(229)
(536)
(574)
(311)
محاضرة للحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 15 شوال 1436هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان: سر الصلة بالله وعظمتها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعمةِ الصلةِ به، وعلى منَّة الاقبالِ عليه، وما كان ذلك إلا لما أن مدَّ الحبلَ فاتصلنا، وأرسل خيرَ الخلق فأقبل سبحانه بوجههِ الكريم علينا بإرسالِ هذا الحبيب، فاستجاب مَن استجاب مِن القلوب فأقبلنا، فله الحمدُ أولاً وآخراً وظاهراً وباطنا (قُل لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
ولم يُنعَم على شيء من ذرات الوجود والكائنات، بنعمة أكبر ولا أجل ولا أعلى ولا أوسع ولا أعمق ولا أعظم ولا أتمّ مِن نعمةِ الصلةِ بهذا الإله، فما خيرُ كل شيء وكل ذرة من ذرات الوجود إلا في اتصالِها بهذا الإله الحق الخالق، الذي ابتدأها وأوجدها من العدم، وله الوجود في الحقيقة، وكانت عدماً محضاً جميع الكائنات، فلا الوجود إلا وجوده ولا الجود إلا جوده، سبحانه وتعالى، فما شرفُ كل شيء إلا بسجوده لهذا الإله، وبخضوعه له تعالى في علاه، وبأسرار الصلة التي بثَّها سبحانه وتعالى، وامتنَّ بها على الوجود، وقال لنا في ذكر هذه المِنَّة وتقريرها (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وحرّك أربابَ التكليف وأربابَ التشريف مِن ذوي العقول ومن ذوي القلوب قال (وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ولو فقهتم لأكببتم على سر التسبيح والتقديس والتنزيه لهذا الإله، ولما آثرتم عليه سواه تعالى في علاه، وخيرُ الخلق يقول لسيدنا بلال (أرِحنا بها يا بلال)، ويقول (وجعلت قرة عيني في الصلاة) وجعل يقول لنا (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) فلا والله، غير الصِّلة بالله تعالى، مهما تخيلها المخلوق، خيراً أو نفعاً أو فائدة، ما أسرع أن تضمحل، وما أسرع أن تنقطع، وما أسرع أن تتبدل، وما أسرع أن تتغير، وما أسرع أن تتلاشى.. فماذا يبقى؟ قال سبحانه وتعالى ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) فإن أقبلَ عليك بوجهه بقيَ لك هذا الوجه، وبقيَ لك هذا الإقبال، مُمِداً بالعطايا الجزال وبما لا يخطر على بال، فافقه يا أيها الإنسان، وافقه يا هذا المُعطَى من قبل الرحمن، سمعاً وبصراً وعقلاً ووعياً وإدراكاً فيمَ سخرته؟ فيمَ استخدمته؟ لمن بذلتَه؟ أين ذهبتَ به؟ وماذا صنعتَ به؟ (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ*وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ*وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) ونادى سيد الكونين وقال (يا ابن آدم إنما هو نجدُ خير ونجدُ شر) فما بالك تؤثر نجدَ الشر على نجد الخير؟ ما يقطعك عن هذا النجد إلى ذاك النجد؟ أما كان الأليق بك أن تحوِّل وجهتك إلى ما يُرضي هذا الربَّ منك، وهو الذي وهب لك كل ما عندك (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) نعمة رمضان منه، ونعمة الصيام منه، ونعمة القيام منه، ونعمة القرآن منه، ونعمة السمع والبصر منه، ونعمة العافية منه جل جلاله، ونعمة النطق منه، ونعمة الحركة منه، ونعمة القيام والقعود منه، ونعمة المشي والقدرة بالمشي على الأرجل منه، ونعمة الطعام منه، ونعمة الشراب منه، (أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ * أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) يعني تقولون إنا لمغرمون خسرنا بلاش..
وقد كان للرجل الذي ضرب الله لنا به المثل في سورة الكهف، فجاءها من ربك سبحانه وتعالى ما أهلك جنتَه ومزرعته كلها وكان قبل يوم يقول (مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا) شان الغرور، كلُّ مُغتر بصحته أو بعافيته أو بعقله أو بأصحابه، أو بجماعته أو بهذه القاطعات عن الله تعالى..
سمعتم من أخيكم هذا الذي جاء من بلد الغرب وتربى فيها، ولكن حادي الإيمان والشوق جعله يبتهج فرحاً بالوصول إلى هذا المكان وإلى هذه البلدة/ ويعد ذلك في النعم له، وهي نعمة كبيرة لكنا فقدنا الشعور بها، فقدنا الإحساس بها، ثم يحذركم من هذا الذي بثوه ليقطعوا عن الله تعالى، من مثل هذه الوسائل التي يستخدمون فيها نعمةَ الله عليكم في أيديكم، ونعمة الله عليكم في أعينكم، ونعمة الله عليكم في أسماعكم، ونعمة الله عليكم في قوتكم وحركتكم، يدعونكم لاستخدام هذه النعم لهم لا له، ولما يريدون لا لما يريد، ولما يحبون هم لا لما يحب، ولما يرضيهم لا لما يرضيه جل جلاله، وماهم خلقوا لكم الأسماع ولا الأبصار، (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، اللهم ارزقنا شكرَك على هذه النعمة.
وذكر لنا مثل آخر لأصحاب الجنة في سورة القلم، يقول سبحانه وتعالى (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ * فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ) متواصين بما زيَّنت لهم أنفسهم من احتواء هذا الرزق، وهذه المادة كلها، ولا تفسحوا المجال للمحتاجين ولا للفقراء (أَن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ * وَغَدَوْا) في ظنِّهم وحسبانهم وتقاديرهم التي بارت وفسدت، (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا) وصلوا إليها، قالوا ما هذه بستاننا ما هذه حديقتنا ما هذه جنتنا، (إِنَّا لَضَالُّونَ)، غلطنا في الطريق؟ جينا مكان آخر؟ ما غلطنا في الطريق، هذه الطريق وذا المكان إلا هي تبدلت وزالت أشجارها وزالت ثمارها، (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ)، (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) فقدتم سر الصلة بربكم، فأنى تعوِّضكم بساتينكم؟ فأنى تعوضكم حدائقكم؟ فأنى تعوضكم مزارعكم هذه!؟ (أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) وكانوا ممن تذكر (قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) قال الله (كَذَلِكَ الْعَذَابُ) نذيقهم من العذاب الأدنى القليل، (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) فاحرص على سرّ الصلة بالله.
(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ) وهل اغتنيت في يوم وليلة عن هذا الماء؟ وكل يوم تشرب هذا الماء، وأين مصدر هذا الماء ومن أين جاء هذا الماء؟ أصحاب الأجهزة هذه خلقوه لك؟ الذين أغووك بأفكارهم الساقطة هم الذين أوجدوا لك هذا الماء؟ حياتك قائمة عليه، ومن أين جاء؟ (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ) شربت اليوم أو ما شربت؟ وأمس وقبل أمس، من أين؟ (أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) اللهم لك الحمد شكرا ولك المن فضلا.
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ) يطبخ بها طعامك كل يوم، وتقوم عليها مصالح حياتك ( أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً) لتتذكروا بها نارَ الآخرة، لتتذكروا بها نار العقاب لمن خالفنا وخرج عن أمرنا واتبع هواه، نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) حافِظ على الصلة، قم بحقِّ الصلة، ومهما يطرأ في الحياة فحافظ على سر الصلة بهذا الإله، شرفُك الأعلى عزك الأمجد، صلتك بالواحد الأحد الفرد الصمد، وما مهمة الصوم إلا أن يقويَ صلتَك بهذا الإله، ولا القيام إلا أن يقوي صلتك بهذا الإله، ولا مهمة القراءة وهذه المجالس والمجامع إلا لتقوِّي صلتَنا بهذا الإله الحق الحي القيوم الدائم الباقي، الكريم، (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ)، المتجلِّي الذي يلاطِف عبادَه، ويتنزَّل لعباده، ويُكرم عباده سبحانه وتعالى، سخر لنا مِن جنده الأعلى، من الملائكة مَن يحضرون المجامع ويذكرون الله معنا فيها ويؤمّنون على دعائنا، ويسائلهم من أين جئتم؟ من عند عبادٍ لك يسبحونك يقدسونك يمجدونك يهللونك، يقول لهم سبحانه وتعالى (هل رأوني؟) يقولون (ربنا ما رأوك)، يقول (كيف لو رأوني؟) يقولون (لو رأوك لكانوا أشد لك ذكراً وأشد تسبيحاً وتحميداً وتمجيداً) ولكن سر الصلة بالله حملتهم على ذلك، ماذا يطلبون؟ إلى أين تذهب أفكارهم في الطلب والرغب، إلى أين تنتهي؟ قصور، بيوت، منازل ديار فلوس سيارات طيارات فين تروح؟ قالوا الجنة! يسألونك الجنة، صارت مطامعهم ومطامحهم بهذه الصورة، تحرروا ما قطعهم شيء عما عظّمته وعمّا جعلته المآل والمرجع والعاقبة والمصير، (يسألونك الجنة) وخوفهم مم يطرأ عليهم، مم يستعيذون بي؟ يستكفوني ماذا؟ يستدفعون بي ماذا؟ يقولوا (يستعيذون بك من النار) ، (أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا وأعذتهم مما استعاذوا) يقول ملك (إلا فلان عبد خطّاء ما جاء لقصد الذكر وإنما جاء لحاجة وجلس معهم) يقول ربي (وله قد غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسُهم)، سر الصلة مِن المتصلين فاضت على غير المتصل فرجّعت المنقطع متصلا، رجّعت البعيد قريب، حوّلت الشقيَّ إلى سعيد، (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم)
هُداةُ الورى طوبى لعبدٍ رآهم وجالسهم لو مرة منه في العمر
ما تستطيعون تستشعرون عظمةَ المجالسة هذه، نحن في مثل ذا المجمع نجالس مَن؟ نحن في ذا المجمع نرافق مَن؟ نحن في مثل ذا المجمع نصاحب مَن؟ نحن في مِثل ذا المجمع نتصل بمَن؟ يقول ربي في حديثه القدسي (أنا جليس من ذكرني)، (إن لله ملائكة سياحين يلتمسون حلق الذكر يتنادون هلموا إلى بغيتكم) فمن جالسنا؟ جالسنا الحق، جالسنا ملائكته، جالسنا الأرواح الطاهرة، فيا ما أعجبها من ساعات لمن قُبلت له منّة عند الله سبحانه وتعالى، هي خير الساعات وأشرف الساعات، في هذا العمر وفي هذه الحياة، ساعات الذكر للحق وأن يذكرك الحق بما هو أهله، يصفيك وينقّيك ويرقّيك ويمحو آثامَك عنك، حتى لا تعثر بقدمك على الصراط، حتى لا تسود بها وجهك يوم القيامة، حتى لا تخفّ بها موازين حسناتك، جل جلاله وتعالى في علاه، ما أكرم معاملته من إله، فاز مَن حاز حسن الصلة بهذا الإله، فحافظوا عليها وأكثروا الاستغفار وهذه التنبيهات المشار إليها، بمثل قوله (كَذَلِكَ الْعَذَابُ) لكنه قال (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ) ما هو حاصل من إشكالات ومصائب وبلايا واقعة في الناس، تذكرة وتبصرة نرجع إليه، نقيم أمره سبحانه وتعالى، نحافظ على الصلوات، نحافظ على الفرائض كلها من حيث فرضها الإله الحق جل جلاله، ما جاءت بفكر مؤسسة، ولا بفكر حزب ولا طائفة.. أوامر من فوق من فوق من فوق، من الجبار، من العلي العظيم من الإله الحق، أحق ما انتبهنا منه وأقمناه في الديار والمنازل والقرى والمدن.
يقول عليه الصلاة والسلام ( ما من ثلاثة في بدو ولا في قرية لا تقام فيهم الصلاة جماعة أو لا يؤذَّن فيهم للصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان)، ومن يستحوذ منهم الشيطان؟ اللي قطع عنهم حبل الصلة بالله، (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، فمكِّنوا سرَّ الذكر لله بالقلوب وبالألسن، وبأعضائكم كلها اذكروه، إذا قلنا كلام فمعناه: ما أوتيتم من اختيار، ما أوتيتم مِن وجهة، ما أوتيتم مِن إرادة سخروها مع الكائنات في تسبيح الله وتقديسه وتحميده، وامضوا هناك، لا تختاروا الاعوجاج في الوجهة وفي الإرادة، وتسييرها إلى القواطع وإلى ما يحجزكم عن القربِ مِن حضرة الرحمن جل جلاله وتعالى في علاه، ومعكم الفرصة في القرب منه في كل ساعة من ساعاتِ أعماركم.
لذا قالوا عن كل نفس، كل نفس من أنفاسك جوهرة لا قيمة لها، لأنه في في هذا النفس يمكن أن تصل إليه، لأن في هذا النفس يمكن أن ينظر إليك، لأنه في هذا النفس يمكن أن يُدنيك من حضرته، لأنه في هذا النفس يُمكن يربطك بصفوته، لأنه في هذا النفس يمكن يُصلح قلبك، لأنه في هذا النفس يمكن يغفر ذنبَك، فكلُّ نفس لا قيمة له، سخِّره حيث الاستمطار لرحمة الغفار، سخِّره حيث الارتباط بالنبي المختار، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم احفظ علينا أنفاسَنا واحفظ علينا ساعاتِنا وأوقاتنا، وارزقنا قوة الصلة بك، وزِدنا قوة صلة بك في القول والفعل والنية والعمل، يا أرحم الراحمين. رعى أربابَ مَن سبقت لهم الصلة به رعاهم من القدم ولما برز العدو إبليس القاطع الحاجز يقول، (لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً) احتناك، احتناك يحتنك به البشر، (قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ) هذا اللي يصلِّح بالناس، هذا الذي يعمل بالدول وبالشعوب، هكذا يصلِّح، هذا الذي يعمل بأكثر المؤسسات على ظهر الأرض، (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ) صلح لهم مواعيد، (وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) أعلن له إعلان، قال أهل الصلة بي ما تقدر عليهم (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)، أنت واستفزازك وصوتك وخيلك ورجلك ما تصل لهؤلاء، ما تقدر على هؤلاء، (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وما الحقيقة في هذا؟ وما السر؟ (وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً)، قال الله لأن صور الأسباب لم تُخرج شيئاً من ملكي عني إليها ولا ذرة، (رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) جل جلاله وتعالى في علاه. ما هو أنتم ولا البحر من خلقكم ولا قانون جريان السفن على البحر من خلقكم، اليوم يستعملون البر والبحر في ما سخره الله، ليخدموا به نفوسَهم وليعصوا الحقَّ سبحانه وتعالى، لا هم خلقوا قانون البر ولا خلقوا قانون البحر، ولكن استخدموا ما سخّر الله لهم في معصيته وفي ما يخدمون به أنفسَهم في مخالفة شريعته، ويصنعون السفن وغيرها في البحار، ويعصون الله ويصنعون الدراجات والسيارات والطائرات في الجو ويعصون الله تعالى، لا خلقوا الجو ولا خلقوا قانون الجو، ولا خلقوا البر ولا خلقوا قانون البر، ولا خلقوا البحر ولا خلقوا قانون البحر، خلقه هو، فبِم يعصونه؟ في خلقه! (إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ) ومن تبع الكافرين في غرور، يقول جل جلاله وتعالى في علاه (سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) يقول سبحانه وتعالى (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا) ولا شي من حقكم التكنولوجيا ذلل الأرض؟ هي من تذليل الله للأرض قدرتم على ابتكارها واختراعها سخروها في طاعته لا في معصيته! في ذكره لا في الغفلة عنه! (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ * أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) طائفة بعد طائفة وأمة بعد أمة، والذي قال كذا والذي قال كذا، من أمراء ومن مأمورين ومن وصغار ومن كبار ومن ذوي أموال تكلموا وقالوا وفعلوا .. مضوا، يقول سبحانه وتعالى (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ * أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ) من هو؟ ايش من قنابل؟ إيش من نوع من الأسلحة ينصركم من دون الرحمن؟ لو أراد تضربها بيردها في كذا، (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ) شوفوا في واقع الخلق قديماً وحديثاً وإلى اليوم، كم يُقصد بها من إنسان فتذهب جنبه، وواحد بعيد هناك تصيب رأسه!! لأنه في الكون ملك، لأنه في الكون مقدِّر ومدبِّر ما هي الرصاصات ولا القنابل تدبِّر الكون، فوقها مُدبر جل جلاله، وسائل كل أحد عما ضرب وعما أخذ وعما أعطى وعما استلم، سائله، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)، ولو أعطاك خاتم سألك عنه، ولو أعطاك سبحانه وتعالى نظَّارة سألك عنها، أعطاك قلنسوة سألك عنها، وإذا أعطاك مدفعية ما بيسألك؟ وهي أخطر في أثرِ عباده، وإذا أعطاك بندقية ما بيسألك؟ بيسألك سبحانه وتعالى عن الصغير والكبير، لِم ولمَن ولماذا وكيف؟ كيف قمت بها؟ كيف تصرفت فيها؟ كيف فعلت بها؟ (ولا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة) يعني من على الصراط عند المرور، ما تزول سواء بالعبور إلى الجنة أو في السقوط في النار (حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه)، وبعد السؤال عن العمر بإجماله فترة الشباب، يقول من ساعة بلغت إلى أن وصلت إلى الأربعين فين كنت ماذا كنت تعمل في ذي الفترة خاصة؟ (وعن شبابه فيما أبلاه وعن عِلمه ماذا عمل فيه، وعن مالِه من أين اكتسبه وفيم أنفقه) بلاغ واضح من رسول الله، بلاغ واضح من المأمون على الرسالة صلى الله عليه وسلم، واستعد للسؤال من جواب، ولا يُقبل في الجواب في المآب إلا الصواب.. فيارب ثبتنا ويارب ويارب خذ بأيدينا، وأصلِح ظاهرنا وخافينا، أقيموا فرائضَه وعظّموا أمره للصلة به.
قالوا ما سميت الصلاة صلاة إلا لأنها صلة بين العبد وبين ربه، أدوا حقوق الوالدين أدّوا حقوق الأرحام والأقارب والجيران، ابتعدوا عن النظر الحرام، ابتعدوا عن فعل الحرام، ولا تغفلوا إذا جاءتكم مناسبة، كاشف العورة كشفها ومتغني بالكلام المجون والسفاهة تغنى وتكلم وما كأن فوق الناس أحد!! وما كأن فوق الكون مكون، ولا كأن هناك آيات نزلت ولا توجيهات توجّهت، (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)، قل للمؤمنين وقل للمؤمنات (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)، وفي قول من أرجح الأقوال، في معنى إلا ما ظهر منها، حجمها وشكلها، يعني طولها وعرضها، هذا ما تقدر تغطيه، تطول نفسها زيادة ولا تقصر زيادة ما تقدر.. قال هذا الذي ظهر هو الذي جاء فيه الإذن، لما خرجت سيدتنا سودة عليها رضوان الله بعد فرض الحجاب، قبل الحجاب كان يلهج سيدنا عمر حتى نزلت آيات الحجاب ونزلت، سودة لكونها طويلة ومتينة، لما خرجت لقضاء حاجتها قال سيدنا عمر: "انظري يا سودة كيف تخرجين فإنك لا تخفين علينا"، أنت معروفة، وهي مستورة بالكامل لا شي يظهر منها، حتى وجهها مغطى.. فرجعت إلى النبي، وهو في بيتها يتعشى، وحامل العظم بيده، وقف اليد والوحي نزل، ولما فتر عنه قال: إن الله أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن، يكفي هذا الحجاب، هذا هو تفسير، (إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا )، إن الله أذن لكن أن تخرجن لحاجتِكن، فاخرجي في هذه الصورة التي رآها صلى الله عليه وسلم، لائقة.
يقولون لما نزلت آية الحجاب أصبح النساء في المدينة كأنهن الغربان السود، لا يُدرى أهي مُقبلة أم مدبرة، هذا الحياء وهذه الحشمة، وهذه التربية، علمنا إياها الوحي، علمنا إياها النبي، لكن هذا التسفُّل والتهتُّك والسفور من علمنا إياه؟ من أين مصدره؟ انظر فين تمشي مع أي مصدر؟ ما زينه لنا إلا فسَقة مِن شرار اليهود ومن شرار النصارى، هم الذين زينوا هذه الأشياء، ودعوا إليها وجعلوا لها الموضات وجعلوا لها الدعايات، وجعلوا لها حركة في أوساط المسلمين.
كان عندنا العواصم الكبيرة في بلاد المسلمين مثل عدن، مثل القاهرة، كان البيوت عندهم اللي تسكن فيها العوائل حقها النوافذ مرفوعة فوق لا حد يشرف إلى الشارع، ما يشرفن إلى الشارع نسوانهم، مرت على ذلك قرون وعدن بهذا الحال، والقاهرة كانت بذا الحال، وجاءت لهم فرنسا وبريطانيا وقوم من دعاة الكفر، وانقلب الحال، وتغيّر الحال، ونشاهد هذا في بلدنا هذه، ينحدرون من حال إلى حال، وفي ما حوالينا، بلاد العرب، ما تكاد تقدر تقارن بين 20 سنة وما بعدها، ما تقدر، يوجد فرق كبير، ما هو وحدة ولا اثنين فرق كبير، في حيائهم، في حشمتهم، في أدبهم، كان الانصياع لفوق، صاروا ينحدرون إلى تحت، مصدر هذا الحجاب وهذا الحياء وحيٌ من السماء، وختم للأنبياء، وصفوة من الرسل، هذا مصدره، أقامه فينا، لكن مصدر هذا التهتُّك ومصدر هذا التساهل من أين؟ من شرار العباد، من شرار الخلق، من كبار فساق اليهود والنصارى ومن استجاب لدعواتهم والقوم الذين أشار إليهم ربي في كتابه، (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا)، يريدوننا أن نميل والعياذ بالله تعالى ولكن إرادته سبحانه وتعالى تغلب إرادتَهم، ويكفينا الله شرهم، ويصلح رجالنا ونساءنا وصغارنا وكبارنا، ونكثر استغفار ونكثر صلاة على النبي المختار، ونكثر السؤال والتضرع نوصيكم بذلك، استدفعوا البلايا وبالعطف على بعضكم البعض وبالرحمة على بعضكم البعض، وبهذا المنهاج يتقوم الاعوجاج، وينزل الغيث الثجاج، ويكشف الله البلايا والآفات، ويحوّل الأحوال إلى أحسن الأحوال والحالات، والله يثبتنا وإياكم وينظر إلينا وإياكم، ويسعدنا وإياكم، ويجعل هوانا تبعاً لما جاء به خاتم الرسالة، ويرزقنا الاستدلالَ بتلك الدلالة، يارب ثبتنا على اتباعه، واجعلنا في خواص أتباعه، وأشرِق لنا نور شعاعه، واجعل هؤلاء أجمعين وأحبابنا ومَن يسمعنا وذوي الحقوق علينا مِن جندك وجنده، وأهل حبِّك وحبِّه وودك ووده.
يا أرحم الراحمين، ارحم أيدينا التي أكرمتَها بالامتداد إليك، ولو مددتَها إلى غيرك لذلت وامتدت، ولكن يا مَن شرفتها بالامتداد إليك، والحال لا يخفى عليك، ها نحن بين يديك، والأمر كلُّه منك وإليك، ولا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، فارحمنا رحمةً تعزُّنا بها في الدنيا والآخرة، وتدفع بها عنا الشرورَ الباطنةَ والظاهرة، وتقيم بين الأمة مسلكَ الهدى، ورايات الحقِّ الصريح في ما خفيَ وفي ما بدا، وتدفع عنا الآفات والعاهات والبليّات.
يا محوّل الأحوال حول حالنا إلى احسن حال، وانظر إلينا وإلى أهل بلداننا وإلى إخواننا في عدن وفي تعز وفي صنعاء وفي الشرق والغرب، نظرة تدفع البلاء هذا والشرور والآفات والخوف والشدائد والقحط والغلاء والوباء، والقتل والسفك والهدم والضر والأذى بجميع أنواعه، وبجميع أصنافه وحوِّل ذلك إلى أمن، إلى طمأنينة، إلى استقرار إلى رخاء إلى منَّة إلى نعمة إلى مِنحة إلى توفيق، إلى توبة إلى صدق إلى سرور إلى خيور، إلى حبور إلى عطاء موفور يا مُعطي العطايا الجزيلة، لا تعاملنا بما نحن أهله، ولا بما فعل السفهاء منا، وعاملنا بما أنت أهله في الحسّ والمعنى، يا الله.
وكلنا نسأل الله، ونلحُّ على الله، وندعوا الله، وأيدينا ممدودة إلى الله، وقلوبُنا متوجهة إلى الله، نسألك حسنَ الصلة بك، نسألك قوةَ الصلة بك، نسألك دوامَ الصلة بك، نسألك دوامَ الارتقاء في الصلة بك أبداً سرمداً، يا الله، لا تقطعنا أرضٌ ولا ما فيها، ولا سماء ولا ما فيها، ولا دنيا ولا آخرة، عن قصدِ وجهِك الكريم، وعن الأدب معك يا عظيم، وعن القرب منك يا من هو أقرب إلينا من حبل الوريد، قرِّبنا، والقواطع التي تقطعنا اقطعها عنا، وأبعِدها منا، وعامِلنا بفضلك يا الله.
أظهِر علينا وعليهم وعلى مَن يسمعنا وعلى هذه الأمة آثارَ قبولك لرمضان، وما كان من صيام وقيام وتلاوة للقرآن، وما كان من الحسنات، اجعلها مقبولة، وأرِنا آثارَ القبول، في الوجهات والنيات والمقاصد والأحوال، والبلاد والعباد والديار والمنازل والمساجد والأسواق والمزارع والمصانع وكل شؤوننا وأحوالنا، يا حي يا قيوم، حتى نرى أثرَ البركات، تفتحها من جميع الجهات، يا من قلت ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ)، أيدي الفقراء الضعفاء المحتاجين المقصِّرين الذين علموا أن لا إله غيرك ولا ربَّ سواك المعترفين بما كان منهم، عبيدك، وفقراؤك وسائلوك امتدت إليك، أن تُنزل علينا البركات من السماء والأرض، ولا تُخزِنا في يوم القيام والعرض، يا الله.
أنت سعيد بقولك يا الله، هل تعرف من هذا الذي تناديه؟ تعرف من هذا الذي تلهج باسمه؟ ما تشرفت بمثل يا الله، الله يشرِّف بها قلوبكم، الله يشرف بها ألسنتَكم، الله يشرف بها أرواحَكم، الله يشرف بها أسرارَكم، يا الله، يا الله، يا الله، أنت العظيم، وجودُك عظيم، ومنُّك عظيم، وفضلُك عظيم، تؤتي فضلَك مَن تشاء، وأنت ذو الفضل العظيم، يا عظيم، يا عظيم، هب لنا الفضل العظيم، والحظ العظيم، واغفر لنا الذنب العظيم، إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم، نستغفرك لنا ولمن في ديارنا، ولأهلينا وجيراننا، ولأصحابنا، ولأحبابنا، ومن يسمعنا، وأهليهم وأولادهم، ولجيرانهم، وللمؤمنين والمؤمنات، نستغفرك نستغفرك نستغفرك لنا ولهم أجمعين، فاغفر يا غفار، واستر يا ستار، وامنن يا جبار، وارفع الشدة والبلاء يا قهار، يا الله، أصلح الديار، ومَن في الديار، وأصلح الأحوال والأطوار، وادفع عنا الشرَّ والأشرار واحمِنا من جميع المضار، يا كريم يا غفار، يا الله، يا الله.
وبصدق اللجاء جميعاً قولوا له يا الله، يارب لا أرحم بي وبهم منك يا الله، لا أرحم بي وبهم منك يا الله، لا ارحم بي وبهم منك يا الله، فيا مَن هو أرحمُ بنا مِن أنفسنا، زكّ أنفسَنا وأصلح أنفسَنا، واكفنا شرَّ نفوسنا وآتها تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليُّها ومولاها، ادفع البلاء، ادفع الفتن، ادفع المحن، ادفع الشرور، ادفع الآفات، ادفع كلَّ محذور، يا الله ، ثبت القلوب، اغفر الذنوب، استر العيوب، اكشف الكروب، عامِلنا بالفضل، وما أنت له أهل، يا الله، وجوه جمعتَها هنا فاجمعها هناك، في ظلِّ عرشك على حوض نبيك، تحت لواء الحمد وفي دار الكرامة، وفي مستقرِّ الرحمة، وفي الجنات، وأعالي الدرجات، يا الله.
لا تجعل فينا ولا معنا ولا في مَن يسمعنا شقياً ولا محروماً ولا محجوباً ولا مطروداً ولا معذَّباً، ولا مَن تُعرِض عنه يا الله، شرّفنا بالإقبال علينا حتى نذوق لذة صدق الاقبال عليك، أذِقنا بردَ عفوك، وحلاوة رحمتك، ولذة مناجاتك، أذِقنا برد عفوك، وحلاوة رحمتك، ولذة مناجاتك، أذقنا برد عفوك، وحلاوة رحمتك، ولذة مناجاتك، يا الله، حالية.. أذاقكم الله حلاوتها، حالية أذاقكم الله حلاوتها، يا الله، كن لنا ولهم بما أنت أهلُه هنا وهناك يا ملكَ الأملاك نجّنا مِن كل هلاك، وزِدنا من كل خير، وادفع عنا كلَّ ضير، وارزقنا حسن السير، في طريق مَن أحببتَ من أهل الخير، يا الله، يا الله، يا الله، يا أكرمَ الأكرمين، نسألك لنا ولهم مِن خير ما سألك منه عبدُك ونبيك سيدُنا محمد ونعوذ بك مما استعاذك منه عبدُك ونبيك سيدنا محمد وأنت المستعان وعليك التكلان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم..
والحمدلله رب العالمين.
15 شوّال 1436