(228)
(536)
(574)
(311)
دعاء العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في قنوت الوتر، ليلة الإثنين 19 رمضان 1444هـ
اللهم {رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَة وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
{رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَیۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةً إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ}
{رَبَّنَاۤ إِنَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
{رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ}
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَ ٰنِنَا ٱلَّذِینَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِی قُلُوبِنَا غِلّا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ رَءُوف رَّحِیمٌ}
اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَن عَافَيْتَ، وَتَولَّنَا فِيمَن تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ؛ فَإنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقضَى عَلَيكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَن عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى مَا قَضَيْتَ، نَسْتَغْفِرُكَ ونَتُوبُ إلَيْكَ.
اللهم إنهُ سبقت مِنك السعادة لأقوامٍ مِن خلقك، فوهبتهُم حقائِق شهادة أن لا إلهَ إلا أنتَ وأنَّ محمداً عبدُك ورسولك، فنسألك اللهم ونتضرّعُ إليك ونبتهل أن تجعلنا مِن خواصّ من رزقتهم هذه الشهادة، وحقّقتهُم بِحقائقها، ورفعتهم في مراتبها، ومكّنتَهُم في التحقُّق بها، وكشفتَ لهم عن أسرارها، يا من لا إله إلا أنت حقِّقنا بِحقائق لا إله إلا الله، واكشف لنا عن أسرار لا إله إلا الله، ومكِّن قلوبنا في شهادةِ أن لا إله إلا الله، حتى نوقِنَ أن لا معبودَ إلا الله، وأن لا مقصودَ إلا الله، فنتحقَّق بأن لا نقصُد إلا وجهك الكريم، في جميع ما نقول وننوي ونفعل ونعتقد ونتحرّك ونسكُن.
يا الله، حقِّقنا بحقائق لا مقصود إلا الله، اللهم وارزقنا شهودَ أنّ كُل ما سِواك خلقُكَ وصَنْعُك وفِعْلُك، وأنك الموجود الحق الذي لك الوجودُ المُطلقُ، وليس لِوجودك ابتداءٌ ولا سببٌ ولا علّةٌ، وما سِواك فَعِلَّتُهُ أَنْتَ أَوجَدْتَه، وأنت خلقته، وأنت قدَّرْتَه، فحقِّقنا بحقائقِ شهود أن لا موجود إلا الله، يا موجودَ الحق، يا ذا الوجود الحق، يا ذا الوجود المُطلق، يا ذا الوجود على الحقيقة، ما سِواك صَنعُكَ تُفْنِيْهِ متى شئت، وتتصرّف فيه كما شئت، فحقِّقنا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن لا موجود إلا الله.
وإنك تُنْعِمُ عليهم بعد أن تُذيقهم لذائذَ هذا الشهود الأسنى، بأن لا تجعل لهم مشهوداً سِواك حِسًّا ولا معنى، وتتولّاهم بما أنت أهلهُ ظاهراً وباطناً، فيحيَون لا مشهودَ لهم إلا الله.
يا الله؛ حقِّقنا بحقائقِ لا إله إلا الله، وأن لا مشهودَ إلا الله، يا الله، لا تجعل حظّنا مِن لا إله إلا الله نُطقاً باللسان، ولا تصوّرًا بالأذهان، ولكن حقائق إيقان، وحقائق عرفان، ومراتب تدانٍ، وشهوداً لك يا ذا الامتنان، يا الله يا الله يا الله، حقِّقنا بِحقائقِ لا إله إلا الله، واجعلنا من خواصِّ أهلها لديك، القائمين بِحقِّها، تحجزنا عن محارِمك، وتحجُزُنا عما لا يرضيك، وتحجُزنا عن الغفلة عنك، في جميع أحوالنا، وتتوفّانا عليها، وتُمِيْتَنَا عليها، وتُخرجَ أرواحنا من أجسادنا عليها، وتجعلها آخر كلامنا من هذه الدنيا، بِرحمتك ألهِمنا وثبِّتنا وحققنا وأنطقنا بِلا إله إلا الله، واجعلها آخر كلامنا من هذه الحياة، مُتحقّقين بحقائقها يا الله يا الله يا الله يا الله، وكُلَّ فرد مِن أهلينا وذَوينا وأحبابنا وطلابنا وذوي الحقوق علينا وقرباتنا، يا أرحم الراحمين.
وإنّ البابَ الذي فتحتهُ لهم لِلتحقُّقِ بِهذه الحقائق كلها، أكرم خلقك عليك، وأعلى عبادك منزلةً لديك، عبدُك المُصطفى المُجتبى المختار محمد، فاطمأنّت قلوبهم بشهادة أن محمدًا رسول الله، فكان هواهُم تبعاً لما جاء به، وامتلأوا بِمحبَّتهِ من أجلك، وبتعظيمهِ من أجلك، وبِتوقيرهِ من أجلك، وبِحُسن اتِّباعه من أجلك، فأدرَكوا محبَّتَك، فأحبَبتهُم؛ فلا يدري أحدٌ ما خبأتَ لهم، ولا ما أعددتَ لهم، ولا ما منحتهُم، ولا ما وهبتهُم، إلا أنتَ وحدك، فلك الحمد على ما وهبتهُم، ونسألك أن تُلحقنا بهم، وتجعلنا فيهم ومِنهم ومعهم يا الله.
حقِّقنا بِحقائقِ شهادةِ أنَّ محمدًا رسول الله، فَنَحْيَا ونموتُ وأنت ورسولك أحبّ إلينا مِما سِواكما، ولا نُحبّ شيئاً إلا لك خالصاً لوجهك، ونَكره الكُفر والفسوق والعِصيان، كما نكره أن نُقْذَفَ في النار، حقِّقنا بذلك يا ملك الممالك، ويا من سلَّكَ أهل السوابق بالسعادة في هذه المسالك، يا أرحم الراحمين، يا أول الأولين، يا آخر الآخرين، يا ذا القوة المتين، يا راحم المساكين، يا أرحم الراحمين، حقِّقنا بِشهادة أنّ محمدًا عبدك ورسولك، فنحيا ونموت على محبَّته، ونُحشر في زُمرته.
إلهنا وسيدنا؛ عُذِّبَ مِنْ أجلِها بِلالٌ فَصَبَرَ، وَشَكَرَ فَزِدْتَهُ مِنْ فَضْلِكَ ما أنت أهلهُ مِن مَنِّك الأغمر، وجعلتهُ ناطقًا بها ومُعْلِنًا على سطح الكعبة، فلما حضرته الوفاة قال لِمن عنده من أهله: "واطرباهُ، غدًا ألقى الأحِبّة، محمداً وحزبه"، وهكذا فعلتْ به شهادة أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك، فَيَارَبِّ ما تفعل بنا هذه الشهادة؟ وبكل فرد منَّا، ثبِّتنا عليها، حقِّقنا بحقائقها، اجعلنا من خواصّ أهلِها، ارفعنا منازل القُرب منك؛ حتى إذا جاءت ساعة أحدِنا، وحضرتهُ الوفاة وخرجت روحه من جسده وبلغت الحلقوم، نادى بِلسان حاله: "واطرباه! غدًا ألقى الأحِبّة، محمدًا وحِزبه" أعطِنا ذلك يا الله، وأكرِمنا بذلك يا الله، وأكرِمنا بِشريف المُرافقة لِخير الخلائق في الدنيا والبرزخ والآخرة، يوم القيامة وفي الجنة وفي ساحة النظر إلى وجهك الكريم يا الله.
ولا تجعل أحداً مِن خلقك في قلوبنا مُقَدَّمًا مَحَبَّتُهُ على محبّة حبيبك، ولا أحداً في قلوبنا مُقَدَّمًا اتِّبَاعُ أمرِهِ قبل أمر حبيبك، اللهم ارزقنا ما تُحبّهُ مِنّا مِن ولائك وولاءِ حبيبك، حتى نحيا ونموت مُنَعَّمِيْنَ مَصْبُوغِيْنَ بِصبغة لا إله إلا الله محمد رسول الله في جميع مقاصدنا، وفي جميع نِياتنا، وفي جميع أعمالنا، وفي جميع أقوالنا، وفي جميع ذواتنا، وفي أسرارنا وقلوبنا وأرواحنا يا الله يا الله يا الله، أكرِمنا يا أكرم الأكرمين، وهب لنا يا خير الواهبين، وارحمنا يا أرحم الراحمين.
إلهنا؛ وفي الناطقين بها من نكلَ عن سبيلها، وخالفَ دربها؛ فَرُدَّهُمْ إليك مَرَدًّا جميلاً، ولقد كانوا سبب تسلُّط أعدائِك على بلاد المسلمين، وعلى ثروات المسلمين، وعلى خيرات المسلمين، اللهم فاهدِهم وَرُدَّهُمْ إليك مرداً جميلاً، ومن سبقت عليه الشقاوة في سابقِ كتابك وعلمك؛ فَعَجِّلِ اللهم بِهلاكهم، وادفع شرَّهم عنّا وعن أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله، يا الله يا الله.
مَن لأهلِ لا إله إلا الله إلا أنت؟ فكما أكرمتنا بِقولها فأكرِمنا بالتحقُّق بحقائقها، واجعلنا من خواص أهلها، وارفعنا أعلى مراتب المُتحقِّقين بها ظاهراً وباطناً، حتى إذا نطقها الواحد مِنا كان لها مِن الوزنِ ما لا تَزِنُهُ السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهِنّ، وحتى يتحرّك العمود تحت العرش من نُطق أحدنا بها، ويقول لا أسكُن حتى تغفر لقائلها، وزِدنا فوق ذلك ما أنت أهله.
يا وليّ المزيد، ويا حميد يا مجيد، ويا مُبدئ يا مُعيد، ويا غفور يا ودود، ويا ذا العرش المجيد، ويا فعالاً لما يُريد يا الله.
واجعل كل ذلك مَنّاً مِنكَ علينا في خير ولطف وعافية، يصحبهُ تحمُّلُكَ الابتلاءاتِ والامتحاناتِ والاختبارات والتَّبِعات عنّا، فضلاً وجوداً وكرماً، يا أكرم كريم، يا أرحم رحيم، يا ذا الفضل العظيم، يا واسع يا عليم يا الله.
نسألك لنا ولأهلِ لا إله إلا الله محمد رسول الله مِن خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
{رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ}
{وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ}
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وصحبه وسلم.
19 رَمضان 1444