(536)
(230)
(574)
(311)
شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الصيام، باب كفَّارة مَن أفطر في رمضان.
فجر الأحد 16 رجب 1442هـ.
باب كَفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ
818 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِيناً. فَقَالَ: لاَ أَجِدُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ: "خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ إلَيْهِ مِنِّى. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: "كُلْهُ".
819 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَأبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَقُولُ: هَلَكَ الأَبْعَدُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "وَمَا ذَاكَ؟" فَقَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟" فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ: "هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِىَ بَدَنَةً ؟" قَالَ: لاَ. قَالَ: "فَاجْلِسْ". فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ: "خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ". فَقَالَ : مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّى. فَقَالَ: "كُلْهُ، وَصُمْ يَوْماً مَكَانَ مَا أَصَبْتَ".
قَالَ مَالِكٌ: قَالَ عَطَاءٌ: فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَمْ فِي ذَلِكَ الْعَرَقِ مِنَ التَّمْرِ، فَقَالَ : مَا بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، إِلَى عِشْرِينَ.
820 - قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَاراً، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ نَهَاراً فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِيهِ إِلَيَّ.
الحمد لله مُكرمنا بشريعته العظيمة، وأحكام دينه القويمة، ومُبيّنها على لسان عبده محمد، الهادي إلى الطرق المستقيمة، اللهم صلِّ وسلم وبارك وكرّم على عبدك سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاهم وتبعهم بإحسانٍ بِهمّةٍ وصِدق عزيمة، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين أهل المنازل الشريفة، والرُّتب الفخمية، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الرحمين.
أما بعدُ،
فيواصل سيدنا الإمام مالك -رضي الله تعالى عنه- في الموطأ ذكر الأحاديث المتعلقة بالصيام، وعقد هذا الباب فيما يتعلّق بكفّارة من أفطر في رمضان، والكفارة مع الفطر في عمومها تجب عند الأئمة كلهم، ولكن اختلفوا:
متى تجب؟ وما هو الواجب فيها؟ وعلى من تجب؟
فهكذا:
وهكذا، إذا باشر عندهم دون الجماع، ثم أنزل، ففيه عن الإمام أحمد روايتان؛ أن عليه الكفارة، وكذلك هو قول الإمام مالك، و لو كان خرج له المذي عند مالك، ولكن إذا كان بالمباشرة حصل الإنزال، فبطل الصوم بالاتفاق، وتجب الكفارة عند الإمام أحمد وعند الإمام مالك.
فأخذوا وجوب الكفارة لكل متعمدٍ تعمد، سواء أفطر بجماع، أو بغير جماع، فتلزمه الكفارة إذا أفطر في شهر رمضان. ولو تعمد نحو حصاة وصلت إلى جوفه، أو بشرب بفمه، لا أن شرب بأنفه، مثلاً استنشق ذلك، فلا كفارة عندهم في ذلك.
فذكر لنا هذا الحديث: "عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ"، -هو الذي يروي عن أبي هريرة- يقول: "أَنَّ رَجُلاً" من هذا الرجل؟ يقال له سلمة، أو سلمان بن صخر البياضي -كما جاء في رواية ابن أبي شيبة وغيره- عن اسم هذا الرجل؛ سَلَمَة بن صخر البياضي، ظاهرَ امرأتَه في نهار رمضان، ووطِئَها، ولكن كل واحدة من الوقعتين مستقلة.
و هذا الرجل الذي جاء الى النبي ﷺ سلمة بن صخر. يقول: "أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ"، وعامة الرواة في الحديث ذكروه أفطر بجماع، وهنا مطلق، وبذلك أخذ الإمام مالك: أن كل فطر متعمد، يجب به الكفارة. و جاء أيضًا: أنه ﷺ في صحيح الأمر: إن رجلٌ أفطر، يعتقُ رقبةً…، إلى آخر هذا الحديث.
يقول: "فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ" هذه مثل كفارة الظِّهار، يجب أن يعتق فيها الرقبة، أن يكفِّر بعتق رقبة، فالكفّارة واجبة، وعليه جماهير أهل العلم، كما سمعتَ:
"أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" ظاهره على التخيير، ولكن الروايات المتعددة جاءت بالترتيب، بمعنى: أنه لا يجوز أن ينتقل إلى صيام شهرين متتابعين إلا عند العجز عن عتق الرقبة، ولا ينتقل عن إطعام ستين مسكينًا إلا عند العجز عن صوم شهرين متتابعين، به قال الجماهير.
واستحب الإمام مالك تقديم الإطعام، ورأى أن الإطعام أوفق بأن يحل محل الصيام -كما هو في عدد من مسائل الفقه- يُطعم بدل الصيام، فجعل الإطعام أحبّ إليه من هذه الثلاثة الأشياء.
"أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ"، يعني: إذا عجز عن عتق رقبة، "أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِيناً" وكل مسكين مُد، فأقل ما يعطى المسكين في الكفارة مُدّ بمُد النبي ﷺ فعلى هذا الترتيب عند الجمهور ينتقل من رتبة إلى رتبة.
وذكرنا استحباب الإمام مالك للإطعام، وأنْ هذا الرجل قال: "لاَ أَجِدُ"، لا يقدر على ذا، و لا على ذا، "فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ"، أي: وصله -عليه الصلاة والسلام- "بِعَرَقِ تَمْرٍ،"، عرق تمر يعني: وعاء، زنبيل، يسع خمسة عشر صاعًا، والصاع أربع أمداد، فالعشرة بأربعين، والخمسة بعشرين، صار ستين مدًّا.
"فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ:" النبي ﷺ، "خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ" أي: أخرجه عن الكفارة، عن ما وقع منك في الفطر في رمضان، "فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ إلَيْهِ مِنِّى"، تريدني أن أتصدق على الناس الآخرين، وأنا محتاج، وبيتي ما فيه شيء؟ وأنا أحتاج إلى الأكل؟ أنا وأهلي ما نجد شيء، ونحن أفقر أهل بيت، "مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ إلَيْهِ مِنِّى، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ" وكان ذلك مبالغته في الضحك، التبسّم حتى تظهر أنيابه الشريفة صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله.
جاء الرجل خائف على نفسه، راغباً في فدائها مهما أمكنه، ولما وجد الرُّخصة، طمع في أن يأكل ما أُعطِيَهُ من الكفارة، ومقاطع كلامه، وحُسْنُ تأنِّيهِ، وتلطُّفُه في الخطاب، وحُسْنُ توسُّلِهِ، وتوصِلُهُ إلى مقصودهِ، فلشيءٍ من هذه العلل، أو جميعها أو غيرها، ضحك ﷺ. "ثُمَّ قَالَ: كُلْهُ"، قال: خذه أنت وأهلك.
وجاءت رواية عن الإمام أحمد بن حنبل: أنه في كفارة الجماع في رمضان، إِنْ كان المكفِّرُ محتاجًا، يجوز أن يخرج الكفارة لأهله. جاءت رواية عن الإمام أحمد، هذا خاص. أما في الظِّهار، وفي اليمين، ما يمكن، في الكفارات الأخرى، ما يمكن إلا في هذا، أخذًا بظاهر الحديث.
وقال الآخرون: إنما هذه كانت خصوصية بتخصيصه ﷺ له، لا يجوز لغيره قط، في كفارة جماع رمضان، ولا غيرها؛ أن يخرج الكفارة لأهله، وإنما يعطيه غيره من المحتاجين، وإِنْ كان محتاجًا فلا يجوز له أن يتصدق بذلك على نفسه، ولا على أهله.
والحديث أصله وارد في الصحيحين، ويقول أيضا جمهور العلماء: أنَّ الكفارة لا تسقط بالإعسار، والذي ما يقدر يعتق رقبة، ولا يقدر يصوم، ولا يقدر يطعم ستين مسكينًا، تثبت في ذمّته، أول شيء قدر عليه من هذه الثلاثة، وَجَبَ عليه، ولا تسقط بكونه معسر.
لكن فيما ذهب بعضهم: أنه إذا أعسر، سقطت عنه الكفارة.، ولهذا قالوا: أن الرجل كان معسرًا، وسقطت الكفارة عنه، بعد ذلك أذن له أن يعطيه لأهله. الجمهور قالوا: لا، إنما هذه خصوصية لهذا الرجل. وسمعت الرواية عن الإمام أحمد في أنه يمكن في خصوص هذه الكفارة، إذا كان محتاجًا أن يُطعمها أهله، فمصرف هذه الكفارة مصرف الزكاة.
يقول الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): أنه اعتنى بهذا الحديث بعض المتأخرين، ممّن أدركه شيوخنا، تكلَّمَ عليه في مجلدين، جمع فيهما ألف فائدة وفائدة من خلال هذا الحديث المحترق الذي جاء الى عند رسول الله ﷺ في رمضان، وجاءت فيه هذه القصة.
ويذكر لنا: "عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَأبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ"، وفي رواية: "يلطم وجهه"، و "يدعو ويله" وأخذ منهم بعضهم:
"وَيَقُولُ:" على نفسه: "هَلَكَ الأَبْعَدُ" يعني: نفسه، على عادة العرب إذا حكت عن نفسها بما لا يُحمَد فعله، يقول: الأبعد، أي المتباعد عن الخير، "هَلَكَ الأَبْعَدُ"، وهو يلطم نفسه ويتحرّق هذا التحرّق، "فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَمَا ذَاكَ؟" إيش الذي أوقعك؟ وفي رواية: "ويحك! ما صنعت؟"، وفي رواية: "ما الذي أهلكك؟" "فَقَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟ فَقَالَ: لاَ" "والذي بعثك بالحق، ما ملكت رقبةً قط"، وفي رواية: "ما أملك إلا رقبتي هذه" ما عندي شيء، "فَقَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِىَ بَدَنَةً ؟ قَالَ: لاَ"، هذه الجملة غير محفوظة، الروايات عن الأوثق جاءت ليس فيها ذكر البدنة. فبذلك أخذ الأئمة الأربعة كلهم، وجاء عن الحسن وعطاء: أنه إن لم يجد المكفر رقبةً، أهدى بدنةً إلى مكة، أو بقرة. ولكن الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة قالوا: ليس في هذه الكفارة إهداء بدنة، إنما عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا.
"قَالَ ﷺ: "فَاجْلِسْ". فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ"، وجاء في رواية مسلم: "أقبل رجل يسوق حمارًا عليه طعام، فجاءه عرقان -والمشهور عَرَق- أو قال بعضهم: أن المراد أن مقدار التمر كان مقدار العَرَق، لكنه جاء به في إناءين على هذه الرواية.
"فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ. فَقَالَ : مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّى. فَقَالَ: كُلْهُ، وَصُمْ يَوْماً مَكَانَ مَا أَصَبْتَ".
"وَصُمْ يَوْماً مَكَانَ مَا أَصَبْتَ" هكذا عليه الأئمة الأربعة.
"قَالَ مَالِكٌ: قَالَ عَطَاءٌ: فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَمْ فِي ذَلِكَ الْعَرَقِ مِنَ التَّمْرِ، فَقَالَ : مَا بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، إِلَى عِشْرِينَ." والخمسة عشر صاعاً ستين مُدٍّ، لأن الصاع أربع أمداد، فالعشرة أربعون مُد، والخمسة عشرون، فعشرين فوق الأربعين صارت ستين.
وجاء في رواية: "أنه أُتِيَ بعِرقٍ فيه عشرون صاعًا"، فهذا هو المكتل -الزنبيل- نسميه محفر عندنا- سمّاه "عَرَق"، يُطعم لكل مسكين مُداً بمُد النبي ﷺ.
و كما قالوا في زكاة الفطر، وفرّقوا بين البُر وغيره، ولهذا قالوا: لكل مسكين مُد بِر، أو نصف صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو أقِط.
واستدل الحنفية بما جاء في رواية الإمام أحمد: جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير، فقال ﷺ: أطعِمْ هذا، فإنَّ مُدَّي شعير مكان مُد بِر. والجمهور على أنه لا فرق بين البِر وغيره.
بل أيضًا المعتمد كذلك عند الحنفية: أنه كذلك لكل مسكين نصف صاع، فلا ينقص عن المسكين نصف صاع في كفارة الظِّهار، وفي مختلف الكفارات أيضًا وهو مُدَّان.
قال يحيى: "قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَاراً، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ نَهَاراً فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ."،
"قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِيهِ إِلَيَّ"، لا خلاف في هذا بين الأئمة الأربعة -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-
فألحق قتادة القضاء لرمضان في وجوب الكفارة برمضان. وجماهير أهل العلم على غير ذلك -كما سمعت- ومنهم الأئمة الأربعة -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى- ثم يتكلم على ما اختُلِف فيه من المفطّرات، ويتكلم عن الحِجامة.
رزقنا الله إدراك الصوم وإتمامه، ورزقنا إدراك رمضان وقيامه، وجعلنا من خواصّ من صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا، وفتح لنا بذلك من الغفران والخير الكثير أبوابه، ورفع عنا في وجهتنا إليه وشهودنا لحقائق ما جاء عنه حجابه، وثبّتنا على مسلك الاقتداء والاهتداء بحبيبه ﷺ والاتباع له، وأنالنا بذلك منزلةً وثوابه، ومحبةً كبرى يُلحقنا بها بالأحباب، من خواصّ الأطياب الذين تولاهم بما هو أهله في الدنيا والبرزخ ويوم الحساب ودار المآب، وكشف عنا وعن الأمة جميع الشدائد والبلايا والرزايا في الظواهر والخفايا، وحوَّل أحوالنا وأحوالهم إلى أحسن حال، بسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.
18 رَجب 1442