كشف الغمة 325- كتاب الصيام (02) استقبال رمضان ورؤية الهلال

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  كشف الغمة 325- كتاب الصيام (02) استقبال رمضان ورؤية الهلال

صباح الأربعاء 22  ذو الحجة 1446هـ 

 

نص الدرس مكتوب:

"وكان ﷺ يأمر بصيام رمضان إذا أخبره واحد من المسلمين أنه رآه، وكان عمر -رضي الله عنه- يقبل واحداً في هلال شوال ويفطر ويأمر الناس بالإفطار.

 

وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "رأيت الهلال على عهد رسول الله ﷺ فأخبرته فصام ﷺ وأمر الناس بالصيام"، وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "جاء أعرابي مرة إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني رأيت الهلال يعني هلال رمضان، فقال ﷺ للأعرابي: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس أن يقوموا وأن يصوموا غدا". 

 

وقال أنس -رضي الله عنه-: اختلف الناس على عهد رسول الله ﷺ في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند رسول الله ﷺ بالله تعالى لأهَلَّ إهلال الناس أمس عشية، فأمر رسول الله ﷺ أن يفطروا وأن يخرجوا إلى مصلاهم"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إن الأهلة بعضها أعظم من بعض فإذا رأيتم الهلال نهاراً بعد الزوال آخر يوم من رمضان فلا تفطروا حتى يشهد رجلان ذوا عدل منكم أنهما أهلاه بالأمس، وإذا رأيتموه قبل الزوال لتمام ثلاثين فأفطروا، وكان ابن عمر يقول: إن ناساً يفطرون إذا رأوا الهلال نهاراً وإنه لا يصلح لكم أن تفطروا حتى تروه ليلاً من حيث يرى.

 

وكان ﷺ كثيراً ما يقول: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وأنسِكوا لها فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين وإن شهد شاهدان مسلمان -وفي رواية- شاهدا عدل فصوموا وأفطروا". وكان ﷺ يقول: "شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة"، يعني هما كاملان وإن خرجا تسعاً وعشرين، وقال أنس -رضي الله عنه-: صام الناس على عهد علي -رضي الله عنه- فخرج الشهر في حساب الصائمين ثمانية وعشرين فأمرهم علي -رضي الله عنه- بقضاء يوم، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: من رأى الهلال وحده ولم يعمل بقوله يصوم على رؤية نفسه. 

 

قال شيخنا -رضي الله عنه-: ولكن ينبغي له إخفاء صومه بقرينة ما سيأتي من قوله ﷺ: "الصوم يوم يصومون".

 

وكان يقول ﷺ: "أتاني جبريل -عليه السلام- فقال الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة عدة شعبان ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً"، وسيأتي بسطه آخر صوم التطوع، وكان عبد بن عمر -رضي الله عنهما- إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يوماً يبعث من ينظر فإن رأى فذاك، وإن لم يروا لم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائماً، وكان ﷺ يقول: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام يوم ولا يومين إلا أن يكون شيئاً يصومه أحدكم ولا تصوموا حتى تروه ثم صوموا حتى تروه، فإن حال دونه غمامة فأتموا العدة ثلاثين ثم أفطروا"، وكان ﷺ يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظه من غيره ويقول: "أحصوا هلال شعبان لرمضان" والله أعلم". 

اللَّهُمَّ صَلِّ أَفْضَلَ صَلَواتِكَ عَلَى أَسْعَدِ مَخْلُوقَاتِكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ، عَدَدَ مَعْلُومَاتِكَ وَمِدَادَ كَلِمَاتِكَ، كُلَّمَا ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ. 

 

 

الْحَمْدُ للهِ مُكْرِمِنَا بِشَرِيعَتِهِ وَبَيَانِهَا عَلَى لِسَانِ خَيْرِ بَرِيَّتةِ، عَبْدِهِ وَصَفِوته سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله وسلم وَبَارَكَ وَكَرَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ وَأَهْلِ وِلَاءهِ وَمُتَابَعَتِهِ، وَعَلَى آبَائِهِ وَإِخْوَانِهِ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ الرَّاقِينَ فِي الْفَضْلِ أعلَى ذُرْوَتِهِ، وَعَلَى آلِهِمْ وَصَحْبِهِمْ وَتَابِعِيهِمْ، وَعَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَجَمِيعِ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ مَوَدَّتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ وَفِيهِمْ، إِنَّهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

 

وبَعْدُ،،

يَذْكُرُ الشَّيْخُ الشَّعْرَانِيُّ - عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ - فِي هَذَا مَا وَرَدَ مِنِ اسْتِقْبَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَثْبَوتِهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ بِإِكْمَالِ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ، وَخُرُوجِهِ كَذَلِكَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ أو إِثْبَاتِ عِدَّةِ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ. 

وَذَكَرَ أَنَّهُ "كان ﷺ يَأْمُرُ بِصِيَامِ رَمَضَانَ إِذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْمُصلِّينَ أَنَّهُ رَآهُ، وكان عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَقْبَلُ وَاحِدًا فِي هِلَالِ شَوَّالٍ، فَيُفْطِرُ ويأمرُ النَّاسُ بِالْإِفْطَارِ". 

وَقد روي عِنْدَ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أيضاً غَيْرُ ذَلِكَ، حَتَّى فِي هِلَالِ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ اثْنَيْنِ: 

  • وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فَلَابُدَّ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَدْلَيْنِ فِي مِثْلِ أَيَّامِ الْغَيْمِ، أَوْ جَمْعٌ فِي أَيَّامِ الصَّحْوِ كَذَلِكَ.
  •  قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَكْفِي الْعَدْلُ الْوَاحِدُ فِي أَيَّامِ الْغَيْمِ، وَإِذَا كَانَتْ صَحْوًا فَلَا؛ إِلَّا أَنْ يَرَاهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ-إذا كانت في أيام صحو، ولا علة في السماء فلا يقبل إلا رؤيه جمع كثير-، وَأَرجعوا الْجَمْعِ الْكَثِيرِ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ  إِلى أَنَّ الأَرْجَحَ  عِنْدَهُمُ والْمُعْتَمَدَ أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الْإِمَام، فَمَا رَأَى فِيهِ الصِّدْقَ وَكَثْرَةَ الرَّائِينَ يَحْكُمُ بِهِ وَيَلْزَمُ الصَّوْمُ.

 

إِذًا هِلَالُ رَمَضَانَ أَيْ دُخُولُهُ يَخْتَلِفُ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَشْهُرِ: 

  • فَيُقْبَلُ فِيهِ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَلَمْ يُفَرِّقِ الْجُمْهُورُ أيضاً بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ صَاحِيَةً أَوْ يَكُونَ فِيهَا غيام -غَيْمٌ-.
  •  وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ وَقْتَ غَيْمٍ فَيُقْبَلُ الْوَاحِدُ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ صَحْوٍ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا جَمْعٌ. 
  • وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَا يُقْبَلُ الْوَاحِدُ، لَا فِي دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْهُرِ، وَلَابُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ فِي حَالَةِ الصَّحْوِ.

 

"وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "رأيت الهلال على عهد رسول الله ﷺ فأخبرته فصام ﷺ وأمر الناس بالصيام" وَهَذِهِ عَدَدٌ مِنْ رِوَايَاتٍ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ فَي أنَّهُ يُقْبَلُ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ فِي دُخُولِ رَمَضَانَ. وَحَمَلَهُ مَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ جَاءَ قَبْلَهُ وَاحِدُ، وَأَنَّ هَذَا الثَّانِي قبِلَ بِهِ الرؤية وَأُمِرَ بِالصِّيَامِ.

 

وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "جاء أعرابي مرة إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني رأيت الهلال يعني هلال رمضان، فقال ﷺ للأعرابي: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس أن يقوموا وأن يصوموا غدا" يَعْنِي: أَنْ يَقُومُوا اللَّيْلَةَ، باعتبارها أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنْ يَصُومُوا غَدًا. فَقَبِلَ شَهَادَةَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ.

 

وقال أنس -رضي الله عنه-:" اختلف الناس على عهد رسول الله في آخر يوم من رمضان -يَعْنِي: تَحَدَّثُوا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَثْبُتْ- فقدم أعرابيان فشهدا عند رسول الله ﷺ بالله تعالى لأهل هلال الناس أمس عشية" -أَنَّهُمَا رَأَيَا الْهِلَالَ- "فأمر رسول الله ﷺ أن يفطروا وأن يخرجوا إلى مصلاهم" الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَعْنِي، يَخْرُجُوا إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، يُفْطِرُونَ هَذَا الْيَوْمَ، وَيَخْرُجُونَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ فَيُصَلُّونَهَا كَالْقَضَاءِ.

 

"وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إن الأهلة بعضها أعظم من بعض فإذا رأيتم الهلال نهاراً بعد الزوال آخر يوم من رمضان فلا تفطروا حتى يشهد رجلان ذوا عدل منكم أنهما أهلاه بالأمس -أي: عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ- وإذا رأيتموه قبل الزوال لتمام ثلاثين فأفطروا، وكان ابن عمر يقول: إن ناساً يفطرون إذا رأوا الهلال نهاراً وإنه لا يصلح لكم أن تفطروا حتى تروه ليلاً من حيث يُرى". وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالرُّؤْيَةِ وقت الْغُرُوبِ.

 

فَإِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الْهِلَالَ فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ:

  •  فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ رُؤْيَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ.
  •  وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا هُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ. فَهُمُ اعْتَبَرُوهُ رِوَايَةً. 

فَمَنِ اعْتَبَرَهُ رِوَايَةً وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ  أَنَّهُ تُقْبَلُ فِيهِ رُؤْيَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا رَأَتِ الْهِلَالَ وَحْدَهَا. وَمَنِ اعْتَبَرَهُ شَهَادَةً فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُقْبَلُ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ. وَهَذَا الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.

 

فَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ؟

 وَجَبَ اسْتِكْمَالُ عِدَّةِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا:

  • لقوله ﷺ "صُومُوا لِلرُّؤْيَةِ وَأَفْطِرُوا لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابَةٌ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ، وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالًا". 
  • وَفِي رِوَايَةٍ يَقُولُ ﷺ : "لَا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ، وَصُومُوا لِلرُّؤْيَةِ وَأَفْطِرُوا لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ حَالَتْ دُونَهُ غَيَايَةٌ -أو غيابة- فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ"، كَمَا جَاءَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ.

 

  • وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ لِلتَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، أُكْمِلَتْ عِدَّةُ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ قَتَرٌ أَوْ غَيْمٌ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ، قُدِّرَ شَعْبَانُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَصِيمَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ احْتِيَاطًا بِنِيَّةِ رَمَضَانَ -هذا مذهب الحنابلة-، وَلَهُمْ غريب فِي تَفْسِيرِ قُولُه: "فَاقْدُرُوا لَهُ" قَالَ: أَيْ ضَيِّقُوا لَهُ، أي نجْعَلُ شَعْبَانَ ضَيِّقًا -تِسْعًة وَعِشْرِينَ-.
  •  الْجُمْهُورُ قَالُوا: ﴿فَاقْدُرُوا لَهُ﴾، فأي: اعْتَبَرُوا أَنَّهُ لَم يكن، وجَاءَ التَّصْرِيحُ فِي رِوَايَاتٍ: "فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ".

 

عَلِمْنَا: 

  • قَوْلَ الْحَنَفِيَّةِ فِي قَبُولِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ فِي دُخُولِ رَمَضَانَ فِي حَالِ الْغَيْمِ أَوِ الْغُبَارِ وَانْعِدَامِ الصَّحْوِ.
  • وَأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ لَا يَرَوْنَ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ فِي حَالَةِ الصَّحْوِ أَوْ فِي حَالَةِ الْغَيْمِ.
  • وَأَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَبُولُ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَحْدَهُ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَشْهُرِ.
  • وَأَنَّهُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ شَهَادَةٌ، أيضاً لَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمَمْلُوكِ وَلَا قَوْلُ الْمَرْأَةِ. 
  • وَقَبِلَ الْحَنَابِلَةُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ رُؤْيَةَ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ، وَلَا اشْتَرَطُوا ذُّكُورَةَ، وَلَا اشْتَرَطُوا حُرِّيَّةَ، وَلَا اشْتَرَطُوا غير ذلك، لكن رفضوا شَهَادَةَ مَسْتُورِ الْحَالِ فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ. فَأَمَّا الْعَدْلُ فَمَقْبُولٌ .

 

 أَمَّا هِلَالُ شَوَّالٍ:

  • فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، اشْتِرَاطُ عَدْلَيْنِ. 
  • قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: فَإِذَا كَانَ صَحْوٌ فَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ جَمَاعَةً، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْغَيْمِ يَكْفِي الْعَدْلَانِ. 
  • كَذَلِكَ اشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ الرُّؤْيَةَ الْمُسْتَفِيضَةَ أَوْ شَهَادَةَ عَدْلَيْنِ مِمَّنْ يشَهَدَون فِي الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ.

 

وَمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ: 

  • فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُفْطِرُ هُوَ، خوْفًا بَلْ يُتِمُّهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ. وَإِنْ أَفْطَرَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى. 
  • وَهَكَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَابُدَّ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ شَوَّالٍ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ. 

فَإِذَا رَآهُ وَاحِدٌ وَحْدَهُ:

  • قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُفْطِرُ سِرًّا، لَا يُظْهِرُ فِطْرَهُ، لِأَلى يُتَّهَمُ وَيَتَعَرَّضُ لِلْعُقُوبَةِ. 
  • وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: مَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ فَلَا يفْطِرُ، وعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ مَعَ النَّاسِ حَتَّى ينْضَمَّ إِلَى رُؤْيَتِهِ رُؤْيَةُ آخَر.

 

"يَقُولُ: كَانَ ﷺ كَثِيرًا مَا يَقُولُ: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَانْسُكُوا لَهَا -أَيْ: قِفوا بِعَرَفَةَ- فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُّوا ثَلَاثِينَ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مُسْلِمَانِ -وَفِي رِوَايَةٍ: شَاهِدَا عَدْلٍ- فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا" "

 

وكان ﷺ يقول: "شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة" أَيْ: لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ الْهِلَالُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَوْ كَانَ ثَلَاثِينَ، فَلَا يَنْقُصُ الْأَجْرُ لَا لِلْحَجِّ وَلَا لِلصَّوْمِ. وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ نَقْصُهُمَا، أَيْ: يَكُونَانِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ كِلَاهُمَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ. وَالْأَصَحُّ عَدَمُ نُقْص الثَّوَابِ، "يعني هما كاملان وإن خرجا تسعاً وعشرين".

 

"وقال أنس -رضي الله عنه-: صام الناس على عهد علي -رضي الله عنه- فخرج الشهر في حساب الصائمين ثمانية وعشرين". يَعْنِي: رَأَوُا الْهِلَالَ  رُؤْيَةً مُسْتَفِيضَةً  -وَعَادهُم إلا- صَامُوا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ. لِأَنَّهُمْ أَكْمَلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ وَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ، "فأمرهم علي -رضي الله عنه- بقضاء يوم"، فمن الْمَعْلُومُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ لِرَمَضَانَ فَأَتَمُّوا شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ رَأَوُا هِلَالَ شَوَّالٍ فِي لَيْلَةِ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ، يَعْنِي: -وَعَادهُم إلا- صَامُوا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ قَضَاءُ يَوْمٍ، لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَفْطَرُوهُ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ آخر يوم عندهم في شَعْبَانَ بِحِسَابِهِمْ. وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِمْ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ، وَهُوَ أَنْ يَصُومُوا يَوْمًا؛ يُكْمِلُوا بِهِ عِدَّةَ رَمَضَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ.

 

"وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: من رأى الهلال وحده ولم يعمل بقوله يصوم على رؤية نفسه"، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ إِخْفَاءُ صَوْمِهِ، بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: "الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ" "وكان يقول ﷺ: "أتاني جبريل -عليه السلام- فقال الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة عدة شعبان ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً".

 

وَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يوماً يبعث من ينظر فإن رأى فذاك -صام-، وإن لم يروا لم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائماً" وَهَذَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ. 

وكان ﷺ يقول: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام يوم ولا يومين إلا أن يكون شيئاً يصومه أحدكم – يَعْنِي: يَعْتَادُ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَوِ الْخَمِيسِ- ولا تصوموا حتى تروه ثم صوموا حتى تروه فإن حال دونه غمامة فأتموا العدة ثلاثين ثم أفطروا". 

"وكان ﷺ يتحفظ من هلال شعبان -يَعْنِي: يَحْتَاطُ لَهُ، وَيَعْتَنِي بِالرُّؤْيَةِ لَهُ- ما لا يتحفظه من غيره، -مِنْ أَجْلِ رَمَضَانَ، تَكْرِيمًا لِرَمَضَانَ، وَاحْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ-، وَيَقُولُ: "أحصوا هلال شعبان لرمضان".

 

رَزَقَنَا اللهُ الِاسْتِقَامَةَ، وَأتحف بأَنْوَاعَ الْكَرَامَةِ، وَدَفَعَ الْآفَاتِ وَالْأَسْوَاءَ، وَأَصْلَحَ السِرَّ وَالنَجْوَى، وَجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ بِالصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْعِدْنَا أعلى السَّعَادَةِ وَكانْ لَنَا بِمَا هو أَهْلُهُ حَيْثُ مَا كُنَّا، وَخْتِمْ لَنَا بِأكْمَلِ الْحُسْنَى. 

 

 

 بسر الفاتحة

إلى حضرة النبي محمد 

اللهم صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

23 ذو الحِجّة 1446

تاريخ النشر الميلادي

19 يونيو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام