كشف الغمة -125- كتاب الصلاة (17) صفات المؤذنين

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (17) صفات المؤذنين

 صباح الثلاثاء 4 رجب 1445هـ

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  فضل احتساب المؤذن وعدم أخذ أجرا
  •  إعطاء المؤذنين من بيت المال
  •  شرط للمؤذن أن يكون مسلما
  •  هل يصح أذان المرأة؟
  •  يشترط للمؤذن العقل
  •  اختلفوا في أذان الصبي المميز
  •  يستحب للمؤذن الوضوء
  •  هل يصح أذان الفاسق؟
  •  يسن الصوت الحسن والمرتفع
  •  وضع اصبعيه في اذنيه والأذان قائما
  •  يستحب للمؤذن العلم بالأوقات
  •  يستحب أن يكون المؤذن هو المقيم
  •  هل يكره أذان الأعمى؟
  •  وقت القيام للصلاة عند الإقامة
  •  الأذان على الراحلة في السفر
  •  كيف استشهدت أم ورقة بنت نوفل وهي في البيت؟
  •  الجمع بين الأذان والامامة ليحوز الفضيلتين

نص الدرس مكتوب:

فصل في صفات المؤذن وغير ذلك 

"تقدم أول الباب استحباب كونَ المؤذن محتسباً، وكان عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- يقول : "آخر ما عهد إليَّ رسول الله ﷺ أن أتَّخِذَ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً"، وقال رجل مرة لابن عمر -رضي الله عنهما- إني لأحبك في الله فقال له ابن عمر: إني لأبغضك في الله، فقال : لماذا؟ قال : لأنك تسأل على أذانك أجراً. 

وكان عثمان -رضي الله عنه- يرزقَ المؤذنين من بيت المال ويقول: "إن رسول الله ﷺ دعا أبا محذورة حين فرغ من الأذان فأعطاه صرة فيها شيء من الفضة، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: لا يؤذن المؤذن إلا متوضئاً، وكان -رضي الله عنه- مؤذناً بالبحرين وكان قد اشترط عليه إمامه أن لا يسبقه بآمين. 

وسيأتي في باب الإمامة أنه ﷺ كان يأمر النساء باتخاذ المؤذن يؤذن لهن، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تؤذن للنساء وتؤمهن، ونُهِيَ عن أذان المرأة للرجال، وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول : ما أحب أن يكون مؤذنوكم عميانكم، وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: "نهى رسول الله ﷺ أن يكون الإمام مؤذناً". 

وكان ﷺ يقول: "من أذن فهو أحق بالإقامة" وفي رواية: "من أذن فهو يقيم"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: لا تقوموا للصلاة حتى يقول المؤذن قد قامت الصلاة، وكان وائل بن حجر -رضي الله عنه- يقول: "حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن المؤذن إلا وهو طاهر قائم"، وكان ابن عمر -رضي الله عنه- يؤذن على راحلته وكذلك بلال -رضي الله عنه-، وكان أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- كثيراً ما يؤذن ويقيم وهو جالس، وكان عطاء -رضي الله عنه- يكره أن يؤذن قاعداً إلا من عذر".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان حبيبه وصفوته خير بريته، سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرَّمَ عليه وعلى آله وصحابته، وأهل ولائه ومتابعته، وعلىآبائه وإخوانه من أنبياء الله ورسله صفوته من خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

ويذكر سيدنا الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله تعالى- في هذا الفصل بعض صفات المؤذن وما تعلق بذلك، فابتدأ بذكر ما سبق معنا في الأحاديث من احتساب المؤذن أي: عدم أخذه مقابل الأذان لأُجرة ولا لمكافأة في شيء من شؤون الدنيا، أن يكون مؤذنًا محتسبًا لله تبارك تعالى، وقد تعددت الرواية في قوله " أن أتَّخِذَ مؤذِّنًا لا يأخُذُ على آذانِهِ أجْرًا"  وجاء عن عثمان بن أبي العاص وجاء عن غيره، وأن ذلك من آخر ما عهِدْ إليهم النبي ﷺ، وجاء في الرواية: "صلِّ بِصلاةِ أضْعفِ القوْمِ ، و لا تَتَّخِذْ مُؤذِّنًا يَأخُذُ على أذَانِه أجْرٌا"،  فهو وإن كان جائز فلبعض أهل العلم فيه كلام، فقد عدّهُ ابن عمر لمن تعلَّقَ قلبه بالمادة والفانيات وصار لا يؤذن إلا بمقابل مادي؛ جعله سببًا مجوزًا لبغضه في الله -تبارك وتعالى-؛ أو أنه أراد زجر ذلك الرجل عن وصفه هذا حتى صار يحب الأذان من أجل الله تعالى بلا أخذ مقابل.

يقول: "وقال رجل مرة لابن عمر -رضي الله عنهما- إني لأحبك في الله، فقال له ابن عمر: إني لأبغضك في الله فقال: لماذا؟ قال: لأنك تسأل على أذانك أجرًا"، قاعد تطلب للمادة وتريد تأذن؟!  دعوة إلى الله تعالى وإعلام بالصلاة وتقول هاتوا مقابل فلوس! قال: "إني لأبغضك  في الله" أي: لفعلك هذا، فإنما أراد تنبيههُ وتوجيهه حتى يخرج من هذه المسألة.

"وكان عثمان -رضي الله عنه- يرزق المؤذنين من بيت المال.." -وذلك جائز واستدل بما أعطى النبي ﷺ أبا محذورة "ويقول: إن رسول الله ﷺ دعا أبا محذورة حين فرغ من الأذان فأعطاه صرة فيها شيء من الفضة".

فهذا من صفات المؤذن: أن يكون محتسبًا، ومرَّ أيضًا معنا أنه "من واظب على الأذان محتسبًا في الصلوات الخمس سبع سنين لم تأكل جسده الأرض"، صار من الذين لا تأكل الأرض أجسادهم.

 

فأول شرط في المؤذن: 

  • أن يكون مسلمًا، فإذا أذَّن غير المسلم لا يُعتدْ بأذانه باتفاق. 

ولكن هل يُحكم بإسلامه؟.. لأنه يقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله أشهد أن محمد رسول الله.. فهل يُحكم بإسلامه أم لا؟ قالوا: نعم يُحكم بإسلامه؛ ولكن يحتاج الآن بعد الإسلام أن يرجع بالأذان من أوله، أما الأذان ما يُعتد به لأن أوله كان قبل الحكم بإسلامه، إلا أن يكون من فرقة من النصارى يعتقدون أن سيدنا محمد مرسل للعرب وحدهم، فهذا ما يحكم بإسلامه بمجرد الأذان حتى يقول أشهد أن محمد رسول الله إلى جميع الناس إلى جميع الخلق ويحكم حينئذ بإسلامه، فهذا الشرط الأول.

والشرط الثاني

  • الذكورة، الواجب أن يكون المؤذن ذكر، ما تؤذن الأنثى، لأن يُراد بالأذان رفع الصوت والإعلام وذلك غير لائق بالمرأة، فلا يصح أذان المرأة لأن رفع صوتها قد يُوقع في الفتنة، فلا يعتد بأذانها. 
  • ولكن قال الحنفية: الذكورة في الأذان من السنن وأن أذان المرأة مكروه، 
  • ويقول أبو حنيفة: "لو أذنت استُحِبَّ إعادة الأذان من قِبَل رجل" يُعيد الأذان. 
  • وقال بعض أهل العلم والفقه: أنها تؤذن للنساء إذا كان النساء خُلَّص ولا ترفع صوتها بحيث لا يسمعها رجل أجنبي، وعليه يُحمل ما جاء عن السيدة عائشة "تؤذن للنساء وتؤمهن" فهذا الشرط الثاني.

الشرط الثالث:

  • العقل؛ فما يصح أذان مجنون ولا سكران ونحوهم من غير شك، وجاء عند بعض الحنفية: أن ذلك مكروه أذان غير العاقل.

 اختلفوا في الصبي المميز؛ فيصح أذانه عند الحنفية والشافعية وإحدى روايتي الإمام أحمد، وكذلك عند المالكية: إذا كان الصبي تحت نظر بالغ عدل، يعلِّمُه دخول الوقت والقيام بالأذان. 

فأما غير المميز -صبي غير مميز- فلا يصح أذانه باتفاق، لأنه لا يُعتد به، طيب. 

 

استحبوا للمؤذن أن يكون طاهرًا من الحدث الأصغر والأكبر، ما يؤذن بلا وضوء، وعندنا يقول: "كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: لا يؤذن المؤذن إلا متوضئاً" فتلك سنة متأكدة على المؤذن أن لا يؤذن إلا على وضوء.

قال الشافعية: يُكره الأذان بغير وضوء والإقامة أشد كراهة، فيكون طاهر من الحدث الأصغر والأكبر لا يؤذن إلا متوضئ. 

وينبغي أن يكون المؤذن عدلًا لأنه أمين على المواقيت، وكانوا أيضًا يطلعون في المناير فيكون أمين على النظر إلى بيوت الناس؛ وإن صحّ أذان الفاسق مع الكراهة.

لكن في وجه عند الحنابلة: أن الفاسق ما يُعتد بأذانه ويعتبر لا شيء، قالوا: لأنه لا يُقبل خبره؛ وهذا خبر، والأذان خبر يخبر عن وجود الصلاة وهذا فاسق ما يُقبل خبره، وفي الوجه الثاني عندهم مثل الجمهور: أنه يصح مع الكراهة، والوجه الثاني قال: لأنه تصح إمامته، ما دام يصح أن يكون إمام "صلوا خلفَ كل بَرٍ وفاجرٍ"  فيصح أن يكون مؤذن كما عليه الجمهور.

أن يكون صيتاً يعني: يبلغ صوته مدى أطول.

حسن الصوت، قال النبي لسيدنا عبد الله بن زيد: "قُمْ معَ بِلالٍ، فأَلْقِ عليه ما رَأيتَ، فلْيُؤَذِّنْ به؛ فإنَّه أنْدَى صَوتًا مِنكَ" 

 

يقول: "وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول : لا يؤذن المؤذن إلا متوضئاً، وكان -رضي الله عنه- مؤذناً بالبحرين وكان قد اشترط عليه إمامه أن لا يسبقه بأمين". 

وقال: "وسيأتي في باب الإمامة أنه كان يأمر النساء باتخاذ المؤذن يؤذن لهن"  رجل وعلى القول بأن المرأة تؤذن لجماعة النساء من دون رفع صوت، "وكانت عائشة رضي الله عنها تؤذن للنساء وتؤمهن"  فحمله الجمهور على أنها الإقامة أرادوا بالأذان الإقامة تقيم الصلاة، "ونُهِيَ عن أذان المرأة للرجال".

 ويستحب أن يكون المؤذن صيّتًا يعني: حسن الصوت، وأن يجعل إصبعيه في أذنيه حال الأذان، لما رُوِي عن النبي ﷺ أنه أمر بلالاً بذلك قال: "إنه أرفع لصوتك".

كما يستحب أن يؤذن قائماً، "قم فأذن" يقول النبي ﷺ "قم فأذن" يأذن قائم، وإذا أذن وهو جالس وهو قادر على القيام فذلك مكروه.

يستحب أن يكون عالماً بأوقات الصلاة ليتحراها، فصاروا ينشرون لهم جداول الآن مع توفر الساعات.

ويستحب أن يكون المؤذن هو المقيم، في الحديث لما خرج مرة النبي ﷺ يريد أن يصلي في شيء من أسفاره أراد بلالًا أن يقيم فقال:"إِنَّ أخا صُداءٍ أذَّنَ ، ومَن أذَّنَ فَهُوَ يُقيمُ" وذلك أنه أذن واحد قبله، وبعدين خرج النبي ﷺ وأراد سيدنا بلال يقيم الصلاة، قال له النبي: لا؛ هذا أذن خلوه-دعوه- يقيم الصلاة، فالمستحب أن يكون المقيم للصلاة هو المؤذن نفسه، "إِنَّ أخا صُداءٍ أذَّنَ ، ومَن أذَّنَ فَهُوَ يُقيمُ".

ثم يقول: "وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول : ما أحب أن يكون مؤذنوكم عميانكم" والجمهور: أنه لا كراهة في أذان الأعمى، فإن ابن أم مكتوم كان أحد مؤذني رسول الله ﷺ وكان رجلًا أعمى.

"وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: نهى رسول الله ﷺ أن يكون الإمام مؤذناً" أن يجمع بين الأذان والإقامة والإمامة هو يتولاها كلها.

 اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه.

 يقول:"وكان ﷺيقول : من أذن فهو أحق بالإقامة" ونهى أن يكون الإمام مؤذناً واختلفوا في ذلك، فقيل: لا كراهة، وقيل: يكره أن يجمع بين الثلاثة الأذان والإقامة والإمامة، وأما إثنين فلا، وحتى في الثلاثة اختُلِف في ذلك هل يكره أو لا يكره.

"وكان ﷺيقول : من أذن فهو أحق بالإقامة وفي رواية: «من أذن فهو يقيم"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول : لا تقوموا للصلاة حتى يقول المؤذن قد قامت الصلاة"، فاختلفوا في وقت قيام الناس للصلاة، عند بعض الأئمة من أول الإقامة، وعند بعضهم عند قول قد قامت الصلاة، وعند الشافعية لا يقومون حتى يفرغوا من الإقامة إذا كمل الإقامة يقومون، وهذا لمن كان جالسًا في محل الصلاة، أما من كان في محل بعيد فينبغي أن يمشي قبل انقضاءِ الإقامة، من أجل أن يدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام، فأما من كان في نفس المكان الذي سيصلي فيه فينبغي أن يبقى جالس حتى  تنقضي الصلاة فيؤمهم الإمام، وفي الحديث أنه قال ﷺ: "إذا أقام بلال الصلاة فلا تقوموا حتى تروني"، وكان إذا كان في الممر بين حجرته والمسجد يؤذن سيدنا بلال، وعند فراغه يدخل إلى المسجد ﷺ، ففيه الدليل لمن استحب أن لا يقوم المأمومون إلا عند فراغ الإمام من الإقامة، وإذًا فالمسألة واسعة وذات اجتهاد أن يقوموا من أول الإقامة، أو في وسطها عند قوله قد قامت الصلاة، أو بعد فراغ المقيم من الإقامة.

 

"وكان وائل بن حجر -رضي الله عنه- يقول: "حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن المؤذن إلا وهو طاهر قائم"، فذكر سنية الطهارة وسنية القيام في الأذان.

 "وكان ابن عمر -رضي الله عنه- يؤذن على راحلته -أي: في السفر- وكذلك بلال -رضي الله عنه-" أما إذا كانت تمشي فلأجل أن يتسع مجال الشهادة له، فكلما مشى بقعة شهدت له من أول ما أذن إلى آخر ما أذن وهو في بقعة ثانية بعيدة ليعمَّها الشهادة له أنه أذّن، كان إذا كانوا في سفر أيضًا أحيانًا يغتنم الفرصة الحبيب محمد الهدار ويفتح زجاج السيارة يؤذن وهي تمشي ويقول: يستغرق مدى الأذان مدى طويل؛ فيغفر للمؤذن مدى صوته، ثم يمر على أحجار كثيرة وأشجار وجبال كلها تشهد له في يوم القيامة بالأذان، الله أكبر.

 

"وكان أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- كثيراً ما يؤذن ويقيم وهو جالس" -وفي ذلك الرخصة والجواز- "وكان عطاء -رضي الله عنه- يكره أن يؤذن قاعداً إلا من عذر" .

جاء "عن أمِّ ورقةَ بنتِ نوفلٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ، لمَّا غَزا بدرًا، قُلتُ لَهُ: يا رسولَ اللَّهِ، ائذَنْ لي في الغزوِ معَكَ أمرِّضُ مَرضاكم، لعلَّ اللَّهَ أن يرزُقَني شَهادةً، قالَ: قرِّي في بيتِكِ فإنَّ اللَّهَ تعالى يرزقُكِ الشَّهادةَ، قالَ: فَكانت تسمَّى الشَّهيدةُ.." وهي حية لأن النبي قد قال لها أن الله بيرزقك الشهادة، "قالَ: وَكانت قد قرأتِ القرآنَ فاستأذنتِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن تتَّخذَ في دارِها مؤذِّنًا ، فأذنَ لَها ، قالَ : وَكانت دبَّرت غلامًا وجاريةً فقاما إليها باللَّيلِ فغمَّاها بقطيفةٍ.." استعجلوا لأنها علَّقَت عتقهم بموتها فأرادوا أن تموت ماطاعت تموت فجاءوها "فغمَّاها بقطيفةٍ لَها حتَّى ماتَت وذَهَبا، فأصبحَ عمرُ فقامَ في النَّاسِ، فقالَ: مَن كانَ عندَهُ من هذَينِ علمٌ، أو مَن رآهُما فليَجِئْ بِهِما، فأمرَ بِهِما فصُلِبا فَكانا أوَّلَ مصلوبٍ بالمدينةِ" قصاص لهما، وهكذا يقول عبد الرحمن بن خلاد: "وأنا رأيت مؤذنها شيخًا كبيرًا في المدينة، فقال: "قري في بيتك" لما قالت له: ائذن لي اخرج معك لعل الله يرزقني شهادة، قال: "قرِّي في بيتِكِ فإنَّ اللَّهَ تعالى يرزقُكِ الشَّهادةَ" بتجي الشهادة عندك في البيت! فجاءوا غمُّوها وغطوها وقتلوها حقها المدَبَّرين هؤلاء الأَمَة والغلام، وماتت شهيدة ووسط الدار -رضي الله عنها- ولكن كانوا الصحابة يسمونها الشهيدة، الشهيدة، وبعدها حية؛ لإيقانهم بقول النبي: "فإن الله عز وجل سيرزقك الشهادة".

وعلمتَ أنه:

  • يقول جمهور الفقهاء: أن أذان الأعمى جائز

  • ويقول الحنفية: أذان البصير أفضل إلا إذا كان معه بصير يُعلِمه الأوقات. 

  • ويقول المالكية: يجوز أذان الأعمى إن كان تابعًا لغيره في أذانه أو قلد ثقة في دخول الوقت.

  • يقول الشافعية: يُكره أن يكون المؤذن أعمى، ربما غَلِط في الوقت، فإن كان معه بصير لم يُكره، وابن أم مكتوم يقول كان يؤذن مع بلال.

  • يقول الحنابلة: يُستحب أن يكون المؤذن بصيرا.

 

جاء عند الحنفية: أن الأفضل أن الإمام هو المؤذن.

وقال جماعة من الشافعية وغيرهم: أنه يُكره أن يكون الإمام هو المؤذن، وما ذكره الجويني والبغوي وقالوا: هذا الحديث الذي رووه لنا: "نهى النبي  أن يكون الإمام مؤذنا" ولكن سنده ضعيف جدا، ويقول أبو علي الطبري: "الأفضل أن يجمع الرجل بين الأذان والإمامة ليحوز الفضيلتين"، يقول بهذا قَطَع صاحب الحاوي وهو الأصح أنه لا يثبت في الجمع بينهما نهي، وعلى ذلك كان الحبيب عبد الرحمن المشهور مفتي حضرموت في زمنه وكان يستمر في عشرين سنة يؤذن ويقيم ويؤم بالناس في مسجد الشيخ علي.

أما الإقامة فالمؤذن أولى بها، وقد سمعنا حتى جاء عن زياد بن الحارث الصدائي هذا قال "بعث رسول الله  بلال إلى حاجة له فأمَرَني رسولُ اللهِ  أن أُؤَذِّنَ في صلاةِ الفجرِ، فأَذَّنْتُ، فأرادَ بلالٌ أن يُقِيمَ، فقال رسولُ اللهِ : إن أخَا صداءَ قد أَذَّنَ، فهو يُقِيمُ"، وإن كان يجوز أن يقيم الصلاة غير المؤذن؛ نعم لكن الأفضل كون المؤذن هو المقيم.

 

رزقنا الله الإقامة للصلاة وأدائها على الوجه الأحب إليه تعالى في علاه، وحسنَ متابعة حبيبه ومصطفاه، وأحيا فينا سننه الكريمة، وثبتنا على صراطه المستقيم و مناهجه القويمة، وجعلنا من خواص أهل القلوب السليمة مسلولة السخيمة، ونظر إلى أمته نظرة تزيل العناء عنا وتدني المنى منا، وكل الهناء نعطى في كل حين، مع الصلاح والفلاح والنجاح والفوز والسعادة في الدارين وعلى كل نية صالحة.

 

بسرّ الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

10 رَجب 1445

تاريخ النشر الميلادي

20 يناير 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام