الأندية الرياضية ودورها في الجوانب الأخلاقية والاجتماعية

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في الجلسة الختامية للملتقى الثاني لإدارات الأندية الرياضية بوادي حضرموت وشخصيات رياضية من الساحل، بعنوان: 

الأندية الرياضية ودورها في الجوانب الأخلاقية والاجتماعية. 

ظهر يوم السبت 27 جمادى الآخرة 1446هـ

لقراءة فوائد من المحاضرة - رؤية الحبيب عمر في الرياضة والقيم:

https://omr.to/riyadha1

 

نص المحاضرة مكتوب:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، الحمد لله على ما جمعكم في أمر يتعلَّق بمهمة من مهمات الحياة، وقفتم على ركن من أركانها - مُهِمّة الحياة - من خلال ما توليتم من هذه الأندية الرياضية، فمرحبًا وأهلًا وسهلًا بكم، مرحبًا بمدير عام الشباب والرياضة في الوادي، ومرحبًا برؤساء ومديري الأندية الرياضية في الساحل وفي الوادي، أخذ الله بأيديكم وثبَّت قلوبكم وأقدامكم، وأعانكم على أداء حق هذا الركن مِن مهمات الحياة المُتعلِّق بشريحة كبيرة من شباب الأمة، وكُلها أمانات تتعلق بِوَعينا لمهمتنا في الحياة.

 إدراك مهمة الحياة

وَعينا لمهمتنا في الحياة يأتي من خلال ما أُوتينا من عقول وأسماع وأبصار، فوقها نورانية إرشاد ودلالة مِن خالقنا وخالق السماوات والأرض وما بينهما، ومُكَوِّن هذا النوع الإنساني ومُنشئه من العدم جل جلاله، فيما سمعتم من تأهيله وتهيئته لمركز خلافة على ظهر الأرض، سمعناها في كلام الأستاذ، يقول الله للملائكة: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، نبأ وخبر عظيم عن إيجاد وإبراز هذا النوع من المخلوقات وهو الإنسان، وتبلوَر في تهيئة جسد أبينا آدم عليه السلام ونفخ الله فيه من روحه، ووقوع الملائكة له ساجدين، إلى آخر ما نعلم من القصة.

الرُّكن الذي أنتم عليه شديد الأهمية، إذا أدركنا أنَّ منهج الخالق الذي به أدركنا مُهِمّتنا في الحياة، فسَلِمنا مِمّا ينتاب ذهن الإنسان وعَقلِيّته من أنواع الأخطاء، لأن عقل الإنسان ومداركه لحقائق الأشياء كمثل البصر الحِسِّي في إدراك صور الأجسام والمظاهر والطُّرُقات والأشكال، ومن المعلوم أن البصر وحده مهما كان قويًا إذا لم يكن هناك نور فلن يُمَيِّز البصر بين الألوان ولا الأشكال، ولن يهتدي إلى الطريق حتى يكون هناك نور، النور الذي يحمي العقول والأفكار والمدارك والمشاعر من الانحراف والخطأ هو وحي الله الذي خلق. 

واقع الانقطاع عن نور الله

لذلك نحن في إدراكنا لمهمتنا في الحياة نتسامى عما يقع فيه بَنو جلدتنا أو بنو أصلنا من بني آدم الذين لم يستنيروا بنور الإله الذي خلق، فقد يتصوَّرون عن الحياة تصوُّرات، وفيهم طوائف يتحدّث الله عنهم: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)، يقول الله هؤلاء أقاموا فِكرهم هذا على غير أساس (وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ). 

ما الدلائل التي تدل على هذه الفكرة التي حملها رأسك؟ ما الأُسُس التي بَنيتَ عليها هذا التصوُّر؟

مُجرِيات أحوال الإنسان والعالم مِن حواليه تُؤَكِّد لِكُلّ مَن أنصف وتأمّل أن القُدرة التي كَوَّنته ليست بِقُدرة عادية، وأنها قادرة على كل شيء، وأنه بعيد أن يخلق هذا الكون بهذا النظام عبثًا ولعبًا، لذلك يقول في الآية الأخرى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)، لماذا (ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ؟ لأنهم انقطعوا عن النور بالنسبة لعقولهم وأبصارهم، فلابد أن يكونوا محصورين في ماديات وحِسّيات وجِسمانيات، وهذا هو الأمر الذي نشاهده اليوم.

ومن كان يُدَّعى لهم القدوة بحضاراتهم، وجدنا الحضارة تنتهي إلى تقتيل النساء والأطفال وإلى ظُلم وأخذ حق الناس بغير حق وأمام الأعيُن في الشرق والغرب، ينتهون إلى هذا لأنهم حُرِموا النورانية، نورانية خالق الإنسان الذي يرسم له مهمته في الحياة لأنه صنعه، الصانع أولى به، الصانع أعلم به ولماذا صنعه وكيف يؤدي مهمته في الحياة.

سد الفجوة بين أهل الدين وبين الرياضيين

إذن نقول: أنتم على ركن من أركان المهمة في الحياة من خلال وعينا لوحي الله جل جلاله وتعالى في علاه، تتصلون بهذه الثلّة الكبيرة والشريحة من شبابنا في المجتمعات، تؤدون فيها الأدوار.

أعجبني ما دار بينكم وجرى مِن تطواف حول المهمات والنيات والمراد، وسد الفجوة التي استُحدِثت من ضعف نظر ووَعي، إما للدين وحقيقته وإما للرياضة ومقصودها، هذا الضعف هو الذي أوجد الهُوَّة وأوجد الفُرقة، بين أرباب الدين أو القائمين بشيء من الدعوة أو الانتساب إلى العلم في الشريعة وبين الرياضيين، فمن قَصُرَ نظره إلى الرياضة نفسها وضعُف إدراكه لمقاصدها السامية، وظن أنها مُجرد صورة وأشكال وألعاب يقضي بها الوقت وتنتهي؛ فهذا عنده خلل في مفهومه للرياضة، هذا الخلل يساعد على أن يبعد عن أمر الدين أو عن أهل الدين، أو يتصوَّر أن بينه وبينهم شُقّة أو مُناقضة والأمر باطل.

هل يقصر ديننا عن حركتنا الرياضية؟

كذلك تصوُّر أهل الدين مَن لم يعرف حقيقة هذا الدين ويسبُر غوره، هو الذي يتصوَّر أن هذا الدين يقصر عن اكتناف حركة الإنسان في حياته، والذي يُحوِّل إلى قربة إلى الله وسبب لنعيم الآخرة حتى كيفية دخوله لقضاء حاجته الإنسانية في الحمام، حتى معاشرته لأهله، "وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ"، يأتي إلى زوجته ويُكتب له الأجر، قال: "يا رسول الله، يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟"، قال ﷺ: "أرأيتم لو وضعها في حرام ألا يكون عليه وزر؟" قالوا: بلى، قال: "كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".

دين تابعنا إلى لُقَمنا، وإلى إتياننا أهلنا، وإلى حركتنا في الحياة، حتى قضاء حاجاتنا الإنسانية، وجعلها السُّلَّم لزيادة نورنا، ولِقُربنا من ربنا، وللإعداد للنعيم الأخروي، كيف يقصُر عن حركتنا الرياضية التي تتقوى بها الأجسام؟ وهل المهمات المُناطة بنا في الحياة إلا قائمة على هذه الأجسام وصِحتها؟ وأنه بالعجز عن القيام نفقد كثيرًا من القدرة على تنفيذ كثير من أمورنا، وإن كان جانب العقل والوعي هو الأصل والأساس، ولكن تنفيذ ما يُدركه هذا الوعي والعقل من خلال خطاب الله يحتاج إلى أجسام تُنَفِّذه في واقع الحياة.

ومن هنا يُعلَم أنه يُقَوّي جسده لا لمجرد أن يلعب، ويلعب لمجرد أن يُقَوّي جسده، ويصير حال الذين شطّت أفكارهم ويقول إنا نأكل لنعيش ونعيش لنأكل، وبعد ما هذا الانحطاط الذي وصل إليه هذا الإنسان صاحب رُتبة الخلافة في الأرض، (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، إنّما نأكل لنستعد للقيام بأسرار هذه الخلافة والمُهِمّة، وكذلك نُروِّض أجسادنا لتقوم بمهمتها في أسرتها، في مجتمعها، في حيثما كانوا.

حماية الشباب من الصراع والفوضى

وأنتم من خلال هذا الركن تستطيعون الوصول إلى عَقليات كثير من هؤلاء الشباب، لكن على قدر وعيكم أنتم لأمانتكم، وأنّ هذا المركز وهذا المُنطلق يجب أن يحمي الشباب مِما يُطاردهم ويُنازعهم من الانحطاط الفكري والسلوكي، أو يُحَوِّلهم إلى عناصر إيذاء أو فوضى أو صراع مع المُتصارعين في حَلبة الصراع في الحياة، بمعنى أنَّ عندكم أمانة أن تقوموا في هؤلاء الشباب إدراك مهمتهم في الحياة، من خلال ما ينفعون به أنفسهم وأسرهم والمجتمعات، ومن خلال أنهم إذا أرادوا أي معالجة فلن تقوم المعالجات الصحيحة على فوضى، ولا على تغيير وتحطيم وتكسير ولا شيء من مثل ذلك. شؤون ما سمعتم من الحوار، من السلمية، من السلامة في التصور وفي المعاملة هو الذي تُحَل به القضايا.

لسنا بحاجة إلى أن نُثقِل واقعنا فوق ثِقَله بِمُعاداة ولا بِمُناوأة على غير بصيرة للحُكّام، ولا للفئات المختلفة في المجتمع، ولا للاتجاهات المختلفة، بل عند عُمق نظرتنا إلى الدين نعلم أنّ أنواع أسباب التفريق والإبعاد مناطُها ومحلّها مركز هناك يُحرِّكها، وهو الغاية التي انتهى إليها إبليس فيما حدثنا رسول الله ﷺ: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، فإن يطمع ففي التحريش بينهم"، خروجنا إلى المنافسة الغير شريفة، سواء على سلطة أو على مال أو على شهرة أو على ظهور.. هو العامل القوي في الهد والهدم والتفريق وإزاحتنا عن سبيل قوتنا وقيام الأمر فينا على ما ينبغي.

 الحديث الأول رواه الإمام مسلم، ولكن "في التحريش بينهم"، يروي الإمام البخاري أيضًا: "أما إني لا أخاف أن تشركوا من بعدي، ولكن أخاف أن تُبسَط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم"، أي تنافسًا غير قويم، غير سليم، غير حميد، غير قائم على أسس شريفة، تنافس الاستبداد، تنافس مُجرد المُتعة الخالية عن إدراك الرحمة والشفقة ومشاركة غيرنا لنا في حياتنا من بني آدم، بل حتى من الحيوانات، في شريعة تقول لنا: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ"، تسقي حيوانًا لك أجر، تُخفِّف الحمول عن حيوان لك أجر، تُقدِّم لقمة إلى الحيوان لك أجر، وإن الله أدخل امرأة من بني إسرائيل كانت بغيًّا الجنة فسامحها وعفا عنها بكلب سقته، لا يمكن أن يوجد نظام في العالم إلى هذه الحدود في الرحمة وفي حسن المعاملة حتى مع الحيوان فكيف مع الإنسان.

لكن غيبتنا عن إدراك حقيقة خطاب ربنا وما فيه، واتصال مشاعرنا وبواطننا بهذا الخطاب وتطبيقه وتنفيذه؛ هو الذي أوقعنا فيما أوقعنا فيه، حتى صِرنا كما قال النبي ﷺ: "ألا فلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ".

إنما المؤمنون إخوة

إذن الركن الذي أنتم عليه ركن مُهِم، عندكم أمانة تقويم هؤلاء الشباب فِكرًا وسلوكًا، ليكونوا عناصر مُباركة في المجتمع، عناصر خير، عناصر جالبة لاستقرار الأُسَر، لاستقرار المجتمعات، لتوظيف الطاقات الموجودة عندهم والقُوَى فيما يعود بالنفع على الجميع، بعيدًا عن أن نؤسَر ونُحصَر في نِطاق ضيق: هذا من القبيلة الفلانية وأنا من القبيلة الفلانية، هذا من البلاد الفلانية وأنا من البلاد الفلانية، هذا من المذهب الفلاني وأنا من المذهب الفلاني.. وأين نذهب بقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ؟ وكيف نُفسِّره؟ أين نذهب بقوله: (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)؟ كيف نُفسره؟ كيف نُفسِّر قول رسول الله ﷺ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ"؟ 

هل نعطِّل كل النصوص الواضحة القوية استجابة للدواعي النفسية؟ استجابة لأيادٍ من الخارج تلعب بنا لتضرب بعضنا ببعض، يجب أن نكون أكبر من ذلك، فأنتم من خلال الأندية حُرّاس وسط الأمة، لشرور تُراد للأمة من قِبل إبليس وجنده، من التحريش، من الانحطاط السلوكي والخُلُقي، ما سمعتم من نشر المخدرات وتأثُّر بعض شباب المسلمين بذلك.

ضعف اتصال المسلمين بإسلامهم

 في هذا الضعف في اتصال المسلمين بإسلامهم، كان ما نشاهده اليوم من كثير من الآفات والعاهات في بعض بلاد الغرب، نسبة المسلمين مثلًا في عموم الدولة ثلاثة في المئة، بالنسبة للسجون تطلع تجد نسبة المسلمين سبعة أو عشرة في المئة، ما السبب؟ هؤلاء المسلمون ما وعوا الإسلام، ما تشرّبوا حقائقه، ما ذاقوا حلاوته، وإلا كانوا سبباً لهداية تلك الأمم، وكانوا بينهم عناصر نفع، كما هو حاصل في عدد من المسلمين الموجودين في الغرب وغيره، ولهم آثار إيجابية تحترمها مُختلف الاتجاهات، ولكنهم قلة يطغى عليهم كثرة المسلمين المُسيّبين الذين ما أدركوا حقيقة الإسلام، بهذا تأتي النتائج السلبية حتى عن التصوُّر عن الإسلام نفسه الذي هو عِز المُكلف على ظهر الأرض، الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى له.

الحكمة في التعامل مع الشباب

إذن، فأمامكم سعة نيات وسعة نظرات في كيفية التعامُل مع هؤلاء الشباب من خلال الأندية، ربطهم بحقائق دينهم الواضحة البيِّنة، من غير تحزُّب، من غير تعصُّب، من غير ميل إلى فرقة ضد فرقة، هذا أمر هو الذي يقول عنه الروح الرياضية، الروح الرياضية يقبل الآخر، يقبل أن يتفهم معه، يقبل أن ينزله أقل شيء منزلة إنسان فكيف، لو كان إنسان مسلم؟ مهما اختلفت معه في كثير من الآراء، لكن تتحول إلى عداء من أجل قضية يسيرة اختلفت معه فيها، ما عاد تقبل تجالسه، وما عاد تقبل تنظر في وجهه، ليس بهذه الصورة وهذا الحد! هذا خروج عن الإنسانية نفسها، وشرف الإنسانية حمتهُ مناهج الله التي أنزلها على الأنبياء.

التأثر بنور الله تعالى

لذا كله لا يزال الناس شرقًا وغربًا، عربًا وعجمًا محتاجون إلى نور ربهم جل جلاله، (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ)، وتبقى أسرار لا إله إلا الله والله أكبر، فيما سمعتم من مثل إخواننا الآن في الغرب تأثر بعضهم بالأذان، تأثر كثير من الكفار، عدد من الرجال والنساء، في تلاوة الآيات حتى يعالجون بها بعض أمراضهم النفسانية، ووجود التهيؤ لأجل ينام وهو لا يعرف القرآن، فقط يسمع هذا القرآن وسط شريط ويتأثر به، لا يزال سر الله أكبر: الله أكبر، المرجع مهما ذهب الإنسان وشرّق وغرّب بضاعة الله أعلى، وما جاء عن الله رسوله أقوى وأجل وأكرم.

بذلك رأيتم تأثرهم بمثل المجيء إلى هذه البلدة ما بقي بكم من أثر التربية الذي أخذه أجدادكم من حين وصل الإسلام إلى مثل هذه البلدان، وكذلك بقوة الاصطباغ بها أثّروا في أفريقيا، في جنوب أفريقيا التي منها عاش فيها أيضًا أخوكم، في شرق أفريقيا بشكل أكبر، في الهند، في إندونيسيا، أثروا تأثيرات إيجابية كبيرة، بسبب أن صبغوا بصبغة الإسلام ووعوا حقيقته.

قبل شيء خمسين سنة كان واحد من سيئون كان عائش شيء وعشرين سنة في إندونيسيا، كان في منطقة أراد أن يسافر ويرجع إلى بلده حضرموت، فكان الجيران من حوله كلهم يبكون عليه ويودعونه ويبكون عليه، فكان واحد بجانبه صيني غير مسلم يبكي كثيرًا، يتأثر ويعانق الرجل، وبعد ذلك واحد سأله قال تعال أنت هذا لا على دينك ولا على عرقك، تبكي عليه لماذا؟ قال جاورته عشرين سنة ما مد عينه إلى وسط بيتي، ما أجد منه إلا المواساة، أنا في أمان على أهلي وأولادي ومالي بجنبه أكثر مما آمن على أحد من أصحابي يجلس جنبي، لهذا أنا أبكي عليه؛ أي ترجم له الإسلام، ترجم له الخُلُق، فرأى خلق الإسلام في هذا الإنسان، فصار هو يبكي عليه ويُحِب أنه لا يفارقه ولا يخرج من عنده، وقال جواره عندي أحسن من جوار أصحابي، لأنني وجدت فيه الأمانة، وجدت فيه النفع، وجدت فيه العفة وما إلى ذلك.

الدعاء والخاتمة 

فالله يحيي هذه الحقائق فينا، ويجري على أيديكم الخير، إن المؤمن كالمطر أينما وقع نفع، ومِن خلال هذه الوسائل التي أنتم فيها يمكن أن تؤثروا تأثيرًا كبيرًا، إذا اتصلتم بفوق وأردتم وجهه جل جلاله، فيجري الله على أيديكم خيرًا كثيرًا إن شاء الله.

ولا تزالون الدول عندكم والأنظمة لا تقف أمام صلاح نياتكم، ولا أمام حُسن تأثيركم بمستوى واسع فيما أنتم فيه، من خلال ديانتكم وتحرركم، واتساع نظركم، شرح الله صدوركم، ونوَّر الله قلوبكم، وأجرى الخير الكثير على أيديكم، وبارك في اجتماعكم، أهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم، وسامحونا في كل تقصير.

وجزى الله الشباب في حي في قلوبنا، وأهل الجمعيات الرأفة ومن قام معهم، ومرحبًا بجميع الحاضرين من المحاضرين ومن المتكلمين، ومن القائمين على الخدمات في مجتمعكم هذا ولقائكم، وزادنا الله وإياكم من كل خير، وسامحونا على التطويل، والسلام عليكم ورحمة الله.

 

يسر الله الأمور وشرح الله الصدور، وجمعنا وإياكم على الخيور، وأصلح وادينا وساحلنا وحضرموتنا ويمننا وشامنا وشرقنا وغربنا، وأصلح المسلمين في المشارق والمغارب، ودفع عنهم جميع المصائب، واجعلنا وإياكم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، وجعل مجيئكم هذا ولقاءكم زيارة في الله سبحانه وتعالى، وقُربة مقبولة عنده تنالون بها خيرات كثيرة في حِسّكم ومعناكم، وتؤدون بها المهام في أندِيتكم على خير الوجوه المرضية، ويغفر الله لنا ولكم ولوالدينا وللمسلمين، بسر الفاتحة إلى حضرة النبي محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

01 رَجب 1446

تاريخ النشر الميلادي

31 ديسمبر 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية