كشف الغمة -190- كتاب الصلاة (81) باب صفة الصلاة -33- صلاة الإشراق والضحى

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (81) باب صفة الصلاة -33- صلاة الإشراق والضحى

صباح السبت 21  محرم 1446 هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  صلاة الإشراق وتحديد بداية وقتها
  •  هل صلاة الإشراق من جملة صلاة الضحى؟ 
  •  عدد ركعات صلاة الضحى
  •  وقت بداية الضحى
  •  حث النبي ﷺ على الضحى سفرا وحضرا
  •  التصدق عن مفاصل الإنسان بصلاة الضحى
  •  لا فقر مع ضحى
  •  رواية الصحابة عن النبي بحسب ما رأوه
  •  إطلاق صلاة الأوابين
  •  هل يستحب المداومة على صلاة الضحى؟ 
  •  ماذا نقرأ في صلاة الضحى؟
  •  أفضل عدد ركعات الضحى، وأكثرها وأقلها
  •  قضاء الضحى بعد خروج وقتها

نص الدرس مكتوب:

فصل في صلاة الإشراق 

 

"وهي ركعتان كان رسول الله ﷺ يصليهما إذا ارتفعت الشمس من مطلعها قيد رمح أو رمحين، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، والله أعلم. 

 

فصل في صلاة الضحى

 

كان رسول الله ﷺ يحث أصحابه على صلاة الضحى سفرًا وحضرًا ويقول: "في الإنسان ثلثمائة وستون مفصلًا فعليه أن يتصدق كل يوم عن كل مفصل منها صدقة"، فقال رجل: يا رسول الله من ذا الذي يطيق ذلك؟ قال:"النخامة في المسجد يدفنها أو الشيء ينحيه عن الطريق، فإن لم يقدر فركعتي الضحى تجزي عنه"، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "إن صلاة الضحى لفي القرآن ؟ ، وما يغوص عليها إلا غواص ، في قوله : " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ " وقال تعالى: (وأذكر رَبَّكَ كَثِيرًا) [آل عمران: ٤١] أي: صل (وَسَبِّحْ بِالْعَشِي وَالْإِبْكَرِ﴾[غافر: ٥٥]، وكان أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "كانت صلاة الضحى أكثر صلاة داود عليه السلام"، وكان ﷺ يقول: "كتب عليّ الأضحى وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها"، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: "ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي سبحة الضحى في سفر ولا حضر وإني لأسبحها"، وكان رسول الله ﷺ يترك أشياء كراهية أن يشق على أمته، وفي رواية عنها كان لا يصلي الضحى إلا إن جاء من مغيبه. 

وقال أنس -رضي الله عنه-:" كان رسول الله ﷺ يصلي الضحى حتى نقول لا يتركها، ويتركها حتى نقول لا يصليها"، وكذلك أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-، حتى كان عمر وأبو هريرة يقولان لا نصليها إلا في حين، وكان ﷺ إذا صلاها تارة كان يصليها ركعتين وتارة أربعًا وتارة ثمان ركعات وتارة اثنتي عشرة ويقول: "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله تعالى له قصرًا في الجنة من ذهب".

 

وكان ﷺ يقول: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال"، وهو مقدار ارتفاع الشمس من المشرق قدر ما يكون ارتفاعها وقت العصر من جهة المغرب، وكان كثيرًا ما يصليها ﷺ في هذا الوقت ركعتين، ثم يتمهل إلى قريب من الزوال فيحرم بصلاة الزوال أربع ركعات، وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: "رأيت رسول الله ﷺ يصلي قبل نصف النهار أربع ركعات يصليها إلى بعد الزوال، ثم يصلي سنة الظهر"، والله أعلم". 

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

 

الحمد لله مكرمنا بشريعته الغراء وبيانها على لسان عبده وحبيبه خير الورى؛ سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار ومن بمجراهم جرى، وعلى جميع آبائه وإخوانه والنبيين والمرسلين، وآلهم وأصحابهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم؛ إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

ويتحدث الإمام الشعراني -عليه رحمة الله- في هذين الفصلين عن صلاة الأشراق وصلاة الضحى، وهل سنة الإشراق من جملة الضحى أو هي مستقلة؟

فصلاة الضحى من النوافل العظيمة القدر التي وردت فيها أحاديث كثيرة أو أحاديث متعددة. 

 

فيقول في صلاة الإشراق: "وهي ركعتان كان رسول الله ﷺ يصليهما إذا ارتفعت الشمس من مطلعها قيد رمح أو رمحين"، وهو الوقت الذي تباح فيه الصلاة النافلة المطلقة وغيرها إذا ارتفعت الشمس قدر الرمح أي: في نظر العين؛ وقيّدوه بمقدار أربع درج؛ والدرجة أربع دقائق فتصير ستة عشر دقيقة، ولكن المشاهد أنه ترتفع الشمس قبل مرور هذا الوقت من بداية الطلوع إلى أن يكون مقدار الرمح -سبعة أذرع- ترتفع الشمس أكثر من ذلك في خلال هذا الوقت، وفي أقل من هذا الوقت ترتفع قدر رمح، فالعبرة بارتفاعها قدر رمح من حين الإشراق؛ لأن المشركين من عبدة الشمس يتهيأون للسجود لها عند طلوعها وعند غروبها، فأُمِرنا في هذين الوقتين أن لا تكون لنا فيها صلاة.

"كان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: صلاة الإشراق هي صلاة الضحى"، وهي الصلاة بعد أن تطلع الشمس المسمى بصلاة الإشراق، صلاة الإشراق هي صلاة الضحى وعلى هذا أكثر الأئمة و العلماء.

واختلف الشافعية في صلاة الإشراق هل هي من جملة صلاة الضحى أو هي صلاة مستقلة؟ 

  • فجاء عن الإمام الرملي: أنها من جملة صلاة الضحى ويقال لها صلاة الإشراق وصلاة الضحى وصلاة الأوابين وإن الصلاة في هذا الوقت تسمى صلاة الأوابين كالصلاة بين المغرب والعشاء، التنفل بين المغرب يسمى أيضا صلاة الأوابين، والأوابون هم: الرجاعون إلى الله -تبارك وتعالى- وهكذا. 
  • قال الإمام الغزالي أيضاً وكذلك عند ابن حجر في التحفة :أنها غير صلاة الضحى. 

وإذا كانت غير صلاة الضحى فكم عددها فهل تزيد على ركعتان أو هي ركعتين فقط؟ وإذا كانت غير صلاة الضحى فمتى يخرج وقتها فهذا؟ 

هذا الذي ما تعرضوا له، وإذا كانت مستقلة، فإذا قلنا تبقى إلى الزوال فهي نفس صلاة الضحى، فإذا قلنا أنها إذا مضى وقت طويل عرفا بعد ارتفاع الشمس قيد رمح فقد خرج وقت صلاة الإشراق، أو إلى ربع النهار الذي هو أفضل أوقات صلاة الضحى حين ترمض الفصال ويمضي قريب من ربع النهار، ترمض الفصال أي: تتأثر بحرّ الرمضاء بالشمس لما تطلع وتبدأ تحر الأرض بسبب الشمس فعند ذلك الوقت هو أفضل أوقات صلاة الضحى.

فالخلاف قائم في صلاة الإشراق هل هي من صلاة الضحى أو لا؟ ويقول بعض الإئمة الشافعية: أن الأوجه أن ركعتي الإشراق من الضحى، وذكر الإمام الغزالي أنها غير الضحى، كذلك في التحفة والعباب.

تحصل بركعتين ولكن ما تتقيد بالعدد الذي هو لصلاة الضحى، صلاة الضحى إيضًا أقلها ركعتان يمكن أن  تصلى أربع أو ست أو ثمان وقيل إثنى عشر، مع أن الأفضل هو الثمان عند عامتهم، ثمان ركعات في هذا الوقت.

 وجاء في صحيح مسلم أن ﷺ قال كما الحديث الذي أشار إليه: "يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى" " أي: على كل مفصل "من أحدكم صدقة، مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ،  وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، -وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عليها- وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى".

في الصحيحين ايضاً أمر صلى الله عليه وسلم أو توصيته لسيدنا أبي هريرة ألا يترك ركعتي الضحى أو صبحة الضحى أي صلاة الضحى، فهو مما عهد إليه ﷺ وكان يواظب عليها.

وذكر في صلاة الضحى أنه ﷺ كان يحث أصحابه على صلاة الضحى وذكر الإمام الغزالي أيضًا وقت بداية صلاة الضحى.

عامة العلماء عندنا يقولون: أنها من بعد ارتفاع الشمس قدر الرمح. 

وذكر الإمام الغزالي في قول له: أنه إذا ارتفعت نصف رمح دخل وقت الإشراق دون الضحى حتى ترتفع قدر رمح، والذي ينبغي أن لا يصلي حتى ترتفع الشمس قدر رمح خروجا من الخلاف وهكذا.

 

يذكر أنه "يحث أصحابه على صلاة الضحى سفرًا وحضرًا" وفي سفره ﷺ كما جاء في حديث الفتح أنه صلى الضحى ثمان ركعات في رواية أم هانيء عليها رضوان الله التي جاءت تستفتيه وتسأله عن رجل أجارته قالت: فزعم أخي علي أنه قاتله، فقال ﷺ: قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانيء، وذكرت أنها رأته قام يصلي ثماني ركعات ذلك وقت الضحى بعد دخوله مكة صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عام الفتح.

 ويقول: "ويقول: "في الإنسان ثلثمائة وستون مفصلًا فعليه أن يتصدق كل يوم عن كل مفصل منها صدقة"، فقال رجل: يا رسول الله من ذا الذي يطيق ذلك؟ قال:"النخامة في المسجد يدفنها أو الشيء ينحيه عن الطريق، فإن لم يقدر فركعتي الضحى تجزي عنه"، هذه في رواية عند أبي داود والإمام أحمد في المسند، ولكن رواية الإمام مسلم "يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى من أحدكم صدقة، مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ،  وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ،.." -إلى أن قال:-  "وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى"، فيسدد ما على المؤمن من صدقات على عدد المفاصل التي جعلها الله في جسده ينتفع بها ويستقر حال جسده وصحته بها، بهذه المفاصل التي ينبغي أن يتصدق في كل يوم عن كل مفصل بصدقة، "وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى"، قال الإمام الحداد: ولو لم يرد في فضل الضحى إلا هذا الحديث لكفى، كونه يجزي عن المؤمن صدقات مفاصله كلها بركعتين يركعوهما من الضحى وهي من المجربات لسعة الرزق وتيسير الرزق حتى تسمى صلاة الغِنى صلاة الضحى، ويروى أيضا في الحديث "لا فقر مع ضحى".

 

قال: "وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "صلاة الضحى في كتاب الله ولا يغوص عليها إلا غواص، واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال"، وقال تعالى: (وأذكر رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِي وَالْإِبْكَرِ﴾ [آل عمران: ٤١] أي: صلِّ (وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ) [غافر: ٥٥]، وكان أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "كانت صلاة الضحى أكثر صلاة داود عليه السلام"، أي: في النهار، ومعلوم صلاته في الليل كما تقدم معنا ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، ينام سدسة فيحيي السدس الرابع والخامس من أسداس الليل.

 

قال: "وكان ﷺ يقول: "كتب عليّ الأضحى" يعني: صلاة عيد الأضحى، "وأمرت بصلاة الضُّحى ولم تؤمروا بها"أي: أمر إيجاب؛ فهي في حقه واجبة، وفي حق الأمة سنة. "وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: "ما رأيت رسول الله يصلي ﷺ سبحة الضحى في سفر ولا حضر وإني لأسبحها" يعني: إني أُصَلِيهَا ففي ذلك أن كلًّا من الصحابة يروي عن من حوله ﷺ ما شاهده وما رأى؛ لكن غيرها شاهده يصلي وهي قولها "وإني لأسبحها"؛ أنها علمت من الفقه أن ما جاء فيه عموم النص الشرع مثل قولها "الصلاة خير موضوع، فمن شاء فليستكثر ومن شاء فَليستقلل"، أو أنها أخذت برواية غيرها ممن رآه يصلي فصارت هي تصلي "وإني لأسبحها" يعني: أصليها وأحافظ عليها.

وفيه أيضًا بيان آخر لأنهم لا يرون أن ما لم يفعله ﷺ لا يجوز فعله وأنه بدعة أو شيء من ذلك الكلام؛ فإنهم يرون أن البدعة:

  •  ما خالف ما أمر ونهى.
  •  وما خالف قواعد الشرع المصون.

 وأما ما اندَرَجَ تحتها فلا) فقالت: ما رأيته يصلي "وإني لأسبحها" فرسول الله ﷺ وكان رسول الله ﷺ "يترك أشياء كراهية أن يشق على أمته"؛ فهذا اجتهاد السيدة عائشة أنه ربما تركها لألا تفرض على الأمة، "وفي رواية عنها كان لا يصلي الضحى إلا إن جاء من مغيبه": أي: من سفره، إذا جاء من سفر .

 

فكان ﷺ "يصلي الضحى حتى نقول لا يتركها، ويتركها حتى نقول لا يصليها، وكذلك أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- حيث كان عمر وأبو هريرة يقولان لا نصليها إلا في حين" يعني: من وقت إلى وقت، وكان ﷺ "تارة كان يصليها ركعتين وتارة أربعًا وتارة ثمان ركعات وتارة اثنتي عشرة"، ركعة ومن "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله تعالى له قصرًا في الجنة من ذهب"، ذكر أنه في رواية الترمذي وابن ماجة.

 

"وكان ﷺ يقول: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال"، وهكذا جاء في في صحيح الإمام مسلم وعند الإمام أحمد في المسند صلاة الأوابين، فسماها صلاة الأوابين فهي تسمى الضحى وتسمى الأوابين. كما جاء إذن إطلاق صلاة الأوابين على الصلاة بين المغرب والعشاء. فما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها هذا وقت صلاة الضحى؛ وتسمى أيضًا صلاة الأوابين.

فهي عند جمهور فقهاء الشريعة مستحبة، وجاءت فيها الأحاديث ومنها "إنَّ في الجنة بابًا يقال له: الضُّحى ، فإذا كان يومُ القيامةِ نادى مُنادٍ أين الذين كانوا يُديمون صلاةَ الضُّحى؟ هذا بابُكم فادخُلوه برحمةِ اللهِ"، هكذا وجاء أيضًا في رواية ابن خزيمة قال الرسول ﷺ: "لا يُحافِظُ على -صلاة- الضُّحى إلَّا أوَّابٌ" وهذا معنى تسميته بصلاة الأوابين، "لا يُحافِظُ على الضُّحى إلَّا أوَّابٌ": وهي صلاة الأوابين،كما أخرجه الإمام الحاكم في المستدرك وافقه الذهبي على صحته.

  •  وهكذا يقول جمهور أهل العلم: أنه يستحب المواظبة عليها.
  •  وفي قولٍ عند الحنابلة يقولون: يصلي الضحى من دون مواظبة عليها.

 وأيضًا هذا الحديث الذي مر معنا أنه كان يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها، لكن قال أبو الخطاب من الحنابلة: تستحب الموداومة عليها؛ لأن النبي أوصى بها أصحابه، و"مَن حافَظَ على شُفعةِ الضُّحى؛ غُفِرَتْ ذُنوبُهُ، وإنْ كانت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ" كما أخرجه الإمام الترمذي. وكذلك لـ"أنَّ أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ أدْوَمُها وإنْ قَلَّ"، ثم يقرأ فيها ما تيسر من القرآن واستحب بعضها العلم كما ذكره ابن العابدين، أن يقرأ في صلاة الضحى (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)[الشمس:1]، (وَالضُّحَىٰ*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ)[الضحى:1-2].

 

وأوردوا فيها حديث ذكره الإمام ابن حجر في فتح الباري وقال: إن رواه الحاكم في جزئه صلاة الضحى كتاب مسجل في صلاة الضحى يقول عقبة بن عامر أمرنا رسول الله ﷺ أن نصلي الضحى بسور منها (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)[الشمس:1]، (وَالضُّحَىٰ)[الضحى:1]، وهكذا أيضًا يقولُ الشافعية ومما يستحب في الضحى قراءة الكافرون والإخلاص... لما جاء أن الكافرون تعدل ربع القرآن والإخلاص يعدل ثلث القرآن. وعلى كلٍ يقرأ أيضًا هذا أو أي شيء من القرآن، فالأمر فيه واسع. وقيل كما سمعتم في الحديث أنها بالنسبة للرسول ﷺ كانت عليه واجبة، أما عموم المسلمين فَبالاتفاق؛ اختلفوا في وجوبها على النبي، أما عموم المسلمين فَبالاتفاق أنها لا تجب أو لا تفرض عليهم وإنما هي سنة ومندوبةٌ لهم.

 ويقول: "وكان ﷺ يقول: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال"، وهو مقدار ارتفاع الشمس من المشرق قدر ما يكون ارتفاعها وقت العصر من جهة المغرب، وكان كثيرًا ما يصليها ﷺ في هذا الوقت ركعتين، ثم يتمهل إلى قريب من الزوال فيحرم بصلاة الزوال أربع ركعات، وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: "رأيت رسول الله ﷺ يصلي قبل نصف النهار أربع ركعات يصليها إلى بعد الزوال، ثم يصلي سنة الظهر"، صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

ومما ورد أيضًا في صلاة الضحى ما أشار إليه ذكره عندنا "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله تعالى له قصرًا في الجنة من ذهب" وهذا أكثرها. وقيل أن أكثرها وأفضلها هي الثمان، وأما الأفضل هي الثمان لكونه أصح؛ نعم أي: بنية الضحى.

وعليه المالكية والحنابلة: أن أكثرها ثمان أن أكثرها ثمان، وفي حديث أم هاني أنه صلى ﷺ ثمان ركعات حتى قال المالكية بكراهة ما زاد على الثمان إذا صلى بنية الضحى؛ أما النفل المطلق ما حد يكره النفي المطلق، "الصلاة خير موضوع فمن شاء فليكثر ومن شاء فليستقل".

ولكن هكذا عند الإمام أحمد وكذلك يذكرون عن الحنفية أنه أكثرها إثنى عشر ركعة وهو أيضًا قول عند الشافعية أن أكثرها إثنى عشر ركعة.

وقيل أن أفضلها وأكثرها ثمان ركعات.

وعلى القول بأن أفضلها أيضًا أن أكثرها إثنى عشر ركعة فيقولون أن الأفضل ثمان ركعات.

وناقشوا بعد ذلك كيف يكون الأقل أفضل من الأكثر؟

وقال: إنما أراد من حيث نية الضحى لمن اقتصر عالأقل، أما يتعلق بالثواب الركوع والسجود وما إلى ذلك فيما زاد فهو من هذه الحيثية يفضل وينال فضل من هذا الوجه.

والإمام النووي ذكر أيضًا في المنهاج أن أكثرها اثنتا عشر ركعة، وفي شرح المهذب قال أكثرها ثمان ركعات، كذلك في كتابه روضة الطالبين قال: أفضلها ثمان ركعات، وأكثرها اثنتا عشرة، ويسلم من كل ركعتين، وقيل يجوز أن يصلي الأربع بتسليمةٍ واحدة.

  •  إذًا أقلها ركعتان.
  •  وأدنى الكمال أربع أو ست.
  •  والأفضل ثمان.

يقول عندنا ابن حجر ما أشار إليه أن الأكثر اثنى عشر والأفضل ثمان، وهذا وقتها ما بين ارتفاع الشمس إلى وقت الزوال، فإذا زالت الشمس خرج وقت صلاة الضحى، وتبقى بعد ذلك في قول الشافعية ومن وافقهم قضاءً لمن أراد أن يقضيها بعد خروج وقتها

يقولون كم عدد الركعات عند الحنفية في الضحى الأفضل؟ اثنا عشر وهي الأفضل، الأكثر والأقل ركعتان؛ وهو كذلك عند العامة أربعًا أربعًا أفضل يصليها بتسليمة واحدة الأربع.

 

رزقنا الله العمل بالسنن، واتباع المصطفى جد الحسين والحسن، والاقتداء به في السر والعلن، ودفع به عنا وعن أمته جميع الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، وتولنا ما تولى به أهل الصدق والإخلاص والفطن، وحمانا والأمة من جميع الفتن، وحول الأحوال إلى أحسنها، وأصلح شؤوننا وأصلح شؤون الصالحين ورَقُّاانَا أعلى مراتب علم اليقين.

 

 

بسر الفاتحة

 إلى حضرة النبي الأمين ﷺ محمد وبارك عليه وعلى آله وصحبه 

الفاتحة

 

تاريخ النشر الهجري

22 مُحرَّم 1446

تاريخ النشر الميلادي

28 يوليو 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام