تفسير سورة طه -12- من قوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ.. (113)} إلى الآية 123

للاستماع إلى الدرس

تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة طه  

وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)

مساء الإثنين 30 شوال 1446هـ

 

نص الدرس مكتوب:

الحمدُ لله مُكرِمنا بالآيات وتنزيلها على قلبِ خير البريات، صلى الله وسلَّم وبارك وكرّم عليه أفضل الصلوات والتسليمات، وعلى آله وأصحابه أهل الصدق والثبات، وعلى من تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الميقات، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسَلين الذين رَفَع الله لهم الدرجات، وعلى آلهم وأصحابهم وأهل المُتابَعات، وعلى ملائكة الله المُقَرَّبين وجَميع عِبادِ الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنَّه أكرمُ الأكرمين وأرحم الراحمين.

أمَّا بعدُ،

فإنَّنا في نعمة تأملنا لكلام إلهنا وخالقنا -جلَّ جلاله-، انتهينا في أواخر سورة طه إلى قوله جلّ جلاله وتعالى في علاه: (وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)).

يقول -جلَّ جلاله-: (وكذلك) كما أَوحَينا إليك وبَيَّنا عجائبَ شؤونِ الخَلائق ومَرجعهم إلى الخالق بكلامِ حَكيمٍ عَليمٍ، يُحيطُ عِلمهُ بدقائقِ الأمور وأبعادها، لا يَعزِبُ عن عِلمه شيء.

(وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا) واضح المعاني، يُبَيِّنُ الحقيقة ويُنقِذُ الخَليقة، ويَجمعُ على ما يُوجِب السعادة الكبرى، ويَجمعُ قَلبَ من آمن به وصَدَّق واتَبَعهُ على الحق جلّ وعلا، ويَجمَع له الخيرات من جميع الجِهات.

(وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) أي كرَّرنا ذِكرَ الوَعيد ونتائج الكفر والذنوب والسيئات وأنواع المُخالَفات، وما وقع لأربابها في الدنيا من الهلاك والنكال، وما يكون لهم بعد هذه الدنيا في البرازخ ويوم القيامة، ثم في النار الموقدة - أجارنا الله منها -.

(وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) نَوَّعنا وَلَوَّنا وكَرَّرنا، والحِكمة من ذلك: (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) لتنبعث منهم العزائم لِيَحموا أنفسهم وأهاليهم من مُوجبات الغضب والعَطَبِ والنَّصَبِ والتعب والعَذاب، والوُقوع في العِقاب.

(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) يَتَقونَ غَضَب الجَّبار بترك الشهوات التي حَرَّمها، بترك ما نهاهم عنه وفعْل ما أمرهم به.

(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) تَذَكُّرًا حَسنًا للمصير والمآب؛ يَحمِلهُم على مُغالَبَةِ الأهواء والشهوات بأنوار العقول والمَدارك للحقائق؛ حتى يَحذَروا من كل ما يُوجب الحسرة والندامة.

  • (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) تَذَكُّرًا حَسنًا.

  • (يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) استمرارًا واستقامة على المنهج القَويم.

  • (يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) يُذكَرونَ في المَلأ الأعلى بالخير، ثم يتجدّد لهم الذِّكرُ بالتَقوى والمحاسن على ممرّ القُرون، (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) [الشعراء:84].

(أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) فهكذا كُلُّ من أحسن التَأمُل لآيات الله أوصَلَتهُ إلى رحاب التقوى وجعلت له الذِّكرَ الجَميل، جَعَلَت فيه تَذَكُّر للمآل والمصير، وجعلت فيه حُسنَ مُحاسَبَةٍ لِنَفسهِ فيما يأتي وما يَترُك، وجَعَلَت له ذِكرًا حسنًا في الملأ الأعلى وذكرًا بعد موته على ألسُن الأخيار على مَدى الأعصار؛ جميلًا طيبًا.

(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) وهذه الحقائق التي يُبيِّنها لنا الخالق جلَّ جلاله بهذه الصورة البديعة، والتوضحة الوسيعة تدل على عظمة هذا المُبيِّن وإحاطة علمه بما يظهر وما يبطن، فأعقب ذلك بذكْر سمُوِّه وعلوه، جلَّ جلاله:

(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ (114)) تقدّس وتنزّه وترفٌع.

(فَتَعَالَى اللَّهُ) عن أن يُحيط به أحد أو عن أن يشابه شيئًا من الكائنات والمخلوقات بأصنافها، أو أن يفوته أحد.

(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ) صاحب المُلك على الحقيقة، (الْمَلِكُ الْحَقّ) الذي بيده ناصية كل دابة، وبِيده التصريف في كل ذرة من ذرات الأكوان السماوية والأرضية وما بينهما، العُلوية والسفلية، هذا هو المُلك الحقيقي ليس إلا لله.

(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ) الذي تفرَّد بالمُلك فهو له أبدًا سرمدًا، بيده ملكوت كل شيء وإليه مرجع كل شيء.

(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ) يقول الله لنبيه: وأنت مُختارنا للبيان لخَلْقنا وعبادنا، وإيصال هذا التبيين لهم؛ ليعوا الحقيقة، وقد هيَّأناك لذلك واصطفيناك، فلا تستعجل خوفًا من أن يفوتك شيء من عظيم هذا الوحي الذي نُوحي إليك، خصوصًا القرآن، فإذا أرسلنا إليك المَلَك الذي يبلِّغك آيات قرآننا، فلا تُبادر بالتلفُّظ بها وإسماع من حواليك خشية نسيانها وأن يفوتك شيء، بل كن على الوصف الأرضى لنا بِحُسن الإصغاء والاستماع، ونحن نضمن لك أن لا ننُسيَك (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ) [الأعلى:6]، وأن تُحسن البيان بأمرنا وإرادتنا.

(وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)) لا تستعجل بالتحدُّث به وقراءته قبل أن يُكمل المَلك الآيات التي أُنزِلت إليك، كما قال في الآية الأخرى جلّ جلاله وتعالى في علاه: (لاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) [القيامة:16-19] (لاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) بالقرآن تنطق وتتكلم والمَلك يُلقي، كان النبي ﷺ يستمع والمَلك يتكلم، قال: (لاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ) في صدرك (وَقُرْآنَهُ) على لسان المَلك جبريل (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ) على لسان المَلك (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) فنمُكّنك من تَبيينه (لتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل:44] يتم كل ذلك بعنايتنا ورعايتنا، (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ)

وكُن على قدم الاستزادة من عجائب ما نُعلمك، فإنك وإن كُنتَ أعلم خلقنا بنا، فإن عجائب حِكَمِنا وأحكامنا وعظمتنا وصفاتنا وآياتنا لا غاية لها ولا نهاية، فكن مُستزيدًا دائمًا من هذا الخير، فإنه خير ما رَغِبَت فيه القلوب والعقول، وتشوّف إليه أحد في الأرض أو في السماء.

(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) كُن على طلب الزيادة من العلم الذي نَخصّك به، ولقد قال له ربه: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) [النساء:113]، ﷺ ومع ذلك أُمِر بطلب الزيادة من العلم، فتتعلم أمتهُ أنَّه يجب على كل منهم أن يحرص على أن يزداد من العلم النافع، وأين تكون علومنا عند عِلم سيدنا رسول الله ﷺ، ولكن مع ذلك أرشدهُ أن يطلب الزيادة لنكون حريصين على أن نستزيد من هذا العلم، وأجهل الناس مَن ظن أنَّه عَلِمَ وأنه لا حاجة له أن يستزيد.

(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) بآياتك وكتابك ومعانيه، وما انطوى فيه من الدلالات التي لا غاية لها (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) [الكهف:109]، (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [لقمان:27] -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-.

(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)؛ فهذا نبيُّنا قدوتُنا وإمامنا، مأمورٌ بالاستزادة من طلب العلم، ومِن جودِ الله عليه بالعلوم.

(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) فوجبَ أن نُنزِلَ خُصوص العلم الذي جاءنا به عن الله منزلته، ونحرصَ على أن يأخذ النصيب منه كل واحد من أبنائنا وبناتنا، وأزواجنا وقراباتنا، وفي ذلك أرشدنا ﷺ أنَّه:

  • لا يجوز لأحد من هذه الأمة عنده علمٌ يُجاورُ من يجهل الأمور الضرورية في الدين فلا يُعلِّمه،

  • ولا يجوز للجاهل أن يُجاورَ أهل العلمِ ثم لا يسألهم، وقال: "ليُعلِّمَنَّ أقوامًا جِيرانَهُم وليتَعلَّمُنَّ قومًا من جِيرانِهِم أو لَيُعذِّبنَهُم الله".

فوجب أن نُنزِلَ هذا العلم مكانته، وهي المنزلة التي بمعرفةِ قدْرها نتَفقَّه جميعًا في الدين، "ومن يرد الله به خيرًا يُفقِّههُ في الدين"، وهي التي اجتهد إبليس أن يُنزِل قدرها عند من يستجيب له، وحرَّك جنده ليُعظِّمَ الناسُ من العلوم غير علم الله في قرآنه، وغير ما بَعث به خاتم أنبيائه، حتى يتوهّمون أنَّ من العلوم الأُخرى ما هو أهم أو ما هو أعظم، وكل ذلك ضلال وباطل.

لا أهمَّ ولا أعظم من العلم الذي تولى الله بيانهُ وأنزله في قرآنه، وعلَّمه عبده المُصطفى مُحمد وأمره بتبليغه.

(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) فيجب أن لا ننخدع لإبليس وجُندِه، وأن نُنزِل هذا العلم منزلته ومكانته، ونُعظِّم هذا العلم، ولا نُهمل أنفسنا ولا أحدًا من أهلينا وأولادنا؛ دون أن يأخذ نصيبه من هذا العلم النافع الرافع لأربابه (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة:11] يقول -جلَّ جلاله-.

(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) ثم إنّ هذا العلم به نعلمُ النافعَ من بقية العلوم، ونعلمُ كيف نستخدمها فيما يعود بالنفع الخالص لنا في الدنيا والآخرة؛ فميزان القَبولِ والتحصيل لمختلف العلوم موجود وسط هذا العلم ووسط هذا القرآن وبه نقبَلُ كل ما ينفع بميزان الله تعالى، ونتعلم من القرآن والسنة الغرَّاء ومِن مسلك السلف الصالحين، ومن إجماعِ من يُعتدُّ به من أهل العلم، ومن قياسهم الصحيح؛ نأخذ منه كيف نتعامل مع العلوم المختلفة، وما نقبلُ منها، وكيف نُسيّرُها ونستعملها فيما ينفع، وإلا فأي قُدراتٍ وطاقاتٍ وعلوم استُخدمت على غير منهاج هذا الإله؛ فإن ضررها المُعجّل في الدنيا على بني آدم والمكلَّفين كثير وعظيم.

وانظر الى مختلف هذه الأجهزة والأسلحة وغيرها لمَّا استُخدِمت على غير المنهج القويم؛ ضَرَّت العباد، انتُهكت فيها حُرمة الإنسان حتى مع كثرة التشدُق بالإنسان وحقوق الإنسان، ما أُهين الإنسان في وقت من الأوقات كما أُهين في هذا الوقت الذي فيه التشدَُق بحقوق الإنسان تُستخدم فيه أنواع الأجهزة، وأنواع العلوم، وأنواع التكنولوجيا؛ لقتله ولسفك دمِه، ولأخذ ماله، ولتمزيق عرضه، ولم يبرأ منه أطفالٌ ولا نساء، ولا في أيامِكِم آمنون، يبيتون في بيوتهم فلا يدرون إلا والسقف ينزل عليهم والقنابل تصِلَهم والضرب من فوقهم؛ وهذا يفقد زوجته، وهذا يفقد بنته، وهذا يفقد ولده، وهذا يفقد أبوه، وهذا تُفقد الأسرة كلها، إلى غيرِ ذلك، لا ينفع أيُ عِلمٍ إذا لم يُستخدم على ميزان هذا العلم، العلم هذا هو:

  • الرأس

  • العلم هذا هو الأساس

  • العلم هذا هو الأصل؛ لأنه عِلم مَن خلق، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14].

  • عِلمٌ من عند الله، يقول تعالى: (وَأَنزَلْنَا): يعني مع الأنبياء والمرسلين، (وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [الحديد:25].

ومن دون هذا الكتاب والميزان؛ فجَورُ الأديان هو الذي يلعبُ ببني آدم، يلعبُ بالمكلفين على ظهر هذه الأرض، جَورُ الأهواء والأغراض والشهوات ومحبة السلطة، وأخذُ الثروات بلا ضابط ولا ميزان هو الذي يلعبُ بالناس، ويُسخِّرون فيه كل طاقاتهم وجهودِهم بما يعود بالضرر البالغ في العاجل قبل المآل والآجِل، والعياذُ بالله تعالى.

فلا خلاص للناس إلا منهج رب الناس، وهذا العلمُ الأساس الذي يجب أن يُنزْل منزلته وأن يُعظَّم، وأن يُؤخذ منه ميزان نظرتنا إلى العلوم بأصنافها، وما الذي يُقبَل وما الذي يُرَد، وكيف يُستعمل الذي يُقبَل وعلى أي وجهٍ يُستعمل؛ فبذلك تستقيم الأمور وتطيبُ الحياةُ قبل الآخرة.

يقولُ تعالى: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)) يقولُ الله: وخذوا العِبرةَ الكبيرة، إذا وضَعتُ أنا منهجًا وأمرًا ونهيًا، فإن مخالفته ولو صَدَرت على سبيل النسيان تُفوِّت على أصحابها خيرات وتُوقِعهُم في ابتلاءات، وهذا أبوكم آدم، أسكنْته الجنة وقد اصطفيته واخترته، وأمرت الملائكة أن يسجدوا له، وعلّمتُه الأسماء كلها، وخلقتُ له زوجته من ضلعٍ من أضلاعه وأسكنتهما الجنة وأعطيتهما أمرًا، وقلت: (فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ) [الأعراف:19]؛ فوقع في المخالفة بالنسيان، ولكن مع ذلك كله حصلتْ لهذه المخالفة نتائج كانت صعبة على آدم، وفقد اللباس الذي كان يلبسه وبدت له السَوءة، وأُخرِج من الجنة، وأُهبط إلى الأرض؛ ليُختَبر ويُمتحن بمنهج الله.

يقولُ الله: فلتنظروا، إلى ماذا يؤدي مخالفة أمري؟ ما الذي يُكتسب من الخروج عن منهجي؟

(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ) أي وصَّيناه وأعطيناه منهجًا، وهناك نهيٌ واحد عن شجرة، نوع واحد من الشجر في الجنة.

(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ) نسيَ عهدنا؛ فتمكّن عدو الله في أن يُوقِعه في الأكل من تلك الشجرة.

(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)، ما كان عازمًا على مخالفتنا، ولا على الخروج عنا، ولكن نسي، ومع ذلك آخذتُه وفي طي مؤاخذتي حكمةٌ أُخرى؛ ليقوم بالخلافة عني في الأرض، وهو شأنٌ شريف أشدتُ به في الملأ الأعلى قبلَ خلقِ آدم، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ)، أين؟ في الأرض خليفة، وليس في الجنة، (فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة:30] أنا محل خلافته، ولمَّا كانت المهمة له في الحياة الدنيا كبيرة وعظيمة، رغِب الملائكة فيها وقالوا: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ)، منا من يقوم بهذه الخلافة، قال: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، هذه خصوصية أُخصُّ بها قوم أخلُقهم، فيهم آدم، وأُبرِزُ من بينهم صفوتي من الخلائق، (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة:30] 

ومع ذلك لمَا أسكنه الجنة، ما كان ليخرجه منها إلا بصورة عِبرة وصورة مخالفة؛ ليعلم من هذا الدرس كيف يقوم بشأن هذه الخلافة على ظهر الأرض، فتَعلّمَ آدم عليه السلام وصَدَق في تَوبَتِه إلى الحَق، وأهبطه الله إلى الأرض؛ ليقوم بالمهمةِ العظيمة، وقام بها.

هذا الخالِق يُحَدِثُنا عن بداية خَلقِنا وتَكويننا وعن مَجيئنا إلى ظهر الأرض وعن نهاياتِنا وغاياتِنا، فأي جهاز؟! وأي إنسان؟! وأي جِني؟! وأي مَخلوق سيقول خُلقتم بكذا وأنتم جئتم بكذا؟! وأنا أعلم!

هذا الخَالِق الذي خَلَقَنا يُحَدِّثُنا، وهو الأعلم بنا وبكل شيء، فمَن هذا الذي سَيَعرِف حقيقة الإنسان ومآل الإنسان غير الله الذي خلق الإنسان؟! هل واحدٌ مِنا؟! بيننا البَين كان نطفةً وعلقةً ومضغةً، وخَرَج من بطن أمه لا يَعلَم شيئًا، وبعد ذلك هو الذي سَيَعرِف؟! الله الذي يعلم، وقوله الحق -جلَّ جلاله-، هذه قصتنا، وهذه حقيقة الوجود على ظهر الأرض.

يقول: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116)) بعد أن خَلَقناهُ وعَلَمناهُ الأسماء (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ) عُنصر مُعاداة ومُعانَدَة؛

  • يقام به أسرار الحِكمة لهذه الخلافة

  • ويُعرف به الصادق من الكاذب والمُؤمن من المُنافق

  • ويُمَيّز به بين الطيب والخبيث

عُقول وأسماع وأبصار ومدارك يعطيها الله للآدمي، ومنهج يُبَيِّنهُ له: اعمل كذا ولا تعمل كذا، وَرُسل يُرسِلهم يُبَيِنون ويَكونون قُدوة، وعدوٌّ يَتَرَبص به ويقول: خالِف مَنهَج رَبِك واخرُج إلى الشر، تكتمل حَلَقة الاختبار والامتحان لأسرار هذه الخلافة، (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ) [النحل:93]، وليتحقّق الأمر (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [الأنفال:37] خباثةٌ من أول مَن شَذّ وانحرف من بني آدم؛ قاتِل أخاه قابيل الذي قَتَل هابيل، إلى أنواع المَلاحدة والجاحِدين والمُكَذِبين للرسل والكافرين والعصاة والفاسقين.. إلى آخر واحد، (فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ)، (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) والطَيِّبُ من آمن بالله واتبع رُسُلَه.

يقول: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ (117)) هذا الذي أبى أن يَسجُد لك، وَقَع في قَلبِه مرض الحقد عليك والحسد لك، ومن عادى عن حِقد فعداوته مستمرة.

(فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ (117)) حواء، فهو عدو الرجال وعدو النساء بكل ما يُملي من خباثته ومن تزويره ومن تلبيسه ومن أفكاره، هو عدو (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) [فاطر:6].

(إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ (117)) انتبه، لا يَتَسَبَب في إخراجكم مِنَ الجنة باستِجرارِكُم إلى مَعصِيَتي ومُخالَفَتي.

(فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)) نوع الحياة إذا خَرَجتَ مِن الجنة فإنه يختلف، فَلَكَ في الجنة تَيسير كل شيء، وتسخير كل شيء من دون عمل منك، ولا تَصنَع ولا تَزرَع ولا تَحرُث ولا تَسقي ولا تعمل شيء، كل شيء مُوَفَّر، لكن إذا خَرَجت من هنا، فإني جاعل طبيعة الحياة الأخرى غير هذه، فيها تعب وفيها نصب، للحكمة الربانية.

يقول: (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ) تتعب، فلا تَصِلك اللقمة إلا بعد كم من الزمن، ولايصلك الثوب إلا بَعد كَم، ولا يَبتَنى لك البيت إلا بَعد كَم.

أنت هنا في الجنة: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا (118)) كل شيء متوفر، لاتحتاج إلى شيء، ولا تحتاج حتى للطَبخ، ولا تَطبُخ شَيء، ويَتَقرَّب لك كُل شَيء ويُؤتى لَك كُل شيء ويَمشي معك كل شيء.

(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118)) ولا يوجد أزمة في الثياب ولا في الملابس، ولا تحتاج مِنك كَيّ ولا تزيين ولا خياطة ولا شيء.

(وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا (119)) لا يوجد عطش، وأنواع الشراب مُهَيّأة وفي خير الأواني، ومُيَسّرة لك تصل بلا تعب إليك.

(وَلَا تَضْحَىٰ (119)) لايوجد حر، لا يصيبك حر، بعد ذلك إذا خَرَّجتَك في حياة في عالم آخر، عندك حر، عندك برد، عندك ظمأ، عندك جوع، عندك…، لكن هنا: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119)).

(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120)) فأبى آدم أن يُطيعه في الشجرة، فَتَرَك إبليس أسلوبه إلى الأسلوب الثاني، ونسي آدم عليه السلام.

قال تبارك وتعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا (121)) آدم وحواء، فكانت أول النتائج من المشاق والمشاكل، (فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا (121)) وكان من حين خَلَقهم الله وكوَّنهما، جعل من النور ما يَحول بين أبصارهم وبين سَوآتهم، فما يَرون شيء؛ لأنه تعالى رَكَّب هذا العضو وجعله محل عند الفطرة السليمة والعقل يسوء كَشفُه ويسوء النظر إليه، فجعلهم الله بهذه الصورة، وإليها يَرجِع أهل الجنة، لا تبدو لهما سَوءَة، بمجرد الأكل من الشجرة ارتفع هذا الحجاب النوراني وهذا الترتيب الرباني.

(فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا) فكانت أول مشكلة، فهذه المشكلة هي المشكلة التي بسببها يرجع الناس إلى النار ويُحرَمون الجنة، "سُئل نبينا: ما أكثر ما يُدخل الناس النار؟ قال: الأجوفان الفم والفرج" هذا أكثر ما يُدخل الناس النار، فما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحُسن الخلق"، هذا أكثر ما يدخل الناس الجنة، وأكثر ما يُدخل الناس النار الأجوفان -الفم والفرج-؛ ولذا كانت مشاريع إبليس على مدى القرون مجتهد لأجل الفم -الأكل والكلام- وشأن الفرج، يُضلّ الناس ويبعدهم عن إلٰههم ويبعدهم عن حقيقة خَلْقهم وإيجادهم، لِمَ؟ وحكمة وجودهم في هذا العالم؟ ويوقعهم في موجب الدخول إلى النار - والعياذ بالله تعالى - أو الخلود فيها.

يقول: (فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا) فَتَقَزَّزا وكَرِها هذا الأمر، (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ (121))، يأخذون ورق الشجر يستران أنفسهم، (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ).

قال تعالى: (وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121)) مع كونه ناسيًا، ونَسَبَهُ إلى العصيان، (فَغَوَىٰ) أي: ضَلّ عن المنهج الذي أرشده إليه، وبذلك قال له: (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:23-22] فتاب عليهما.

قال: (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122)) انتخبه واصطفاه -سبحانه وتعالى-، (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ) هداه إلى الاستقامة على المنهج حتى يلقى الله.

(ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا (123)) أنتم والذين في أصلابكم من ملايين الملايين الذين سيخرجون منكم، اخرجوا إلى الأرض، (اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ (123)) فِرَق وأحزاب وجماعات واتجاهات وأفكار؛ إمَّا معسكر شرقي أوغربي، وإمَّا متقدم ومتأخر، أو كهنوتي أو…. أصناف (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ).

ولكن على مدى الحياة -من أوَّلكُم إلى آخِركُم- سَأرسُم مِنهجًا لمن يستقيم، وله إن استقام على ذلك، سعادة الدارين والرجوع إلى الجنة في أحسن حال، ومن انحرف فيشقى في الدنيا ويشقى في الآخرة.

(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى (123)) بيانًا ومنهجًا للمشي عليه (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)) لا يَضِل ولا يَزيغ في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، بل هو في السعادة أبدًا.

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا (124)) وفي هذا معانٍ كثيرة تأتي إن شاء الله معنا في ليالينا ودروسنا المقبلة.

انظر اللهم إلينا وثبِّتنا على ما تحبه منا وترضى به عنا، يا ربنا لا تجعل مآل أحد منا النار ولا الخزي ولا العار، ولا الفضيحة في يوم القيامة، اجعلنا في زُمرة نبيك محمد، في صفوفِ نبيك محمد وأهل بيته وصحابته وأتباعه، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اجمعنا بهم يا ربنا في ظل عرشك وتحت لواء الحمد وعلى الحوض وفي دار الكرامة ومُستقر الرحمة. 

فيا رب واجمعنا وأحبابًا لنا ** في دارك الفردوس أطيب موضعِ

وتدارك هذه الأمة وأغِث هذه الأمة وفرِّج كروب هذه الأمة وادفع البلاء عن هذه الأمة، واجعل هوانا تبعًا لما جاء به كاشف الغمة وجالي الظلمة نبي الرحمة، عبدك المصطفى محمد، يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم، وعجِّل بالفرج للأمة أجمعين، واجعلنا فيمن ترعاهم عين عنايتك في كل شأن وحال وحين، والحمد لله رب العالمين.

 بِسِرِّ الفاتحة

 وإلى حضرةِ النَّبِي مُحَمَّد 

 اللَّهم صَلِّ عليه وعلى آلهِ وصحبهِ، 

الفَاتِحَة

 

تاريخ النشر الهجري

03 ذو القِعدة 1446

تاريخ النشر الميلادي

30 أبريل 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام