(230)
(536)
(574)
(311)
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك، في دار المصطفى بتريم، ليلة الجمعة 19 ربيع الثاني 1442هـ بعنوان:
عجائب أحوال العباد مع ربّهم وأسرار الولاء لله ورسوله والمؤمنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله.. { هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ونشهد أن لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، العالمُ بما كان وما يكونُ وما لا يكون، والذي أمرُهُ إذا أراد شيئاً إنّما يقولُ له كُن فيكون، عالم الظُّهورِ والبطون، الحيُّ القيُّوم الذي خلق السَّمواتِ والأرضَ وما بينهما، يتنزَّلُ الأمرُ في ما بين ذلك، لنعلمَ أنَّه على كلِّ شيءٍ قدير، وأنَّه قد أحاطَ بكلِّ شيءٍ عِلماً.
إلَهنا ماذا يحيطُ به مِن علمٍ بَراياك مِمَّن كوَّنتَهم مِن العدم، ألا إنَّ العلمَ لك ومالَهم إلَّا ماعلَّمتَهم، ولقد قال الملأ الأعلى مِن ملائكتِك المقرَّبين: { سُبْحَانكَ لَا عِلْمَ لَنَا إلّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إنّكَ أنّتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} فما عِلمُ الآدميِّين وما عِلمُ الجِنّ، وما عِلمُ بقيَّةِ الخلق وهم كانوا عَدماً فأوجدتَهم وعلَّمتهم ما شِئتَ أن تُعلِّمهم ظاهراً أو باطناً فسبحانكَ يا حكيمُ يا عليم.
ونشهدُ أنَّ سيِّدَنا محمداً عبدُ الله ورَسولُه، ونبيُّه وحبيبهُ وصفوتهُ وخليلهُ، نُورهُ المتلالي، واسع المجالات في جميعِ المجالِ، صلواتُ ربي وسلامُه عليه وعلى آلهِ وصحبهِ ومَن له يُوالي، وعلى آبائهِ وإخوانهِ من الأنبياء والمرسلين أهلِ المقامِ الرَّفيعِ والقدرِ العالي، وعلى آلِهم وأصحابِهم وتابعيهم وملائكةِ اللهِ المقرَّبين وجميعِ عبادِ الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم إنَّه أكرمُ الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.
أما بعدُ.. فإنَّنا أمامَ أنوارِ الحقِّ تبارك وتعالى التي تجلَّت في شؤونِ النُّبوة والرسالة، وكان نُور الأنوار نبيِّكم المختار صلَّى الله عليه وسلَّم، نقرأُ آياتِ الله في تكوينِ هذا الكونِ وإيجادِ هذا الوجود، وفيما أُخِذ علينا في عالمِ الأرواحِ مِن المواثيقِ والعُهود، وفيما أرسل إلينا الأنبياءَ المبشِّرين المُنذِرين الشُّهود، وفيما ختمهُم بزينِ الوجود عبدِه المصطفى محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فنراها حقائقَ مِن أعظمِ الحقائق، ونراها وثائقَ مِن أعلى الوثائق، ونرى أنَّه ليس في غيرِها مِن هُدى لِبقيَّة الخلائق ولجميعِ الخلائق، ذلك هُدى اللهِ يهدي به مَن يشاء.
وكم تعيش البشريَّةُ في أفكارٍ تُؤلَّف، وتَصوُّراتٍ ومبادئَ واتِّجاهات وإلى أين يبلغُ وإلى أين يَصِلون، ولكن الذي أحصى كلَّ شيءٍ عدداً والذي هو على كلّ شيء قدير، والذي أحاط بكلِّ شيء علماً، { قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه، ولا نجد سواه كائناً مَن كان على كلِّ شيء قدير، إنَّما صُورِ قُدُراتٍ وهبَها القديرُ جلَّ جلاله لكلِّ شيءٍ بحدِّه المحدود، ثمَّ مَن ذا وسطَ هذا الوجود ممَّن يدَّعي العلم، أو يدَّعي التقدُّمَ أو يدَّعي الارتقاءَ أو يدَّعي القوَّةَ يقول إنَّه على كلِّ شيء قدير، إنَّهم لا يقدرُون على أشياءَ في أجسادِهم، إنَّهم لا يقدرون على أشياءَ في بيوتِهم، إنَّهم لا يقدرونَ على أشياءَ في حكوماتِهم ودُولِهم، إنَّهم لا يقدرُون على أشياءَ في الشُّعوب، إنَّهم لا يقدرُون على هذا الجوِّ والفضاء، إنّهم إذا مدحُوا أنفسَهم بأنَّهم وصلوا إلى قمر، أو أنَّهم اكتشفوا كوكباً مِن الكواكب، لكن لا يقدرُون أن يُحرِّكوه ولا أن يبدِّلوه ولا أن يغيِّروه..
ومَن القديرُ الذي كَوَّن، ومَن القديرِ الذي أبدَع، كيف لا يُخضَعُ لجلالِه! كيف لا نَعرف قدرَ أنفسِنا في بشريَّاتِنا، وفي خلقِنا وفي آدميَّاتِنا! في الجنِّ في مستوى الجمادات أو النَّباتات أو الحيوانات! {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ۚ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه.
ويُظهِر أنوارَه، ويُسدي لخلقِه عطاياه ومنحَه وهداياه، مؤمنُهم وكافرهم، برَّهم وفاجرُهم، ولكن عطاياه للمؤمنين شأنُها شأن، وقدرُها رافع، وحالُها عظيم، وهي مؤبَّدة مخلَّدة، وأنواع العطايا التي ازداد بها المجرمون والمعانِدون غروراً وكُفراً تكون نِقماً عليهم بعد ذلك، ويصيرون إلى سوءِ المصير، جزاءً لِمَا كذَّبوا وبما عاندُوا ولِمَا كفروا ولِمَا خالفُوا أمرَ المُنعِم عليهم والمتفضِّل بخَلقِهم وإيجادِهم، وإنَّهم لا يعصونه ولا يخالفونَه ولا يجحدونَ بآياتِه إلَّا بِنَعمٍ أعطاهم إيَّاها ليشكرُوه بها، فجَحدوه! ليُطيعوه بها فعَصَوه! إنَّهم لا يستطيعون تكوينَ أسماعِهم ولا أبصارِهم، إنَّهم لا يستطيعون تكوينَ شهواتِهم، إنّهم لا يستطيعونَ تكوينَ تنفُّسِهم، إنَّهم لا يستطيعونَ تكوينَ ألسُنِهم! وهل يعصُون إلَّا بها، هو كوَّنَها لهم، هو أعطاهم إيَّاها بدلَ أن يشكروه بها ذهبوا يعصونَه ويخالفونَه بِنِعَمه التي أنعمَ عليهم.
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} تعالَ إلى تكوينِك أنت المُترفِّع بنفسِك، مِن نطفةٍ خلقَه {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} مِن نطفة!
{مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} وهل لكَ في الحياة غير هذا الحُكمِ الذي لا تستطيعُ أنت ولا حكومات العالم أن يغيِّروا فيه شيئاً.
{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} هل أحد منكم يغيِّر هذا الحُكم؟! أو يبدِّل.. أو يُقدِّم.. أو يؤخِّر فيه؟! بل كلُّكم تحت سيطرةِ {فَإِذَا جَاءَ أَجلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} وتحت حِكمَةِ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} وكلُّكم تحتَ سلطانِ { كلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } فهل أحد يغيِّر هذا الحُكم؟ هل يقدرُ أحد أن يبدِّل هذا الحُكم؟ فيا مَن عجزُهم ظاهر، لماذا تُعرِضون عن القادِر، لماذا تُعرِضون عن الحاكمِ الذي أنتم تحتَ حُكمِه وعلمِه، ومع ذلك تُكابِرون ومع ذلك تُعاندُون.
اللهم انشر الخيرَ فينا وفي الأمَّة، وانشر الهداية في البريَّة يا أرحمَ الرَّاحمين، كما أشرقتَ لنا النُّورَ المُبينَ وهديتَ به مَن شئتَ مِن العالمين، وأَريتَنا انتشارَ ذلك إلى هذه الأيَّامِ والسِّنين وإلى هذا الحِين.
لك الحمدُ، ولسنا نقرأ في تاريخِ البَشر مِن حينِ بعثتَ مُصطفاك صلَّى الله عليه وسلَّم، لسنا نقرأ في تاريخٍ مِن الوقائع والأحداثِ إلَّا ما عنه أَخبرَ، وإليه أشارَ، وبه بشَّر أو أنذر، صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه.
ماذا في تاريخ البشرِ غير ما أشارَ سيِّدُ البشر، ماذا في تاريخِهم.. الحسن والسيء، ماذا في تاريخِهم الإيجابيِّ والسلبيِّ غير ما ذكرَه في كلامِه.. غير ما أشارَ إليه في بلاغِه، وفي أيِّ مدُّةٍ بلَّغَنا هذه الأخبار، هي سنواتٌ معدودة وإذا خيراتُها غير محدودة، وبياناتٌ سديدة رشيدة، حتَّى يقول (تركتُكم على المحجَّةِ البيضاء ليلُها كنهارها)، (ما تركتُ باباً مِن أبوابِ الخير إلَّا دلَلتُكم عليه وأمرتُكم به، ولا تركتُ باباً مِن أبوابِ الشَّرِّ إلَّا حذَّرتُكم مِنه ونهيتُكم عنه)، صدقتَ يا خيرَ الخلائق، صدقتَ يا أكرمَ ناطقٍ مِن بين الخلائق، صلوات ربِّي وسلامُه عليكَ وآلكَ وصحبِك، وعلى جميعِ أنبيائهِ ورُسلِه وآلِهم وصحبِهم وملائكتِه والصَّالحين مِن عبادِه وعلينا معهم وفيهم.
وأنتم أمامَ هذه الخيورِ وإشراقِ هذا النُّور، في عُمرِ أحدِكم المحصُور المحدَّد مِن قبلِ الواحدِ الأحد جلَّ جلاله، أمامَكم أن تغنَموا، أمامَكم أن تَصدُقوا، أمامَكم أن تستفيدوا مِن لحظاتِ العُمرِ هذه الموهوبةِ لكم مِن قِبَلِ الوهَّاب جلَّ جلاله، صِدقاً في الإقبالِ عليه والوِجهةِ إليه، وقياماً بتطبيقِ أمرِه في رفضٍ لكلِّ ما عارضَ وعاندَ ذلك، مِن أهوائنا وأنفسِنا وشهواتِنا وشياطينِ الإنسِ والجنِّ بأيِّ صورةٍ ظهروا وبأيِّ منطقٍ تكلَّموا، أمامَنا منهجُ الرَّبِّ الرَّحيم، غنيمةُ حياتِنا أن نحسنَ تنفيذَه ونُحسنَ تطبيقَه، ونُحسنَ العملَ به في قلوبِنا وفي أعضائنا، ونؤدِّي بالوجهةِ الصَّادقةِ والهمَّةِ مُستطاعَنا في إرشادِ العباد، في هدايةِ الخلائق، في جمعِ القلوبِ على الله، في بيانِ رسالةِ محمَّد بنِ عبدِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، في الوفاءِ بعهدِ الله.. كيف؟ والخلَّاق بفضلِه منَّ علينا وبالإيمانِ بسطَ لنا بَيعة، وقال: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ومَن يشتري؟ خالقُهم مالكُهم.. وماذا يشتري؟ ملكَه ممّا أعطاهم، أنفُسَهم وأموالَهم، مِن أين جاءت لهم أنفُسهم؟ ومِن أين جاءَت لهم الأموال؟ وهو الذي وهبَ لهم الأنفسَ والأموالَ، قال وهبتُكم إيَّاها وأسمِّيكم بائعين.. وأنا أشتري منكم {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم} وقال: أعطيكم ثمناً كبيراً {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الذي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
ومَن وصفَ هؤلاءِ الذينَ تمَّتِ البيعةُ بينهم وبينَ ربِّ الأرضِ والسَّماء {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ}
اللهمَّ اجعَلنا مِنهم واجعل هذه الأوصافَ في كلِّ فردٍ من الحاضرين ومِن السامعين ومِن أهلِ ديارِنا ومِن أهلِ بيوتِنا، وأحبابنا الذين أسلموا قريباً ودخلوا في الإسلامِ مِن هؤلاءِ الذين ساقَتهُم عنايتُك، كانوا لا يعرفونَنا ولا نعرفُهم ولا يدرونَ بنا ولا نَدري بهم، ساقتِ العنايةُ وكانت الرِّعاية، أيَّامَ عالمِ الأرواح كنتَ جمعتَ بين أرواحِنا فتَخاطبَت، ولكن نسينا كلَّ ذلك فجِئنا إلى عالمِ الدُّنيا، فسُقت هذا مِن إيطاليا، وسُقت هذا مِن إندونيسيا، وأوصلتَ نوراً بهذه البقعة إلى هذا القلبِ ومِن هذا الوجهِ إلى هذا الوجهِ، وحتى انتشر هنا وهناك، وخبرُ حبيبِك صلَّى الله عليه وسلّم يُرى بالبصر، فيما حدَّث وأخبر عليه الصَّلاة والسَّلام ونَوَّر وبصَّر، اللَّهمَّ اجعل فينا وفيهم هذه الأوصافَ، واجعلنا مِن المُوفينَ بالعهدِ معك يا عالمَ الظَّاهرِ والخَاف.
ولمَّا سمعَت أرواحُ وقلوبُ الصَّحابةِ هذه الآياتِ، وتلَاها لسانُ خيرُ البريَّات قال الصَّحابةُ ونطقوا: رَبِحَ البيعُ، فلا نَقِيل ولا نَستقِيل.. وهكذا كان ما كان، ولقد هاجر سيِّدُنا صهيبٌ عليه الرِّضوان وتعرَّضُوا له لِمَنعِه مِن الهجرة حتَّى تيسَّرت له فرصة، فتلقَّاه جماعةٌ مِن المشركين، وقالوا: أين تريدُ أن تذهبَ؟ عند محمد؟ إبقَ هنا مكانَك، قال: وما تستفيدون منّي دعوني أذهَب إليه، قالوا: أتذهبُ إليه، وقد جئتَنا ولا تملكُ شيئاً والآن معك الأموال، قال: إن أحببَتم أُعطيكم أموالِي كُلَّها وتطلقوني لأذهبَ إلى محمد؟ قالوا: نعم، قال: خذوا، مالِي في المحلِّ الفُلانيِّ والمحلِّ الفُلانيِّ وهي لكم، فقالوا بنفوسِ أهلِ الكفر، بنفوسِ أهلِ الدُّنيا، المالُ محبوب عندهم، هات المال وافعل ما شئت، فلما قَدِم على الحبيبِ صلَّى الله عليه وسلَّم، استقبلَه في المسجدِ وقام واعتنقَه، وقال: (ربح البيعُ أبا يحيى، ربح البيعُ أبا يحيى)، تركتَ مالَك وما عندَك مِن أجلِ لقائي، ومِن أجلِ القيامِ معي، ومن أجلِ قُربِك مِن مَولاك، ربحَ البيعُ أبا يحيى.. وأنزلَ الله { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}
ففِي عُمرِنا القصير.. كيف ما نَفي بالعهدِ مع العليِّ الكبير؟! الغنيِّ المُعطي العطاءَ الوَفير الكثير بغيرِ حساب جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه، فلنَغنَم هذه الأعمارَ ولنَصدُق فإنَّ اللهَ يختارُ مِن جميعِ الخلقِ وخصوصاً مِن أُمَّةِ المختار، في مختلفِ الأعصار مَن يرفعُهم إلى المراتبِ الكِبار، ومَن يتوفَّاهم على خيرِ الوفاءِ بالعهدِ بينَه وبينَهم في السرِّ والإجهار، جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه، وفي ذلك جاءنا في الحديث: (في كلِّ قرنٍ مِن أمَّتي سابقون) ما هم مِن أصحاب اليمين فقط، ما هم من أصحاب الجنَّة.. بل من السَّابقين {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} ألحِقنا بِهم يا ربّ.. ألحِقنا بِهم يا ربّ.. ألحِقنا بهم يا رب.
واذا ألحقكَ بالسابقين فأيُّ شيءٍ فاتَك.. وهنيئاً لك! ولو بذلتَ الدنيا، ما معك الدنيا! الذي معك منها هو القليل ومهما بذلتَه وما بتبذله كله، وربّك يرضى باليسير جلّ جلاله، فانظروا إلى المتاجرة مع هذا الربِّ، انظروا إلى المعاملةِ مِن هذا الإله، رضيَ منّا باليسيرِ ويعطينا الكثير.
{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فأقام الحقُّ جلَّ جلاله خيوطَ وخطوطَ وحبالَ الاتِّصالِ وإشراقَ هذه الأنوار وحسنَ الدلالةِ التي بَعثَ بها المختار، في صحابة، في آلٍ أطهار، في علماءَ، في عارفين، في صالحين، ونشرَهم في البلدانِ وأقامَ هذه الخيرات والمظاهرَ بينكم، مجامعَ ومجالسَ خاصة وعامة، وللتَّعلُّم وللتَّعليم و للتَّذكُّر وللتَّذكير، وللتَّعاون على البرِّ والتقوى، ولاجتماعِ الأيدي على شؤونِ المنافع، ومناسباتِ ورمضان وحجٍّ، وذكرى ميلاد، وذكرى إسراءٍ ومعراج، ومناسباتِ لقاءِ العارفين لربِّهم مِن حوليَّات وغيرها.. كلُّها خيوط، كلُّها حبال، كلُّها أبواب، كلُّها دلالات، كلُّها منها ينتشرُ النورُ وينتشر الخير.
وأنتم في ذي الأيّام ما بين ذكرى الإمامِ عبدِ الله بن حسينِ بن طاهر، وذكرى الإمام علي بن محمد بن حسين الحبشي، وكم في وسط هذا الشهر مِن أكابر في بلادِ العرب والعَجم من الصَّالحين والعارفين توفَّاهم اللهُ تبارك وتعالى.
وفي مثل هذه الليلة فاضَت روحُ سيدِي شيخِنا الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف، أعلى اللهُ له الدَّرجات وجمعَنا به في أعلَى الجنَّات.
وجاءنا أيضا خبر الليلة عن وفاةِ واحدٍ مِن أهل الاتِّصال وأهلِ الإقبالِ وأهلِ حميدِ الخِصال، وأهل الوِجهةِ إليه سبحانه وتعالى، ممَّن طلبَ العلمَ في مكةَ المكرَّمة، على يدِ السيد محمد بن علوي المالكي عليه رحمةُ الله تبارك وتعالى، السيد طاهر بن عبد الله بن أحمد الكاف، رفع اللهُ له الدَّرجاتِ وجَمعنا به في أعلى الجنّات، كان المترجِمَ لنا في أولِ سفرةٍ لنا إلى إندونيسيا، وكان صاحبَ الرابطةِ والاتِّصالِ والأخلاقِ والتواضعِ والمحبَّة القلبيَّة، وزار البلدَ أكثرَ مِن مرة، وتردَّدَ في رابطةٍ بالسلسلة والسند، وفي رابطةٍ بأنوارِ العلم التي وُرثَت عن النبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم، فالله يُعلي درجاتِه والله يرفع مقامَه، والله يتقبَّل جميعَ حسناتِه ويضاعِفها إلى ما لا نهاية، ويتجاوز عن جميعِ سيِّئاته ويبدِّلها إلى حسناتٍ تامَّات مُوصلات، ويتحمَّل عنه وعنا جميعَ التَّبعات، ويبارك في أولادِه وأحفادِه وأسباطِه، ويُعلي درجاتِ والدِه وجدِّه وأعمامِه.
مِن أعمامه الحبيب عبد الرحمن بن أحمد الكاف، عَرفَه بعضُكم.. مِن أعيانِ أهلِ العلمِ والتقوى والخيرِ في زمانِنا القريب، رفع اللهُ لهم الدَّرجاتِ وجميعَ أحبابِنا في اللهِ تبارك وتعالى.
في مثلِ هذا الشهر كان انتقالُ سيدِنا عبدِ القادر الجيلاني، وكان انتقالُ حبيبِنا عبدِ القادر الجيلاني بن أبي بكر المشهور، وكان انتقال حبيبنا محمَّد بن عبد الله الهدار، وغيرِهِم مِن الأخيار والأئمةِ الأطهار عليهم الرضوان.
وهي ذكرياتٌ تجمعُ القلوبَ على الوجهاتِ إلى بارئ الأرَضين والسَّماوات، ليست على شكلٍ مِن أشكالِ أعيادِ أربابِ السياسات، وأربابِ الدنيا بجميعِ مظاهرِها، وليس المقصودُ منها إلَّا واحد، كما ليس المعبودُ إلَّا واحد، فكذلك المقصودُ منها صلتُه بهذا الواحد، الملِكِ المعبود جلَّ جلاله.
فهم أقوامٌ ولاؤهم في اللهِ مِن أوثقِ عُرى الإيمان، يقول صاحبُ الرسالة صلَّى الله عليه وسلَّم: (الحُبُّ في الله والبُغضُ في الله مِن أوثقِ عُرى الإيمان) وبهذا تَعرفُ الأمَّة المحافظةَ على سرِّ ولائها، وأنَّه لا يجوزُ لهم أن يغترُّوا بشيءٍ مِن شؤونِ الدنيا، حتى يُحوِّلوا الولاءَ مِن اللهِ ورسولِه، مِن ولاءٍ لله ورسولِه والمؤمنين إلى ولاءٍ لمَن يظنُّ أنَّه سينفعُهم، أو أنُّه سيفيدُهم أو أنَّه سيصرفُ شرّاً عنهم، كائناً مَن كان مِن جميعِ البريَّة، الولاءُ لله ورسوله {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالذينَ آمَنُوا الذينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالذينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ومِن أجلِ الله تُزاحمُ القلوبَ ولاءاتٌ للغير، أقاموا لنا هذه الحوليَّات، أقاموا لنا هذه الذِّكريات، أقاموا لنا ذِكرَ تراجمِ الصَّالحين، حتى يحتفظَ الولاءُ لله ورسوله وللمؤمنين، وحتى لا تُزاحمُنا هذه الكلماتُ الفارغةُ التي تجيء مِن هنا وهناك.
منهم من يقول: والُوا مَن يصنَع لكم جوَّال، والوا مَن يصنَع لكم طائرة، والذي صنعَ الجوَّالَ والطائرةَ واحد كانَ مِن نُطَفٍ مثلنا ويصيرُ للحفرة، لا يقدر أن يرفعَنا ولا يضعنا، ولا يقدِّمنا ولا يؤخِّرنا، ولا يعطينا ولا يمنَعنا.. فهل نتركُ اللهَ مِن أجله؟! هل نتركُ محمَّداً مِن أجله!؟ نتركُ الصالحين مِن أجله؟! مَن يكون هذا؟ وماذا عنده؟ مُسخَّر مِن المسخَّرين، سُخِّر لشيءٍ مِن متاعِ الدنيا الفاني ويَفنى، الولاء لله، الولاء لمحمَّد بن عبد الله، الولاء للصَّالحين وللمؤمنين، بهذا يكون العلوُّ، بهذا يكون السموُّ، بهذا تكون الرِفعة، فحافظوا على القلوبِ واجعلوا الولاءَ لله ولرسوله، وانظروا ما قال الرحمن:{وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالذينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} المعنى أنَّ الذي يخرجُ عن دربِ هذا الولاءِ سيُخذل وسيسقط، والغلَبة لهؤلاء، مَن ثبتَت قلوبُهم على ولاءِ الله ورسوله والمؤمنين. {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالذي نَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}
هم هؤلاء حِزبُ الله، الذين يوالونَ اللهَ ورسولَه والذين آمنوا، ولا يكون في قلوبِهم غلٌّ للذين آمنوا، وشأنُهم كما ذكر ربُّنا في سيرةٍ واضحةٍ نقيَّة، ذكرَ المهاجرين والأنصارَ في نصٍّ صريحٍ في القرآن {وَالذينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ} نصّ صريح.. كيف يسلكون؟ {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الذي نَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا}.. هؤلاء هم الرَكب، هؤلاء همُ الحزب، هؤلاء هم أهلُ القُرب، وهذا وصفُهم، هذا وصفُ أهلِ الحقِّ والهدى.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الذينَ سَبَقُونَا} عرفوا القدرَ لمَن سبقَ بالإيمان، وتنزَّهوا عن الغلِّ لمَن في عصرِهم وفي وقتِهم مِن المؤمنين.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الذي نَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا} ولم يَنصِبوا لأجلِ سلطةٍ ولا لأجلِ مال ولا لأجلِ شهوات عداءً بينهم وبين مسلم، عداءً بينهم وبين مؤمن، هذا مَسلكُ مَن يا أحباب! يا مؤمنين بربِّ الأرباب.. مَسلك مَن؟ مِن أجل شهوة، مِن أجل سُلطة، تُعادِي أهلَ لا إلهَ إلا الله! تُعادِي المؤمنين الذين يجبُ عليك ولاؤهم مِن أجل الله تبارك وتعالى.
(سِبابُ المسلمِ فسوقٌ وقتالُه كفر) من قال؟ صاحبُ الرسالة، مؤدي الأمانة، مؤتمَنُ ربِّ العرش، (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، لا تفسقُوا ولا تكفُروا، اُتركوا السِّباب، اُتركوا الكفرَ، ارجِعوا إلى ربِّ الأرباب وإنَّ اللهَ سيصطفِي مَن يصطفِي مِن هذه الأمةِ ويكونون هم سببُ تجديدِ هذا الدِّين، وظهورهِ في العالمين وقيامِ خِلافة سيِّد المرسلين صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.
وقد قال عليه الصلاة والسلام في ما قرأنا في مراحل التاريخ: (الخلافةُ بعدي ثلاثون عاماً ثم تكون مُلكاً عضوضاً، ثمّ تكون جبريَّة)، هل رأينا وإلا ما رأينا! هل حدث شيء في التاريخ غير هذا؟ وقائع التاريخ كلُّها حول ما ذكَر وتحت ما أشارَ وأخبر، (ثمَّ تكون خِلافةً على منهاجِ النبوة) صَدَق! (ثم تكون خلافة).. وستكون خلافة على منهاجِ النبوة، أما الخلافةُ الباطنةُ عنه فقد قال عنها: (اللهم ارحَم خلفائي) مَن خلفاؤك؟ قال: (قومٌ يأتونَ مِن بعدي يروُون أحاديثي ويعلِّمونَها عبادَ الله).
( فطوبَى للغرباءِ الذين يحيُون ما أماتَ النَّاسُ مِن سنَّتي، هذه الخلافة التي قال الله عنها:{وَعَدَ اللَّهُ الذي نَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الذي نَ مِن قَبْلِهِمْ} وقد شاهدناها خلافة باطنة عن الله ورسوله مسلسة بأسانيدها، لا يضرّهم من ناواهم، لا يضرّهم من خذلهم، (لا يضرّهم من ناواهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون) والخلافة الظاهرة التي تصل إلى زمام شؤون المادة والظّاهر تحصل أيضاً (ثم تكون خلافة على منهاج النبوّة)،..وفيها ينزلُ سيّدنا عيسى بن مريم على نبيّنا وعليه أفضل الصلاة والسلام، ويحكم بشريعة هذا النبيِّ بمنهاجِ هذا النبيِّ، ويتّبع سنَّة هذا النبيِّ محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم، ورزقَنا حسنَ متابعتِه ظاهراً وباطناً.
الحمدلله الذي جمَعكم، وفَّقكم الله في باقِي أعماركم، للوفاء بعهدِه، والظَّفر بمحبَّته وودِّه، ونشر الله الخيرَ والهدى في البريَّة.
يا ربّ، يا ربّ، أجِرنا وعبيدَك من النّار، أجِرنا مِن العار يومَ القيامة، أجِرنا مِن ظهورِ الفضائح، أجِرنا مِن بروزِ القبائح، أجِرنا مِن سوءِ الخاتمةِ عند الموت.
فيا رب ثبِّتنا على الحقّ والهدى ** ويا ربِّ أقبِضنا على خير مِلَّة
برحمتِك يا أرحمَ الراحمين، وجودِك يا أجودَ الأجودين.
نسألك ما بقيَ مِن عمري، وعمرِ كلِّ حاضرٍ معي وعمرِ كلِّ سامعٍ لنا وكلِّ مُوالٍ لنا أن تجعلَه مَصروفاً في خيرِ ما ترضاه، حتى يطيبَ لكلٍّ منَّا حالُه عند المُلاقاة، ونُدركَ منكَ لذيذَ المواصلةِ والمصافاة، ونُحشرَ جميعاً في زمرةِ عبدِك وحبيبِك محمَّد بنِ عبدِ الله، يا الله
يا الله.. نسألكَ بركةً في ما بقيَ مِن أعمارنا، وتوفيقاً لما يرضيكَ عنا في سِرِّنا وإجهارنا، يا ربّ العرش تولَّ خواتيمَنا عند الموت، وأحسِنها لنا يا حيُّ يا قيُّوم لا يموت، برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.
اجعل آخرَ كلامِ كلٍّ منَّا مِن هذه الحياةِ الدنيا لا إلهَ إلا الله، واجعل كلًّا منّا يخرجُ مِن هذه الأرض وهذه الدنيا وهذا العمرِ القصيرِ متحقِّقاً بحقائقِ لا إله إلا الله، ويومَ الحشرِ فاجعلنا مع خواصِّ كُمَّلِ أهلِ حقيقةِ لا إله إلا الله محمَّدٌ رسولُ الله، عليها نحيا وعليها نموتُ وعليها نُبعث.
اللَّهمَّ والطُف بنا والمسلمين في جميعِ ما تجري به المقادير، واحفظ يمنَنا وشامَنا وشرقَنا وغربَنا، واكشِف الكربَ عنا، وعجِّل بالفرجِ للمسلمين، وزِدنا مِن نوالِكَ ما أنتَ أهلُه واجمَعنا في دارِ الكرامة، ولكلِّ هذه المطالبِ ولِمَا أحاطَ به عِلمُك مِن الخيرات نسألُك ذلك، ونتوجَّه إليك مُنادِين راجِين مُؤمِّلين خاضِعين خاشعِين.
يا الله يا الله.. يا الله يا الله.. يا الله يا الله..
أنتم عبيدُه وهو ربُّكم، وأنتم بين يدَيه، وهو ينظر إليكُم ويسمعُكم، فنادُوه خاشِعين خاضِعين، موقِنين أنَّ بيدِه الأمرَ كلَّه وإليه يَرجعُ الأمرُ كلُّه، وأنَّه على كلِّ شيءٍ قدير، وأنَّه قد أحاطَ بكلِّ شيءٍ علماً، وقولوا: يا الله يا الله.. يا الله يا الله.. يا الله يا الله..
أكرِم هذه العيونَ كلَّها برؤيةِ وجهِ حبيبِك محمَّد في الدَّار الآخرةِ وعلى حوضِه المورود، يا ربَّ العِباد يا الله.. يا الله..
يا نعم اللَّجأ يا نعم المرتَجى، يا مَن لا يخيِّب الرجاء، يا ربَّ الأرضِ والسماء، جمعاً بسيِّدِ الأنبياء، واستقامةً على منهاجِه في الظاهر والخفاء، وحسنَ اتِّباعٍ واقتداء، وحسنَ إنابةٍ واهتِداء، ياوليَّ الهدى يا عالم ما خفيَ وما بدا، يا أرحمَ الرَّاحمين، وتوجَّهوا في دعواتِكم إلى أرحمِ الرَّاحمين.
فجاءنا في الأثر (أنَّ مَن قال يا أرحمَ الرَّاحمين ثلاثاً ناداه ملَكٌ: إنَّ أرحم الرَّاحمين قد أقبلَ عليكَ فسَل) فقولوا جميعاً: يا أرحمَ الرَّاحمين يا أرحمَ الرَّاحمين يا أرحم الرَّاحمين فرِّج على المسلمين.
19 ربيع الثاني 1442