فوائد من: تفسير سورة طه (4) - عندما يتولى الله رعاية عبده !

العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:

(إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ (38)) وجعلَ الوحي إلى أُمه من المِنَّة عليه، فإن الله تعالى اختارها أُمًا لموسى وأكرمَها، ومنهُ ما أوحى إليها: (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ): بالإلهام، وما يحصُل من رؤيا المنام الصادقة.

(إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ) الوحي أقسام -وهو إعلامٌ في خَفاء-:

  • - فمِنْهُ ما يكون وحيَ نُبوّة ورسالة، وهذا مخصوصٌ بالأنبياء والمرسلين،
  • - ومنهُ دون ذلك فيكون لغيرهم؛ إما على سبيل الإكرام كالوَحي إلى أم موسى،
  • - وإما على وجهٍ عام كوَحْيِه تعالى حتى إلى النحل، ووَحيهِ إلى الأرض أن تُخبِر بما كان عُمِل عليها، قال: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا).

 كل هذا الإعلام في خفاء يُقالُ له وَحي، والوَحي بالنبوة والرسالة انقطعَ بانتقال سيدنا محمد إلى الرفيق الأعلى.

(وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي)

  • - جعلتُ فيك من البَهجة ما يأخذُ الألباب والعقول، فلا يراك أحد إلا أحبك. 
  • - فأحبَّتكَ امرأة فرعون -آسية بنت مُزاحم- كما تُحبُّ المرأة ولدَها وأكثر،
  • - وكل ما حواليك كان في قلوبهم محبّة لك.

(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)) 

  • أحطتُك بعنايتي ورِعايتي من كل جانب؛ 
  • - (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) لتكون الذاكِر لي،  الدّاعي إلي، القائم بأمري، المُبلِّغ لشريعتي وديني، المُكلَّم من قِبَلي،
  • - (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) فأنت عبدٌ خالص، أخلصتُك لي دون سواي، ولم أجعل فيك بقيةً لشيء غيري، 
  • - (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) كليم الرحمن، عليه صلوات الله وتسليماته مع نبينا المصطفى محمد.

(وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي (39)) 

  • - تُرَبَّى وتُصاغ وتُطَوَّر في مراحل
  • - (عَلَىٰ عَيْنِي)؛ برعايتي وعِنايتي وحمايتي، وإرادَتي الخير والفضل لك،
  • - (وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي) فلا تنتقل من مرحلة إلى مرحلة، ولا من حال إلى حال إلا وأنا أرعاك في تلك المرحلة وفي تلك الحال، أجلُبُ إليك المَسار وأُبعِد عنك المَضار، وأتولّاك في السر والإجهار.
الصورة

 

(اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي) لا تعجَزا ولا تضعُفا في ذكري، ما طلبته؛ لتذكُرني كثيراً وتُسبِّحني كثيراً؛ هذا زادكم وبه إمدادُكم، لا تُقصِّروا فيه، لا تغفَلا عن ذِكري ولا تَضعُفا وتُقصِّرا في ذكري.

الصورة

 

(فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا ..(44))؛ لأن هذه مُهمة الأنبياء وأتباعهم يبحثون:

  • - عن هداية الناس إلى ربهم
  • - عن إنقاذ الناس من النار إلى الجنة

كان نبيُّنا إذا بعث سرِيَّة من السرايا إلى المحاربين من الكفار يقول: "ادعوهم إلى الإسلام، فوالله لأن تأتوني بإسلامهم أحب إلي من أن تأتوني بأموالهم وسباياهم"، أفضل أن تأتون لي بخبر إسلامهم وإنقاذهم فهذا هو وَصْفُ الأنبياء.

(فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا) لماذا؟ قال: ابذُلوا الوُسعَ بما آتيتكم من أسباب ناوينَ هدايته؛ لأن هذه عبادتكم لي، وأنا أهدي من أشاء، عبادتكم لي أن تنوُوا هداية الخلق.

الصورة

(إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ) يقول عُلماء التوحيد: فلو فرضنا أنه جِيء بنملة -ذرَّة سوداء- فوُضِعت في صخرةٍ صمّاء فرُمِيَت في أعماق البحر، وجاءت ظُلمة الليل، فكان الرحمن الخالق يراها ويسمع دبيبَها ويرى عظامها والمُخَّ في عظامها سبحانه.

الصورة

 

زكّى الله لنا النفوس، وربَطَنا بحبيبه محمد ﷺ حتى يجمعنا به في الحِمى المَأنوس، ثبَّتنا على دربه وسقانا من شُربِه، ورزَقنا كمالَ الإيمان واليقين والصدق والمحبة.

الصورة

_____

 

تفسير سورة طه -4- من قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ (36) إلى الآية 50

ضمن دروس التفسير للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في جلسة الإثنين الأسبوعية، 13 رجب الأصب 1446هـ

للاستماع والحفظ، أو قراءة الدرس مكتوباً:

https://omr.to/q-taha4

 للمشاهدة:

https://www.youtube.com/live/uBxBQeo6D2M?t=1682

 

تاريخ النشر الهجري

30 رَجب 1446

تاريخ النشر الميلادي

29 يناير 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية