فوائد من محاضرة: حقيقة ما ينتفع به المكلفون في هذه الحياة ويكسبون به السعادة

العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:
لا يجد المُكلفون من الإنس والجِن على ظهر الأرض؛ أجمعَ ولا أنفعَ مما شرع لهم، ومما هداهم إليه، ومما دلهم عليه، ومما أحبه منهم: في الأقوال والأفعال، والنيات والمقاصد والمعاملات، والأخذ والعطاء، والفعل والترك.. في جميع الشؤون، (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهُ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
اللهم اجعل كُلًّا من الحاضرين والسامعين والمشاهدين مُنتفعاً أعظم الانتفاع بما أوحيتَ إلى هذا النبي، وما بعثتَ به هذا الخاتمَ المرسل؛ حتى نتحَصَّل في حياتنا هذه القصيرة من الجواهر الكبيرة، والسعادات الدائمة الأبدية الخطيرة، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

إن الحياة تمرُّ بالجميع: المُقبل والمُدبر، والمؤمن والكافر، والمتأدب والمُجترِّئ السفيه، لكن والله النتائج مختلفة، والعواقب مختلفة، والجزاءات مختلفة؛ (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).

في بيانه ﷺ يقول: "عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له".
المؤمن في جميع الأحوال:
- - على أدب مع الكبير المتعال،
- - على رضاً بما قدَّر وقضى،
- - على اتباعٍ لسُنَّةِ حبيبه النور الذي أضاء ﷺ،
- - على تسليم،
- - على صراطٍ مستقيم،
- - على قلب سليم،
فهو رابح، فهو فائز، فهو تاجر، وهو مُحَصِّل للخيرات.
والمُعرِض عن الله تعالى:
- - يلهث وراء المطامع الفانيات،
- - وكل الأحوال ما بين كبرياء وبين غطرسة،
- - وما بين استهزاء بآيات الله وبأحد من خلق الله،
- - وما بين جزع وتبرُّمٍ وسخطٍ بقضاء الله
وكلها سوء في سوء، وعواقبها وخيمة وسيئة -والعياذ بالله.

المستمسكون بحبل الله والمعتصمون به، والذين يُطَبِّقون منهج الله في أنفسهم وأهليهم وأولادهم؛ لا تغرّهم دعوات أهل الشرق ولا أهل الغرب، من كل مُنقطع عن الله جل جلاله، ولا ما يُزَيِّنونه ولا ما يزخرفونه من قول.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)؛ يسلبونكم أعزَّ شيء عندكم، أشرف شيء لديكم، أعظم شيء تُحَصِّلون به السعادة يسلبونه منكم.
ويقول في الآية الأخرى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ خَاسِرِينَ) إلى وراء: في ثرواتكم، في اجتماعياتكم، في أخلاقياتكم، في مسيركم، في سياساتكم، في اقتصادكم.
حياة ما أسرع انقضاءها.. ارزقنا اللهم الاغتنام فيها، ارزقنا أشرف الغنائم منها:
أن نغنَم الرابطة بحبيبك المصطفى، أن نُقيم بيوتنا وأُسرنا وأصحابنا وأحبابنا على ما تُحب وكما تُحب، خُلقاً وقولاً وفعلاً، وعادةً وأخذاً وعطاءً، ومحبةً وبغضاً، وقبولاً ورفضاً.. على الميزان الذي بعثتَ به خيرَ إنسان.

(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، الحياة الطيبة ما توزّعها الدول! الحياة الطيبة ما لها وجود في مصانعهم، الحياة الطيبة من عند المُحيي المميت، يُحيي الحياة الطيبة مَن آمن وعمل الصالحات.

اللهم كُنْ شُغلنا ولا تشغلنا بِسِواك، اجعل شُغلنا أنت، واجعل مُرادنا أنت، واجعل محبوبنا أنت، واجعل مقصودنا أنت، يا مَن لا معبود إلا هو، يا مَن لا مقصود إلا هو: لا تجعل لنا قصداً في سواك، واستعملنا واشغلنا بما تُبلغنا به غاية رضاك.

____
اقرأ: محاضرة مكتوبة للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ بعنوان:
حقيقة ما ينتفع به المكلفون في هذه الحياة ويكسبون به السعادة
ضمن سلسلة #إرشادات_السلوك، ليلة الجمعة 27 شوال 1446هـ
لقراءة المحاضرة كاملة أو الاستماع:
لتحميل المحاضرة (نسخة إلكترونية pdf):
12 ذو القِعدة 1446