(231)
(536)
(574)
(311)
كلمة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في حفل اختتام الدورة التعليمية التاسعة والعشرين بدار المصطفى بتريم
مساء يوم الجمعة 24 محرم 1445هـ
جزاكم الله خير الجزاء، وتقبّل الله مِنا ومنكم، بالعناية الربّانية تمَّ اجتماعنا وإياكم مع هؤلاء الأحباب بإرادة أزلِية من حضرة الرحمن جل جلاله، ساقت إلى القلوب دواعي قلبِية حتى حَضَرَت، للمدرس وللطالب وللعامل وللخادم وللذي قام بِمُهِمّة من المُهِمّات، وتَمّ الاجتماع في هذه الليلة، استقبلنا عام جديد، ونحن نُوَدِّع أول شهر من أشهر هذا العام، بارك الله لنا في عامنا وأيامنا وليالينا وما بقي من أعمارنا، وبارَك للأمة في تَرِكَة نبيها، وفيما خلَّفَهُ رسولها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ومُهِمّة الخِدمة لهذا التراث ولهذه التَّرِكَة المُحمدية هي التي جمعتنا وإياكم، وجمعتنا مِن طريق اتّصال بِسلسلة سَنَد إلى الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم، مِن طريق أكابِر أمته وخواصِّ أمته وأخيار أمته، وخواصّ أهل الصدق والعلم والعمل في أمته، اللهم لك الحمد شُكراً.
فَبِالحقِّ فَلنأخُذ علوم طريقهم * يداً بِيَدٍ حتى مقام النبوةِ
وهذا النداء النبوي لنا وللأمة المحمدية يجمعنا ويجمع أهل القلوب التي استجابت للنِّداء النبوي، أنَّ مُهِمّتنا في شئون أولادنا وكيفية قضاء أعمارنا، وربطهم بالرحمن وما أَنزَل، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما بلَّغه عن الله، وإعدادهُم للقاء حضرة النبوة في البرزخ ويوم القيامة ودار الكرامة، هو الحِصن الحصين مِن أنواع فِتَن إبليس وجنده، الذين وصلوا إلينا حتى عاش الألوف مِنا معشر الأمة المحمدية قد انحرفوا في فِكرهم عن مسألة الأسرة، ومسألة الأولاد والبنين والبنات، ومعناهم والفلسفة فيهم والنظر إليهم وما المقصود منهم.
ثم إننا بعد هذه الأمانة والانتباه منها نعلمُ أن ما يُغروننا به من شئون هذا المتاع وهذه الدنيا والله ليس في أيديهم! وعِزّة رب العرش ليس رزق دابة واحدة في يد شرق ولا غرب، ولا يقدرون يمنعوا عنا حبّة يوصلنا الله إليها، والبِساط مبسوط لمن أقام بالسبب (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، وما بَسَط لنا نقوم فيه، ولن يستطيعوا أن يُفقِرونا ولا أن يُجَوِّعونا ولا أن يُميتونا، ونحن نُوقِن أنّ المُحيي المُميت واحد، وأنّ النافع الضّار واحد، وأن المُطْعِم للخَلق واحد يُطْعِم ولا يُطْعَم جل جلاله وتعالى في علاه.
فيجب أن نعود إلى الإفاقة والخروج من ذي السَّكرة التي أخذتنا مُدّة وفترة، أخذتنا حتى نسينا مُهماتنا وواجباتنا في أولادنا وفي أسرنا.
والحمد لله الذي جمعكم، وجزاكم الله خير على حضوركم، وعلى ما سمعنا من المُتحدِّثين، وعلى ما سمِعنا من الطلاب، وهؤلاء الخُدَّام الذين يخدمون ويرعون هاهنا وهاهنا، نرجو أن لا يقصُر شأنهم عند ربِّ العرش عن الحاضرين في محاضر الغزوات، والحاضرين في محاضر الجهاد في سبيل الله جل جلاله.
وكان يقول سيدنا أبو الدرداء: (من رأى أن الغُدُوَّ في طلب العلم ليس بِجِهاد فقد نقص في رأيه وعقله).
وكان نبينا يقول: (من جهز غازياً فقد غزى).
إلهنا: بما أبقيت لنا من نور الإيمان، وهذه القلوب المُتعلِّقة بك، والساعية في طلب مرضاتك، ادفع عنا شر إبليس وجنده، وما ينشره من السوء والشر، وبارك في جمعنا بركة تجمع لنا بها الخيرات من جميع الجِهات، وتدفع بها الآفات والعاهات، واجعل نور حبيبك يُشرِق في كل دار من ديارنا، وكل بيت من بيوتنا، يرُد كيد إبليس وجنده وما أرادوه في أبنائنا أو بناتنا، في أفكارٍ أو سلوكٍ أو ملابس أو وِجهات أو نيات، اجعل هَوانا تبعاً لما جاء به خير البريات، يا مجيب الدعوات، برحمتك يا أرحم الراحمين.
26 مُحرَّم 1445