(228)
(536)
(574)
(311)
فوائد من درس قبس النور المبين من إحياء علوم الدين، للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ، مواصلة شرح كتاب أسرار الزكاة، مساء الأربعاء 27 ذو الحجة 1445
في كُلٍّ من الإسرار والإبداء خير، قال تعالى: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)
اختلفوا متى يكون الإسرار أفضل ومتى يكون الإبداء أفضل:
* ذكر قوله ﷺ: "أفضل الصدقة جُهد المُقِلِّ إلى فقير في سر": الذي يتصدق من مال وهو قليل المال، يكتسبه بالمشقّة ومع ذلك يُخرج منه، فإذا كان في سر كان من أفضل الصدقات.
* يقول ﷺ: "سبق درهم مائة ألف درهم": من أوجه التفضيل أن مُقِلّاً معه مال يسير يُخرج منه نصف ملكه وهو يسير، وآخر معه ألوف كثيرة يخرج منها ألوفًا ولكنها ليست النصف ولا الربع ولا الثمن ولا التسع ولا العشر من ماله.
مرجع أكثر ما يكون في التفضيل -أي للأعمال-:
يتضاعف سواء كان جلسة أو استماع أو درس، أو كتابة أو قراءة قرآن أو ذكر للرحمن، يختلف من واحد لآخر (والله يُضَاعِفُ لمن يشاء)
- في الحديث المشهور السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه، يقول: "رجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه": يحرص فيها على الإخفاء وإخراجها في السر، بحيث لو كان ليده الشمال عين تُبصر وأذن تسمع ما أحسّت بالصدقات التي تخرجها اليمين مِن شدة إخفائها.
- ظل العرش: راية قرب ورضوان، مكانة عند رب العرش، رضا عند رب العرش؛ عبَّر عنه بظل العرش.
- "صدقة السر تُطفئ غضب الرب" ما أعظم هذا! أن تحوِّل صاحبها من مغضوب عليه إلى مَرضيٍّ عنه.
- "صدقة السر تقي مصارع السوء" يُحفظ صاحبها من مصرع السوء؛ أن يكون موته في حالة شنيعة، كموته بحريق، موته بحادث، يكون موته بسقوط من علو.. تقي مصارع السوء!
- بالغ في فضل الإخفاء جماعة: بعضهم يلقيها في يد أعمى لا يدري من وضعها له، وبعضهم في طريق الفقير وموضع جلوسه، وبعضهم في ثوب الفقير وهو نائم، توصّلاً إلى إطفاء غضب الرب واحترازًا من الرياء.
- قال أهل المدينة: ما فقدنا صدقة السر إلا لما توفي علي بن الحسين، وكان من جملة صدقاته في السر أنه مائة أو مائتين أهل بيت في المدينة نفقتهم لا يدرون من أين، في ظلمة الليل يجيء يضع لهم النفقة وما تنتهي إلا جاء بالثانية وهكذا، ما عرفوا مَن إلا لما توفي انقطعت فعُرِف انقطاعها، هذا الذي ترك الرغبة في الإمارة وزهد في رئاسة الدنيا وصار عمله هكذا!
- ربكم رب العرش كل من صدق معه وكل من أخلص لوجهه ما يُضيّعه أبدًا بكل معنى، لو عرف الناس ربهم لما رضوا إلا بمعاملته، ولرموا كل قواتهم وقدراتهم على بابه وعليه يطلبون رضوانه، فلا يجدون أحسن منه معاملًا أبدًا، تصدُق لوجهه وتصدُق معه وتُخلص لوجهه؛ يُعطيك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ويتولاك ويحميك ويهديك ويوفقك، من حيث علمه المحيط، في نفسك، في أهلك، في أولادك، في دنياك، في برزخك.. هذا الرب الكريم الإله العظيم جل جلاله.
- تمسّكوا بحبل الإخلاص لوجهه والصدق معه، لا تنتهي أيام الدورة إلا وكم من نظرة، وكم من بلية في الأمة رُفِعت، وكم من مِنحة مُنِحت وعطيّة أُعطِيت، الله يرزقنا الصدق معه.
يصطفي الله من يشاء لدينه، ولمواهبه ولعطاياه العجيبة، وللقرب من حبيبه ﷺ، قال له: (وَلَسوفَ يُعطيكَ ربكَ فترْضى) مما يُرضيه به: ما يُخلي قرنًا من قرون أمته وزمنًا إلا وفيها من خواص أهل مرافقته مَن تقر عينه بهم.
- اللهم ارحمنا والمؤمنين في المشارق والمغارب، وأكرمنا بهداية قلوبنا وتوجيهها إليك، لا تُبق فيها شائبة من رياء ولا من عجب ولا من كبر ولا من غرور، ولا من حسد ولا من حقد ولا من التفات إلى ما سواك.
https://youtube.com/live/d-lWk-vJHHU
يتضمن الدرس:
13 مُحرَّم 1446