(228)
(536)
(574)
(311)
فوائد من الدرس الرابع في كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب، للشيخ محمد أمين الكردي الإربيلي ، في جامع ترمذ، مدينة ترمذ - الأربعاء 22 شوال 1445هـ
• الصفة الخامسة لله جل جلاله: قيامه بنفسه، وغِناه عن كل شيء، مع افتقار كل شيء إليه، فهو الغني عمّن سواه، وهو الفقير إليه كل من عداه -سبحانه وتعالى- وهذا الغِنى المُطْلق خصوصية من صفات الإله -جلَّ جلاله- لا يمكن أن تحصل لأحد قطُّ سواه، بل كل ما سواه شديد الفقر إليه، لا يكون خلْقه وإيجاده إلا به سبحانه وتعالى، ثم لا يكون تقديره ولا تقدير مكانه ولا تطويره واختلاف الأحوال عليه إلا بالله سبحانه وتعالى، فجميع أجناس الوجود مفتقرة إلى مولاها في كل لمحة ونفس.
• كلُّ عضو من أعضائنا محتاجٌ إلى الله، لو أراد أن يُذْهب قوَّته أو يُعطله عن وظيفته في أي لحظة لكان ذلك، فنحن وأنظارنا محتاجون إليه، مفتقرون إليه، بأسماعنا التي نستمع بها إلى هذا الكلام وبأُنوفنا وتَنَشُّقنا لهذا الهواء وبكلامنا مفتقرون إليه افتقارًا كُليًّا، بل مضطرون إليه اضطرارًا عظيماً، إلا أن هذا الاضطرار يغفل عنه أكثر الخلق، ولمَّا يرون إمداده لهم بأنواع النعم.. يظنون كأنها لهم أو ملكهم أو حقهم أو في متناول قدرتهم! وليس فيها ذرة في متناول قدرتهم المستقلة! وإنما هي بإنعامه وبإفضاله عليهم -جلّ جلاله-.
• أغنى الخلق بالله.. أشدهم افتقاراً إليه، أغناهم بإنعامه وإفضاله الدائم، بمنِّه وإحسانه الأبدي، فأعظمهم افتقارًا إليه.. هو الحريُّ بألطافه، وهو الأحقُّ بإسعافه وإتحافه، وهو الأحقُّ بإيصاله ووصاله، وهو الأولى بموالاة إفضاله عليه، فما أعظم شرف المؤمن بافتقاره إلى الله -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- ويقول الإمام الحداد: أَنا عَبدٌ صارَ فَخري: ضِمنَ فَقري وَاِضطِراري.
• الصفة السادسة لله جل جلاله: الوحدانية في الذات والصفات والأفعال؛ فالوحدانِية في الذات بمعنى أن ذاته تعالى ليست مركَّبة من جزأين ولا أكثر، وليس له نظير في ذاته تعالى, فهو واحد في ذاته -جلَّ جلاله- وهذه الذات هي التي لا يمكن لأحد قط أن يحيط بها سواه تعالى، حتى أقرب الخلق إليه وأعظمهم منزلة لديه من النبيين، لا يحيطون بذات الله، والمؤمنون في الجنة -حتى يُمَكَّنوا من النظر لوجههِ الكريم- لا يحيطون بذات الله -جلَّ جلاله-.
• ذَكَر الإمام عبدالرحمن بلفقيه: أنّ دائرة الإسلام والإيمان تَتَقوَّى بدائرة العلم والبيان، وتُفضي بِسُلَّم الإسلام والإيمان إلى الدائرة الثالثة وهي دائرة الإحسان، وأنَّ دائرة الإحسان تفضي بصاحبها وتَزُجُّ به إلى دائرة العرفان: المعرفة الخاصة؛ قال: وهذه الدائرة خاتمة لما قبلها ولكنها أُولى لما بعدها؛ لاإله الا الله! لهذا صاح سيدنا أبو بكر الصديق قال: "لا يعرف الله إلا الله".
• القسم الثاني: الوحدانية في الصفات؛ يعني: كل صفة من صفاته واحدة، فصفة القدرة على الإطلاق له صفة واحدة، والإرادة صفة واحدة مُطلقة؛ والخلق يهبهم من عنده ما يسمى قُدرة لكنها محصورة وحادثة ومحدودة؛ هذا أكبر من هذا وهذا أصغر من هذا، وهذا قدرته ساعة تقوى وساعة تزيد، وأحيانا يقدر وأحيانا ما يقدر، هذه قدرة الخلق لأنها مستعارة منه، هو يعطيهم إياها؛ أمَّا قدرة الله وإرادته سبحانه فشيء واحد عظيم لا حدَّ له ولا غاية؛ (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، (فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ).
• القسم الثالث: الوحدانية في الأفعال؛ بمعنى أنه هو الخالق بالاختيار لكل ممكن يبرز إلى الوجود ذاتاً كان أو صفة أو فعلاً، قال تعالى : (والله خلقكم وما تعملون)", وكان جماعة من الذين هم على منهج الاعتزال، يقولون أنَّ الإنسان يخلق أفعاله الاختيارية؛ هذا نوع من الغرور أصاب هؤلاء الناس، لما رأوا أنفسهم أمدَّهم الله بشيء من القدرة ظنوا أنهم يَخلقون، وهم لا يَخلقون، ولكن يكتسبون، نعم، يسلِّطون القدرة ليكتسبوا؛ لكن يخلقون؟ ما يخلقون، هذا مذهب أهل السُّنة.
• قال تعالى: "(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) لا يشاركه في ذلك أي شيء كان- فالشمس والقمر والكواكب والماء والتراب والهواء والنار لا تأثير لها في شيء مما قارنها، فالنار ما تحرق بنفسها، ولو كانت تحرق بنفسها.. كيف لم تحرق إبراهيم لمَّا دخل وسطها؟ إنما بأمر خالقها: (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ)، ولمَّا قال: (كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ) كانت كذلك، حتى النار الأشد -نار الآخرة- بالنسبة للمؤمنين وخواصهم.. برد وسلام ما تضرهم، الملائكة يدخلون فيها، وبعض الشفعاء يدخلون فيها، يدخل فيُخرِج فيها الذي تشفع فيه؛ يدخل النار وما تقدر تضره؛ لأنه مرضي عند الله تبارك وتعالى، فيدخلوا ويخَرِّجه من النار.
للاستماع إلى الدرس الرابع والمشاهدة، أو قراءته مكتوباً:
24 ذو القِعدة 1445