(229)
(536)
(574)
(311)
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك في دار المصطفى، ليلة الجمعة 15 شوال 1444هـ بعنوان:
حقائق الإيمان بفوارق الطاعة في الفكر ومسار الحياة وأعظم ما اكتسابه في السر والإعلان
الحمدُلله الخالق المكوِّن البارئ المنشئ الفاطر، الأول الآخر الباطن الظاهر، ونشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، خلَقَنا من العدم، وأخرجنا من بطونِ أُمّهاتنا لا نعلم شيئًا، وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة لِأجلِ أن نشكُرَه، فمَنَّ علينا بإنزالِ الكتب وإرسالِ الرسل، ومنَّ علينا أن بعَثَ إلينا خاتَمهم وإمامهُم، وسيِّدهم ومقدامهم، وعلَمَهم وتاجهم، وأساسهم ورأسهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وعلِمْنا به عظمة هذا الإله الذي خلق، وأنه وحدهُ للعبادة استحق، وأنه الذي قدَّر ورزق، وأنه الذي يجمع الأوَّلين والآخرين من المُكلَّفين لِيحكُم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، فهُم واختلافاتهم وأحكامهم لاتُساوي شيئًا، إذ يؤولُ الجميع إلى حُكمٍ واحد من إلهٍ قويٍّ قادر ماجد، بيده الأمر كلُّه في الغيوب والمشاهد، ويصير الأمر بالمكلَّفين؛ فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير، اجعلنا مِن أهل جنَّتكَ يا الله، اجعلنا مِمّن مآلهُم إلى رِضوانكَ الأكبر واستقرارهم في خير مستقر، يا من بعثْتَ إلينا عبدك الأطهر وحبيبك الأنور، سيدنا محمداً صلَّى الله عليه وآله وصحبهِ وسلَّم وعلى من والاه فيك واتّبعَ منهجه فيما بطن وظهر، وعلى آبائه وإخوانه من أنبيائك ورسلك وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المُقرَّبين وجميعِ عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
ولك الحمدُ يا من مننْتَ علينا أن جعلتنا من خيرِ أُمَّة، وهديتنا إلى اتِّباع هذا النَّبي المُصطفى، وجعلْتَ فينا مظاهر جودِك بالمواسم التي أقمْتها لنا، من الأشهر الحرم ومن رمضان ومن أشهر الحج ومن الجمعة ومن الاجتماعات على ذكرك، ومن شؤون هذه المقاصد في العلوم النافعات والتزكية للنفوس، والدعوة إليك يا ملك يا قدوس لا إله إلا أنت، فجعلتها أسبابَ الفهمِ عنك والمعرفة بِكَ، والدُّنُوِّ من حضرتِكَ والقُرب منك، ونَيلِ رضوانِك وهي أعلى ما يُكتسب مُكْتِسب من أهل الأرض ومن أهل السماء.
لن يكتسب أحد من حَمَلَة العرش ومن حوله ولا من سواهم من الملائكة، لن يكتسبوا أعظم من قُربٍ إلى الله ومعرفةٍ بالله سبحانه وتعالى ورِضوان من الله، لن يكتسبوا شيئاً أكبر من هذا، ولن يستطيعوا أن يُحصِّلوا شيئا أعظم من هذا عليهم سلامُ الله تبارك وتعالى، ومن يعيشُ على ظهر الأرض كذلك، يكسبون ما يكسبون فلن يجدوا في مكاسبهم أربحَ ولا أفلحَ ولا أنجحَ، ولا أجملَ ولا ألذَّ ولا أطيبَ، ولا أبقى ولا أدومَ ولا أجمعَ ولا أرفعَ مِن أن يكسبوا معرفةَ الإله، وقرْبهِ تعالى في عُلاه، ونيل رضوانه سبحانه وتعالى والظَفَر بمحبته سبحانه وتعالى.
وفي جوده على هذه الأمة، جعل حبال الإتصال بهذهِ المواهِب الكُبرى والمكاسِب العُظمى قائم ودائم، يقول سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، يقول لِكُلِّ القلوب التي كانت في القرن الأول ثُم التي كانت في القرن الثاني وفي كل قرن، كُل القلوب التي انحرفتْ وارْتدَّت عن دين الله، والمعنى استبدلتْ بطاعةِ إلهها التي بها شرفُها وطاعة أنبيائه، طاعةَ الأنفس والأهواء وطاعةَ الفسقة والمفسدين -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، هؤلاء المُرتدُّون عن الدين يُبدِّلون طاعة الله وطاعة رُسله بِطاعة الأنفس والأهواء وطاعة الفاسقين والمُفسدين على ظهر الأرض والعياذ بالله تبارك وتعالى.
يقول الله كل ما ظهر فيكم هذا الانحراف والإعوجاج فإنَّ من بحر كرمي أجعل في أمة نبيِّي مُحمد قرناً بعد قرن مَن أتولَّى الإتيان بهم وأتولَّى إعدادهم، وأُقيمُ استعدادهم ليكونوا خلفاء عن نبيي، ويظهر فيهم سرُّ الحق الذي أوحيتهُ والشرع الذي انتخبتهُ والدين الذي اصطفيتهُ، (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) وقد أظهرهم بحمد الله في الأزمنة، ويا من في زماننا كُل من اغترَّ وافترى واجترأ، سوف ياتي الله بِقوم يُحبّهم ويُحِبّونه، وأيدينا مُمتدَّة إليه أن يجعلنا وأهلينا وأولادنا وطلابنا وأصحابنا من هؤلاء القوم، ومِمّن ارتضاهم الحي القيوم، وأتى بهم للأمة.
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) يرعَون مصالحهم ويُحِبّونهم كما يُحِبّون أنفسهم، ويُوالونهم مِن أجلِ الله ويسامحونهم، ويتجاوزون عنهم ويتحمَّلون الأذى منهم، (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) لا يرومون منهم أن يْنخرطوا في طاعتهم ويتركوا طاعة الله، ولا أن يُبدِّلوا سُنَن نبيِّهم لِيأخذوا سُنَن أولئك وما يرسمونه لهم، (أَعِزَّة): إن هُدِّدوا فلا يخافون غير الله، وإن أُغرُوا بشَيء من جميع الأشياء لم يكن لهم طلبٌ ولا غرضٌ إلا رضوان الله جلَّ جلاله وتعالى في علاه.
(أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) إذا كان شُغلهم في الحياة (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) في أنفسهم، في أولادهم وأُسَرِهم، في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها، في أعمالهم التي ينطلقون فيها في الحياة؛ أرباب العلم منهم، أرباب الصناعة منهم، أرباب التجارة منهم، أرباب المسؤوليات منهم، كُل مَن أشْرقَ عليه نورُ هذا الحق وأطاع الله ورسوله يجاهد في الموقع الذي هو فيه؛ لا يرتضي تبديلا لأمر الله، ولا مخالفةً لمنهج الله، ولا خروجاً عن سنة النبي محمد بن عبد الله، ولا يهُمّهُ عن يُقال تُفْصَل ولا تُخرَج ولا تنزل درجتك ولا ينقصوا مُرتَّبَك ولا شيء من هذه الأشياء، يريد الله ويريد رضوان الله (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) هنيئا لهم يا رب.
من أين جاءوا بهذه المِنَح والمزايا والحباء والهبات؟ّ قال: (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) أتريدون نصيبا من هذا الفضل؟ هذا الحبل ممدود إليكم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ)، والُونِي ووالُوا رسولي ووالُوا المؤمنين، أُدْخلْكم في هذا الجانب وأتفضل عليكم بهذا الفضل (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، تريدون نصيب من هذا الفضل والدخول في هذه الدائرة؟ (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) تنزَّهوا عن أن تُسْتعبدوا لِغيري ثم تُسْتحسنوا ولاءات مجرمين أو فُسَّاق أو كفار.
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) وهُم الفائزون، وهم المنصورون في الدُّنيا ويوم يبعثون، (إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)
تبيَّن بهذا آثار الحج فينا ورمضان فينا والأشهر الحرم فينا، والجماعات والجُمُعات والتعليم ومجالس الذكرِ، كلُّها تُرَبّي وتُقَوِّي وتُنَمِّي فينا صِدْقنا مع بارينا، عالم ظاهرنا وخافينا من بيده أمْرُنا وإليه مرجعنا جلَّ جلاله، وأن نعيش في الدنيا على التنزُّه عن طاعة الشيطان والنفس الأمَّارة بالسوء والأهواء وشياطين الإنس والجن، فعلى المؤمنين أن يفقهوا هذه الحقائق.
ويا معشر أهل الإسلام الذين نال مِنهم عدوّ الله ما نال، ونالتْ أنْفُسهم الأمَّارة ما نالت وتعدَّى شُؤم ما نالهُ منهم عدوَّ الله وأنفسهم إلى أذى غيرهم وإلى الإضرار بغيرهم، وإلى مخالفتهم الصريحة للمنهج الرباني الرحماني، ورِضاهم بِمُخالفتهِ والخروج عنهِ ومُضادّته، ارحموا أنفسكم إنَّكُم تضُرُّون أنفسكم وتضرُّون مَن حَواليكم، ثُمّ لن ينفعَكم لا أنفسكم، ولا من أملأ عليكم هذه السلوكيات وهذه المعاملات وهذه التوجهات، ولن يغنوا عنكم من الله شيء، ما دُمْتَ أُعطِيتَ لا إله إلا الله محمد رسول الله فلا ترضى لِنفسك بهذا الهَوان! يا راغِب في المال، يا راغب في الحُكم والسُّلطة والسياسة، يا راغب في الصِّناعة، يا راغب في الشُّهرة في المُجتمعات، لا تتجاوز الحّد وتخسر الجبار الأعلى وتخسر مرافقة الأنبياء وتخسر الجنَّات العُلى! اتَّقِ الله وارحم نفسك، لا تتعدى الحدود "ألا فلا ترجعوا بعدي كُفَّاراً يضربُ بعضكم رِقاب بعض"
أين أدركَ سرَّ الصومِ أو سرَّ القيامِ أو سرَّ التلاوة مَن يُجرَّأ على أن يَمُدَّ يدهُ على أخيه فيمُدّها، ويضُرُّ بِبلدهِ ويضرُّ بمجتمعه، ويضرُّ بإخوانه ويضر بجيرانه ولا يُبالي، لأنّ دافعاً دفعه من الفُسَّاق، من الأشرار، من عُبَّاد الحُطام، من عُبَّاد السياسة، من عُبَّاد الجهل، من عُبَّاد الغفلة، من عُبَّاد الدينار والدرهم دفعوه لذلك ولِما في قلبهِ من لطخاتٍ بِعبادة الدينار والدرهم، استجاب لهم ولبَّى أمرهم وصار يضرب إخوانه ويُقاتل إخوانه، ويضر بِبلاده ويضُرُّ بِثروة بِلاده ويضرُّ بِمصالح بلاده الدينية والدنيوية، وهكذا يُجَرِّئونهم والعياذ بالله تبارك وتعالى.
يا معشر أهل المِلَّة ويا القلوب المُستيقظة التي وَعَتْ مِن سِرِّ لا إله إلا الله ما يُحرِّرها مِن الرِقِّ لغير الله والعبودية لغير الله؟ مضى عليكم رمضان ولياليه وأيامه، قَبِلنا الله وإياكم فيه وأعادنا إلى أمثاله، ونتائجه تظهر مِن بعد هذا الشهر الأغرّ فيما يكونُ من مسارِنا وفيما يكون في أفكارِنا، وفيما يكون في تعاملاتنا وفيما يكون من رغباتنا، وفيما يكون من انتباهاتنا واهتماماتنا، أين تنصب؟ وإلى أين تنصرف؟ ويجب أن نكون بعد رمضان هذا أقوى وأحسن وأجل وأشرف مما كنا قبل رمضان الماضي.
هذه مُهِمّة العمر، هذه وظيفة العُمر، هذه فائدة أن تُمتَّع شهر بعد شهر وسنة بعد سنة، لِترقى لِتعتلي لِتكسب هذه المكاسب الغالية، تزداد قُرباً من ربِّ السماوات والأرض، هذا شأن شريفٌ كبيرٌ عظيم لَن يُعطيكَهُ إيّاه دُولِ الشرقِ ولا دول الغربِ ولا يملكونه وليس عندهم شيء منه، ولكن تكسبهُ بأدبِك مع هذا الإله وصِدْقِ محبتك له، وأن لا تُحِبَّ في خلقهِ أحداً كما تُحبَّ محمداً، ومِن أجل الواحد الأحد تُحِبّ محمداً والأنبياء والمرسلين والملائكة المُقربين وآلهَم وصحبَهم وورثتَهمْ ومَن دخلَ في دوائرهم، من أجْلِ ربِّ العرش، من أجلِ مُكَوِّن الأكوان، من أجلِ خالقِ الإنسان، لا لغرض ثان (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).
أنت بوعيِك وانتباهِك وأخذِك لحقيقة لا إله إلا الله محمد رسول الله يُؤثِّر فيك رمضان وليالي رمضان وأيام رمضان، وقراءتُك القرآن في رمضان وصَدَقتُك في رمضان وصِلتُك الرحِم في رمضان، تُؤثِّرُ فيك زيادةً في الإيمان والطُّهْر عن الأدران، زيادة أدب مع الرحمن، قُوّة صِلَة، زيادة رضا، زيادة محبة وقوة في المحبة، حقائق معرفة بهذا الإله ولا أغلى من ذلك ولا أشرف من ذلك (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ).
فلنُراجِع أنفسنا ولنستفِدْ من رمضان، تحرُّرنا مِن الخيانة بيننا وبين الربّ، بإهمال طاعته مقابل طاعة فلسفة، ثقافة، حضارة، حِزب، فِكر، دولة، شعب، مؤسسة، هيئة.. يكون من يكون، ليس أمام الله أحد ولا قبل الله أحد، لا يُطاعُ في شرع الله صغير ولا كبير، ولا جماعة ولا قبيلة ولا طائفة ولا حُكَّام ولا محكومين ولا مؤسسات، ولا شيء مما على ظهر الأرض! الكُلُّ عبيد والسَّيِّد واحد هو الله، ويا وَيل من استهانَ بأمرِ الله وأخذ أمر الفُسَّاق وأخذَ أمرَ الأشرار على ظهر الأرض، وطبَّقه في نفسه أو في أحد من أولاده أو أسرته، ونسي أوامر من فوق جاءت ونبهنا القرآن على هذه الحقيقة، ونقول ربما اكتشف لكثير من أرباب السياسات وأرباب الاقتصاد وأرباب الصناعات أنهم مضحوكٌ عليهم ومخدوعون، في كثير من شؤونهم من قِبَل الفاجر الفلاني والكافر الفلاني والنظام العالمي الفلاني، ونقول: تنبَّهوا، ارفعوا عَلَم طاعة الرحمن إن أردتم صلاح الشأن، وإلا فَسُنّةَ اللهِ ماضيةٌ ولن يُخلِّفها أحد من الناس.
(فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) وليس الخلاص في أن ترجع من كافر إلى كافر ولا من فاسق إلى فاسق، ولا من نفْس إلى نفْس وهوى، لكن أن تترُكَ الكلَّ وتعظِّم الربَّ الأعلى من فوق، هذا خلاصكم وهذا صلاحكم وهذا فوزكم، وأقلّ القليل أن لا ترضَوا بِخيانة في أوامر الله، في إفسادِ الدين والدنيا على أصحابكم وعلى جيرانكم وعلى أهل المجتمع، أقلَ القليل هذا، هذا أقل القليل! خُذْ سياستك نحن وأهل منهجنا لن نُنازعك على شيء منها ولا نرغب في شيء منها، ولا نُحِبُّ لأنفسنا ولا لِمن أحبّنا وأحببنا شيئا منها، لكنها لا توقِعك في النار، لكنها لا تُبعِدك إلى صفِّ الكفار! لكنها ينبغي أن لا تمنعك وتحجبك عن رؤية وجه المختار في يوم القيامة! ولن يُعوِّضك عن هذا شيء، فاتَّقِ الله في نفسك.
وانظر كلاماً صريحاً واضحاً من ربي وربكم ورب الكفار ورب أهل السماء والأرض، يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) قال يردُّونكمْ كفار بعد الإيمان! ترضى بذلك؟ (إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
ويقول جلَّ جلاله: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)، إن تطيعوا الذين كفروا يردُّوكم على أعقابكم، حتى في اقتصادكم حتى في اجتماعكم (يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ) تريدون الحقيقة؟ (بل اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)، صاحب القوة العظمى يدعوهم إلى بابهِ ويقول تعالوا أنصُركم وأُأيدكم، فينصرفون عنه إلى من يظنّون عندهم النُّصرة، (أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) جلََّ جلاله.
(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا * وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ) فلا تقعدوا معهم على بساط الاستهزاء والكُفر بآياتِ الله، لا تقعدوا معهم ولا تقبلوا طاولاتهم ولا القعود معهم في هذا المِضمار! (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) فيما أبحنا لكم من شؤون مصالح حياتكم الدنيا، وهديناكم إلى ما هو أبقى وأدوم لكم من مصالح الآخرة، وجعلنا لكم مباحات تقومون بها وتتعاونون مع هذا أو ذاك، في غير استهزاء بآيات الله، في غير كفر بشرع الله، أما هذا فلا.. (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْره) أما إن قعدتم معهم في ذلك (إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) اللهم أجرنا من النار.
قال: وعُبَّاد المصالح الحقيرة الزائلة الفانية الذين يتربَّصون بكم، (فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ) بلا مبادئ، بلا حقائق إيمان (وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) قال الحُكم راجع إليَّ وسأظهر هذه السرائر.
يقول سبحانه وتعالى جلَّ جلاله وتعالى في علاه: (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * و قَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا)
يقول جلَّ جلاله وتعالى في علاه : (والْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فوسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)، (كنود): كَفور، من عَدمٍ خلَقهُ؛ سمِع وبصر ورزق وهواء وأرض مهيئة وممهدة وخيرات، ويقوم إلى غيره؟! ويعبد غيره ؟! ويطيع غيره؟!
(إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ * وإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ ) المال، (لَشَدِيدٌ): شديد تعلُّقه بالفانيات والمال، (أفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) قال: الذي في صدورهم هذا سيُحصّل، سيبُرز، (يومَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ) ما عاد شيء أخفيته، وشي جهاز سرِّي، وشي مخابرات خاصة، ماشي.. مكشوف الأمر كله! (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)
وهكذا يقول الله تعالى في تحريم طاعة أصناف الكفار والفجار والأشرار والغافلين والبعيدين عنه، يقول جل جلاله لأكرم خلقه: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) لا تطع هؤلاء، ما لهم طاعة.
يقول جلَّ جلاله لعبدهِ النبي داوود: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ) ولا تتبع الهوى! نبي من الأنبياء، يقول له: (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)، اجعلنا من ذاكرين يوم الحساب لا ننساه يا رب، حتى نفوزَ في ذاك اليوم وذلك المآب.
إنهم يقالُ بما نسيتم لقاء يومكم هذا فذوقوا العذاب -والعياذ بالله تعالى- (لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ * وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ * كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
اجعلنا مِمّن يتدبر آياته واجعلنا عندك من أولي الألباب، يا كريم يا وهاب يا من يُعطي بغير حساب يا الله.
يقول سيدنا موسى لأخيه هارون -على نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام- لما ذهب لِكلام ربه، قال سبحانه: (وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) هذه وصايا الله وصايا أنبياه، لا تتّبع مُفسد، لا تتبع هوى، لا تتّبع غافل.
وهكذا، يقول النبي صالح لقومه: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)
ويقول جلَّ جلاله وتعالى في علاه: (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ..) بصِّرنا يا رب الناس، (هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ * أم حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ.. ) راحوا وراء المحرمات ووراء ما نهى الله من المعاصي والسيئات!
(أم حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُون * أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) لا هادي غيرُك يا رب، ولا هادي إلا من هديته، اللهم اهدنا فيمن هديت.
قال لسيد خلقه: (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا)، (و لَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * همَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ * أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ) مِن شأن عنده مال وعنده قوة بتتبعه؟! لا.. أمري فوق الأمر وطاعتي خيرٌ لك من هذا!
(أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) اسمع! نموذج من هؤلاء الفجّار الفسّاق كان في عهده صلى الله عليه وسلم: قال (سنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) نجعل له في الدنيا قبل الآخرة ضربة في خرطومه وفي أنفه يُقْتل بها والنار بعدها! (سنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) ولما كان يوم بدر في الأنف وقعتْ الضربة ومات، هذا المشرك الكافر، وأمثاله لهم مثل مصيره -والعياذ بالله تبارك وتعالى- (سنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ).
وهكذا كانت العواقب والنتائج، فلابُدّ نرفع راية طاعة الله ورسوله، في أفكارِنا وعاداتِنا ولباسنا وهيئاتنا، ومناسباتنا وديارنا وبيعنا وشرائنا، ومزارعنا ومصانعنا، نرفع طاعة الله ورسوله، قد أوتيت الأمة ودخل البلاء عليها! أطاعوا كل حلَّاف مهين همَّاز مشَّاءٍ بنميم، أطاعوا آثماً وكفوراً، أطاعوا الفريق من الذين أوتوا الكتاب، أطاعوا الذين كفروا ورفعوا طاعة الله ورسوله مِن كثير من شؤون حياتهم فأصاب البلاء الأمة، والله يكشف الغُمَّة ويجلو الظلمة، ويجعلنا من أهل طاعته وطاعة رسوله ظاهراً وباطناً.
(ومن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا * ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا).
ربّنا أنقِذنا والأمة واكشف كل غُمّة، ولا تجعله آخر العهد من رمضان وأعدنا إلى أمثاله في خيرات، وادفع البلايا والآفات، وارفع البلاء من السودان وأهل السودان، وارفع البلاء في طاعة الأنفس والأهواء وشياطين الإنس والجن من بقاع الأرض، من بلاد المسلمين خاصة ومن بقاع الأرض عامة، رُدَّ كيد الكُفار والفجّار والأشرار في نحورهم، واكفِ المسلمين جميع شرورهم، وارزُقنا الاستجابة لأمرك وأمر رسولك، والتحابُبَ فيك والتآلفَ فيك، والتعاونَ على ما يرضيك والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
اجعلنا من أهل ذلك، الناجين من كُل خُسر، الفائزين في السرِّ والجهر، في الدنيا والقبر ويوم الحشر، حتى تجمعنا في دار الكرامة في زُمرة المُطَهَّر إمام أهل الإمامة، سيّد أهل الزعامة، شهم أهل الشهامة كريم أهل الكرامة، سيدنا محمد بن عبد الله.
فيا رب واجمعنا وأحبابا لنا ** في دارك الفردوس أطيب موضعِ
فضلاً وإحساناً ومنَّاً منك يا ** ذا الجود والفضل الأتمِّ الأوسعِ
ومن فارقناهم في رمضاننا هذا وما بعده وما قبله من أحبابنا فيك ومن أهل لا إله إلا الله، اغفر لهم وارحمهم وتجاوز عنهم، واجعل قبورهم رياضاً من رياض الجنة وأخلِفهم فينا بخير خلف، يا حيُّ يا قيوم، وادخل عليهم في قبورهم روحاً منك وسلاماً مِنا.
وبارك في أعمارنا وزِدنا فيها قُرباً منك وفهماً عنك ومعرفة بك، ورِضا منك ورِضا عنك ومحبة منك ومحبة لك، اجعلنا نزداد من هذه المواهب وعظيم المكاسب، في كل يوم من أيام أعمارنا وفي كل ليلة من ليالي أعمارنا، حتى تكون أحسن ساعة لِكل واحد منَّا ساعة لِقاك، يلقاك وأنت راضٍ عنه، ينطق بِقلبه وبلسانه وبِكُلِّيته بلا إله إلا الله، وتجعلها آخر كلام كل واحد مِنا من هذه الدنيا يا الله، وزِدنا من فضلك ما أنت أهله وأصلح الشأن كله، والحمد لله رب العالمين.
14 شوّال 1444