(229)
(536)
(574)
(311)
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك بدار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية، ليلة الجمعة 7 ربيع الثاني 1443هـ بعنوان:
شذى نسمات الحقيقة المحمدية من عجائب الامتنانات الرحمانية وآثارها في الدارين والعوالم.
الحمدُ للهِ على ما يتجلَّى به، ويُقَرِّب، ويُحَبِّب، ويُطَهِّر، ويُصَفِّي، ويُصَافِي، ويُنعِم، ويُكرِم، ويَمنَح، ويُسعِد، ويُمِد، ويتَفَضَّل، ويتَطَوَّل، ويُجزِل العطاء، ويَغفِر الخطأ، ويُثَبِّت لمَن شاء الخُطى؛ فيغنمون في العمرِ القصير والحياةِ الفانية {مُلْكًا كَبِيرًا} و: (مالا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سَمِعَت، ولا خطر على قلب بشر)، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
مَن فاتَه هذا ثم أُعطِيَ أن يكونَ رئيسَ جميعِ دول العالَم الموجود الدُّنياوي هذا الحِسِّي الزائل الحقير.. والله هو نادم، هو خاسر، وهو باكٍ، وهو مُنتَحِب في يوم طويل.
ولا يُمكن أن يكون رئيسَ جميع الدول.. يمكن؟ ما يُمكِن؛ لو أُعطِيَ كُلَّ ذلك وحُرِم..! وهذا الذي نذكره.. مِن رضوانه، مِن قُربِهِ، من معرفتِهِ، مِن محبَّتِهِ، مِن مجاورتِه، في زمرةِ أصفيائه وأنبيائه، وأوليائه، والمُلكِ الكبير.. لو أُعطِيَ كل ذاك وحُرِمَ من هذا فهو الذي يتعرَّض لأن يَنتَحِب نَحِيبَاً ويبكي بكاءً نادما مُتَحَسِّرا!
إذن.. فيَا أهل هذه الموارد: على ماذا تَرِدُون؟ وماذا تَقطِفُون! وماذا تَكنِزُون؟ وبماذا تَفُوزُون!
لا تحرِمْنا خيرَ ما عندكَ يا ربَّ العالمين، أكرِمنا بقُربِك يا مُقَرِّب، أكرِمنا بحُبِّك يا حيُّ يا قيُّوم، أكرِمنا بمعرفتِك يا مُتعَرِّف إلى مَن شئت.. يا الله
يا من خصَّصتَ الآدميِّين والملائكةَ وخِيَارَ الجنِّ بنِسَبٍ ومَعَانٍ من المعرفة لا ينالُها غيرُهم: وفِّر حظَّنا من سِرِّ المعرفة بك.. يا الله. وجعلتَ مَركِزَ المعرفةِ بك وأساسَها وأصلَها بارزاً في العالَم الخلقي؛ في النوعِ الإنسانيِّ. لك الحمدُ شكرا، ولك المَنُّ فضلا.. فأتمِم علينا به النِّعمة.
ولقد خاطبتَ أوائلنا وهم في حضرته متوجِّهين إليك مؤتمِّين به قاصدين وجهَك مُعَظِّمين له ناظرين إليه منظوراً إليهم من قِبَلِهِ فأنزلتَ عليه ليُبَلِّغهم مُخَاطِبَاً إيَّاهم بلسانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ؛ فسُقِيَت أرواحهم، وذاقت، وشاهدَت أسرارُهم، ونَظَرت، وكانوا خِيَارَ الأُمَّة.
ثم إنَّنا على يقينٍ أنَّ سِرَّ هذا التَّنَزُّل مُنبَسِطٌ في خِيَارِ الأجيال، جيلاً بعد جيل، ولم يزل هذا الكأسُ مِن هذه السُّقيَا يُدَار بيَدِ المختار؛ على أيدي ورثتِه معادِنِ الأنوار إلى ساعاتِنا هذه.. له الحمد. ولك الحمد والمِنَّة يا رب، فوفِّر حظَّنا من هذه السُّقيَا، وأتمِم علينا النِّعمَة يا ربَّ الأرضِ والسَّماء..
يا الله: وبَرْقَةٌ من سِرِّ ما وقَرَ في الأرواحِ من سَمَاعِ الآية من لسانِ حبيبِك المصطفى أبرِقها على قلوبِنا وأرواحِنا اليوم في ليلتِنا هذه ومجمعِنا ومَن يسمعُنا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}
أنعِم علينا بتمامِها، واجعلنا مِن خواصِّ أقوامِها، وأكرِمنا بواسعِ إكرامِها..
يا الله .. يا الله
فإنه على قدرِ تذوُّقِ الأرواحِ لسماعِ هذا الخطاب في عالمِ الدنيا يحلو لهم خطابُ الرحمن إذا كلَّمَهم يوم القيامة، ويَظفَرُونَ مِن سِرِّ نظرِه، وأسرارِ تزكيَّته، فيُزَكِّيهم في الدنيا تطهيرا وتحريرا، ويُزَكِّيهم يوم القيامة. ما تقرأ في الآيات؟ فيه تزكية في القيامة هناك
ما تزكيةُ يومِ القيامة؟! يؤهِّلهم للنظرِ إلى وجهِه؛ يُصَفِّيهم عن كُلِّ شائبةٍ تمنعُ عنهم رؤيةَ الجمالِ الرَّبَّاني في المَقامِ المُحَمَّدي. يزكِّيهم؛ لا يَدَع أثراً منِ علاقةٍ بكائن تأخذ بقلوبِهم إلَّا مَحَاهَا عنهم.
وقد قال عن قومٍ هدَّدَهم أنَّ يومَ الحكمِ الأكبر لا نصيبَ لهم مِن هذا الخير {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
ومَن لم يُزَكِّهِ في الدنيا كيف يُزَكِّهِ هناك؟
ورأيناه في الدنيا يُزَكِّي على أيدي أنبيائه ثم على أيدي ورثتِه، ورأينا السيِّدَ في التَّزكِية صاحبَ المراتبِ العَلِيَّة؛ "محمد" اسمه، وفي السماءِ مَرسُوُمٌ بــ "أحمد"، وعلى قوائم العرش مكتوبٌ اسمه، وخير الأُمَم أُمَّته، وخير الصَّحب صحابته، وخير الآل آله، وخيرُ الأخلاق أخلاقه، وخير المَسَاعِي مساعيه؛ "محمد بن عبدالله"
طابَ لكم به الجلوسُ بين يدي "الله" مولاه الذي اصطفاه؛ فبسِرِّ عنايةِ الله به ومحبةِ الله إيَّاه أنتم تنعمُون بهذه الذكرى، وبهذه الخيرات، وبهذه البشرى، وتُدَارُ بينكم هذه الكؤوسُ الصافيةُ الطيِّبة التي إذا ذاقَها منكم قلبٌ وروحٌ في هذا العالَم تهيَّأ لسماعِ الكلام الطيِّبِ مِن الَّربِّ في القيامة، ولتزكيتِه يومَ القيامة، والنظرِ إليه يومَ القيامة. نَظَر إليهم في الدنيا برحمتِه ورأفتِه وعنايتِه حتى عرَفوه وقَرَبُوا منه ونالوا رضوانَه.. فبالله عليكم ما نظرَه إليهم يومَ القيامة!
ذاك الذي قال عنه ربي: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}، ذاك الذي قال عنه حبيبُه: (وفيها مالا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سَمِعَت، ولا خطرَ على قلبِ بشر).
ولمَّا طَرِبَت روحُ سيدنا علي بمعناه قال: ما أحبُّ أنَّني قد مُتُّ صغيراً طفلًا لا حسابَ عليَّ في القيامة، ولكن أحب أن يوقفَني بين يديه ثم يخاطبُني فيقول "يا عبدي" فألتذَّ بها.
والذي يخاطبُه وهو راض عنه والذي يخاطبُه ينظر إليه ويحبه .. كيف ما ".."! قال هذا خيرٌ لي عليه رضوان الله تبارك وتعالى..
فإذا كان {تَرَىٰٓ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ} فترى المقرَّبين كيف حالُهم عند ربِّهم؟ مرفوعة رؤوسُهم.. (ارفع رأسَك) يقول لسيِّدهم: (ارفع رأسَك، سَل تُعَطَ، قُل يُسمَع لقولك، واشفع تُشَفَّع) والثانيين؟ {نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ} يتمنَّون أنهم يرجعوا.. التكنولوجيا ما نفعت، أسلحة دمار شامل ما نفعت، مغالطة لخلقِ الله تعالى ولهف ثرواتِهم ما نفعت.. ذا الحين رُدَّنا نُصَلِّح نفسنا {أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَٰلِحًا} نمشي قفا "محمد" .. دعِ المغالطات والكذبَ هذا حقَّنا كُلَّه.. خلَّنا نرجع معك {أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}
لا رجوعَ {وَلَوْ شِئْنَا لَءَاتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فماذا يُحَصِّلون؟ {فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَآ إِنَّا نَسِينَٰكُمْ..} ما لكم حظ عندنا فمَن ينفعكم؟!
ارجعوا.. شيء في أنفسكم نفع لكم الآن؟ في مفكِّريكم؟ في مُنَظِّريكم؟ في قادتِكم؟ في ساستِكم؟ في آل العلائق والتحالفات بينكم؟ لا أحد ينفعكم اليوم، أما أنا نسيتكم، قال الله ما لكم نصيب عندي {بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَآ إِنَّا نَسِينَٰكُمْ..} يقول سبحانه وتعالى في هذه الآية: {..وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
شوفوا النصيب حق الخطط ذاك حقكم اللي افتخرتم بها خذوا كأسها ذوقوها الآن {وَذُوقُواْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ *إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّدًا..} عرفوا بعظمة الإله، وما ألهَاهم عنه شيء في الأرض ولا في السماء ولا في الدنيا ولا في الآخرة وقصدوا وجهه -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- و {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}
ومِن علاماتهم في الحياة الدنيا: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍۢ جَزَآءًۢ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ* أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ..} وأين الفارق الكبير بينهم؟ قال تعالى ايش؟ {..أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}
فهل يستوون؟ فهل يستوون؟! فهل يستَوون؟!
{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}.
يا مُنزِل قول الحق على لسان وقلب سيِّد الخلق: اجعلنا مِن أهل الجنة أجمعين، جميع أهل مَحضرِنا ومَن يسمعُنا، ومَن في ديارهم، ومَن في قرابتِهم، ومَن في أصلابِهم؛ اجعلنا مِن أهل جنّتك، اجعلنا مِن أهل جنَّتك الفائزين، اجعلنا من أهل جنَّتك الفائزين يا الله..
و: (الجنة أقربُ إلى أحدِكم مِن شراكِ نعلِه والنار مثل ذلك) ما هي إلا لحظة تلقاه فيها وهو راضٍّ عنك والجنة، ما هي إلا لحظة تلقاه فيها وهو غضبان عليك النار!
و: (إنَّ الله خلق الجنة وخلق لها أهلا فهم بعمل أهل الجنة يعملون)
يا ربَّنا لا تجعل لقلوبنا ولا لأعضائنا في ديارنا، ولا في طرقنا، ولا في شوارعنا، ولا في أسواقنا، ولا في خلواتنا، ولا في جلواتنا؛ إلا عملا صالحا، إلا عملا صالحا، إلا عمل أهل الجنة؛ فبعمل أهل الجنة نعمَل يا ربَّ الجنة يا الله..
و (خلق النار وخلق لها أهلا فهم بعمل أهل النار يعملون) ما يستقرُّون في حياتهم إلَّا في عين القَلْقَلَة.. بنشرِ الفساد، بنشرِ الضر، بنشر المحرمات، بفتنة الناس، بأذى الناس، بضر الناس.. وعلى ذلك يعيشون! {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} -وذا وقع لكثير مِن ورثته بعدَه- ويجتمعون {لِيُثْبِتُوكَ ..} يحبسوك {..أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} لكن قال: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
{وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} كيف كان عقابي للقوم هؤلاء والأمم الذين مضوا؟ وتظنوني أُهمِل حبيبي في هذه الأمة! {وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.
الحمد للهِ جامعِكم على هذه الخيرات..
وترون أثراً مِن تلهُّفِ القلوب والأرواح إلى معاني القرب، وتذكيرِكم بنعمةِ الله عليكم فيما خَبَأ لكم.
ونتذكَّر كلامَ بعض الماضيين قبل قرون يقول:
"قد سَعِدنا بمَا ضَمَّه لنا فجّ عيديد"
ومِن ذا الفجّ اليوم كم مِن قلبٍ يبتهج بنورِ القُرب؟ في شرقِ الأرض وغربِها؟ إنس وجن، بل والمقربون مِن العباد الصالحين والملائكة يزدادون ابتهاجا، ويزدادون فرحا وقُربَاً بفضل الرحمن -جَلَّ جلاله- بواسطة كريم، بواسطة عظيم، بواسطة حشيم، بواسطة فخيم؛
اسمه "محمد" اسمه "محمد"
نحن نذكر اسمَه.. وتهتزون بالصلاة عليه؟ اهتزاز في الملأ الأعلى أكبر مِن اهتزازكم، وفي البرازخ
اهتزاز أكبر من اهتزازكم؛ لمَّا نذكر سيِّد أهل الأرض وآل السماء وآل الدنيا وآل البرزخ وآل الآخرة؛ حبيب رب الكل مكوِّن الكائنات "محمد بن عبدالله"
صلِّ عليه وعلى آله..
ويا سعدنا بهذا الذكر، وعسى نرافقه، وندخل معه، ونحضر محضرَه، ونَرِد مورده، ونمرُّ معه على الصراط، وندخل معه الجنة.
ربَّنا: إذا حرَّك حِلَقَ الجنة في أدبِه معك عند وصوله فاجعلنا قريبا منه؛ نسمع أثرَ يدِه وهو يحرِّك حِلَق الجنة، ونسمع رضوانَ يقول: مَن بالباب؟ يقول: أنا محمد. يقول: بك أُمرتُ، أمرني ربي ألا أدع أحداً يدخلُها قبلَك، ولا تدخلها أُمَّةٌ قبل أُمَّتك، قال: (فأدخلُ ومعي فقراءُ المؤمنين ولا فخر).
"معه" يا رب، معه يا رب، وقبلها معه، وقبلها معه، في مواقف القيامة كلِّها يا رب معه، وقبلها معه في البرازخ يا رب معه، وقبلها معه؛ عند الموت يا رب معه، وقبلها معه؛ الآن يا رب معه.. في باقي حياتنا يا ربَّنا معه، وفي موتنا معه، وفي برازخنا معه، وفي القيامة معه، وعند المرور على الصراط معه، وعند دخول الجنة معه، وفي ساحة النظر إلى وجهِك الكريم "معه" يا رب
{يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ..}
تسمعها؟ ربَّك يقول {مَعَهُ}
{وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
وبقولهم الذي وصفتهم به نقوله يا ربَّنا ندعوك مرتجين أن تُدخلَنا في دوائرهم ومع خاصَّتهم: {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
قُلها بقلبِك، وقُلها بلسانِك، وقُلها بروحِك، وخاطب بها ربَّك؛ عسى أن يجعلك منهم ومعهم وفيهم
{رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
ويا مَن أبهجَكَ هذا الاهتزازُ والالتفافُ حول المصطفى والاصطفاف بمحبته حولَ محبةِ اتِّباعه في مثل هذه المواطن: فإنَّ لها نتائج؛ وهذه النتائج ستَصِل إلى بلادك.
يا صاحب الشرق في مثل سنغافورة، ويا صاحب الغرب في مثل أمريكا وغيرها: ستَصِل إلى بلدانكم اهتزازاتٌ بذكرِ الحبيب صلى الله عليه وسلم وبمولده عليه الصلاة والسلام، وتُعمَر بها ديار كثير وأماكن كثير، حتى لا يبقى بيتٌ على ظهر الأرض إلا وذكر هذا النبيُّ فيه.. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله. ولكن نتائجها أكبر بعد ذلك؛ في ظِلِّ العرش تَقرُب منه، تحت لواء الحمد تَقرُب منه، على الحوض تَقرُب منه، عند المرور على الصراط.. نتائج ذي المجالس -إذا ظَفِرت بخيرِها وبصدقِك مع الله- تكون قريباً منه، عند دخول الجنة تكون قريباً منه.. نتائج كبيرة
{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
بعض أصحابه يقول: (أتدري ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال: يا رسول الله ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال: غنيمة مجالس الذكر الجنة)
اجعلنا مِن أهلها يا رب..
فيَا رَبِّ واجمعنا وأحباباً لنا في دارك الفردوس في أطيبِ مَوْضِعِ
فضلاً وإحساناً منك ومَنَّا منك يا ذا الفضل والجود الأَتَمِّ الأوْسَعِ
يا الله .. يا الله .. يا الله
ونُلِحُّ عليك أن ترزق كلَّ واحدٍ من الحاضرين والسامعين كَمَالَ حُسنِ الخاتمة
يا الله .. يا الله .. يا الله
ترزقنا شريفَ المَعِيَّة، وحُسنَ المعيَّة، وكرمَ المَعِيَّة، وتمام المَعِيَّة، في الدنيا وعند الموت وفي البرزخ وفي القيامة وفي الجنة .. يا الله
ويا الله بها يا الله بها ** يا الله بحسن الخاتمة
يا الله بها يا الله بها ** يا الله بحسن الخاتمة
07 ربيع الثاني 1443