فوائد من الدرس السابع في كتاب صلة الأقربين

#فوائد من:
الدرس السابع للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ
في كتاب: صلة الأهل والأقربين بتعليم الدين، للحبيب عبدالله بن حسين بن طاهر
شرح: (المنهيّات: الصغائر)
ضمن دروس الدورة العلمية في موسم مؤتة، الأردن، ليلة الإثنين 13 جمادى الأولى 1445هـ

〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
- ذكر الشيخ المؤلف عليه رحمة الله في هذا الفصل بعض الذنوب والمعاصي، بعد أن ذكر الكبائر في فصل سابق.. يذكر هنا من الذنوب الصغائر التي تجب التوبة منها والاحتراز عنها، والمؤمن السائر إلى ربه جل جلاله يجب أن يعتبر الذنوب بأصنافها كالسم القاتل والنار المحرقة والمياه المغرقة، فلا يحدِّث نفسه بتناول شيء منها، فإن وقع في شيء منها بسابقةٍ عليه.. تدارك نفسه بالتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاءهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين}.

- من الذنوب الصغائر: النظر إلى أيِّ حرام كان، كالنظر إلى من يشرب الخمور والنظر إلى من يستعمل الفجور وإلى من يسب المسلمين وإلى أي حرام حرَّمه الشرع، أو استماعه من الآلات المحرمة أو الكلام القبيح البذيء أو الغيبة والنميمة، إلا للشهادة إذا كان الأمر يحتاج إلى إثبات عند الحاكم، فيتم النظر بمقدار ما يتثبَّت لإقامة الحد وقلع تلك المعصية، ويجوز النظر للإزالة أي إذا كان عنده القدرة على إزالة ذلك المنكر، أو لإكراه لا يستطيع دفعه واجتمعت شروط الإكراه عليه ولكن تلزمه المفارقة إن قدر يفارق ذلك المحل، ولا يقول أنا منكر بقلبي ولا شأني بمُنكَرهم! مِن المنكر أن تجلس معهم وتنظر وتستمع إليهم، بل تفارقهم ما كنت قادرا على ذلك.

- من الذنوب الصغائر: الاطلاع على بيت مسلم، يعني التشوُّف والنظر إلى بيت الغير بغير إذنه سواء مسلم وغيره، الاطلاع والتفرج على بيوت الناس وما فيها من شقوق أو ثقوب أو من مكان أعلى أو بأي طريقة ينظر بها إلى بيت الغير بغير إذنه، وأكد النبي ﷺ في الاستئذان عند دخول البيت قال يصرف نظرَه عن الباب حتى لا تقع عينه على شيء يحب أهل البيت ستره عنه، فما جُعِل الاستئذان إلا من أجل النظر، فمن أهم مقاصد الاستئذان ألا يرى شيئاً ما يحب أهل البيت أن لا يراه.

- من الذنوب الصغائر: هجر المسلم لأخيه المسلم فوق ثلاث أيام، وجُعلت الثلاث مراعاةً لتلك الطبائع البشرية التي تغضب فلا يطيق مقابلةَ أخيه ولا مكالمته، يوم يومين إلى ثلاث وبعد ذلك ما له عذر، يجب أن يراجع نفسه، لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث، فمن فعل ذلك فمات فهو في النار والعياذ بالله تبارك وتعالى، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام، فهجر المسلم لأجل شيء من الاستثقال أو لشيء قصر فيه من حقوق النفس أو لشيء ما أعجبه منه.. لا يجوز فوق ثلاث، والثلاث إنما هي مراعاة لطباع عامة المسلمين، وأما الأكياس فلا ثلاثة أيام ولا ثلاثة ساعات.. بل يراجعون أنفسهم في نفس الحال، قال: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المُحسنين} إلا لعذر شرعي هجره لأجل الدين، كأن هجره لمجاهرته بالفسق أو لإصراره على المعصية، فهذا يجوز ولو فوق ثلاث أيام ولمدة طويلة لا لنفسه ولا لغرض نفسه وغضبه وحق شخصه، فهذا الهجر بعذر لأجل الدين.

- من الذنوب الصغائر: مجالسة الفاسق للأُنس به، ويقول بعض العارفين: لو أن إنسان على تقوى واستقامة ولكن حضر مع ناس يعصون الله تعالى ويغتابون ويستعملون آلات محرمة وقال ما عليّ منهم هم في جانب وأنا في جانب، وأتى له بأذكار وقراءات، قال إذا جلس هكذا.. لا يأتي آخر النهار إلا وهو بينهم في شرّهم للسراية التي تسري إليه منهم، فتجب مفارقتهم وعدم الجلوس معهم.

والآن اشتغل إبليس بمختلف الوسائل على هذه المؤثرات وبثها لأجل الإفساد وإضعاف الإيمان ولتكدير الجنان ولأجل الإعراض والبُعد عن الرحمن جل جلاله، فصار الواحد الآن يمكن أن يُجالس فُساق وأشرار ليسوا في بلاده ولا جِواره وربما قد ماتوا! يجالسهم بواسطة هذه الأجهزة ويتفرج على صورهم، فإن كانوا على قول حرام وفِعل حرام.. فرؤيتهم بذلك حرام ومتابعتهم في ذلك حرام، تسري منها إليك سراية ظُلمة وسراية صدّ وإبعاد، فيجب الابتعاد عن ذلك. دفع الله عنا وعن المسلمين أنواع الشرور وكل محذور.

- من الذنوب الصغائر: النظر لامرأة وغيرها بشهوة، فالنظر بشهوة جِنسية محرم لأي شيء كان، امرأة أو غيرها أو صورة أو أي شيء ينظر إليه بالشهوة، إلا لحليلة (أي زوجة) بل له بذلك الثواب، لقول الصحابة لرسول الله ﷺ يا رسول الله أيأتي أحدنا أهله ويكون له بذلك أجر؟ قال نعم أرأيتم إن وضعَها في حرام.. ألا يكون عليه وِزر؟ قالوا بلى، قال كذلك إذا وضعها في الحلال كان له به أجر، ومن هنا كان من أفضل العبادات والقُربات إلى الحق سبحانه وتعالى للأزواج إحسان مُعاملة الزوج لزوجته والزوجة لزوجها، وتزيّن كل منهما للآخر، ومباسطة كل منهما للآخر.

- من الذنوب الصغائر: بيعُ المعيب بلا بيان عيبه، يعني أي بضاعة فيها عيب من العيوب فيبيعها من دون أن يبين هذا العيب للمشتري، فهذا من جُملة الذنوب، فيجب إن كان يوجد عنده شيء مما يبيعه أن يبيِّنه للمشتري ويقول هذا فيه كذا وكذا، تأخذه به أو تتركه.

- من الذنوب الصغائر: السؤال لغني بمال أو حِرفة، فمن كان يقدر على الكسب ويسأل باسم الفقر والنفقة وهو يقدر على أن يكتسب إما بمال موجود أو بحرفة معه، فالسؤال وهو قادر على الكسب باسم الفقر حرام، وما يأخذه حرام ما دام أخذه على هذه الصفة.

وكل مَن أخذ مالًا من غيره تبرعًا لوصفٍ من الأوصاف وليس فيه.. فالمال حرام، ولا يجوز له استعماله ويجب عليه رده لصاحبه، فإن أخذَه لوصف أنه مَدين.. فإن كان مَدينا فبمقدار الدَّين الواقع يجوز له أخذه وما عدا ذلك لا يجوز، وإذا أخذه لأي وصف آخر كأن ادَّعى أنه من أصحاب فلان وليس كذلك فأعطي، أو ادَّعى أنه يفعل كذا وكذا وهو ليس كذلك ولكن أعطي لذلك، أو تظاهر بالصلاح وأعطي بذلك ويعلم أنه ليس بسالك مسالك الصالحين، أو تظاهر بالعلم ويعلم من نفسه أنه ما عنده إلا كلمتين وما عنده اطلاع، فما يأخذه حرام عليه ولا يجوز له لأنه في غير محله.

وهكذا كمثل ما يُؤخذ بالحَياء، كأن يسأله أمام الناس فيستحي منه أو ألحّ عليه فيجعله يعطيه ونفسه لا تريد، فما أخذ بوجه الحياء كما أخذ بالسيف، فلا يجوز إلا ما كان عن طِيب نَفس.

- من الذنوب الصغائر: الحِقد والعياذ بالله وهو إضمار السوء للمسلم، وذلك أن الغضب إذا ثار على الإنسان.. اقتضى أن يتصرف فيمن غضب عليه، فإذا كان لا يقدر أن يشفي غيظه فيه.. تحوّل إلى إضمار يضمره في القلب فهذا هو الحِقد، فأساسه الغضب.

أو ظن السوء فيه، والله سبحانه حرَّم على المسلم دمَه وعِرضَه وأن يظنَّ فيه ظنّ السوء، فكل ما يتأتى تأويله بخير لا يجوز أن تظن به السوء، وهكذا يقول بعض الأخيار من العارفين لو إني رأيت إنسانا على معصية وحالَت بيني وبينه شجرة فلقيته.. لاعتقدتُ أنه مِن أولياء الله؛ لاحتمال أنه في هذه اللحظة أحدث توبة صادقة وبدلَ الله سيئاتِه حسنات.

هذا إذا لم يكرههما (أي الحقد وسوء الظن) أما إذا كره إضمار السوء ولا يريد أن يعمل به وما يحسه في باطنه مِن ظنِّ السوء يكرهه ويريد أن يتخلَّص منه.. فلا إثم عليه؛ لأن الله سبحانه تجاوز عن هذه الأمة ما حدَّثت به نفسَها ما لم تتكلم.

- من الذنوب الصغائر: اللهو بالرَّباب والطُّنبور والمزمار واستماعها من الآلات المحرمة، والآلات التي تستعمل لأجل الطرب منها ما هو مباح كمثل الطار الذي جاءت به الأحاديث، ومنه ما هو محرم بالنص، ومنها ما لم يرد فيه نص فهو محل اجتهاد الفقهاء عليه رضوان الله تبارك وتعالى، هذا من حيث عين الآلة.

أما ما يقال مع الآلة أو ما يصاحبها، فإن صاحبَها كلامٌ بذيء أو ماجنٌ خبيث أو حركات مثيرة للشهوات ومُزرية وأدّى إلى فعل المعصية.. فهو معصية وحرام بالاتفاق ولو كان بطار أو بشيء مباح في أصله إذا قام باختلاط رجال بنساء أو ببَعث الشهوات المحرمة فذلك حرام، وإذا سلم من هذا.. فالآلة في حد ذاتها منها ما هو مباح ومنها ما هو محرم، وقد ألّف في ذلك الشيخ عبدالغني النابلسي كتابًا، وتكلم الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين بكتاب خاص سماه آداب السماع والوجد، وألّف الشيخ ابن حجر وغيرهم في ذلك، ولأهل العلم في ذلك اجتهادات.

- المكروه ما يثاب على تركه امتثالا ولا يعاقب على فعله، ذكر منها المُمَاراة وهو الاعتراض على كلام الغير، فهذا من آفات اللسان وقد يؤدّي إلى محذورات كثيرة، وكلام الغير إذا كان ليس فيه شيء يتعلق بالشرع ولا يمس الدين لا بتحليل حرام ولا بتحريم حلال ولا اغترار من أحد في كلامه.. فلا يضرك أن تسكت عنه ولو كان كلام خطأ! إذا ما كان فيه ضرر على أحد.. دَعه! تجد بعض الناس يغلب عليهم المِراء ويخرجهم منه إلى الجدال ومنه إلى القطيعة! تجد مثلا من يقول حصل أمر في الساعة الفلانية، فقال له الآخر لا قبلها فرد عليه لا واختصموا في ذلك! سواء حصل قبل أو بعد إش يضركم! ما يترتب على ذلك شيء! ومثله من يقول فلان التقى بفلان.. يرد عليه لا ما التقى به، فيرد عليه إلا التقى به، قال لا أبدًا! ويختصمون! دعه يتكلم بأي كلام ما دام لا يضر وليس له علاقة بالدين.

- يحكي شيخنا الحبيب إبراهيم بن عقيل بن يحيى عليه رحمة الله تبارك وتعالى، يقول سطا بعض الأقارب على أرض لنا واسعة، فأخذت الحُجج والبراهين والوثائق فيها وطلعت إلى مدينة تريم من أجل أن أقدِّم عليهم عند القاضي ليردَّ لنا أرضنا، فلما دخلت من باب المسجد كان فيه شيخنا الحبيب عبدالله الشاطري،  قال لي: يا إبراهيم مَن نازعَكَ في دينك فنازعه، ومَن نازعك في دنياك فألقِها في نحره! قلت مرحبا، فسلمت عليه، ورجعت أنا والوثائق إلى القرية وتركت الأمر، يقول وهو يخاطبنا في آخر سنه فوق الثمانين سنة قال: من ذاك اليوم إلى الآن ما أوقفني الله على معسور ولا احتجت إلى أحد.

- من المكروهات: كثرة المزاح، والمزاح في وقته وفي محله من السنة، وكثرته لا ينبغي، قيل:

لا تمزحن فإن مزحت فلا يكن ** مزحاً تضاف به إلى سوء الأدب
واحذر ممازحةً تعود عداوةً ** إن المزاح على مقدمة الغضب

- من المكروهات: كثر المدح، وقال الحبيب مصطفى المحضار: كثرة المدح ككثرة الملح؛ فكثرة المدح في الإنسان مثل ما يكثر الملح في الطعام، يغير الطعام ويضره، فهذا مما يحتاج التوسط فيه.

للاستماع إلى الدرس:
https://omr.to/silatahl7

للمشاهدة:
https://www.youtube.com/live/i5MRcEkjDc8

#الحبيب_عمر_بن_حفيظ #عمر_بن_حفيظ #صلة_الأقربين #الأردن #عمان #موسم_مؤتة #دورة_علمية #رحلة #رحلة_دعوية #زيارة #الحبيب_عمر #habibumar #habibumarbinhafidz #Jordan #mutah #retreat 

تاريخ النشر الهجري

02 جمادى الآخر 1445

تاريخ النشر الميلادي

14 ديسمبر 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية