(536)
(228)
(574)
(311)
إن الذين ينادون بالحريات في العالم من البشر فيقولون: تخلَّوا عن الأديان، وتخلَّوا عن الأداب، لا تتقيدوا بالماضي..قومٌ تكثرُ مغالطاتُهم لأنفسهم، فإنهم يضطرون إلى انتزاع الحرية تماماً رضوخاً لقوانين وضعية، أو انسياقاً وراء شهوات دنيئة، فبئس التفسير للحرية بهذا التفسير. فهم يسلبونك الحرية، لتنطلق معهم في الإباحية.
لكن الله الذي خلَقَ الناس وأراد تكريمَهم ورحمتَهم أنزل لهم المناهج ليضبطَ سلوكَهم، وجعل القدوة أصلاً حتى للقمَّة من الأنبياء، ثم جاء لسيد الأنبياء يقول له: ( أولئك الذين هدى اللهُ فبِهُداهُم اقتدِه )
فليس من العقل أن أنزع زمامِي مِن خيار خلقِ الله المقربين لديه لأسلِّمه للفجرة والفاسقين وأكون بذلك حرا، أي حرية هذه؟! هذا هو التردِّي، هذا السقوط، هذا التسفُّل، هذه المهانة.
الحرية أن أتعالَى عنكم وأهويتكم وشهواتكم الدنيئة وتفكيراتكم القاصرة، وأتلقَّى تعاليمي من خالق البشر، وأقتدي بخيار البشر وأفاضلهم وأكابرهم وأرتبط بهم وأهتدي بهديهم، هذه هي الحرية. إذاً فمفاهيمنا للحرية مفاهيم العلو والسمو وحقائق الفقه الإنساني والذوق الرفيع.
وأما الدعوات التي يغترُّ بها من لم يذُق رفعةَ الخضوع لله وعلوَّ التذلُّل لعظمة الله وحلاوةَ المناجاة للرحمن، فليس هي الحرية، بل هذه أغاليط يغالطون بها أنفسَهم ويضرُّون بها أبناءَ جنسهم.
فإرادة أن نقطع أزمَّةَ الاتباع للأنبياء والأولياء لنستبدلَها بحريةِ الاتباع للأغبياء والأشقياء، هذا مفهومٌ ضالٌّ، ليس فيه مِن العقل ولا مِن الحقِّ شيء، هذا الباطل بعينه، وهذا هو الضلال، نعوذ بالله من غضب الله.
06 ذو القِعدة 1444