(228)
(536)
(574)
(311)
الدرس الأول للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في كتاب: تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب للشيخ محمد أمين الكردي الإربيلي ، في قاعة هلال نشر، في طشقند - الثلاثاء 21 شوال 1445هـ .
نص الدرس مكتوب:
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ
بسمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المصنف
"الحمد لله الذي توحّد بجلال ملكوته، وتفرّد بجمال جبروته، له الصفات المختصة بحقه، والآيات الدالة على أنه غير مُشبّه بخلقه، فسبحانه من إله أذهل العقول عن الوصول إلى كُنه ذاته الأبدية، وأدهش الخواطر عن الإحاطة بجليل صفاته السرمدية. وهو المعروف بالربوبية، والموصوف بالألوهية، من ذاق حلاوة أنسه رأى من لطفه العجائب، وظَفر مِنه بِنيل المآرب؛ ومن أمَّل سواه أبعده وأشقاه.
أحمده حمد عبد غرق في بحار نِعمته، وأشكره شكر عبد أخلص في طاعته فهام في محبته.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ المتعالي عن المشاركة والمشاكلة، شهادة أتخلّص بها من النَّزغات، وأعلو بها إلى أرقى الدرجات، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي بعثه الله بالبيان، فأظهر دينه القويم على سائر الأديان، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد إمام الأنبياء وتَاج الأصفياء، المبعوث بالآيات الباهرة، والمعجزات الفاخرة، إنسان عين الوجود، والسبب في كل موجود، وجازِه اللهم عنا أفضل ما جازيت به نبياً عن أمته، وانفعنا اللهم بما انطوت عليه ضمائرنا من محبتهﷺ، وعلى آله وأصحابه، وأولاده وأزواجه وأَحبابه، صلاة وسلاماً لا يَعتريهما انصرام، دائمين متلازمين على ممر الدهور والأيام."
كانت هذه خطبة الكتاب للمؤلف -عليه رحمة الله تعالى-، وهو الشيخ محمد أمين الكردي الأربيلي -عليه رحمة الله تبارك وتعالى-، أحد الشيوخ في الطريق النقشبندية، وقد تولى التدريس في الأزهر الشريف -عليه رحمة الله-، تبرّكنا بقراءة خطبته التي أردفها بِبيان الداعي إلى تأليف هذا الكتاب؛ الذي ألَّفه لأجل حفظ حقائق الدين في هذه الأمة، وذكر فيه انتمائه إلى هذه الطريقة على مسلك أهل السنة والجماعة، ثم ذكر الحاجة الشديدة للأمة أن تتفقه في الدين، وذكر أنه جعل الكتاب المقدمة في الدعوة إلى الله ورسوله والقسم الأول فيما تجب معرفته من أصول الدين، ثم القسم الثاني في الأحكام الفرعية، ثم القسم الثالث في التصوف.
ونحن في خلال لقاءاتنا هذه في البلدة المباركة أوزباكستان نتطرق إلى فصول من بعد المقدمة من القسم الأول فنقرأ فصولًا من القسم الأول إن شاء الله تبارك وتعالى -قبلنا الله-، فنقرأ من مقدمة في الدعوة إلى الله.
مقدمة في الدعوة إلى الله ورسوله
"قال تعالى: (أذعُ إلى سبيل رَبِّكَ بِالحكمةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالتِي هِيَ أحْسَنُ) [النمل: 125]. وقال: (ومَنْ أحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت:33]. وقال: (ولَتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بالمعروف وينهون عَنِ المُنكَرِ وأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [آل عمران: 104]. وفي الآية دليل على وجوب الأمر والنهي.
ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة وهو من أعظم واجبات الشريعة، وأصل عظيم من أصولها، وركن مشيد من أركانها، وبه يَكمُل نظامها ويرتفع سَنامها، وأنهما الفردان الكاملان من الخبر الذي أمر الله به عباده بالدعاء إليه .
وقال ﷺ: "مَن دَعَا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجُورِ من اتَّبَعَهُ لا ينْقُصُ ذَلك مِنْ أُجُورِهِم شَيْئاً، ومَنْ دعَا إلى ضَلالَةٍ كَان عليه من الإثم مِثْلُ آثَامٍ مَنْ تَبِعَهُ لا ينْقُصُ ذلك من آثامهم شيئاً". رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
ثم اعلم أن الدعاء إلى الله وإلى سبيله ودينه وطاعته وصفُ الأنبياء والمرسلين، به أمرهم الله و أوصاهم، وعلى ذلك اتبعهم واقتدى بهم ورثتهم من العلماء العاملين والأولياء والصالحين، ولم يزالوا في كل زمان يدعون الناس إلى سبيل الله وطاعته بأقوالهم وأفعالهم على غاية من التشمير والجد ابتغاء مرضاة الله، وشفقة على عباده، ورغبة في ثوابه واقتداء برسُوله، فقد قاست الأنبياء والمُرسلون وأتباعهم من أئمة الحق والهدى، من طوائف الجاهلين والمُغْرضين من الأذى أمراً عظيماً، فصبروا واحتسبوا ولم يزدهم ذلك إلا حرصاً على إرشادهم وهدايتهم إلى سبيل الله تعالى ونصيحتهم في دين الله، فإذا نظر العالِم بدين الله المذكِّر بأيام الله، الداعي إلى سبيل الله، إلى الجاهلين الغافلين عن الآخرة المقبلين على الدنيا، لم يسعه إلا أن يبين لهم ما يجب عليهم من حق الله تأسياً برسول الله ﷺ كما قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوةً حسنَةً لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهُ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كثيراً) [الأحزاب:21] فعلى الدعاة إلى الله تعالى والعلماء بدينه أن يكونوا على نهاية من الصبر والاحتمال، وسعة الصدور، ولين الجانب وحسن التأليف، وقد غلب الجهل واستولى على أهل هذا الزمان، وذهب بهم كل مذهب حتى صار الكثير منهم لا يعلم ولا يدري بالحق والدين ما هو تساهلاً وتشاغلاً بأمور الدنيا واستغراقاً في جمعها والتمتع بشهواتها: وفي مثل هؤلاء يقول الله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَن الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم:7]. فصارت تلك بلية عظيمة عمّ ضررها الجاهل والعالم، والعام والخاص.
فأما ضرر الجاهل بها فلأنه قد فرّط فيما فرضه الله عليه من معرفة دينه وتعلم أحكامه، ولا شك أن إهمال ذلك من المصائب الدينية التي تجلب المصائب الدنيوية والأخروية .
وأما ضرر العالم بها فَلتقصيره في الدعوة إلى سبيل الله وتعليمه الناس ما يجهلونه من أحكام دينهم مع مشاهدة تلبسهم بارتكاب المنهيات وترك المأمورات بلا مانع يمنعه من ردعهم وردهم إلى الحق وتعليمهم ما هو من الدين وما ليس منه كما هو شأن العلماء، أخذاً من عموم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن صريح قوله ﷺ: "وَيْلٌ لِلْعَالِمِ مِنَ الْجَاهِلِ حَيْثُ لاَ يُعَلِّمُهُ" رواه الإمام أحمد.
فلولا أن تعليم الجاهل واجب على العالم ما كان الويل له في السكوت عنه وفي ترك تعليمه، والله تعالى لا يؤاخذ بترك التطوع، وإنما يؤاخذ بترك الفرائض، وليس هذا خاصاً بالمُتبحرين في العلوم كما قد يتوهم، بل هو عام يشمل مَنْ عَلِم مسألة واحدة من مسائل الدين، قال الله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرِ فَعَلُوهُ لَبِثْست مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة:78-79]. فكان استحقاقهم اللعنة بتركهم النهي عن المنكر، قال الله تعالى: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بِقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ) [هود:116]. فبيّن أنه أهلك جميعهم إلا قليلاً منهم كانوا ينهون عن الفساد قال تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابِ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) [الأعراف :165]. وروي مرفوعاً وموقوفاً "مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَهُوَ خَلِيفَةُ اللهِ في أَرْضِهِ وَخَلِيفَةُ رَسُولِهِ وخَلِيفَةُ كِتَابِهِ" وقال: "مَنْ رأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وذلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ" رواه مسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي. فالتغيير باليد فعل الولاة ومن في حكمهم، وباللسان فَعل العلماء، وبالقلب فعل ضعفاء العامة. وقال عليه الصلاة والسلام: "الخطيئَةُ إِذا خَفِيَتْ لا تَضُرُّ إلا صاحبَها، وإذا ظَهَرَتْ فَلَم تُغَيَّرْ ضَرَّت العَامَّة" رواه الطبراني في الأوسط أي لتركهم ما لزمهم وما وجب عليهم من التغيير والإنكار على من ظهرت منه الخطيئة وقال: "لَتَأْمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ فَيدعُوا خِيَارِكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ" رواه البزار والطبراني. لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي هذا الحديث تهديد بليغ لتارك الإنكار وأن عذابه لا يدفع، ودعاءه لا يسمع وقال :"إن القوم إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بعقاب" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي واللفظ له. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قيل : يا رسول الله أتُهلك القرية وفيها الصالحون؟ قال:"نعم" قيل: بم يا رسول الله؟ قال: "بتَهَاوُنِهِمْ وسُكُوتِهِمْ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ".
واعلم أنه كما يجب على الإنسان أن ينهى غيره عن المنكر يجب عليه أن ينهى نفسه بالأولى، ولا يكون كرجل يرى تحت ثوبه حيات وعقارب أقبلت عليه لتهلكه، فأخذ المروحة ليدفع الذباب عن وجه غيره وإنما يؤثر نهيه إذا كان غير مرتكب له، وقد أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: (عِظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستحي مني)، وقيل: إذا جلس الإنسان يعظ الخلق ناداه ملك: عظ نفسك بما تعظ به أخاك وإلا فاستح من سيدك فإنه يراك؛ فعظ الناس يا أخي بصفاء سرك وتقوى قلبك، ولا تعظهم بتحسين علانيتك مع قبح سريرتك، فحيث صار التنوير وصل التعبير، والكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب فيفيد إما خوفاً مزعجاً أو شوقاً مقلقاً، وإذا خرج من اللسان كان حده الآذان، واعلم أنه لا يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن المرتكب لما نهى عنه. حتى قالوا على شارب الكأس أن ينكر على الجلاس".
هذه مقدمة الشيخ:
الحمد لله الذي جمعنا وإياكم في هذه البلدة المباركة، على الوجهة إليه تبارك وتعالى، وتذكر مهماتنا وواجباتنا في الحياة، وسماعنا لنداء ربنا ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السلام- لما يُوجِب لنا السعادة.
فهي من أعظم المهمات في دين الله -جل جلاله وتعالى في علاه- أن يقوم المؤمن بحرص وبمحبة وبرحمة في بيان أمر الله وأمر رسوله، ودعوة من حواليه من قريب وبعيد بالأسلوب الحسن وبالمقدور له والمستطاع له لبيان أحكام الحق -جل جلاله- وشريعته ودينه، وللحث على طاعته والتحذير من معصيته، والتذكير بعظمته -جل جلاله- والتذكير بنعمه، والتذكير بالمصير إليه سبحانه وتعالى، فهذه أوجه الدعوة الى الله تبارك وتعالى.
وهو كما أشار الشيخ؛ وصْف الأنبياء والمرسلين بأمرهم وأوصاهم، وعلى ذلك اتبعهم واقتدى بهم ورثتهم من العلماء العاملين والأولياء الصالحين قال: ولم يزالوا في كل زمان يدعون الناس إلى سبيل الله وطاعته بأقوالهم وأفعالهم، و ذكر هذه الأوصاف الحسنة، ثم ذكر أن هذا الواجب تأكد:
اشتغالًا بما يطرأ لهم في الحياة، بما يكون لهم في هذه الدنيا من الرغبة والميل إلى زخارفها وإلى مظاهرها وإلى مُتعها الفانية الزائلة حتى تؤدي إلى حجاب عن تعظيم أمر الله وعن تفهم أحكام الله وعن العمل بها، قال وإذا وصلوا إلى هذه الحالة فإن الأمر يتأكد على كل من عنده علم بشيء من علوم الإسلام والإيمان والإحسان أن يبذلها ما استطاع لمن حواليه، وقال لا يشترط أن يكون متبحرًا في العلم كما يتوهم بعض الناس، بل كل من علِم مسألة، علْم صحيح، فهو من أهل العلم بها يتوجب عليه فيها وظيفتان اثنتان..
والقصد على ان الحرص على التعليم والدعوة إلى الله منهج قويم وصراط مستقيم وسبب أقوى لنيل رضوان الله والقرب منه ومن رسوله -محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- الذي قال: " إن أقرب الناس من الرسل يوم القيامة العلماء والشهداء"، قال: "أما العلماء فدلُّوا الناس على ما بُعث به الرسل"؛ دلُّوا الناس على ما بعث به الرسل؛
أي من كل أمة يكونوا أقرب إلى رسولهم الذي أُرسل إليهم، وخير أمة يكونُ الدالُّون فيها على ما بُعث به رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- من أقرب الناس في القيامة إلى سيدنا رسول الله -محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.
وقالوا:" وأما الشهداء فماتوا على ما بُعث به الرسول" فكل من مات لأي غرض آخر غير أن تكون كلمة الله العليا فلن يمُت على ما بعث به الرسول -صلوات الله وسلامه عليهم. فالذين يقتصرون على معرفة شؤون الدنيا ويلهيهم ذلك ينطبق عليهم قول الله: (وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم: 6-7].
ثم أنه يترتب على القيام بهذا الأمر خيرات كبيرة؛ ومنها دفع البلاء عن الأمة، لأنهم إذا سكتوا ولم يأمر بعضهم بعضا، ولم يذكِّر بعضهم بعض، تعجّل عليهم العذاب وعمّتهم مصائب كثيرة وهكذا حتى قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [هود:117] معنى مصلحون داعون إلى الله، مصلحون، لم يقُل وَأَهْلُهَا صالحون.. مصلحون يعني يهتمون بالغير، يؤثرون على الغير، يذكِّرون الغير، يدعون الغير إلى الله تبارك وتعالى، بذلك ما تهلك القرى، ولكن اذا أُهمل أمر الله تبارك وتعالى عمّهم العذاب والعياذ بالله تعالى، حتى أشار في رواية أوردها والرواية المشهوره في الصحيحين:
وبهذا ندرك المكانة للشيخ محمد صادق -عليه رحمة الله- بن الشيخ محمد يوسف فيما كان يحمله من هذا الهم، همّ الدعوة لله، همّ إنقاذ الأمة، همّ نفع العباد، وكان في همة قوية لذلك وعزيمة صادقة، عليه رحمة الله تبارك وتعالى، ومن أثر همته وبركته ما يسّر الله من إقامة هذا المسجد، وما جعل الله تعالى في ولده، وما جعل الله سبحانه وتعالى في تلامذته من هذا الخير من بعده عليه رحمة الله تبارك وتعالى، بهمته قامت خيرات كثيرة في هذه الجهات وفي هذه الأماكن في أمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ما كان يحمل قلبه من تعظيم أمر الله والتهيؤ والاستعداد للقاء الله بالوفاء بعهد الله وأداء ما فرض الله تبارك وتعالى عليه، فرحمهُ الله، وأعلى درجاته وجمعنا به في أعلى جناته و أخلفه على أهل هذه البلدة وعلى الأمة بخير خلف وجمعنا به في دار الكرامة وهو راضٍ عنا، من غير سابقة عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب، إنه أكرم الأكرمين.
قال ويجب على الإنسان أن ينهِ نفسه قبل أن ينهِ غيره، ومع ذلك لا يسقط عليه الأمر ولو ارتكب المحذور، لا يسقط عليه الواجب في أن يبلِّغ ولكن مع ذلك مهما قدَّم الأمر على نفسه فيكون هذا أنفع وأقرب لحصول الفائدة ولحصول النفع.
والله يجعلنا وإياكم من الداعين إليه سبحانه وتعالى والعاملين بشريعته والمبلِّغين رسالة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ويجعلنا من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، فيدخلنا في المحبوبين لديه، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
المقدمة في بيان الحكم العقلي
"إعلم أن الحكم العقلي وهو: إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه من غير توقف على تكرار ولا وضع واضع ينقسم إلى ثلاثة أقسام: وهي: الوجوب والاستحالة والجواز أو الإمكان.
- فالواجب: هو الذي لا يصدِّق العقل بانتفائه كوجود مولانا تعالى وقدمه وبقائه.
- والمستحيل: هو الذي لا يصدق العقل بثبوته كوجود شريك له تعالى.
- والجائز أو الممكن: ما يصح في العقل ثبوته وانتفاؤه كوجود السماوات والأرضين وبعثة الرسل وإنزال الكتب وإثابة العاصي و تعذيب المطيع".
الحمد لله،، ابتدأ الشيخ عليه رحمة الله تبارك وتعالى في القسم الأول من الكتاب -وهو علم أصول الدين- وهو علم العقائد، وهو علم الإيمان؛ علم التوحيد.
فابتدأ بذكر الحكم العقلي، أن الله تبارك وتعالى جعل مناطق تكليف المكلفين من الإنس والجن، ما أعطاهم من هذا العقل وما ميَّزهم به من نعمة العقل التي تميزُوا بها عن بقية الحيوانات والنباتات والجمادات، فنعمة العقل مناطُ التكليف، فإنما يخاطب الله تعالى بالأحكام الشرعية، مَن عنده العقل.
فالعقل أول أداة للفهم عن الله، وللوعي عن الله سبحانه وتعالى ولإدراك عظمته وأنه منشيء كل شيء، إدراكا خاصا، فهذه الميزة، أكثر العقلاء لم يحسنوا استخدامها ولذلك ضلوا وكفروا وعصوا، ولو أحسنوا استخدامها لأطاعوا كلهم، ولكن أساءوا استخدام هذه النعمة والعطية والميزة التي خصهم الله تبارك وتعالى بها.
ذكر أقسام الحكم العقلي؛ قال: أن هذا العقل الذي آتاه الله الإنسان يدرك به من حقائق الأشياء ما يتسع له، هذا العقل له حكم؛ لأن الأحكام:
لكن العقل يحكم على كل شيء بواحد من ثلاثة أشياء. إذًا فالعقل له أحكام ثلاثة، وأقسام الحكم العقلي: "الواجب، والمستحيل، والجائز" بمعنى أن هذا العقل يدرك وجوب الواجبات واستحالة المستحيلات، قال إثبات أمر لأمر أو نفيهِ عنه من غير توقف على تكرار وتجربة؛ كما هو حكم الطب، للطب أحكام تتوقف على التكرار والتجربة، و أهل هذا الطب الحديث كثيرا ما يجربون على الفئران لأنهم وجدوها أقرب الحيوانات تأثرا بشأن الإنسان، بمعنى يضر جسد الإنسان ما يضر جسدها وينفعه، فبذلك يقيمون التجارب عليها حتى يستخرجون حكما، أو بوضع شيء من القوانين أو بحكم شريعة.
فما معنى الوجوب: أن لا يمكن للعقل أن ينفيه ولا يصدِّق بانتفائه، فالواجب ما لا يُتصور في العقل عدمه، ما لا يتصور في العقل عدمه، لا يتصور العقل أن يكون معدومًا؛ هذا الواجب، عكسه المستحيل لا يتصور العقل أن يكون موجودًا أبدًا، هذا الأمر مستحيل عقلاً، بقي ما يمكن وجوده وعدم وجوده فهو المسمى بالجائز، ذكر الواجب الذي لا يصدِّق العقل بإنتفائه، فذكر المثال كوجود مولانا، لماذا يوجد مولانا؟ لأن العقل يحيل أن تكون الأشياء من دون مكوِّن. وأن تصنع الأشياء من دون صانع. وأي عاقل في العالم لو قلت له؛ هذا القلم من نفسه تكوَّن من دون أحد يصنعه، و من دون أي مصنع ولا فعال يقول لك أنت مجنون؟! هذا لا يقبله العقل تماما. فالوجود بأسره كيف يقبل العقل أنه تكوَّن من غير مكوِّن؟! كيف أوجدَ من غير موجد؟! كيف برز بهذه الصورة والترتيب من غير صانع و بارئ وفاطر؟! هذا أمر لا يقبله العقل، فالعقل لا يقبل انتفاء الخالق عن الكائنات والمخلوقات، فوجود مولانا واجب عقلي، وجود الإله الخالق واجب عقلي، والعجب إذا واحد يسمي نفسه عاقل ولم يصدِّق أن قلما صُنع من نفسه، ولا خاتم صُنع من نفسه، ثم يقول كواكب ونجوم وأرض وسماء من نفسها، فأين ذهب العقل أين عقله؟! الصغير ما يمكن أن يكون تكوّن من نفسه والكبير يتكون من نفسه هذا أمر مستحيل، إذن لم يحسنوا استعمال العقول فضلُّوه، ولو أحسنوا استعمال عقولهم لهدوا إلى عظمة هذا الخالق وإلى أن ما من موجود إلا وهو شاهد بوجود ذلك الموجِد له جل جلاله.
وضرب كذلك المستحيل، ضرب له المثل بوجود شريك مع الله؛ لأنه لا يمكن أن يجتمعا على الأثر الواحد مؤثران معًا، قل: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ..) [الأنبياء: 22]؛ لأن التكوين والتدبير للوجود يجب أن يستقل به مكوِّن، إرادته نافذة. فلو كان إثنان أو ثلاثة لتعارضتْ إرادتهما، فإذا أراد هذا ما لم يرد هذا فإرادة أيهما تمضي! فالذي تمضي إرادته هو الإله دون الآخر، وإذا كل منهما عجز فليس كل منهما إله، إذن فلا يمكن أن يكون للوجود والكون خالق إلا واحد ذلك هو الله سبحانه وتعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) [الشورى: 11].
إذًا العقل يحكم على الأشياء إما بوجوب وإما باستحالة وإما بجواز؛ جواز وذكر المثال الجائز أو الممكن والمعنى واحد ما يصح في العقل ثبوته وانتفائه، ما يتصور العقل وجوده وعدمه، قال وذلك وجود الموجودات يمكن أن توجد ويمكن أن تعدم ولكن الله أوجدها فصارت فعلًا أمرًا واقعًا ولكن ليس من الواجب أن يوجد شيء من هذه الأشياء أن أكون أنا مريض أو أكون صحيح؛ هذا أمر جائز، والعقل يثبت أنه يمكن أمرض ويمكن أصح. يمكن أن أغتني ويمكن أن أفتقر. هذه أمور ليس أحد طرفيها بلازم، فكل منهما يمكن وقوعه، فما أمكن وقوعه وعدمه فهو الجائز عقلًا، إذن حكم العقل في ثلاثة أقسام واجب ومستحيل وجائز.
اقرأ
"واعلم أن الصفة: وهي الأمر الثابت للموصوف تنقسم إلى سبعة أقسام:
- نفسية وهي: التي لا يعقل الموصوف بدونها كالوجود.
- وسلبية وهي: سلب أمر لا يليق بالموصوف كالقدم.
- ومعنى وهي: صفة وجودية توجب لموصوفها حكماً كالقدرة .
- ومعنوية وهي: صفة ثبوتية اعتبارية لازمة للمَعنى، ككَونه قادراً.
- وفعلية وهي: تعلق القدرة والإرادة كالخلق والرزق .
- وجامعة لسائر الصفات كالجَلال والعظمة والكبرياء.
- وسمعية وهي : عبارة عن معنى ورد به السمع أعني الكتاب والسنة المتواترة.
وتنقسم الصفة أيضاً إلى قسمين:
- متعلقة.
- وغير متعلقة .
فالمتعلقة: هي التي تقتضي أمراً زائداً على القيام بمحلها كالقدرة والإرادة، فالقُدرة تقتضي مقدوراً عليه، والإرادة تقتضي مراداً. وغير المتعلقة عكسها كالحياة".
علمنا أن العقل يحكم على أي شيء إما بالوجوب أو الاستحالة أو الجواز، فلذا كان خطاب الأنبياء والمرسلين لأرباب العقول، أن ينظروا إلى ملكوت السماوات والأرض ويعلموا أن: لا إله إلا الله، وأن لا خالق إلا الله ـجل جلاله وتعالى في علاه ـ فكان مناط التكليف معلَّق بالعقل كما سيأتي معنا في الصفحة بعد هذه.
إذن يتكلم عن الصفات ولأننا يجب أن نعرف من صفات الله تبارك وتعالى ما وصف به نفسه ووصفه به أنبياءه ورسله صلوات الله وسلامه عليه، وأن هذه الصفات الثابتة لله تبارك وتعالى في قرآنه والسنة المتواترة عن رسوله ـصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلمـ تتعلق بما يجب اتصاف الخالق به من الأوصاف الجليلة العظيمة، ثم أنها تتنوع من حيث التقسيم، فلها انقسام من حيث أن من هذه الصفات صفة نفسية ويقال لها الصفة الذاتية التي لا يعقل الموصوف بدونها، صفة الوجود لشيء، ما يعقل الموصوف إلا بوجود تلك الصفة، فصفة الوجود هي الصفة الذاتية، والصفة النفسية يعني المتعلقة بذات الحق سبحانه وتعالى إذا تكلمنا عن صفات الله، فالصفة الذاتية الوجود، كذلك هذا الإنسان وجوده جائز، ولكن من دون وجوده ما يتأتى أن يوصف بأنه طويل أو قصير أو سميع أو أصم أو إلى غير ذلك من الصفات الجائزة عليه، حتى يوجد أولًا، فهذه صفة الوجود صفة ذاتية، صفة نفسية تتعلق بالذات، ولما كان الله واجب الوجود وليس شيء واجب الوجود غير الله سبحانه وتعالى هذا واجب الوجود، فإسم الجلالة "الله" علم على الذات الواجب الوجود، الذات الواجب الوجود وهي ذات الله سبحانه وتعالى، فصفة الوجود بالنسبة لله هي الصفة الذاتية أو الصفة النفسية، أي القائمة بذات الحق سبحانه وتعالى ولا يُعقل الموصوف من دونها، هذا صفة واحدة يقال لها من بين الصفات؛ الصفة الذاتية، الصفة النفسية.
ثم بعد ذلك هناك صفات سلبية يعني تسلب ما لا يليق بالموصوف، فمثل صفة القِدم، مثل صفة العلم، مثل صفة القدرة؛ تنفي عن الله تعالى الحدوث والعجز وكل ما لا يليق بجلال الله تبارك وتعالى فتسمى صفات سلبية سلبت ونفت عن الله معاني لا تليق بجلاله وعظمته.
ثم صفات معنى؛ وهي صفة وجودية توجب لموصوفها حُكمًا، فمثلًا صفة القدرة، صفة وجودية توجب للمتصف بها أن يكون قادرا، فهذه صفة القدرة صفة معنوية -صفة معنى- وكونه قادرًا، صفة معنوية، فالقدرة صفة وجودية قائمة بذات الله تعالى، وكونه قادرًا لازم، لكونه متصف بالقدرة، فكونه قادرًا أيضا صفة معنوية.
وصفة فعلية وهي تتعلق بالقدرة وهي جميع الكائنات والموجودات فعْل الله تبارك وتعالى (..هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ.. ) [فاطر:3]، ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) [الصافات:96]؛ فهذه الصفة الفعلية، هذه أفعال الله، وهي جميع ما سوى الله، فعل الله، -جل جلاله- من جميع الكائنات والموجودات العلوية والسفلية الجسمانية والروحانية كلها فعل الله -جل جلاله وتعالى في علاه، فهذه حضرة الأفعال وهي أن كل شيء لا يكون إلا بتكوين الله وبإرادته وبقدرته سبحانه و تعالى، برى هذه الأفعال، هذه ما يتعلق بها، يتعلق بالقدرة وبالإرادة من خلق ورزق وإحياء وإماتة و تقريب و تبعيد و إشقاء و إسعادٍ، و إصحاحٍ وإمراضٍ إلى غير ذلك، هذه حضرة الأفعال متعلقة بصفة القدرة و الإرادة للحق جل جلاله.
وصفات جامعة مثل الجلال والعظمة والكبرياء، وصفات سمعية : السمعية ما ورد به السمع بمعنى لا يرشد العقل المجرد إليه، ولكن العقل يرشد إلى أن للكون إله، وأن هذا الإله أرسل الرسل، والرسل يخبروننا عن الله بشؤون سمعية مثل أوصاف البرزخ و أوصاف القيامة؛ هذه شؤون ما تدرك بالعقل ولا يمكن تصورها بالعقل ولكن شأنها السمع و كذلك ما ورد به السمع من هذه الصفات فهذا نوع من تقسيم الصفات.
كما أنه ذكر نوعًا آخر:
وعلى كل الأحوال فسيتكلم معنا عن ما يتعلق بالإلهيات ثم النبويات ثم السمعيات، والإلهيات ما يتعلق بصفات الحق تبارك وتعالى الواردة في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والنبويات ما يتعلق بصفات الأنبياء والمرسلين ما يجب في حقهم وما يستحيل وما يجوز في حقهم، والسمعيات أمور الغيب التي أمرنا بالإيمان بها؛ من أمر البرزخ والقيامة والجنة والنار والعذاب والنعيم إلى غير ذلك مما شأنه السمع أي الإصغاء إلى ما يبلغنا به المرسلون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
الدعاء:
نتوجه إليك اللهم أن تقبلنا في اجتماعاتنا هذه و لقاءاتنا وتجعلها مذكورة في العالم الأعلى فيما تذكر به اجتماعات ولقاءات محبوبيك على ظهر هذه الأرض ممن تتولاهم بما أنت أهله وتنشر لهم راية الرضوان الأكبر والأمان في يوم العرض.
اللهم يا مالك السماوات والأرض، يا من بيده ملكوت كل شيء اقبلنا على ما فينا واصلح ظواهرنا وخوافينا، واصلح اللهم دولة اوزباكستان، وخذ بيد رئيسها الى ما فيه الخير في السر والإعلان، وبوئه اللهم حسن النظر فيما يرضيك وأجرِ على يده ذلك، وأمده من عندك بعون ونصرة وتأييد، واجعل اللهم حكومة هذا البلد وشعبها في المقيم فينا بالعهد والمستقيمين على المحبة والود، من الذين تحييهم في عافية وتتوفاهم في عافية وتدفع عنا وعنهم الشرور الظاهر والخافية.
وانظر إليهم وإلى أمة حبيبك محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- نظرة تزيل بها عنا وعنهم العنى وتنير لنا بهم غايات المنى لنا في كمال الهناء وتدفع بها عنا الشرور وكل محذور يا بر يا غفور.
وأصلح أحوال المسلمين في المشارق والمغارب وادفع البلاء عن جميع المؤمنين يا حي يا قوي يا قدير يا متين يا غالب، انضمنا في سلك الصالحين من عبادك، أهل محبتك و ودادك، وأصلح الصدور و يسر الأمور واختم لنا بأكمل حسنى و أنت راضٍ عنا.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد ﷺ.
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا كن لنا بما أنت أهله حيثما كنا، وأينما كنا يا وهاب يا كريم وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
24 شوّال 1445