(536)
(228)
(574)
(311)
تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة النحل من قوله تعالى:
خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (4) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ ۚ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ۚ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)
ضمن جلسات الإثنين الأسبوعية
الحمدلله مكرمُنا بالوحي والتنزيل، وبيانهِ على لسانِ خير هادٍ ودليل سيِّدنا محمدٍ خاتم الإنبياء والإرسال، ومجلى الفضل والكمال، -صلى الله وسلم وبارك وكرِّم عليه، وعلى آله وصحبه خير صحبٍ وآل، وعلى أتباعه بإحسان في أمته التي خصَّت بالتفضيل من ذي الجلال عظيم الفضل والنوال إلى يوم المآل، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، المرتقين ذُرى المعالي في ما للإنسان من كمال، أهل شريف الخصال والخِلال، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقرّبين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
أما بعد..
فإننا في نعمة تأمُّلنا لكلامِ ربِّنا وتدبُرنا لآياته وتعليماته، وأخباره وتوجيهاته، ومواصلته إيَّانا، تنزُّلاً منه بالفضل علينا بالتبيين والإرشاد والإسعاد والإمداد، بدأنا التأمل في سورة النحل من أوائلها وانتهينا إلى قوله جلَّ جلاله -وتعالى في علاه- (خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ (4) وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ وَمَنَٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ (5) ). (خلَقَ الإنْسانَ) لم يشاركهُ سواه في خلْقِ هذا الإنسان وتكوينهِ كبقية هذه الكائنات(هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) [فاطر:3].
يَا أَيُّهَا الْإِنسَان، بإنسانيتك والخصائص التي وهبك مُكوِّنك وخالقك، أتنسى الذي خلق ؟ ثم تُستعْبد لمن سواه، وهو لا يستحق، لا يستحق العبادة إلا هو، ولا يحق لك أن تقوم بالعبودية إلا له جلَّ جلاله وتعالى في علاه. (ياأَيُّهَا الْإِنسَان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) [الإنفطار: 6]، (فلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ) [عبس 24]، (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ ..(4) ) فجدير أن لا ينساق مع دواعي الاغترار، ولا التكبر ولا العجب، ويتذكر أصلهُ من نطفة، ومن كان أصل جسده هذا الذي انحصر فيه تصرُّفه الآن، وبه تصرُّفه الآن في العالم الحسي في الدنيا. من كان أصله هذه النطفة فحقٌّ له أن لا يتكبر، وحقٌّ له أن لا يخضع، وحقٌّ له أن يقول كيف تحوّلت النطفة إلى عظام وشعور ولحم ودم وأعصاب وعروق وخلايا وسمع وبصر. فمن حقِّ هذا المكوّن بهذا التكوين أن يعرف عظمة المكوّن، ويخضع له، ويطلب رضاه بكل ما يمكنه.
(خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ) ولكن يحصل في هذا العالم (فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ) وبعد هذه الدلالات والتكوين من هذا المذر الحقير (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس 78-79]؛ إِذَا هُوَ (خَصِيمٌ) كثير الخصام، بيّن المخاصمة والمحاجة والمجادلة على غير بيّنة وعلم (فإِذَا هُوَ خَصِيمٌ)، وكل هذه النواعق بأصوات الباطل في شرق الأرض وغربها من دعاة الإلحاد، ودعاة الفساد، ودعاة الكفر بأنواعه، ودعاة التجرِّي على الله في خصام؛ مِن نُطْف، ما كان حقها إلا أن تعرف من لطفَ بها وحوَّلها إلى هذه الصورة المكرَّمة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين:4]، ثم يتحولون إلى عبيد شهوات وأهواء وسلطات وأموال ودنيا، بها يسفكون الدماء، وبها يتجرؤون على بعضهم، وبها يأخذون حقوق بعضهم البعض، وبها يجرون في هذا المجرى المنحط؛ ما كان حقهم ذلك لو عقلوا ولو أدركوا (خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ).
وبعد أن ذكر جلّ جلاله تنَزِّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ؛ وهو الوحي الذي ينزل منه، وَكَذَلِكَ (وأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) [الشورى: 5]، سُميَّ هذا التنزيل بالوحي الشريف روحاً، لأن به الحياة الأخرى للقلب وللروح التي يتميز بها الإنسان في إنسانيته عن بقية الكائنات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال:24]، (أَأَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ) [الأنعام: 12]، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَفَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً…(97)) ، فلذلك سُمِّي هذا التعليم والإرشاد بالوحي الذي نزل (روحاً). كما أن الروح الحيوانية يخرج هذا الجسد من جماديته إلى حيوان مميزعن بقية الحيوانات، بحسن تصويره وخلقه وإمداده بخصائص في الفهم والوعي، كذلك هذا التنزيل روحٌ، يحيا به القلب، وينتعش به الروح، ويستقي منه ما يكون به حيَّاً، قال تعالى: (لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ) [يس 70]، (يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِ).
ثم ذكرَخلْق السماوات والأرض التي هي المحل والظرف لخصائص هذا الإنسان؛ ليقوم بأسرار الخلافة التي خُصَّ بها من بين بقية الكائنات ولمَّاعُرِضتْ على الملائكة رشحوا أنفسهم، وطلبوا من ربهم أن يخصهم بها، فقال: (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة:30]، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) [البقرة:30]، فلو يدري من يعيش من البشر معنا أوقبلنا أو يأتي بعدنا من سفكة الدماء، وأهل الفساد في الأرض، ماذا فاتهم؟ وماذا ضاع عليهم؟ وماذا فقدوه؟ لكانوا يبكون على أنفسهم دموعًا ودماًء، ولكن ماداموا في الحجاب معنا في هذه الحياة الدنيا، الحياة الغرور لن يشعروا بذلك، كل من لم تسبق له منهم السعادة وسيبكون دموعًا ودماًء بعد انكشاف الستارة وظهور الحقيقة، ولو كانت في الآخرة سفنٌ لجرتْ في دموع أهل النار لجرت في دموع أهل النار(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) [فاطر:37]، تأمَّرتم في الدنيا يكفيكم مجاري أحداثكم تجري! وأنتم في مخالفتكم لمنهجنا على غير ما ترومون، وتفاجئكم الدعوات تدعوكم بالوسائل المختلفة من الرسل وأتباع الرسل بينكم في الحياة فلم تستجيبوا! وتشبثتم اغتراراً بما عندكم.
كما قال تعالى في طوائف المغترين من الأمم قبلنا، كلما جاء نبي (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) [غافر:83]، والنهايات لهم كلهم من دون استثناء أحد، لا الذين في زمن شيث، ولا الذين في زمن إدريس، ولا الذين في زمن نوح، ولا الذين في زمن هود، ولا الذين في زمن صالح، ولا الذين في زمن إبراهيم من النمرود، وغيره ولا الذين في زمن من بعد إبراهيم، ولا الذين في زمن موسى وفرعون، ولا في من بعدهم من غير استثناء، يقول سبحانه وتعالى (وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهزِءُونَ.. (34) )، (فَلَمّا رَأَوا بَأسَنَا) [غافر:84]، كلهم كلهم، وحدهم؟ وكفار زماننا من أيامه ﷺ إلى من يموت الليلة ومن مات اليوم من الكفار وقد بلغته الرسالة وأبى وأعرض، الأمر ينطبق عليهم بلا استثناء (قَالُوا آمَنّا بِاللَّهِ وَحدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنّا بِهِ مُشرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُم إِيمانُهُم لَمّا رَأَوا بَأسَنا) [غافر:84-85]، والأمر هذا ثابت، (سُنَّتَ اللَّهِ الَّتي قَد خَلَت في عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الكافِرونَ) [غافر:85]، الحمد لله على نعمة الإسلام.
فلو يعلموا ما قال الملائكة? قال إنه في الناس أو في هذا الصنف من الخلق مثل الاستدلالات بمن قد خلقتَ قبلهم من الجان، وَصَلوا إلى سفك الدماء وإلى أنواع الفساد؛ الفساد أنواع منوعة ولكن مظهرها الأكبر الأشد بعد الكفر بالله والشرك بالله، سفك الدماء، لا فساد أكبر من ذلك؛ لذلك (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فَيهَا وَيَسفِكُ الدِّماءَ) [البقرة :30]، ورشحوا أنفسهم (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعلَمُونَ) [البقرة :30]؛ وهذه خصوصية وإن كان فينا من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ففينا الأنبياء وفينا الأصفياء وفينا الأتقياء وفينا من يحمل الأمانة على وجهها؛ يقول جلَّ جلاله (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُأُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : 90].
يقول جلَّ جلاله خلق السماوات والأرض لنا وسخَّرها، وكلها في خدمتنا، بعجائب لطائف قوةِ عظيمٍ مبدع الصنائع جلَّ جلاله، عبَّرعنها في آية يقول: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) [الجاثية:13]، وإلَّا وزاراتكم وإلا دولكم اللي رتبوا لكم الشمس والقمر والنجوم والتراب والماء وينبتون الزرع لكم! في أحد منهم؟ أحد منهم يصلِّح لكم ذلك! من هو؟ (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية:13]، وعجباً هو الذي انفرد بالخلق وتؤخذ نعمهُ ونجلس على مائدة تسخيره لا ثواب لنا ثم نطيع غيره ونعصيه ونعبد غيره ونشرك به (قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكفَرَهُ) [عبس:17]، وبعدما ذكر خلْق الإنسان، قال يليكم في ما رتَّبْنا في الخلق، الحيوان، وأهم الحيوان ما جعلنا نفْعهُ للإنسان أجْلى وأوضحْ وألصقْ وهي الأنعام، فذكر خلْقها بعد خلق الإنسان؛ (خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ (4) وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَا) أوالشركات أوالمؤسسات هي التي خلقت الأنعام؟ (وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَا) جلَّ جلال (لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ) ما تستدفئون به من لباسها مما تلبسون من شعرها وصوفها وأوبارها، وما تفترشونه وتجلسون عليه وتتوقون به برد الأرض، وتنصبونه لكم خياماً.
(لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ)، وأيضاً نسلٌ يتناسل منها، تدوم لكم، وأنتم تذبحونها وتأكلون منها وهي موفرة، ما تنقطع عنكم القرن الأول والثاني والثالث والرابع الأمة الأولى والثانية والثالثة إلى آخر الزمان. (لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ) ، تأتيكم دفعة بعد دفعة، لا إله إلا الله. (لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ وَمَنَٰفِعُ)؛ متعددة متلونة جعلناها لكم فيها سمن وفيها لبن وفيها لحم وفيها ركوب وإلى غير ذلك. (وَمِنها تَأكُلُونَ (5) وَلَكُم فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسرَحُونَ)، (وَلَكُم فِيهَا جَمَالٌ)؛ تتجملون به بلبس حلَّةِ إنعام المنعم عليكم، مسخَّرة لكم من تحتكم، وتجدون هنا من هذه الأنعام ما يفوقكم من حيث الحجم في الجسم ويكبر عليكم ويُذلّل لكم (وَذَلَّلنَاهَا لَهُم فَمِنهَا رَكُوبُهُم وَمِنهَا يَأكُلُونَ * وَلَهُم فِيهَا مَنافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشكُرُونَ) [يس: 72-73].
يقول فيأتي ولو طفل صغير منهم، أمام الجمل الكبير يوقفه يقف، ينيخه يتنوّخ، يقيمه يقوم، كم حجم هذا؟ وكم حجم هذا؟ ولوكانت المسألة بالأحجام! لكان يبرع بهذا الرجّال الكبير مش بالطفل الصغير، ويبرْع به، يروح هناك ولا يقدر عليه بحال، وأظهر الله لنا نماذج من ذلك، إذا ندَّ الجمل هذه القوة حقك تعال، إبعد بعيد انتبه لنفسك! وتجي اوقاف مجرد ما ينجو فمن الذي ذلَّلَّه؟ (وَذَلَّلنَاهَا لَهُم)، ثم بعد ذلك يرسل عليك بقَّة صغيرة؛ كما ذي تخليك! تتعبك طول الليل، إيش فيك! أنت أكبر ولا هي؟ قول لها أف تروح، مسلَّطة عقرب كما ذا، حية أقل من ذراعك لكن تقتلك! سلَّطها لتعلم المسألة ما هي بالجسمية ولا بالكِبر ولا بالصِغر، ما سلَّط وما سخَّر هو، ويمضي الناس على ذلك.
يقول تعالى (وَالأَنعَامَ خَلَقَهَالَكُمْ فِيهَا دِفءٌ وَمَنافِعُ وَمِنها تَأكُلُونَ (5) وَلَكُم فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسرَحُونَ)، تردونها من المرعى إلى حيث تبيتُ في حضائرها؛ التي عينتموها لهم لهذه الأنعام، وقدَّم المراح على السروح ، تسرحون من حضائرها وأماكنها إلى مراعيها؛ لأنهم في حالة الرواح تروحُ وهي شبعة وهي ملآنة ضروعها وأصحابها يفرحون بمجيئها وعشاهم من لبنها وغير ذلك من الفرح والسرور بها، فقدم الرواح على السروح، (وَلَكُم فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسرَحُونَ) في اليوم الثاني، والغالب تسرح وهي جوعى وقد حلبتم لبنها من الليل حق الليل وفي الصباح حق الصباح، وتروح ولكن تعودكم بعد ذلك وهي ملآنة وهي شبعة. (وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ)؛ جمالُ سرُّ التسخير من العليِّ الكبير، هذا هو الجمال، ولكن فيها جمال؛ أنك أنت يا من من نطفة جيت سُخِّرتْ لك هذه؛ التي تفوقك قوة جسدية وحجماً وقدراً في الحجم والشكل ومع ذلك مسخَّرة لك وأنت سيد لها تمشي تحت أمرك هذا جمال.
(وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ (6) وَتَحمِلُ أَثقَالَكُم إِِلَى بَلَدٍ لَم تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلّا بِشِقِّ الأَنفُسِ)؛ أثقالكم وأحمالكم وأمتعتكم وبضائعكم التي تريدون نقلها من مكان إلى مكان؛ لغرض التجارة أو لغرض الانتفاع بها في المحل الثاني أو لغرض الاستقرار من مكان إلى مكان إلى غير ذلك، أو إلى حج بيت الله؛ ( إِِلَى بَلَدٍ لَم تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلّا بِشِقِّ الأَنفُسِ)؛ أي بالمشقة الشديدة، أو بفقد نصف قواكم شِقُّ الأنفس أن تفقدوا نصف قوى أنفسكم أوعبارةعن شدة المشقة إلا بشق الأنفس، (إِِنَّ رَبَّكُم لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)، إن ربكم جلَّ جلاله ( لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)؛ ذو رأفة ورحمة بكم؛ هو الذي دبّر كل هذا ويسّر كل هذا وسخر كل هذا، فأكرمكم فوق ذلك بنور الهداية والإنباء والإرسال، وبيان مسلكاً إذا سلكتموه تكفل لكم بأن يؤتيكم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، غايات الأماني لكل عاقل له مُنّى شريف.
يقول جلَّ جلاله (وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗ)، (وَالخَيلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ)؛ أنواع من مركوباتكم لتركبوها ،(وَزِينَة) ولِمَ لمْ يقل ولتكن لكم فيها زينة؟ قال بعض أهل المعرفة إن المقصود منها انتفاعكم بها في الركوب وتسخيرها في مقاصدكم وحاجاتكم. أما الزينة فحاصلة بطبيعتها وتلقائياً ليست مقصودة، فلأنكم لو قصدتموها لصرتم على كِبرٍ وعلى غرورٍ، ولانزلقتم عن سواء سبيل. لم يجعلها في القصد كما قال (لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗ)؛ وزينة فيها موجودة من أصلها، تلقائيه أصلاً، أنتم تقومون بها شكراً للمنعم؛ فتكون زينة مضفاةً عليكم من دون أن تقصدوا أنتم أن تتزينوا بها، أوتتفاخروا بها؛ ولذا نُهينا في ثيابنا وفي مراكبنا أن نتفاخر بذلك، وأن نلبسها شكراً للمنعم وستراً للعورة وتجملاً وتزيناً بما يزينون به بالفضل سبحانه وتعالى وقصدنا اتباع أمره جلّ جلاله.
ومن هنا نقرأ "مَن لَبِسَ ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا، كان حقاً على الله أن يذلَّه على رؤوس الأشهاد يومَ القيامةِ " لأنه بدل أن يطلب حقيقة زينته فيما هو زينة له؛ وهو التقوى والمعرفة بالرب والقُربى، هذه زينتك. (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا) [الكهف:7]، أو زينةً لكم ؟! قال (زِينَةً لَّهَا)، لم يقل زينةً لكم، ما هي زينتكم هذه! زينة للأرض، أنتم زينتكم إذا عرفتموني واطعتموني وقربتم مني، هذه زينتكم تتزينون بزينة الأبد، فنِعمَ الزينة، وإذا نسيتم تقواه ورضاه وقمتم تظنون أن الزينة في هذه المظاهر؛ لكم الذل هناك في القيامة والعياذ بالله تبارك وتعالى. وهكذا كل الذين أرادوا أن يتزينوا بشيء من المظاهرالمادية في الدنيا ويغفلوا بها عن الله جلَّ جلاله، وينسوا بها زينة الخضوع لجلال الله والعبودية لله والأدب مع الله والقيام بتقواه، هذا مصيرهم يقول سبحانه وتعالى؛ في مصير أولئك الكفرة ونهايتهم إلى هذه الحقيقة، يقول جلَّ جلاله وتعالى في علاه (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا) [الأحقاف:20]، ظنَّاً منكم أنها الغاية والقصد، وجعلتموها كل شيء واغتررتم بها أيما غرور (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) [الأحقاف:20]؛ وهَوْنكم من أنكم استبدلتم الأدب مع الله تعالى في الشرف والكرامة بتعظيم الحقيرات الفانيات واستكبرتم بها، فالهَون لكم (فَاليَومَ تُجزَونَ عَذَابَ الهُونِ بِمَا كُنتُم تَستَكبِرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَبِمَا كُنتُم تَفسُقُونَ) [الأحقاف:20]، وهل يكون استكبار بحق؟ (تستَكبِرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ) [الأحقاف:20]، ترفُّع الإنسان عن المساوي والرذائل، وتكبُّر منه على ذلك، هذا حق؛ ومنه غروره وكبرياؤه أن يرى لنفسه مع الله فضلاً هذا باطل، وترفُّعهُ عن ذلك بتواضعه لكن ما استُعمل له لفظ التكبُّر والاستكبار ولا انطلق الوصف إلا على ما هو الغالب على الناس أن يستكبروا بغير الحق، فجُعِل الكبر كله من قسم الشر ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر.
يقول جلَّ جلاله (وَالخَيلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَركَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ)، من جملته، هذه الأشياء اليسيرة التي توجد في الدنيا مما يُرْكب ومما يحمل الأثقال وتُقطع به المسافات من دراجات إلى سيارات إلى طائرات إلى صواريخ إلى ما مثل ذلك، كلها داخلة في ذلك، وغيرها داخل في قوله ( وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ ) خلَّاقٌ عظيمٌ:
يقول سبحانه وتعالى لما ذكر خلق السماوات والأرض (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات:47]، ويمتد خلقه ( وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ )؛ عبادهُ من أهل الأرض والسماء، شؤون وأمور عظيمة جليلة في الدنيا والبرزخ والآخرة.
( وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ ) أي استدلوا بما أمامكم من حُسْن هذا الترتيب والتدبير وعظمة هذا التسخير إلى عظمة هذا المكوِّن الموجد (وَيَخلُقُ)، واعلموا أنه لا يزال يُبدي من عجائب صنعته وعجائب قدرته ما لا يقف عند حد.
( وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ )؛ ومن أعظم ذلك ما خبأه من نعيم أوعذاب، عندنا منه وصفٍ على لسان رسوله، ولكن من وصفه أنه مهما تصوَّرنا عنه ففيه ضوء وما وراء ذلك، يقول عن أهل النار(وَبَدا لَهُم مِنَ اللَّهِ مَا لَم يَكُونُوا يَحتَسِبُونَ) [الزمر:47]، ويقول عند أهل لأهل الجنة ( فَلَا تَعلَمُ نَفسٌ مَّا أُخفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَعمَلُونَ) [السجدة:17]، وفي كل هذا (وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ) الله أكبر.
(وَالخَيلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَركَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ)، هذا المكوِّن الذي كوَّن وأبدع هذا الوجود العليم بكل شيء، عليه أن يبين لكم الحلال والحرام والخير والشر ما يترككم سائبين كالأنعام، بل بفضله وإحسانه جلَّ جلاله -وتعالى في علاه- أكرمكم بالوحي، ما أنزل أبانا آدم إلى الأرض إلا ومنهجه معه (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ) [طه:123]، خرج بالمنهج سيدنا آدم بالأمر والنهي، ما جاء كذا ولا تُرك لنفسٍ ولا لهوى ولا لمجرد الفكر البشري.
يقول سبحانه وتعالى (وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبِيلِ)؛ أي هو المتكفل ببيان الحق لكم والهدى ومبينهُ لكم وليس تارككم لورطات قصور نظركم وعقولكم وأفكاركم، بل سينوِّرُ لكم الدرب والطريق بالوحي والتنزيل. (وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبِيلِ)، الله العالم الخالق المدبر المحيط بكل شيء عليه قصد السبيل؛ فلا تتشتتوا ولا تتشككوا ولا ترموا بأنفسكم على ذا وذاك، يقول : أنا بدلّكم وأرشدكم. (وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبِيلِ)، أنا الذي أبيِّن لكم، (قَصدُ السَّبِيلِ)؛ أي السبيل القويم العدل الحق المؤدي إلى المقصود. (قَصدُ السَّبِيلِ)؛ السبيل القصد المعتدل القويم المؤدي إلى المقصود، قال: عليّ بيان ذلك (إِنَّ عَلَينَا لَلهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى) [الليل:12]، وهل من يهديكم؟ وهو رب الآخرة والأولى، كمن يدعي أنه يهديكم وهو لا يعلم من نفسه، ما هو في نفسه! فضلا عن الكون وما فيه! مخلوق غير خالق، هل يمكن؟ الله الله.
قال (وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبِيلِ وَمِنهَا جَائِرٌ)؛ أي من السبل ما هو جائر؛ سُبل الفساد بأنواعه والكفر بأنواعه والزيغ والفسوق بأنواعها. (وَمِنهَا جَائِرٌ)؛ خارج عن سواء السبيل؛ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ) [الأنعام:153]. (وَمِنهَا جَائِرٌ)؛ من اتبعها ظل وزل وغوى ووصل إلى النار والعياذ بالله تعالى. (قَصدُ السَّبِيلِ)؛ الحق والهدى ومن تمسك بها نجا ووصل إلى القصد؛ وكانت مآلهُ الجنة.
(وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبِيلِ وَمِنهَا جَائِرٌ) ثم لا تعجبوا مع هذا البيان وهذا الإنعام وإنزال الرسل وإقامة الحجج، أن كثير منكم يتعامون ويتصاممون ويتغافلون ويتركون ويدبرون او يعرضون، (وَلَو شَاءَ لَهَداكُم أَجمَعِينَ (9) ) جلَّ جلاله. ولكن يختص من يشاء برحمته، لذلك أمرنا أن نطلب الهداية في كل فاتحة نقرأ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة:6]، قال سيدنا الحسن علمني جدي رسول الله ﷺ دعاءً أدعو به في صلاة الوتر، في رواية عند المروزي، وفي صلاة الفجر "اللهمَّ اهدِني فيمَن هدَيتَ"، "اللهمَّ اهدِني فيمَن هدَيتَ"، (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) [النور:35].
(وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبِيلِ وَمِنهَا جَائِرٌ وَلَو شَاءَ لَهَداكُم أَجمَعِينَ (9) )، ومع هذه الحيوانات المسخرة لنا لنركبها، ماجاءنا في رواية الإمام أحمد وعند الإمام الحاكم وصحّ وكذلك عند أبي يعلى، أنه ﷺ، يقول سيدنا أنس، مرَّ في السوق، وإذا بأقوام وقوفٌ على دوابَّ لهم ورواحلَ، يتكلمون عليها وهم واقفين وراكبين عليها فقال صلى الله عليه وسلمﷺ، منبع الجمال ومحل الكمال وتوجيهاته، قال لهم : "اركبوا هذه الدواب سالمة ودعُوها سالمةً ولا تتَّخِذوها كراسيَ لأحاديثِكم في الطُّرقِ والأسواقِ فرُبَّ مركوبةٍ خيرٌ من راكبِها وأكثرُ ذِكرًا للهِ تبارَك وتعالى منه". جاء في رواية ابن أبي شيبة يقول ﷺ: "لا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوابِّ كَراسِيَّ لِأحادِيثِكُمْ، فَرُبَّ راكِبِ مَرْكُوبَةٍ هي خَيْرٌ مِنهُ، وأطْوَعُ لِلَّهِ وأكْثَرُ ذِكْرًا"؛ (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء:44].
لذلك جاءنا في بعض الآثار أنه إذا لعن إنسان الأرض، قال بتجيب به الأرض، تقول لعن الله عصانا له؛ الذي هو عاصي أنا ولا أنت هو! هي ماعصتْ، أنت الذي عصيت؛ لهذا قال لما تجي تركب الدابة وتجلس فوقها، تتكلم أنت وصاحبك، قال وقت الركوب؛ ولذا جاءوا في آداب السفر للحج ولغير الحج أن يريح الدابة أحيانا، اتركها تمشي وحدها يمشي هوعلى رِجل وهكذا؛ لأن نعلم أن المنعم أنعم علينا سبحانه وتعالى لنعرف قدره، بإعطاء هذه النعم حقها وهو الذي سخرها لنا، فلذا أنكرعليهم أن يقوموا متكلمين متحدثين عليها من دون الحاجة لذلك، فأرشد إلى حسن الاستعمال وجمال الاستعمال ﷺ، رزقنا الله حسن متابعته، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
اللهم اكتب النجاح والفلاح والفوز واجمع قلوب عبادك المؤمنين والصادقين الراغبين في الوفاء بعهدك في شرق الأرض وغربها على الصدق معك والوفاء بعهدك حتى توتيهم ما وعدت على لسان رسولك (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخزِنَا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخلِفُ المِيعَادَ) [آل عمران:194]، ثبتنا ووفقنا وأسعدنا وزدنا من فضلك ما أنت أهله ياأرحم الراحمين.
الفاتحة
اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وآله وأصحابه
28 صفَر 1444