منزلة مثوبة ملك الملوك مقابل جميع ما يُعرض من مثوبات الخلق

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 17 جماد أول 1437هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان: منزلة مثوبة ملك الملوك مقابل جميع ما يُعرض من مثوبات الخلق.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، مُرسلِ هذا المصطفى الأمين، بالبشرى والإنذارِ لأعظم القضايا التي تنالُها مداركُ الخلقِ ومفاهيمِهم والأفكار، غاية ما تنتهي إليها المداركُ والمعارفُ في هذه البرية، القضية التي بُعث بها خيرُ البرية من ربِّ البرية إلى هؤلاء البرية، فبسطَ لهم بساطَ مَن خلقهم، ولماذا خلقهم، وكيف يرجعون إليه تعالى في علاه، فلبَّت أرواحُ وعقولُ وقلوبُ الذين سبقت لهم السعادة، الله يجعلنا وإياكم منهم، سعدُوا بتلبيةِ النداء، وذكر الله ذلك فيما تقرأون في كتابه، وسمّاهم أولوا الألباب، أي العقلاء، فهم أعقلُ الخلائق على ظهر الأرض، سوف يُعرف قدرُ العقل الذي استجاب لنداءِ ربِّ الأرباب وخطاب سيد الأحباب صلى الله عليه وسلم، ومقدار العقل الذي لم يستجِب لنداء الله ورسوله، ثم صنع القنبلة، ثم صنع التكنولوجيا، ثم صنع الطائرة، ثم صنع التلفون، ليُعرف مَن العاقل..

أولوا الألباب الذين سماهم ربُّ الأرباب أولوا الألباب، هؤلاء الذين استجابوا، وقالوا فيما عبَّروا به عن حالهم وأذواقهم وفكرهم: (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) وبمقتضى الإيمان قدَّموا الطلبات: (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا) الذين وعَوا الخطاب ولم تهزُّهم حادثاتُ الدهر والأزمنة بكل ما يجري فيها وكل ما يكون في ساحاتها وثبتوا وأدَّوا الواجب ووفَوا، (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ).

فليَظهر ثوابُ الشركات، وليظهر ثوابُ المؤسسات، وليظهر ثوابُ الحكومات اليوم، وليظهر ثوابُ الوزارات، وليظهر ثوابُ المدارس، وليظهر ثوابُ الألعاب.. هذا ثوابي فأين ثوابُهم؟ (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) فإن آمنتم بهذا: (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ) ما الثوابُ الذي عندهم؟ ما الأجرُ الذي معهم؟ ماذا سيعطونك؟ يشترونك؟ يشترون دينَك؟ يشترون عقلَك؟ يشترون ضميرَك؟ يشترون قلبَك؟ ماذا يعطونك؟ يذهبون ويذهب ثوابُهم وتذهب أنت معهم، واليوم انظر الثواب، هذا ثواب الذين آمنوا، ثواب الذين هاجروا في سبيل الله.

 وإذا نالَهم أذى مِن شيطان إنس أو جن صبرُوا على ذلك، ( أُوذُوا في سبيلِ الله ) فلم يهزُّهم هذا الأذى لكن مَن يتزعزع فإذا أُوذِي في الله.. (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) ما عنده صدق العبادة، ما عنده حسنُ العبادة، يصلي على طرف، يصوم على طرف، يحضر الذكر على طرف، فإن أصابه خيرٌ مما تطمئنُّ عليه نفسه في دنياه اطمأن به، ليس بالله، ولا بذكرِ الله، هذا الخير الذي هو متاع، لباس، مركب.. أمثال هذا اطمأن به وإن أصابته فتنة (انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ) وعند أقل امتحان يذهب إيمانُه، فدعواه باطلة، من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) ورجع عن سواء السبيل.. والعياذ بالله.

ولكن هؤلاء ( وأُوذُوا في سبيلِي ) ومع ذلك ( قاتِلُوا ) بذلُوا ما بوسعِهم، وتصدُّوا لما يعترضُهم في طريقهم إلى الله، (وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ) فأين الشهادات؟ وأين بطائقُ التكريم؟ وأين العلاوات؟ وأين الرُّتبُ العسكرية؟ هناك بتقول أين، إن كنتَ مؤمنا من الآن تقول أين، من الآن قل ما هي هذه، هل تنتظر لذلك اليوم؟ ذلك اليوم حتى أكبر الكفار يضحك عليها، أنت مؤمن من الآن ولا تصبر ليوم القيامة؟ من الآن أنت مؤمن، تقول ليست بشيء.. والله ليست بشيء.. ولا هي شيء.. فتن، ألاعيب يُلعَب بها على العقول، يُختبر الخلق بها، والثواب عند الله.

قال الذين آمنوا بسيدنا موسى عليه السلام سُكب الإيمان في قلوبهم في لحظة من اللحظات رفعهم الله، كانت لهم قلوب في أيام الكفر في ساعة الكفر تتعلق بفرعون الذي كان مُعظَّما في صدورهم، (أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) فلما آمنوا قالوا أجرك وقربُك.. ساقط.. أنتم قبل قليل قلتم (أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ) قالوا نعم (َإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ).

 فلما آمنوا قال: (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا..) الآن عرفنا الرب، آمنا برب، هذا الضحك علينا قبل، تهددنا بما عندكم وتغرينا بما عندك، لكن الآن.. نقول لك: لسنا راغبين فيما عندك ولا خائفين مما عندك، لمَّا عرفنا ربَّنا ما خفنا غيره.. (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ) اسمع القرار من عندنا (لَن نُّؤْثِرَكَ) كانوا يتزلّفون إليه، الآن: (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا) واحد خلقنا من العدم نرجع لعندك أنت؟ ومن أول هو خالقهم لكن اليوم حسّوا، اليوم طعموا، اليوم ذاقُوا، اليوم دخل الإيمان في قلوبهم، وهو خالقهم من أول، فرعون لا خلقهم ولا خلق آباءهم ولا خلق أعينهم ولا أيديهم ولا أرجلهم، ولكن كان مُعظَّما عندهم يتزلفون إليه، لما دخل نور الإيمان قالوا في عندنا خالق ماذا نريد منك أنت.. (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ) ما في خوف مني؟ أين الهيبة التي كانت في صدوركم؟ قالوا اسمع، الآن سنحلل لك في نظرتنا من أنت وما ملكك.. (إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) أنت قصير وصغير، وقضاؤك كله في وقت الله سلطك محدد لا يزيد وينتهي.. (إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) لكن نحن حصّلنا قاضي الدنيا والآخرة، حصّلنا قاضي فوق القضاة، الآن لا نفزع من قضائك لأنه صغير وحقير وقصير (إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) فين تروحوا أنتم؟ (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) وانظر إلى يقينهم وإيمانهم: (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ).

(أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) يا أهل الأتعاب على ظهر الأرض، سهر طويل، سفر كثير، عناء ومشقة، من أجل ذاك، من أجل ذاك، (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) بعين ربي العيون التي تسهر له ومن أجله وتبكي له ومن أجله، والأيدي التي تبذل له ومن أجله، وبئس العيون الساهرات في غيره، وبئس الأيدي الباذلات لغيره، وبئس الأرجل المتحركات لغيره، وماذا سيجدون عند غيره؟ وماذا سيكسبون من عند غيره؟ يا أهل الحركة في الحياة لغير الله نناديكم بنداء الله ونداء رسل الله: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) الله خير.. الله خير.. جل جلاله..

 (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) إذا وعيتُم تحررتُم في المجلس هذا، حرية تفخرون بها في القيامة، وتتطاولون بها على رقابِ المتكبرين بغير حقٍّ على ظهر الأرض، وإذا ذاقوا أليمَ نتيجة ما هم فيه من كل من يموت منهم على هذا الحال قيل لهم: (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) وقيل لهم: (ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ) وقيل لهم: (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ) (الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا) ذهبت حكوماتُكم، الوهم الذي كان عندكم اضمحل، هذا الملك الحق المبين.. يقول لكم: (الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا) لا مرجعية، ولا حزب، ولا طائفة ولا مذهب ولا جماعة ولا حكومة ولا وزارة.. لاشي.. الذي بيده الأمر قال: (الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا) إلى من يذهبون؟ إلى من يلتجئون؟ حينئذ يوقنون أن لا ملجأ من الله ولا منجأ من الله إلا إليه، فهل تتحرر؟ يا من ذُكِّر ممن حضر ومن يسمع لحظة تحرِّرك مِن رقٍّ لغير الله فتعتز بعزِّ الله تخرج من الذل بالخضوع لغيره وتُلبس تاجَ عزة بالخضوع لجلاله، إذا خضعت لجلاله فقد خضعت للعزيز، خضعت للجبار، المتكبر، الواحد، الحي القيوم، الإله الخالق الذي يستحق أن تخضع له، لكن خضوعك لحضارة هؤلاء، لأفكار هؤلاء، لأحزاب هؤلاء، لتعليمات هؤلاء، لماديات هؤلاء، خضوع ذل، خضوع مهانة، خضوع سقوط، خضوع يضيِّع الدنيا والآخرة، فاخضع للجليل يجلك، واخضع للعظيم يعظُم أمرُك، واخضع للباقي يبقَ عزك، اخضع للعزيز يعزك، اخضع للكريم يكرمك، اخضع للقادر يتولاك ويرعاك ويعلي عُلاك جل جلاله وتعالى في علاه.

(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) هذا قرارات صادرةٌ إليكم مِن حضرة ملك الملوك، أنتم منتظرين قرارات الدول هذه، خذوا القرارات مِن ربِّ الدول، مِن ربِّ مَن آمن ومَن كفر، ربِّ مَن صدّق ومَن كذّب، ربُّ من أطاع ومن عصى، رب الكل، إله الكل، هذه قراراته.. هذه قراراته.. ولن يكون إلا قوله، ولن يكون إلا مراده، وعزته ليس القادر إلا هو، ونحن وجميع من في الأرض والملائكة التي في السماء معنا والجن والكائنات بأصنافها عاجزون عند قدرته، نعم والله العظيم عاجزون، القدرة له وحده جل جلاله وتعالى في علاه، والإرادة له وحده جل جلاله وتعالى في علاه، فيا قادر ارحم العاجزين، ويا قوي ارحم الضعفاء، ويا عزيز ارحم الأذلاء بين يديك، واعفُ عنا واغفر لنا، وأعزَّنا بتقواك، وأعزَّنا بطاعتك، وأعزنا بالصدق معك والوفاء بعهدك، يا الله ..

ثوابك خير.. (وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) وإذا آمنا وصدَّقنا فنمشي على ضوء، نقوم بالأوامر والنواهي كما يحب ربُّنا منا في أسماعنا وأبصارنا وألسنتنا وفروجنا وبطوننا وأيدينا وأرجلنا وديارنا ومنازلنا، ونتعامل مع الأجهزة والمستحدثات بمنهج المُحدث الخالق الباري المصور مَن بيده ملكوت كل شيء جل جلاله وتعالى في علاه، ولا يغروننا ولا يخدعوننا ونمضي على هذا السبيل إلى لقاء الجليل حتى نستظلَّ بالظل الظليل، ونؤول إلى أشرف مقيل في مجاورة الرسول الجليل، وأرباب التبجيل، يا رب اجعل مآلنا جنتك مع الذين أنعمتَ عليهم يا كريم.

 فإن كان الأمر كذلك وآمنا بهذا الإله فلا بدَّ من مبادئنا في الحياة.. (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ) تسمع نصيحة، لا تخرج من ذا المجمع وفي قلبك تعظيمٌ لأحد من الكفار ولو ملك الأرض كلَّها.. وأخبرك: ليس فيهم من يملك الأرض مِن الآن إلى أن تقوم الساعة، هؤلاء ليس فيهم مَن يملك الأرضَ كلَّها، سيتنازعون على المصالح، وسيفنُون قواهم العسكرية وغيرها في بعضهم البعض كما أغروا المؤمنين على بعضهم البعض، فتكاد الدنيا أن تكون دار جزاء وما هي إلا دار عمل، والجزاء مقبل علينا وعليهم، وويل لمن كفر ( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) تريد تحليلاً صحيحا دقيقاً لأفكارهم وسياساتهم الموجودة التي يُرعبون الناسَ بها؟ خذه من قِبل خالقي وخالقهم ومَن رقبتي ورقابهم بيده ونواصينا ونواصيهم بيده: (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) لا شيء غير هذا عندهم، والله لا شيء غير هذا، ترضى تكون خادما لأحد من هؤلاء؟ ترضى تكون في تبعية لأحد من هؤلاء؟

(إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) تعرف العمَه؟ هذا الخطط حقهم.. هذه السياسات التي يرعبون الناس بها.. هذا العمه.. (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) وإلى أين ينقلبون؟ (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ) خذ أيضا صورةَ تحليل من الجليل: (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) يا رب يجعلنا وإياكم منهم، يا رب هذا الصنف الثاني الذي ذكرتهم في هذه الآيات أثبتنا فيهم وفي دوانينهم نحن ومن نسمع وأهلينا كلهم، وأولادنا كلهم، وأصحابنا كلهم، وطلابنا كلهم، وجيراننا كلهم، يا الله.. بحقِّ هذا التنزيل، فإنا آمنا به، هذا الحق والصدق، وكتاب غيرك.. كل كتاب لا يستمد من كتابك سيذهب هباء.. وقراراتهم ستذهب هباء.. ودولُهم ستذهب هباء.. وأنت ملكُ الملوك، وكأني بالساعة ونحن وإياهم ومَن قبلنا ومَن بعدنا نسمع لمن الملك اليوم، نحن وإياهم ومن قبلنا ومن بعدنا نسمع .. اظهروا.. تعالوا بأحزابكم.. تعالوا بوزاراتكم.. تعالوا بخططكم.. تعالوا.. (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) آمنا بك يا صاحبَ الملك، فلا تسلِّط علينا الكفرة، ولا تسلِّط علينا الفجرة، وادفع عنا شرهم في الدنيا والآخرة يا مالكَ الدنيا والآخرة، يا الله.. يا الله.. بك آمنَّا وعليك توكلنا، فلا تجعلْنا فتنة للقوم الظالمين، ونجِّنا ربنا من القوم الكافرين، برحمتك يا أرحم الراحمين، (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) وربي أنزل الآية على محمد ووسط الآية اسمُ كل مَن يموت على التقوى ويدخل في هذه الدائرة، فعسى أسماؤنا فيها، عسى نواصينا فيها، عسى رقابنا فيها، عسى ذواتنا معهم، أرادهم الرب.. (َٰلكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) جنات لا مرضَ فيها، جنات لا موتَ فيها، جنات لا هرمَ فيها، جنات لا وسخَ فيها، جنات لا قاذورات فيها، جنات لا وصبَ ولا نصبَ فيها، جنات لا تفنى ولا تبيد، جنات لا موتَ فيها، فنعم الجنات.. لا هذه الدول الفانية.

(لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) إنك يا ربي عنيتَ من عنيتَ بهذه الآية فبحقِّك أقسمنا عليك أن تجعلنا فيهم، تجعلنا معهم ومنهم يا رب، ما اجتمعنا إلا نسترحمك، ما اجتمعنا إلا نستعطفُك، حبيبك دلَّنا على هذه التوجهات وهذه الخيرات فقُمنا بها من بعده إيماناً بك وبما جاء به، فبما بينك وبينه اقبلنا في عبادك الذين (الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ) ونِعم النُّزل نُزلُك، ونِعم الضيافة ضيافتُك، ونِعم الكرم كرمُك يا أكرم الأكرمين، (وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ) فيا فوزَهم فكيف بالمقربين.. فكيف بالمقربين؟ الله.. (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) يا مَن عشتَ تتجمَّل للخلق وقصدت به معصية الخالق حُرمت الجمال هناك، (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) بلا عمليات تجميلية وبلا بشيء من هذه المواد التي تتجمَّلون بها، (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ) يا رب اجعلنا منهم، ألح عليه، إسأله، إسأله ما دمت في الوسَع، يحشرك هناك يوم المجمع، يا أرحم الراحمين.. الله.. الله.. (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) يا ما أحلاه مِن شراب، في الدنيا سقيتهم، شراب حبك والولع بك وتعظيمك وتعظيم رسولك والمعرفة بك، وهناك تسقيهم هذا الشراب، فيا ما أسعدَهم بك في الدنيا ويا ما أسعدهم بك في الآخرة، ربي ومن كان أكبر رئيس وأكبر وزير وما حصل هذا الشراب في الدنيا ولا في الآخرة فماذا عنده؟ أف على ما عنده.. أف لما عنده.. أف لما عنده.

(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) استعداد للقاء الله.. (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا) وهذا قبل قرون طويلة، يا قارون من قبلك ومن بعدك جاء مَن هو أشد قوة وأكثر جمعا، يا مغترين على وجه الأرض ألم تعلموا أن اللهَ قد أهلك من قبلكم من القرون من هو أشد قوة وأكثر جمعا (وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) هذه الصورية.. هذه الخيالية.. هذه الوهمية.. (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) وهذا مظهرُ من الفريقين، (يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ) كما يقول بعض الناس هنا في قوارين زماننا، (إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ) ما أدركتم الحقيقة ( ويلكم ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ) لا تحرمنا ثوابك، لا تقطعنا عن ثوابك، ثوابك خير فلا تكِلنا إلى الغير، (ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) فماذا حصل؟ (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فخسفنا به وبداره الأرض) وهو يتجلجل وحتى الآن يتجلجل، كم لكم قرون تتجلجل يا قارون؟ وين الزينة حقك؟ وين قولك إنما أوتيتُه على علم؟ حلِّله لي، قارون حلله لي، في قوارين زماننا يقولون كما قلت، لكن أنت لك قارون قلت القول والآن حلِّله لنا يا قوارين زماننا، سيكون قولكم كقول قارون ثم يكون تحليله ساقط.. ليس بشيء.. راح.. كذب.. لا أوتيته على علم عندكم لكن ابتلاكم واختبركم ففشلتم ( فخَسفنا به وبدارِه الأرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ) تعال يا فرعون شوف صاحبك، بينكم اتفاقات، بينكم تحالف، بينكم وثائق، بينكم علائق، تعال شوف صاحبك يا فرعون، يا هامان، شوفوا قارون تعالوا، (فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ) ووعى من وعى، من كان غُشِّي على قلبه بغشاء الوهم، (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا) فأصحاب النفوس الطالبة العلو في الأرض والفساد في الأرض خائبون.. خائبون.. خائبون.. ولا نصيب لهم في الآخرة.

(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا) يُدعون إلى الله العلي الأعلى، لا يريدون علوًّا على أحد، يريدون إنقاذَ الناس من النار، يريدون وصلَهم بالجبار، يريدون نشرَ نور النبي المختار، (لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) اللهم اجعلنا منهم يا أرحم الراحمين.

 هذه قرارات حضرة الربوبية، خرجت مِن عند ملك الملوك جل جلاله، فهي دائمة وهي باقية، والمرجع إليها، فاعقل ذلك، واصدُق مع المالك ملكِ الممالك تنجُ مِن المهالك، واسلك مع كل سالك في سبيل رضاه وفي سبيل قربِه تعالى في علاه، وهو الذي يقول لك: من تقرب إليَّ شبرا تقرب إليه ذراعا، بالله عليك هل تعرف واحد غني عنك يعاملك بهذه المعاملة؟ غني عنك ما يحتاج منك شيء يقول لك إذا تقربت إليَّ شبرا تقربتُ إليك ذراعا؟ ما أحسنه.. إلهكم جميل، إلهكُم كريم، إلهكم جواد، إلهكم سخي، فنِعم هذا الإله، تعلَّقوا بحبال التمسُّك به، (وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) وما تريدونه من مطالب الدنيا والآخرة وجهوها إليه واعتمدوا عليه وتوكلوا عليه، والله لا يصرفنا وإياكم من المجمع إلا بالقبول لديه، والعناية منه، وتحقيق التوبة وتحقيق الأوبة وكشف الكُربة، يا حي يا قيوم نعمة أنعمت بها علينا على بساط التوجه إليك أجلستنا ونحن نتلطخ بالمعاصي والذنوب، لو عاملتَنا بذنوبنا ما جلسنا هنا ولا سمعنا موجب الهناء ولا قلنا يا إلهنا، ولكن يا إلهنا من أنت.. ومن أنت.. ومن أنت.. حتى جمعتنا على هذا البساط شريف من حضرة الكرم، مفاتيح جعلتها بعثة حبيبك محمد، ووصلته إلينا وأجلستنا عليه، ما أكرمك، ما أوصلك، يا رب لو بذنوبِ المتكلم وحده عاملتَنا ما جلس أحد منا هذا المجلس ولا أدركنا هذا الإدراك، فيا رب سبق هذا بالفضل منك فماذا بعد ذلك، لا تعرِّضنا لغضبك، لا تعرِّضنا لسخطك، نعوذ بك من سخطِك والنار، ونسألك رضاك والجنة، فأتمِم علينا النعمة..

فيا رب ثبتنا على الحق والهدى ** ويا رب اقبضنا على خير ملة

 قد جُدتَ فضلاً بالإسلام وأفضل الجود الإتمام ** حاشاك بعد التفضل تذيقنا هولَ الإضرام

 يا الله تب علينا وانظر إلينا واقبلنا على ما فينا، وبارك لنا في الجلوس على بساط التوجه إليك والتذلل بين يديك واستعطافك واستلطافك واسترحامك وطلبِ ما عندك والتذلل بين يديك، وما كان فينا من قصور فشفّع فينا من كمَّلته، وما كان فيه من قبح فشفِّع فينا مَن جمَّلته، ومن كان فيه من زلل فشفِّع فينا من حفظته.. يا الله.. يا الله.. يا الله.

يا الله عبيدك بين يديك.. فقراؤك بين يديك.. مساكينك بين يديك.. سائلوك بين يديك.. يا الله.. يا الله.. عبيدك بين يديك.. فقراؤك بين يديك.. مساكينك بين يديك.. سائلوك بين يديك.. يا الله.. يا الله.. يا الله.. عبيدك بين يديك.. فقراؤك بين يديك.. فقراؤك بين يديك.. مساكينك بين يديك.. المساكين.. سائلوك بين يديك.. سائلوك بين يديك.. فيا من شِّرفت هذه الأيد والقلوب بسؤالك أنِلنا عظيمَ نوالك، وأكرمنا بلذيذِ وِصالك، يا الله.. يا الله.. كم واصلتَ فواصِلنا يا الله.. كم قرِّبت فقرِّبنا يا الله.. يا الله.. من أمسى على ظهر الأرض وهو عندك مقرَّب فألحقنا بهم وأدخِلنا في دوائرهم يا إلهنا.. يا إلهنا.. يا إلهنا.. يا أول الأولين.. يا آخرَ الآخرين.. يا ذا القوة المتين.. يا راحم المساكين.. يا أرحم الراحمين.. جُد علينا بالنوال الواسع.. وشفِّع فينا حبيبَك الشافع.. وأنِلنا به فوق المآمل والمطامِع.. ولا تخلِّفنا عنه ولا تباعِد بيننا وبينه، ولا تخرجنا عن دائرته يا الله.. جعلتَ لنا هنا مجمع فاجعل لنا هناك مجمع .. جعلت لنا هنا مجمع فاجعل لنا هناك مجمع .. إلهي.. إلهي.. إلهي.. ليس الظنُّ بك جمع هنا وتفريق هناك.. يا ملك الأملاك.. يا الله.. يا الله.. نجنا من كل هلاك، أجرنا من النار، أجرنا من السخط، أجرنا من العذاب، أجرنا من العقاب، يا حَسَن الثواب نسألك حُسنَ الثواب، نسألك حُسن المآب، ونسألك حسنَ المرافقة للأحباب في زمرة سيد الأحباب مَن شرّفته بكريمِ الخطاب، الساري إلى قوس قاب، الذي جعلت منزلته أو أدنى.. فبالأدنى جد علينا في الحس والمعنى، واقبلنا على ما فينا يا الله.. يا الله.. لا ترد أحد منا ولا من المحضر، ولا ممن يسمع، لا ترد أحد، لا تقطع أحد منهم، لا تبعد أحدا منهم، لا تعرض عن أحد منهم يا الله، أقبِل بوجهك الكريم علينا وعليهم، فإنا عبيدك، بفنائك، تحت بابك، لُذنا بأعتابك، توجهنا بأحبابك، جد يا جواد.. جد يا جواد.. جد يا جواد.. في الدنيا والمعاد، أسعِدنا أسعد الإسعاد، أمِدنا أحسن الإمداد، يا الله.. يا الله.. قرة عين لخير العباد، تفيض فائضات على هذه القلوب، لا تعصيك بعدها ولا تميل إلى مخالفتك بعدها، يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك، ارحم كل قلب فينا يا ناظرا إلى ظواهرنا وخوافينا، ارحم كل قلب فينا، وقلوب من يسمعنا يا الله.. يا الله (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) اجعل قلوبَنا سليمة تستديم على ذلك، تلقاك على ذلك، وتأتيك في القيامة بذلك، يا الله.. يا الله.. وبصدقِ وجهتِك قل بقلبِك يا الله، أرجو أن يرحمك بها.. أرجو.. أرجو أن يرحمك بها.. قلها بصدق.. قلها باحتراق.. قلها بإقبال.. قلها بذلَّة.. قلها بخضوع.. أرجوه يرحمك بها.. أرجوه يرحمك بها.. أرجوه يرحمك بها.. يا الله.. يا الله.. منك وإليك.. منك وإليك.. منك وإليك.. والحال لا يخفى عليك.. فجُد علينا بما أنت عليه يا خيرَ الراحمين.. والحمد لله رب العالمين.  

للاستماع إلى المحاضرة

http://www.alhabibomar.com/Lecture.aspx?SectionID=8&RefID=6923

لمشاهدة المحاضرة

https://www.youtube.com/watch?v=PwGGSYyAICs

 

تاريخ النشر الهجري

18 جمادى الأول 1437

تاريخ النشر الميلادي

26 فبراير 2016

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية