(229)
(536)
(574)
(311)
محاضرة الحبيب عمر بن حفيظ في ليلة ذكرى المولد النبوي الشريف 12 ربيع أول 1437هـ في دار المصطفى بعنوان: ذكرى رسول الله ومعاني الصلة والمحبة.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدِك المصطفى سيدِنا محمد وآله وأصحابه وأهل حضرة اقترابه مِن أحبابه، وعلى جميع آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلى ملائكتِك المقرَّبين وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وإذا صلّى اللهُ تبارك وتعالى على عبدٍ من عباده فرحِمَه فقد أكرمه، وبإكرامِ الحقِّ تبارك وتعالى للعبد يُخلِّي هذا العبدَ عن ما لا يُحِبُّه، ويصفِّيه عما لا يرضاه، والمعنى في ذلك أنه يربطه بصفوتِه الذي صلّى عليه، ووعد أن يصلّيَ على الخلق إذا صلُّوا عليه، مشيراً إلى أنه مفتاح باب صلاتِه ومفتاح باب رحمتِه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. وسمعنا خطابه في الكتاب العزيز: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) صلى الله وسلم وبارك عليه وآله وأصحابه.
وسمعنا خبرَه من ( مَن صلّى عليَّ مرةً واحدةً صلّى الله بها عليه عشر صلوات ) وكذلك وردَ في شأن التسليم، حتى أصبح نبينا يُرى في وجهِهِ البِشر مِن فرحه لأمته بصلاة الله عليهم بواسطته ( ألا يرضيك أنه لا يصلي عليك أحدٌ مِن أمتك إلا صليتُ عليه عشرا ولا يسلِّم عليك أحد من أمتك إلا سلمتُ عليه )
فالحمد لله على هذه النعمة.. اللهم أتمَّها علينا، اللهم أتمَّها علينا، اللهم أتمَّها علينا..
وتمامُها بالمرافقة لهذا النبي في دار الكرامة ومستقرِّ الرحمة بعد المرور معه على الصراط، والاستظلال بظل لواء الحمد الذي يحمله عليه الصلاة والسلام، والورود على حوضه المورود، اللهم أتمَّ علينا النعمة برحمتك يا أرحم الراحمين.
وتذكر الأمة ميلادَ نبيها في شرق الأرض وغربها منَّةٌ من مِنَنِ الله امتَنَّ بها عليها، ترتبت عليها أنواعُ المنن وأنواع المواهب وأنواع العطايا، على الميلاد الكريم ترتبت النشأة على الميلاد الكريم بحُكم إرادةِ الله وترتيبِه الأسباب، ترتبت البعثة على الميلاد الكريم ترتب الإسراء والمعراج، على الميلاد الكريم ترتب البلاغ والأداء للأمانة والبيان للحق والحقيقة، على المولد الكريم ترتبت الغزوات كلها، على المولد الكريم ترتبت ليالي دعائه لأمته وليالي استشفاعه لأمته وليالي سؤاله الحق في أمته، على المولد الكريم ترتبت جميع العطايا التي مُنحت للأمة.. صلى الله على نبينا المصطفى محمد.
وصدق سيدنا العباس وهو يقول :
وأنت لما وُلِدْتَ أشرقت الأرض** وضاءت بنورك الأفقُ
فنحن في ذلك الضياء وذلك ** النور وسبلَ الرشاد نخترقُ
صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ونوَّرنا بهذا النور أعظمَ التنوير وأرفعَه.
إذ تتذكر الأمةُ ذلك يجب عليها أن تُحسِنَ النظرَ في صلتِها بحبيب إلهها المالك، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فإنه عنوانُ صلتها بإلهها، جل جلاله وتعالى في علاه.
كذب ثم كذب مَن يدَّعي صلة بالله مع انقطاعٍ عن محمد بن عبدالله، لا يتصل بالله في الدنيا ولا في الآخرة من انقطع عن نبيه المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام.
وإن كانت صلة الملائكة بكل مَن أحبه الله، حتى ينادي فيهم جبريل بأمر الله: إن الله أحبَّ فلاناً فأحبوه، فيكون مِن دين الملائكة وعبادتِهم في السماوات أن يحبوا المحبوبين لله، فما تقول في أحبِّ المحبوبين وسيد المحبوبين؟ هل من دينٍ مِن غير محبته؟ هل مِن دين مِن غير تعظيمه وقوة الصلة به؟ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم..
الملائكة في السماوات يدينون بمحبة المحبوبين عامة وخاصتهم خاصة، أما الرأس .. أما الأساس .. أما الأصل .. أما الأجَل .. أما الأكبر .. أما الأحب .. أما الأقرب .. أما الأطيب فاسمُه منقوش على قوائم العرش أمام أعينهم، إذا امتدت أعينهم إلى عرش الرحمن فاسمه مع اسم الرحمن صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
فمن ذا من الملائكة لا يَدينُ الله بتعظيمه ؟ من ذا من الملائكة لا يَدينُ الله بإكرامه وإجلاله ؟
فالدين قائم على إجلال ما أجلّ الله ومن أجلَّ الله، ولسنا نعلم فيمن أجلّ وما أجل الحق أجلَّ من محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فمن كان عنده عِلم فليُظهره، لا نعلم فيمن أجلّ الله وكرَّمَ الله أكرم ولا أجلّ من محمد، لا نعلم فيمن عظَّمَ الله وشرَّفَ الله أعظم وأشرف من محمد.. ومن صاحب المقام المحمود ؟ ومن القائل أنا لها ؟ ومن صاحب الوسيلة؟ فمن هذا الذي أكرم، من عنده علم فليُظهِره؟
فإذا كان هو الأكرم، وإذا كان هو الأعظم كيف لا ندين الله بإكرامه، كيف لا ندين اللهَ بتعظيمه ؟ كيف لا ندين الله بالفرح به وبذكره وسيرته وأخباره ومولده ورضاعه ونشأته وتربيته وتنقُّله في مراحل عمرِه وتلقِّيه الرسالة وبلاغه وإسرائه ومعراجه وصبره ودعوته وقيامه وصيامه وشكره ولباسه وهديه وأكله وشربه ودخوله وخروجه ونومه ويقظته وإعطائه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومنعِه وسفره وإقامته وغزواته وبياناته وتعليماته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، كيف لا نفرح بها ؟ كيف لا نعظِّمها ؟ فما معنى الولاء إذن ؟ وما معنى الإكرام إذن ؟ وما معنى المحبة إذن ؟
ورضي الله عن سادتنا الصحابة الذين فقهوا هذه الحقيقة، فعظموا خير الخليقة، فنظرَتهم الأعين في أزمنتهم وقالوا: ما رأينا أحداً يعظِّم أحداً كما يعظِّم أصحاب محمدٍ محمدا، وقالوا ما رأينا أحداً يحب أحداً كما يحب أصحاب محمدٍ محمدا، نطقت بهذا ألسُن الكفار قبل إسلامهم، وهم يقولون ما رأينا تعظيماً في العالم كتعظيم هؤلاء لمحمد، وأنتم تعلمون أصحاب كسرى وقيصر ومبالغتهم في التعظيم لملوكهم، ومع ذلك قالوا وفَدنا عليه ولكن ما رأينا مثل هذا التعظيم ..
فما وصفُ الصحابة فعند هؤلاء!؟ مبالغون زيادة !؟ وفدوا على الملوك الذين كانت الاعاجم تقدِّسهُم تقديسا كبيرا فقالوا ما رأينا أحد يعظِّم أحد كما يعظِّم أصحاب محمد محمداً .. صلوات الله وسلامه عليه وملأنا بمحبته.
فمن كان يعلم معنى هذا القدر، فلينتبه من شان المآل في المرافقة لهذا المصطفى، أن يكون مآله المرافقة، وكيف ذلك ؟ بانتباهه مما جاء به وما بلَّغهُ وما أرشد إليه، انتباهه من الفرائض، ينتبه من مثل هذه الليلة في ذكرى المولد إلى آخر عمره إلى أن يلقى الله تعالى من الفرائض التي جاءت على يد هذا النبي، وليست الفرائض محصورة في الصلاة والصوم والزكاة والحج لمن استطاع سبيلا، هذه فرائض ما أعظمها، عليها قام الإسلام، وفريضة حفظ العين من النظر الحرام، فريضة حفظ العين من النظر الدنيا بعين الاستحسان والإكبار، وفريضة حفظ اللسان من الكلام الفاحش، فريضة بر الوالدين، فريضة صلة الرحم، فريضة الصدق في المعاملة، فريضة تطهير القلب عن المحرمات التي حرّمها الله من كِبِر من عجُب من غرور من رياء، فريضة من الفرائض، انتبه من الفرائض وأحسِن أداءها وقُم بحقها كلها..
فإذا قمت بهذه الفرائض التي فرضها الله عليك فدونك سنة محمد، بها تقرب إلى ربه، بها تنال محبةَ الملك القدوس، وأي شيء أعلى منها، وأي شيء .. أن يحبك الله، رب العرش خالق كل شيء، يحبك !؟ يحبك باتباعه ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )
فتنتبه من سننه الكريمة، تنتبه من هذه الليلة من سنة الجماعة والمحافظة عليها، إدراك تكبيرة الاحرام مع الإمام في كل صلاة، من الليلة إلى إن تموت، إن كنت ترغب في اللقاء، إن كنت تحب المرافقة، إن كنت تهوى الخلود معه في الجوار الكريم، سنة قيام الليل، ما حالك معها؟ ما نصيبك منها؟ هو قام حتى وَرِمت قدماه، وخوطب من قبل المولى ( قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا )
فهل شابهته ؟ وهل تعلقت بسنته هذه ؟ فيمَ تمر عليك ساعات الليل ولحظات الليل؟ لك نصيب من حُسن القيام بين يدي الملك العلام، وتدبُّر كلامه خير كلام؟ وإطالة السجود بين يديه؟ وخصوصاً في الخلوة إذا تيسرت لك، وحيث لا يراك إلا هو جل جلاله وتعالى في علاه.
سنة الصدقة، سنة الإبتسامة في وجوه المؤمنين، سنة لين الكلام ولين الجانب، سنة قضاء حاجات المحتاجين، سنة عيادة المرضى، وهكذا سننه الكريمة تأتيك في حياتك لتربطك ولترقِّيك وترفع مرتبتَك، ولتوصلك، ولتفتح لك أبوابَ المواصلة حتى تدرك المحبوبية فتكون محبوباً للرحمن، تكون محبوباً لمن؟ للإله، تكون محبوباً لمن؟ للحي القيوم، للعلي العظيم، للواحد الأحد، لرب العرش العظيم، لملكِ السماوات والأرض، ولا تحصِّل محصول خير من هذا، ولا اشرف ولا أجل، فلا يضيع عمرُك في غفلة عن حسن القيام بالفرائض والقيام بالسنن، حتى تأتي إلى سنة ترك الفضول، سنة الزهد في الفضول من كل المباحات، وتأخذ من المباحات ما يُعينك، ما يُزينك، وما يُساعدك وما تحسن صرفَه في مرضاة ربك، ودونك بعد ذلك العطاء الأوفر والمَنِّ الأغمر من حضرة العلي الأكبر جل جلاله القائل ( مَن تقرَّب إلي شبراً تقربت إليه ذراعا، ومن اقترب إليَّ ذراعاً اقتربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة )
كلام مشوِّق مرغِّب مذوِّق مُطرب، محرِّك للقلوب والأرواح، لمن أدرك مصدرَ هذا الكلام، ومن أين جاء هذا الكلام، ومن بخاطبك بذا الكلام؟ نفسك تخاطبك فتأخُذَك، قنوات تخاطبك فتأخُذَك، صحف تخاطبك فتأخُذَك، أصدقاء يخاطبونك فيأخذونك، الله يخاطبك ما يأخُذَك !! أما تحتفل بخطابه، ما تدرك سر كلامه، ما تلبي وتستجيب لدعوته جل جلاله وتعالى في علاه يقول ( إذا اقتربتَ إلي شبراً اقتربت إليك ذراعاً ) ما هذا الكلام، ما معناه؟
لا لا تعشق سواي، لا تتعلق بمَن عداي، لا تلتفت إلى غيري، مَن يُربحك كما أربحك؟ من يُسعدك كما أسعدك؟ من يعطيك كما أعطيك؟ إله حق، إله عظمة، إله كرم، إله إحسان وهو الغني عنا، وغيره لا يستطيع أن يحسِن إليك ظاهراً ولا باطنا، ولا مثقال ذرة إلا بأمره، وبتسخيره جل جلاله، ثم مهما جرى لك الإحسان مِن غيره فالغير منقطع وإحسانه منقطِع، لكنه هو إذا أحسن إليك فهو الدائم وإحسانه دائم، كيف لا تعشقه!؟ كيف ما تتحرك منك العواطف والمشاعر على التولُّع بهذا الإله والإقتراب من حضرته وطلب الصلة الكريمة به؟ لتسمو حقيقةَ السمو الذي لا يساويه شيء مما على ظهر الأرض ( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) والنهاية ( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً ) ولا ذرة ولا أثر، والله لن يبقى على ظهر الأرض قصر، ولن يبقى على ظهر الأرض برج، لن يبقى على ظهر الأرض حصن، لن يبقى على ظهر الأرض بيت، لن يبقى على ظهر الأرض نخلة، لن يبقى على ظهر الارض شجرة ( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً ) ( وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ) ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لاّ تَرَىَ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً )
مَن رفع مِن عليها شيء فنهايته أن يُخفض وينتهي، لكن من رفعه الله، من رفعه الله مرفوع برفع الله أبد الآبدين ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) إذا تأدبتم فإن أول الآية ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ )
أذا قمتم بامتثال الأوامر حصل الرفع ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ) فإن هذا الفعل مجزوم على أنه جواب الشرط، مُتَقدِّم قبله الأمر، إذا فعلتم هذا الأمر ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ) المتأدبين ( وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) المتأدبين بهذه الآداب ( دَرَجَاتٍ ) ومَن لا تأدب ما له نصيب في الرتب، ولا قُرْب من الرب.
وبلعام بن باعورة معروف، وعُبّاد من الذين كان مآلهم سوء المصير معروفين، ولكن من تأدب مع الله، من تأدب مع رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم هم الذين يرفعهم الله سبحانه وتعالى في الدرجات العلى.
الله يبارك لنا وللأمة في هذه الذكرى، ويحيي حقائق الإتصال بسيد أهل الدنيا والأخرى، ويرزقنا ولاءه في الله، فإن الله سبحانه وتعالى ما فرض علينا محبةَ أحد كما فرض محبةَ محمد من خلقه اجمعين، ولا أحبَّ منا أن نحبَّ أحداً كما نحبُّ حبيب الله محمدا، فهو المقدّم وهو الأول ( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) اثنين ونُصرَه لهما ( وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ )
إذا ما تحبهم وتنصرهم فالآباء والأبناء والإخوان والعشيرة والأبناء والأزواج والأموال والتجارات والمساكن بئس بها وهي هلاك لك وتربَّص تهديد من ربك .. ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ) وأنت في أهل الفسق ( وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )
إذا قدَّمت مال إذا قدّمت تجارة إذا قدمت مساكن اذا قدّمت آباء إذا قدمت إخوان إذا قدّمت أزواج، إذا قدّمت عشيرة وحدة من الثمانية تقدّمت على محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله فأنت مهدَّد، فتربصوا، تهديد عُلوي كبير، ليس من مخابرات، ليس من دول، الدول ضعيفة أمامه لا تساوي شيء، تحت أمره، لكن هذا من الجبار الأعلى ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ ) وتنظر النتيجة، نتيجة إيثارك للغير، نتيجة تقديمك لمالك أو لتجارتك أو لعشيرتك أو لآبائك أو لأبنائك أو لإخوانك أو لأزواجك،، تقديمهم على الله ورسوله، تقديمهم على الجهاد في سبيل الله ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) مشير إلى أن من ارتضى ذلك فقد فسق، وقد خرج عن دائرة الهدى.
اللهم ارزقنا كمال الإيمان وانظر إلى الأمة في هذه الليلة نظرة تخلِّص بها قلوبهم من شبكات الوقوع في مهاوي الضلالات والاغترار بالكفار والفجار على ظهر الأرض حتى برز للعيان تحكُّمهُم فيهم وصاروا مرجعيتهم، ولا يصلحون مرجعية لمن آمن بالله ورسوله، فيا رب انقِذ المؤمنين، يا رب خلِّص المسلمين، يا رب ردّ كيدَ الكافرين في نحورهم وادفع عنا وعن الأمة جميع شرورهم، وانشر هدايتك في البرية وأرِنا رايةَ خير المرسلين منصورة ظاهرة زهية علية، في جميع البقاع والأقطار يا كريم يا غفار يا أرحم الراحمين.. والحمد لله رب العالمين.
12 ربيع الأول 1437