(231)
(536)
(574)
(311)
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في لقاء مع أهل الفن والإعلاميين في كوالالمبور، ماليزيا، ليلة الجمعة 6 ذي القعدة 1444هـ ، بعنوان:
للاستماع مع الترجمة الملاوية المباشرة (Terjemah bahasa indonesia):
للمشاهدة مع الترجمة الملاوية المباشرة (Terjemah bahasa indonesia):
• الداعي في هذه المجالس الله جل شأنه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يتمثل المجلس باسم المُنظّم أو المُتكلّم، فنحن في ساعة استجابة مع الحق جل وعلا.
• مظاهر الرحمة الإلهية متنوعة ومفتوحة لكل من أراد اللهَ ورسوله.
• ينبغي لكل من هو قائم في مجال عمل سواء كان من الفن أو التواصل الاجتماعي بعد اليوم أن ينوي في عمله الدعوة إلى الله ونفع الناس وربطهم بالله ورسوله، وبذلك يصبح مؤثرًا في صلاح الناس وتقريبهم إلى الله.
• يحتاج منكم أن تبتكروا محتوى وتعملوا فكركم في ما ينفع الناس ويقرِّبهم إلى التعلق بالمنهج الصحيح المرتبط بالنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وضرب أمثلة ونماذج لمظاهر الرحمة المتنوعة من الرحمن الرحيم والتي تجلَّت في سيد الرحمة عليه الصلاة والسلام، ليكون القدوة العظمى لنا.
وختم المجلس بدعوات مباركة بالتوبة والرجوع الى الله ودوام الرجاء في كرم الله وإحسانه.
ثم فتح المجال لأسئلة الحضور من أهل الفن، ومنها سؤال من أحد الشواذ (المثليين)
(يمكنكم الاطلاع على الصور في أسفل الصفحة)
Ceramah Al-'Allamah Al-Habib Umar Bin Hafizh dalam pertemuan dengan para seniman, artis, dan ahli multimedia di Kuala Lumpur - Malaysia, yang dilanjutkan dengan sesi intervensi dan tanya jawab, pada malam Jum'at 6 Dzul Qo'dah 1444 H
Berjudul: Kewajiban Mengharap Kepada Allah dan Bertaubat Kepada-Nya
Di antara intisari yang terpenting darinya adalah:
• Hakikat dai (penyeru) dalam majlis seperti ini adalah Allah Yang Maha Esa dan Rasul-Nya, SAW. Majlis ini tidak terselenggara oleh sebab penyelenggara atau pembicara. Maka kita saat ini berada dalam waktu Ijabah dengan Yang Mahakuasa.
• Manifestasi rahmat ilahi beragam dan terbuka bagi setiap orang yang mencari Allah dan Rasul-Nya.
• Setiap orang yang bekerja dalam suatu bidang pekerjaan, baik itu seni atau komunikasi sosial, setelah hari ini hendaknya berniat dalam pekerjaannya untuk mengajak orang kepada Allah, memberi manfaat kepada mereka dan menghubungkan mereka dengan Allah dan Rasul-Nya, hingga pekerjaannya menjadi berpengaruh positif dalam memperbaiki umat manusia dan membawa mereka lebih dekat kepada Allah.
• Ini membutuhkan kalian untuk berkreasi dalam pembuatan suatu konten dan memikirkan apa yang bermanfaat bagi orang-orang dan membawa mereka lebih dekat ke cinta pada Manhaj yang benar yang terhubung dengan Nabi SAW.
Al-Habib Umar memberi beberapa contoh dan gambaran dari berbagai fenomena rahmat dari Yang Maha Pengasih lagi Maha Penyayang, yang diwujudkan dalam sang pemimpin Rahmat, 'alaihi sholatu was salam, untuk menjadi suri tauladan bagi kita.
Majlis pun diakhiri dengan doa yang penuh berkah untuk taubat, kembali kepada Allah, dan terus berharap dalam kemurahan hati dan kebajikan Allah.
Kemudian sesi dibuka untuk pertanyaan dari para hadirin para seniman, termasuk pertanyaan dari salah satu anggota LGBT (homoseksual).
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
الحمد لله، وفرصة طيبة وساعة مباركة في ساعة اتصال عبيد بسيدهم ومولاهم، ومخلوقين بخالقهم، ومصنوعين بصانعهم، وقد أخبرهم هذا الخالق الصانع البارئ أنهُ لا يوجد رحمة - وهو خالق الرحمة - في قلب أب ولا أم ولا سِواهما من رحمته هو بعباده؛ بل أرحم بعبده من نفسه، جعل في قلب نبيه الذي أرسله إلينا رحمة تزيد على رحمة آبائنا وأمهاتنا بنا، ورحمتنا بأنفسنا؛ لهذا قال (النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) [الأحزاب:6].
وقد رأى ﷺ يوماً امرأة في غزوة من الغزوات فقدت ابنها، وكان لها طفل رضيع لقيه بعض الصحابة فحمله، حتى هدأت الحرب والناس، وحمل الصبي يقول من أمُّ هذا تدركه قبل أن يشتد به الجوع ويموت، وأخرجت الأم رأسها من الخيمة فرأت ابنها فأقبلت بقوة تلهفُ حتى ضمّتهُ إلى حجرها تبكي، دمعت أعْيُن الصحابة من المنظر، قال ﷺ ما يبكي؟ قلت من رحمة هذه الأم بابنها، قال لهم: أترون هذه الأم طارحةً ولدَها في النَّارِ؟ قالوا لا، والله يا رسول الله ما دام تجد سبيلاً أن لا تضعهُ في النار، قال لهم والله لَلَّهُ أرْحَمُ بعبده المؤمن من هذه بابنها. فماذا تظنون في مجلس عبيد مع سيدهم الرحيم، خلق مع خالقهم الكريم ومصنوعين مع صانعهم العظيم!
ذكّرت التي نسّق الله ويسّر على يدها هذا الحفل من معهد فاطمة الزهراء، أن المجلس ليس مجلسها وإنما كانت واسطة وسبب؛ وكذلك نقول لكم ليس المجلس مجلسي، ولكن واسطة وسبب؛ هو مجلس نور رسول الله ومجلس رحمة الله الرحمن. وقد ذكر لنا رسوله في صِفة هذا الرحمن جل جلاله: أنه أفرح بتوبة عبده من الضال؛ الذي ضل شيئاً ثمينا له ثم وجدهُ فجأة، ومن الظّمآن الذي اشتد ظمأهُ ثم وجد الماء فجأة، ومن عقيم لا ولد له حملت زوجته وجاء الولد؛ وهو الغني عن الخلقِ أجمعين، ولكن هذه رحمته.
وقد علق الشيطان قلب رجل من بني إسرائيل بامرأة، كانت خادمة لبعض الناس في منطقته وأخذ يتتبّعها حتى أرسلوها يوماً إلى قرية خارج قريتهم، فلحقها في الطريق فلما دنى منها يكلمها، قالت له يا هذا أنا في نفسي أشد شوقاً إليك منك إلي، لكني أخاف الله. لما خرجت الكلمات من قلب صادق؛ أثّرت في قلب الرجل؛ فندم على فعله وتاب إلى الله ورجع تائب، يمشي في الطريق في الشمس، فصادف عابداً من عُبّادهم -صالحًا معروفًا فيهم- يمشي معه يريدان القرية، لما آذتهم الشمس قال: تعال ندعو الله أن يسخر لنا سحابة تظلنا من الشمس، وقال العابد للرجل: ادعو الله أنت، قال: لا؛ إنما أنا عاصي وأنا مذنب، أنت تدعو الله وأنا أؤمن على دعائك، فدعى الله ذاك العابد، وأمن الرجل؛ وطلعت سحابة فوقهم تمشي معهم حتى وصلوا البلد، وفي البلد كان طريق هذا إلى هنا، وطريق هذا إلى هنا، فافترق فتبعت السحابة ذلك التائب، فاستوقف وقال تعال تعال إلى هنا، تقول لي أنك عاصي وأنك مذنب وأنا دعوت وأنت أمنت وجاءت السحاب والآن تتبعك، من أين جئت؟ وماذا عملت، قال: أنا كما قلت لك عاصي، قال فمن أين جئت الآن، قال: خرجت أتبع امرأة، ولكن وقع الندم في قلبي، وقالت لي كذا وكذا؛ فعجب الرجل العابد وقال: إن التائب عند الله بمكان لا يبلغه غيره.
قد كان واحد في المنافقين ثم أوقع الله الإيمان في قلبه فجاء إلى النبي محمد قال: يا رسول الله الإسلام والإِيمَان هَاهُنَا، يشير إلى لسانه، والظلم والكفر هَاهُنَا، يشير إلى صدره. قال: ألست جئت تائبًا إلى الله، قال نعم، قال وأنا أستغفر لك الله، قال يا رسول الله معي أصحاب كنت أنا وإياهم أَتعَاوَنُ على إيذائك وعلى مضادة دينك وعلى إيذاء أصحابك والآن أدُلّك عليهم حتى تعرفهم، فقال ﷺ: لا، بل من جاء منهم تائبًا استغفرنا له كما استغفرنا لك، ومن أصرّ فحسابهم على الله؛ هذا نبيكم محمد الذي أرسله الله إليكم رحمة، به كنتم خير أمة وأنزل الله عليه (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) [النساء:64].
وقد ذكر عددٌ من المفسرين والفقهاء قصة رجل يقال له العُتْبي، كان جالسا عند قبر النبي محمد ﷺ في حُجرته الشريفة، فجاء أعرابي يُسلِّم على النبي وعلى سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر، ثم قال يا رسول الله سمعت الله يقول (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)، وقد جئت تائباً إلى ربي مستغفراً من ذنبي، فاستغفِر لي يا رسول الله، ثم انصرف، قال فنعستُ فرأيت النبي ﷺ مقبلًا عليه يقول قم يَا عُتْبي الْحَقْ الأَعْرَابِيَّ وَبَشّرْهُ بِأن الله تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَه.
ومثلها قصة أخرى حصلت أمام القبر الشريف، جاء أعرابي فسلّم على النبي وصحبه، وقال: اللهم أنت الله ربي، وهذا مُحمد نبيك، وأنا عبدك، وإن الشيطان عدوك فإن تغفر لي يفرح نبيك ويحزن عدوك وينجو عبدك، وإلا تغفر لي يحزن نبيك ويفرح عدوك ويهلك عبدك وأنت أكرم مِن أن تحزن نبيك وترضي عدوك وتهلك عبدك، ومشى وكان بعض الصالحين هناك، فرأى النبي قال قم فالْحَقْ الأَعْرَابِيَّ، فقل له: إن الله غفر له بِحُسن مسألته.
وقد حصل في حياته ﷺ ما هو أعظم من ذلك وأجل، عددٌ قاموا بإرادة أعظم الذنوب وأكبر الجرائم أرادوا قتل النبي محمد ﷺ وهذه جريمة؛ ذنوبنا وذنوبكم جميعاً ما تُساوي عُشُرها، فدعا لهم النبي ووضع أيديه على صدورهم فتحوّلوا إلى مؤمنين أتقياء وصالحين ومُقرٍبين، منهم: عمير بن وهب جلس في ظل الكعبة في الحِجر مع صفوان بن أمية، وقال عُمير: لولا دَيْن علي وعيال لي لذهبتُ فقتتلت محمدا وأنا أستطيع التعذر بأن ولدي عندهم مأسور من بدر وأقتل النبي محمد، فقال له صفوان: أولادك أولاد لي ودينك علي قضاؤه ولك من المال كذا، قال: فاكتم علي أمري حتى أذهب وأُنفِّذ هذه الخطة، وسن سيفه وسمهُ -جعل فيه السم- و توجَّه إلى المدينة. فكان صفوان يقول لأهل مكة سيأتي خبر في هذه الأيام ينسيكم وقعة بدر ومن قتل من آبائكم، ووصل عمير إلى تحت المسجد النبوي، وشاهدهُ سيدنا عمر مع الجماعة، فقال سيدنا عمر هذا وجه شر ليس بوجه خير وما جاء لخير، وقام فأمسك به حتى أدخله على النبي ﷺ فقال النبي: أطلقهُ يا عمر، وتقدم عمير إلى أمام النبي ﷺ مباشرة والسيف معه، قال له: ما جاء بك يا عمير، قال جئت أتفهم معكم في شأن ابني عندكم مأسور فأفاديكم فيه وأعطيكم مال استخرج ابني، قال فما بال السيف، فأجاب الجواب الدبلوماسي على قولهم يقال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئًا يوم بدر؟ قال: اصدقني يا عمير لماذا جئت؟ قال: ما هو إلا لأُخَاطبكم في ولدي، قال له: لا بل جلست مع صفوان في الحِجر وقلت له كذا وقال لك كذا وتكفّلتَ بقتلي وجئت لتقتلني، والله حائل بينك وبين ذلك، اهتزّ قلبه، قال والله ما علم بهذا أحد غيري وغير صفوان حتى أهلي وأولادي وأهله لا يعلمون؛ ولكنك نبي حقاً امدد يدك أنا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن محمداً رَسولُ اللهِ. الناس في مكة يقولون صفوان ما الخبر الذي تقول عنه؟ قال سيأتي هذه الأيام، وأخذ يترقّب من يجيء نحو المدينة، يقول هل من خبر؟ هل من حدث؟ يقولون لا. حتى وصل ناس من المدينة، قال لهم هل في المدينة خبر؟ قالوا لا. ما فعله عمير بن وهب؟ قالوا قد أسلم، قال كيف ذلك؟ ما يكون! قالوا قد كان. انظر كيف تحوّل على يد النبي من أكبر شقي في الوجود إلى سعيد مع السعداء؛ لِعظمة هذا النبي عند ربه.
قالوا تتعجب الملائكة يوم القيامة مِمّن نجا من الأمم السابقة، كيف نجا؟ وقدر على النفس والهوى والشيطان! لكن إلا أمة محمد يتعجّبون مِمن هلك! كيف يهلك؟ والرحمة أمامه والتيسير أمامه.
ويا مُشتغلين بالفن بأصنافكم وأنواعكم وأنتم تشهدون أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن محمداً رَسولُ اللهِ ﷺ، كلُّ من كان يكره المحرمات وإن فعلها ويرى التقصير فيها؛ فبشِّروه أنه قريب من الرحمة. الخطر الكبير لمن يُصِرّ على المعصية ويفرح بها ولا يُبالي ولا يستحضر عظمة الله تبارك وتعالى، ومع ذلك فكم من مُعاند ومُكابر يهديه الله، والأمر له، ولا حق للخلق أن يحكم على أحد بجنة ولا نار فإن لهم رب هو الذي يتصرف فيه.
عابد من عُباد بني إسرائيل يمشي فجاء خليعٌ فاسق من فسّاق بني إسرائيل، وقال في نفسه أنا أمشي مع هذا العابد لعل الله يرحمني ببركته، فنازل العابد نفخة من الشيطان وتكبّر، وقال أنت خليع بني إسرائيل وأنا عابدهم، لماذا تمشي معي؟ ابعد عني، فأوحى الله إلى نبيهم في ذاك الزمان: قل لفلان العابد قد أحبطت عمله كله وعبادته، وقل لفلان الفاسق قد غفرت له كل ما كان من عمله فهما الآن سواء، فليستأنفا العمل. وهكذا نظرُ الله إلى القلوب حتى قالوا رُبّ ذي معصيةٍ أورثتهُ ذلًا وانكسارًا كان أقرب إلى رحمة الله مِن صاحب طاعةٍ أورثتهُ عزاً واستكبارا.
وحدثنا النبي عن رجل من بني إسرائيل أيضاً كان من الصالحين وعطش في برّية وصحراء فأُغمي عليه من العطش، وجاء رجل كان من العُصاة ومعه ماء، لما رأى أثر الإنسان أقبل عليه فعرف أنه أغمي عليه من العطش، فعرفه أنه العابد الصالح، وأخذ يقول إن أعطيته هذا الماء ربما أنا أتعرّض للعطش في هذه الصحراء فأتضرّر بذلك، وإن تركتُ هذا الرجل الصالح في هذا المكان وبخلت عليه بمائي فما أظن أن يرحمني الله بعدها أبداً. فخرج وقطر في فمه من الماء حتى أفاق وسقاهُ الماء، قال ﷺ فإذا كان يوم القيامة أمر الله الملائكة أن تأخذ ذلك العاصي إلى النار، قال فيرفع الله له وجه العابد الذي أنقذهُ والملائكة حاملته إلى النار، فيقول يا فلان هل تعرفني؟ قال من أنت؟ قال أنا الذي سقيتك الماء في يوم كذا وكذا، قال فيقول للملائكة قفوا حتى أسأل ربي فيه، وهو يقول له هؤلاء الملائكة تأخذني إلى النار فإن كان لك عند الله جاه ومكان فتشفّع فيّ، فأخذ يسأل الله ونزل الوحي من الله، قال خذ بيدهِ فأدخله معك الجنة، فتتخلى عنه ملائكة العذاب ويأخذ بيده ويدخلان الجنة معًا، الله، لا إله إلا الله.
وهكذا أنبأنا ﷺ عنِ الله بالنبأ العظيم وعلّقَ قلوبنا به وبرحمته، ها نحن بين يديه -جل جلاله وتعالى في علاه- تُعرَض علينا بضاعة حملها إلينا رسول الله ﷺ؛ علِمنا بها أن أهل الذنوب والمعاصي ما دام الواحد منهم يكره تلك الذنوب ويُحِبّ التوبة عنها فهو على خير، ثم إن كان في أثناء تلك المعاصي أو بين أهل المعاصي يتجنّب شيئاً من المعاصي فيكون ما يتجنّبهُ كفارة لشيء يفعله وهكذا؛ حتى تأتيه رحمة الله، وإن كان في أثناء ذلك يذكر الله بقلبه وينوي الخير له ولمن حواليه؛ فيكون كذاكر الله في الغافلين يتضاعف له أجره ويعظُم قدره، ذاكر الله في الغافلين كمنزلة الصابر في الفارّين؛ الصابر يعني في الجهاد في سبيل الله أمام الهاربين الفارّين من الزحف، ومَثَل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر كمثل الحي والميت.
لما كانت الأسواق محل الغفلة غالبا جعل صلى الله عليه وسلم في الذكر في السوق ثواباً خاصاً فقال في الحديث الصحيح من مر في السوق فقال "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، ورَفَع له أَلْفَ ألفِ درجةٍ "؛ فهذه ثلاثة ملايين يحصلها في المرابحة مع الله تعالى في لحظات! مليون رنقت (عملة ماليزيا) ومليون دولار صعب يحصلها في لحظات، ولو حصل ملايين الرنقات والدولارات ستذهب وتفنى ثم لا تنفع ولكن هذه الملايين تستمر له إلى الأبد.
من عرض علينا أيّ شيء من شهرة أو مال أو غير ذلك في الدنيا، فهذا الله ورسوله يعرضان علينا الجنة والرضوان وسعادة الأبد، وكلُّ من له وِجهه إلى الله وصدق مع الله؛ يتحوّل جميع حاله حتى فنّه وأغانيه وأصواته إلى سبب قُربة إلى الله؛ بل إلى دعوة إلى الله تعالى، وهكذا استقبلن البنات الصغار في المدينة رسول الله بالطيران ينشدن ويقُلن:
نحنُ جَوارٍ من بني النجارِ ** يا حبّذا محمدٌ من جارِ
فلما مررنا عليه وهو على باب بيت أيوب الأنصاري وقفن، فقال أتحببنني؟ قلنا نعم يا رسول الله، قال الله يعلم أن قلبي يحبكم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وكان يقول لسيّدنا حسان الشاعر: إن جبرائيل وميكائيل معك ما نافحتَ عن رسول الله، وقال إن من الشعر لَحِكمة.
من لطيف ما وقع لبعض مشايخنا هنا كان يسمعُ في سيارة قصيدة تُنشدها أم كلثوم المصرية، كان في الكلمات كلمات طيبة ويأخذُ الشيخ منها معاني رفيعة وبعضها تُشير إلى النبي ﷺ، فقال له عالم بجنبه: يا شيخ ماذا تسمع هذا؟! قال إن هذه التي تُغني ستُصلي على جنازتها أنت، بعد مدة ذهب هذا العالم معه بنت يعالجها في القاهرة في مصر، ويمشي يوم في الطريق فوجد جنازة فيها ناس كثير، قال للسائق اصبر حتى نُصلي على هذه الجنازة، وخرج يُصلي معهم على الجنازة، ولما رجع يسأله من؟ قالوا له جنازة أم كلثوم، فلولا تدارُك الله لها بالرحمة وحسن خاتمة ما صلى هذا الولي عليها، لِله في خلقه شؤون جل جلاله.
نرجو لا يحضر أحد منكم شيئاً من نشاطات الفن أو القيام بشيء مما يتعلق به من بعد اليوم إلا وهو ذاكر لله وناوي الدعوة إلى الله تعالى؛ هذا مشروع مُربح ربحه أبدي، وما جعل الله منكم من جعل؛ سبباً لهداية كثير من الخلق، وأنتم من خلال هذا الطريق ستصلون إلى أقوام وقلوب يصعُب على العالم أن يصل إليهم، والداعي أن يصل إليهم، فتكونوا أنتم نُوابًا عن رسول الله ﷺ في الوصول إلى هؤلاء. وقد قال ﷺ لسيدنا علي وهو يتوجّه لقتال عُتاة من اليهود "فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم".
لماذا حضرتم إلى هذا المكان؟ لو كان فيكم مُجرد من حضر فضولي فقط؛ ينظر ماذا يجري؟ لكان مُتعرض لرحمة الله وأن يغفر له في المجلس، فكيف إذا كان جاء من أجل الله؟ فإن الله يقول للمجتمعين على ذكره: أُشهدُكم يا ملائكتي أني قدْ غَفَرْتُ لهمْ، فيقول مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ: فيهم فُلانٌ خطّاء؛ يعني كثير الخطايا والذنوب، ولم يأت بقصد الذكر وإنما لحاجة فحضر معهم، يقول الله: وله قدْ غَفَرْتُ لهمْ، هم القومُ لا يَشقى بهم جليسهم.
تجالسنا جلسة في الله تعالى وكل من مات مِنا على الإيمان أرجو له ثمرة هذا التجالس في الله، أتدرون ما ثمرة التجالس في الله؟ يُنادي مناديه يوم القيامة: أين المُتجالسون في؟ أين المتحابُّونَ في؟ أين المتباذِلون في؟ اليومَ أُظلُّهم في ظلِّ عرشي، يومَ لا ظِلَّ إلا ظلِّي"؛ بل نرجو هذا العطاء من الله لمن كان يشاهد هذا وهو غير حاضر معنا هنا على أي وسيلة من هذه الوسائل، وتمنّى بأمنية صدق بقلبه أنه يكون حاضرا أن الله يدخلهُ في فائدة التجالس في الله! سامحونا على التطويل، إنا لمُنتظرون ثمرات هذا المجلس في الحياة وعند الوفاة وفي البرزخ ويوم القيامة، جزى الله تعالى من كان سبباً في جمعهم.
إنّ من مظاهر هذه الرحمة حضرتم وعليكم أدب وعليكم سكينة واستمعتم من أجله جل جلاله، وما يفعل ذلك بكم إلا وهو يريد بكم خيراً، سمعتم الكلمة الترحيبية والمُرتِّبة للمجلس جاءت أيضاً بزي يُفرح فاطمة الزهراء التي أقامت المجلس باسم المعهد المسمى بفاطمة الزهراء؛ فهذا مظهر من مظاهر الرحمة والخير، ومن أحب أحداً فأخلص في محبتهِ فمات على ذلك حشره الله في زمرته، فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وكل امرأة ستصير إلى الجنة سوف تشعر في الدنيا قبل الآخرة بسيادة فاطمة، جعل الله نساءنا محشورات في زمرة سيدتنا فاطمة. وقد قال ﷺ لسيدنا أنس: "إني وهذان -يعني الحسن والحسين- وأمهما -يعني فاطمة- وذاك النائم -يعني سيدنا علي- في مكان واحد يوم القيامة"، أرانا الله وجوههم ذاك اليوم.
وهذا الوقت آخر يوم الخميس بالنسبة لتوقيت المدينة ومكة، ويوم الخميس تُعرض فيه الأعمال على الله، فالمجلس أيضا يُعرض على الله وعلى رسوله محمد ﷺ، مرة أخرى سامحونا على التطويل ونسيت أن الوقت قد طال وأنه يمكن أن يسأل منكم سائل، فالعفو منكم وجمعنا الله على الخير.
السؤال الأول (من يوسف حسبي):
أعمل في خدمة المجتمع في إحدى المؤسسات. كثيراً ما يصادف عملنا شيء من سوء التفاهم والاختلاف، بل أحياناً المضاربة مع الآخرين وبعض المُتعصّبين، في الحقيقة لسنا أشخاص جيدين ولا ندعي ذلك، ولكننا نحاول الخروج من هذه الورطة وعالم الهزل واللعب، فنسمع كثيراً من الناس يتهموننا بالتظاهر وتصنُّع الخير -وهو صحيح في الحقيقة وهكذا كنا في الماضي-، ولكننا الآن نسعى جاهدين في خدمة المجتمع. فالسؤال: كيف التعامل مع هذا الواقع ونثبُت على ما نحن فيه في هذا العمل؟
إجابة السؤال 1:
لا تتكاسلوا عن القيام بالخدمة بالنية الصالحة لأي عارض أو عائق، ومهما تيسر طريق سهل وقريب فآثروا؛ وعوِّدوا أنفسكم على إيثار القريب والسهل واليسير، وبعض المواقف التي لا يمكن استخراج الحق لذي الحق وإنقاذ المظلوم أو إسعافه بِحق ونُصرة المظلوم، فيمكن ذلك بشيء من رفع صوت أو أذى لا يصل إلى إسالة دم ولا إلى كسر عظم ولا شيء من ذلك، وإلا صار مشكلة أخرى نحتاج أن نتدخّل فيها، ولواحدٍ بين هذا وهذا فصارت مشكلتين بدل المشكلة الواحدة، بل إذا لم يتأتى ذلك لا بلطف ولا بعنف لا يؤدي إلى كسر عظم ولا إسالة دم فضلا عن قتل نفس، إذا لم يتأتى؛ فيرجعوا إلى أولي الأمر وإلى مَن عندهم النفوذ والقُدرة على استخراج حق المظلوم، ولا نتصرف نحن بِظُلم آخر فلا يعالج الخطأ بخطأ.
السؤال الثاني، (السيدة إيلوفا):
" أنا نائبة عن أرباب التمثيل والغناء، نود أن نسألكم عن حُكم الغناء المعروف أنه من ضرب التسلية، ما حكم الغناء للنساء؟ إن كان جائزاً فما الضوابط فيه، وإلا فما البيان عنه؟ جزاكم الله خيراً "
إجابة السؤال 2:
نعم، كلُّ ما كان فيه تنشيط وتسلية يُقيَّدُ بِقَيد المباحات فيكون من جملة المُعينات؛ المعينات إذا استعملت بالنية الصالحة صارت من جملة الخير، فبالنسبة للغناء واحدٌ من ذلك، والغناء بكل كلام لا يبعث على إثارة النزاعات والخصومات بين الناس، ولا أن يُحارب الناس بعضهم البعض، ولا أن يعتدي بعضهم على بعض، ولا إغراء بِشرب المسكرات والخمور، ولا إغراء بفعل الفواحش وما إلى ذلك، ما خلا عن ذلك كله؛ فهو في ذلك جائزٌ في أصل حُكم الفقه في الشرع المُطهّر، وإنما إذا كان فيه الإثارة للمُحرمات أو الحث عليها، أو التكسيل عن الواجبات، أو الاستهزاء بالدين وما إلى ذلك؛ يخرج إلى الحُرمة بعد ذلك. كذلك إذا كان فيه الغناء أمام الشباب، الذين يُنزلون الغناء على مفاسد وعلى سيِّئات، وتعلم المُنشدة ذلك، فإذا سَلِمت الأنشودة والأغنية عما ذكرنا؛ فهي إما في المباح إذا كانت على حدٍّ لا توقِع في حرام وتحثُّ على خير، وقد ترتفع فوق ذلك وتصير إلى خير؛ بواسطة أنّ الأغنية التي تُغنّيها وفيها التسلية معها نية التقَوِّي على الطاعة، أو وسط الكلام أيضا حثٌّ على الخير، على الأخوّة، على الألفة، على التقارب، على التراحم وما إلى ذلك؛ فيتحول كما ذكرنا إلى دعوة إلى الله.
السؤال الثالث:
" أودّ أن أستفسر عن القرض الرَّبَوي، بعض القروض يصل النفع فيها إلى عشرة أو عشرين بالمائة، ما هو حكمه إن كان المُقترض في حاجة ماسّة؟
وسؤال آخر: صاحبي الصيني يسأل هل وضع اسم محمد بجانب اسم الجلالة فيه إثم وهل هو أمر خاطئ؟ "
إجابة السؤال الثالث:
أما مسألة الديون فعندنا حديثٌ عن رسول ﷺ يقول: "كل دَين جرَّ منفعة فهو رِبا"؛ فيجب أن يُتجنّب ذلك وقال ﷺ: كل ربا في الجاهليةِ موضوعٌ، وأوَّلُ ربا أضَعه؛ رِبَا عمي العبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلبِ رضي الله تعالى عنه، هذا سؤاله الأول.
والثاني: أما ما يكتب من اسم الله تعالى، واسم رسوله ﷺ، فعندنا القرآن مليءٌ باسم الله وبجانبهِ أسماء كثيرة وعبائر كثيرة وألفاظ كثيرة من أول المصحف إلى آخره، فنقرأُ (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) [محمد:1]؛ هذه آية من القرآن، ابتدأها بقول (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) جاء باسم الله تعالى بعد ذلك، وقال (أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) وخُذ هذا بِكثرة في القرآن، والقرآن يذكر الله ورسوله، الله ورسوله، ما في واحد يوم فكّر أنه في كتابة القرآن إذا ذكرنا الله ننقل اسم الرسول إلى السطر الثاني أو الثالث، ما أحد فكّر في هذا من أيام الصحابة إلى أيامنا هذا، فما في هذا إشكال من قريب ولا من بعيد، وليست المنزلة بالكتابة في الأسطُر، ولكنها في خواصٍّ من الأحوال تكون طريفة وظريفة لا يتغيّر بها نظم الكتابة، كما اختار ﷺ في وضع اسمه واسم الحق تعالى في الخاتم، فجعل السطر الأخير اسمه محمد، باب من باب الأدب لا يتناقض مع ما كان يكتبُ ﷺ ويُملي من القرآن، بل من أحاديثه الشريفة يذكر هذا بِجنب هذا وهذا بِجنب هذا، ويذكر عدو الله ويذكر رسول الله ويذكر هذا وهذا في جُملة واحدة فلا إشكال في مثل ذلك. علينا أن نُنشِّط بعضنا البعض في إعطاء الديون بلا ربا.
يقول الحق تعالى (نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ) [القصص: 3] فذكر النبي محمد وذكر موسى وذكر فرعون في سطر واحد، فهل فرعون مثل محمد ولا مثل موسى؟ لا والله.
السؤال الرابع، (من الفنان الماليزي هشام):
" في الحقيقة، ليس لدي أي سؤال، إنما طلب مُلِح إلى الحبيب عمر بن حفيظ، أنا تأثّرت من قصة العابد والتائب التي حكيتموها لنا، وطلبنا هو أن لا تنسونا في ذاك اليوم، إن قدّر الله أن لا ندخل الجنة فتفضّل بأخذ أيدينا إلى الجنة ولا تنسونا. "
إجابة السؤال 4:
اللهم لا تصرِف من مجمعنا أحداً إلا وسقيتَ قلبه نور الصدق معك، والمحبة لك ولرسولك، ولا تصرِف منا أحداً إلا وقد كتبت له رحمتك الواسعة الأبدية.
السؤال الخامس، (ذو الكفل محمد):
" أنا من الممثلين، وفي فن التمثيل لابُدّ على الممثل أن يُتقن دوره، وربما يتوجّب عليه أن يقوم بدور الزوج مع امرأة أجنبية كزوجته، ولإتقان هذا الدور قد يحصل شيء من إظهار الشهوة والمحبة والنظر واللمس وغير ذلك، فماذا نفعل ونحن في طريق السير إلى الله، وقد تبنا إلى الله من هذه المعاصي وتتكرر هذه الأشياء! "
إجابة السؤال 5:
لا يتأتّى تحريم ما أحلَّ الله ولا تحليل ما أحل الله تعالى، ونحن وإياكم عبيد للإله الواحد والحكمُ حُكمُه والأمر له، إن هذا الحق للإله وحده تجرّأ عليه بعض الناس في عالم الدنيا، وقالوا أنظمتنا احترِموها والتزموا بها، وأمام أنظمة الله وأديانه أنتم أحرار وأنتم في حُرية؛ ففسروا الحرية بالتجرّؤ على الله، والخضوع لأنظمتهم هم. فسواء كان الفعل المباشر مُحرّم ويجب لمن وقع فيه أن يتوب، وليس لمن لم يقع فيه أن يُحدِّث نفسه بالعمل ثم التوبة بعد العمل، أو كان مثيراً للغير كذلك؛ فإنّ من دلّ على هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، ومن دلّ على الإثم كان له من الآثام مثل آثام من تَبِعَه.
المطلوب أن تتفنّن التفنُّن القويم السليم في فَنِّكَ، وترتقي إلى مستوى نشر الخير والإغراء بالخير وبالمنافع والمصالح الظاهرة والباطنة، وبعض الذين مَثَّلوا في كثيرٍ من التمثيليات بعض الصحابة أو بعض الصالحين أثّر ذلك عليهم وعاد بِنور في قلوبهم بعد أن قاموا بتمثيل تلك الأدوار.
ومن الجميل أن تتطوّروا أنتم فتكونوا أنتم الذين ترسمون التمثيلية ومقاصدها وأهدافها، وتحددون أدوارها ولا تكونوا مُستأسرين لمن يضع لكم وأنتم تقولون أُمِرنا وطُلِب منا، بل أنتم مُروا واطلبوا أيضا بما تُقيمون من التمثيليات الهادفة الطيبة التي تنفع المجتمع. وكما أن كثيرا في العالم يخرجون إلى ما يُسمى بالطِّب البديل اقتناعاً منهم بأن في ذلك الطِّب فوائد أكثر؛ فنُحِب أيضاً أن تُقيموا أنتم في عالم الخلق التمثيل البديل والغِناء البديل وأنواع الفن البديل من سيء إلى حَسن ومن حَسن إلى أحسن. شغّلوا أفكاركم في كيفية الوصول إلى ذلك ويُيَسِّر الله لكم وفي مثل ماليزيا ستجدون فرص وإمكانيات توصلكم إلى هذه المقاصد أحسن من غيرها في كثيرٍ من البلدان.
السؤال السادس:
أنا نائب عن مجتمع المثليين هنا (Lgbt) أريد أن أسأل الحبيب عمر بن حفيظ، نحن كمتحوّلي الجنس اعترفنا بأننا لسنا بكاملين، السؤال هو: معظم المجتمع اليوم حكموا بأن مثلنا مكانه النار يوم القيامة، فما هو موقفكم عن مجتمع المثليين في العالم؟ لأننا نحن في الحقيقة ما زلنا في البحث عن طريق الرجوع إلى الله، خاصة في مثل هذه الليلة عندما سمعنا آن الحبيب عمر سيأتي إلى ماليزيا كنا متحمسين جداً بأن نحضر مجلسكم حتى نستفيد منكم.
وأخيراً، أشكر القائمة على البرنامج الأستاذة إرما فاطمة على حسن دعوتها لنا للحضور، ونشكر الحبيب عمر باللقاء ومشاركة علومه.
إجابة السؤال 6:
حتى الميكرفون والسماعة مثّلت معه كذلك تتوقّف وتجيء.
نقول: عَلِمنا أنَّ في الذنوب صغائر وكبائر، وأنّ الصغائِر تُكفِّرها الحسنات بأصنافها، وأنّ الكبائر يُكفرها شيء واحد: التوبة إلى الله تبارك وتعالى.
وجاء بعض الناس تعرّض في الطريق لقُطّاع الطريق أخذوا عليه متاعه، فجاء إلى رئيس هؤلاء قُطاع الطريق؛ لِيَستشفعوا أن يردّوا عليه بعض حاجاته وكتبه، وداروا بقهوة فامتنع رئيسهم من أن يشرب القهوة، قال ما لك لا تشرب القهوة؟ قال إني صائم، قال أنت رئيس عصابة تقطع طريق الناس وتصوم! قال ما نقطع كلّ حبالنا بيننا وبين الله نخلّي بيننا وبين الله حبل، رُبّما يرحمنا بسبب ذلك الحبل، وبعد سنوات جاء إلى الحج فوجد هذا الرجل يدعو الله عند الكعبة وهو في حال حسن، فسأله، قال: ذاك الحبل الذي أبقيتُه بيني وبين ربي أدركني به، وأنا قد تبت وصرت الآن في حال جميل.
فحافظ على ما بينك وبين الرحمن تعالى من حِبال صِلة، من مثل: أداء الفرائض الخمس إذا كانت في جماعة وأدركتَ التكبير فيها مع الإمام فهي أعظم وأفضل، وما وجب عليك من زكاة فأدِّها، انتبه من صوم رمضان، إن كان لك أب أو أم فبِرَّهُما، وجيرانك أحسن إليهم، لا تظلم صغير ولا كبير، وإذا أبقيت هذه الحبال كلها مع الله؛ فالمرجو أن يأخذ بيدك على رغم الشيطان وعلى رغم النفس الأمّارة ويأخذك إلى رحمته.
أما الحُكم بالجنة والنار من المخلوقين فليس لهم في ذلك الحُكم ولا المجال، والأمر دائر على الخاتمة وبماذا يُختَم للإنسان و (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) [إبراهيم:27].
كان سيدنا معروف الكرخي مع جماعة من أصحابه، فإذا بِشباب عندهم طَيش ويشربون الخمر المُحرم وهم في زَورق في البحر أمام الناس يتظاهرون بالسوء، فقالوا: يا شيخ ادعو الله على هؤلاء أمام الناس ما يَستحون، فرفع يديه وقال: اللهم كما فرّحتهُم في الدنيا ففرِّحهُم في الآخرة، قالوا طلبنا منك تدعو عليهم فدعوت لهم، قال إنه لا يُفرِّحهم في الآخرة حتى يتوب عليهم في الدنيا، ما أتم كلامه إلا وكان زورق هؤلاء الشباب يمشي نحو البر حتى خرجوا جميعهم وجاءوا إليه وتابوا على يديه، يا توّاب تُب علينا وارحمنا وانظر إلينا.
الخاتمة:
اللهم يا أوّل الأولين ويا آخر الآخرين، ويا ذا القوة المتين ويا راحم المساكين، ويا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين، تُب علينا وعلى جميع الحاضرين وعلى من يسمعنا وعلى من يصل إليهم هذا المجلس وما فيه، توبة نصوحاً، توبة نصوحاً، توبة نصوحاً تُزكِّينا بها يا ربنا قلبًا وجِسمًا وروحًا، يا تواب يا تواب ياتواب يا خير التوابين.
توجَّهوا إلى الله جميعاً بِقلوبكم وأقبِلوا عليه بِكُلِّيّاتكم، وهو أقرب إلى أحدكم مِن حبل الوريد، ألحُّوا عليه جميعا وقولوا:
يا توّاب تُب علينا ** وارحمنا وانظر إلينا
وارحمنا وانظر إلينا وكرِّروها ثانية وثالثة.
يا توّاب تُب علينا ** وارحمنا وانظر إلينا
يا توّاب تُب علينا ** وارحمنا وانظر إلينا
بِرحمتكَ يا أرحم الراحمين وجودِك يا أجود الأجودين.
نُحِب يستحضِر كُل واحد منكم أنَّ ما تدعوه إليه نفسه أو دعاه إليه أحد من أهل الأرضِ يُخالِف ما دعاه إليه الله ورسوله، فترجيحُه لما دعاه الله ورسوله خير له وأزكى في الدنيا والآخرة؛ هو خالقنا ورازقنا وبيده أمرنا، ومرجِعنا إليه وحده لا نرجع إلى أحد (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:23]، فتُب علينا يا خير التوابين وانظِمنا في سِلك حبيبك الأمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، يا الله يا الله.
توجَّهوا جميعاً ونادوه باسمهِ العظيم يا اللهُ! يا اللهُ يا اللهُ، يا اللهُ يا اللهُ، يا اللهُ يا اللهُ، يا اللهُ يا اللهُ، يا من يذكُر من ذكره، يا من يشكُر من شكره، توجَّهنا إليك، تذلّلنا بين يديك، يا الله يا الله، كما جمعتنا في الدنيا فاجمعنا يوم القيامة، وعلى حوض نبيِّك المُصطفى وفي دار الكرامة.
يا الله يا الله أصلِح ماليزيا وأهلها، واكتُب لهم أمنًا وإيمانًا وخيرًا واسعًا، واصفَح جميع البلايا عنا و عنهم وعن أمة النبي محمد، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله.
اسمع دُعانا ولبّي نداءنا وحقِّق رجاءنا، وتولَّنا في ظواهرنا وخفايانا ودُنيانا وأُخرانا، واختِم لنا بلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ، واجعل آخر كلام كل واحد مِنّا من حياته الدنيا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ، مُتحقِّقًا بحقائقها، واحشُرنا جميعاً في زُمرة خواصِّ أهل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وادخلنا جنتك من غير سابقة عذاب ولا عِتاب ولا فتنة ولا حساب ولا توبيخ ولا عقاب، إذا (أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُوم * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور:25-28]، اجعلنا من الذين يتقابلون في تلك الدار، مع خواص عبادك الأخيار، يا كريم يا غفار يا كريم يا غفار، يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين.
بسر الفاتحة
15 ذو القِعدة 1444