطفة؟ وشعر ولحم ودم وعظم وخلايا وعروق وسمع وبصر؛ نطفة، أين كانت العظام وأين كانت وسط النطفة، أين هي؟ أين كانت العيون؟ أين كانت الأجفان؟ أين كان الشعر؟ أين كانت؟ ولا شيء، كونَّها سبحانه وتعالى.
(ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون:14] رزقنا الله كمال الإيمان، كمال اليقين وهذا كمال عبادته، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وانظر كيف خطابه لسيدنا لأجل أن نسمع ونرغب، ونتولّع ونعشق (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ (65)) ونحن نسمع الرحمن يقول لحبيبه هكذا، فكيف لا نرغب في العبادة! وكيف لا نُعانق العبادة! ونحب العبادة، ونُلازم العبادة، ولا أشرف لنا في الدنيا من العبادة، لكن كما قال لسيدنا معاذ اطلب حسن العبادة، ليس العبادة فقط، إنما حُسن العبادة: أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، كل حاضرٍ معنا وكل سامع لنا ومُشاهدٍ لمجمعنا، أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، أعِن كل فرد منَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك كما أراد نبيك، كما طلب نبيك، على ما سأل نبيك، يا الله، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، شَرِّفنا بحسن العبادة في الغيب والشهادة، وارفعنا بها إلى أعلى مراتب السيادة، وألحِقنا بعبادك الصالحين وحزبك المفلحين والأنبياء القادة، ولا تُفَرِّق بيننا وبينهم يا من له الفضل سجية وعادة، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.
ونسألك أن ترحم عابديك على ظهر الأرض رحمةً تُحقِّقهم بها بحقائق العبادة، وترد بها عنهم كيد أهل الجحود والكفر والظلم والعدوان والطغيان، يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم يا قوي ياعظيم يا عليم يا سميع يا قريب يا قوي.
نسألك اللهم أن تدفع عن أهل لا إله إلاَّ الله وأهل عبادتك، شر الكفار والفجار والأشرار والمعاندين والمعادين والمضادين والمعتدين والغاصبين والظالمين من قريب وبعيد، يا قوي يا متين اكف شر الظالمين، واحمنا في كل شأن وحال وحين، واحمِ أهل لا إله إلاَّ الله أجمعين.
يا أكرم الأكرمين، يا أول الأولين يا آخر الآخِرين، يا ذا القوة المتين يا راحم المساكين، يا أرحم الراحمين، أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وارحم أهل توحيدك وعبادتك وحبِّب إليهم الإيمان وزَيِّنه في قلوبهم، وكرِّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان وانصرهم على من عاداك وعاداهم، يا قوي يا متين يا الله يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.
بسرِ الفاتحة
وإلى حضرةِ النَّبي اللَّهم صل عليه وعلى آله وصحبه،
الفاتحة
27 ربيع الثاني 1446