(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: باب الغسل: فصل في فرائض الغسل وسننه (1).
صباح الثلاثاء: 23 ربيع الآخر 1445هـ
فصل في فرائض الغسل وسننه
"قال أبو هريرة -رضي الله عنه- كان رسول الله ﷺ يقول: "تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر"، وكان ﷺ يقول: "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا في النار"، قال علي -رضي الله عنه-: فمن ثم عاديت رأسي، قالها ثلاث مرات فكان علي -رضي الله عنه- يجزُّ شعره بعد ذلك.
وكان أبو أيوب -رضي الله عنه- يقول: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ يسأله عن خبر السماء فنظر إليه النبي ﷺ فرأى أظفاره طوالًا فقال: "يسأل أحدكم عن خبر السماء وأظفاره كأظفار الطير يجمع فيها الجنابة والتفث"، وكان ثوبان -رضي الله عنه- يقول: سُئل رسول الله ﷺ عن الغسل من الجنابة، فقال: "أما الرجل فينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات تكفيها".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلِّمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن.
الحمد لله تعالى مُكرِمنا بالشريعة وبيان أحكامها على لسانِ ذي المراتب الرفيعة والوجاهات الوسيعة، عبده المصطفى سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه ومن أضحى تبيعهُ وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين؛ من رفعهم الله تبارك وتعالى في أعلى المراقي الرفيعة، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعدْ..
فيتكلم الشيخ -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- عمّا ورد في فرائض الغُسل وسُننه؛ وروى لنا حديث أبي هريرة أنه ﷺ قال: "تحت كل شعرة جنابة فأغسلوا الشعرَ وأنقوا البشر". وهكذا جاء في عدد من الروايات ومنها الرواية الثانية عن سيدنا علي أيضًا؛ أنه ﷺ كان يقول: "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فُعل به كذا وكذا في النار".
فيما جاء في رواية أبي داؤد وبن ماجة والإمام أحمد، "فقال سيدنا علي -رضي الله عنه-: فمِن ثَمَّ عاديتُ رأسي" أيّ: شعر رأسي بالحلاقة. فكان رضي الله عنه يجُزُّ شعره بعد ذلك يعني: يحلقهُ؛ كلما طال حلقه؛ للتأكد من وصول الماء إلى جميع أجزاء البدن.
فهذا الركن المتفق عليه بين الأئمة: وجوب إيصال الماء إلى جميع البدن. والقول أيضا هذه عن سيدنا علي جاءت عن سيدنا حذيفة -رضي الله عنه- وقال: "إن تحت كل شعرة -لا يصيبها- الماء جنابة فعافوها"، فيقول: "فلذلك عاديت شعر رأسي كما ترون". لمّا خرج عليهم سيدنا علي وقد جمّ شعره في رواية ابن أبي شيبة.
ففرائض الغسل:
وإشارة الأحاديث عندنا إلى:
فإذا أراد أن يتوضأ يتمضمض ويستنشق، ويُسن أن يقدم قبل ذلك بعد غسل ما أصابه من أذى، وبعد الإستنجاء أن يغسل كفيه لسُنة الغُسل، وأن يتمضمض ويستنشق للغسل أيضًا، ثم يعود للوضُوء؛ كمّل.. فيُعيد غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق لأجل الوضوء، ثم يغتسل.. هذا هو الأفضل في كيفية الغُسل.
ومما جاء في الأحاديث ما جاء في البخاري عن سيدتنا عائشة "أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ -تقصد الكفين- ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كما يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أصَابِعَهُ في المَاءِ، فيُخَلِّلُ بهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ علَى جِلْدِهِ كُلِّهِ."
وجاء أيضًا في صحيح البخاري عن سيدتنا ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها "تَوَضَّأَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وُضُوءهُ لِلصَّلَاةِ، غيرَ رِجْلَيْهِ، وغَسَلَ فَرْجَهُ وما أصَابَهُ مِنَ الأذَى، ثُمَّ أفَاضَ عليه المَاءَ، ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا -قالت- هذِه غُسْلُهُ مِنَ الجَنَابَةِ". كما جاء أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قال:" أما أنا فآخذُ بكفّي ثلاثًا ؛ فأصبُّ على رأسي ، ثم أُفيضُ على سائرِ جَسدي"أصله في الصحيحين واللفظ عند الإمام أحمد- عليه رحمة الله تبارك وتعالى- وأن" تَحتَ كُلِّ شَعرةٍ جَنابةٌ، فاغسِلوا الشَّعرَ، وأنقوا البَشَر" في رواية أبي داود.
إذًا إفاضة الماء على جميع البدن شعره وبشره واجب بلا خلاف، يجب إيصال الماء إلى كل ظاهر الجسد ومنه ما تحت الشعر، سواء كان الشعر خفيفًا أو كثيفًا، يجب إيصال الماء إلى جميعه حتى ما تحت قلفة الأقلف الذي لم يختتن يرفع قلفته ليغسل الموضع، فيعم الماء جميع البدن، فيتنبه لِمَا يغفل الماء عنه عند الوضوء كعمق السرة وتحت الذقن وإبطيه وما تحت ركبتيه وأسافل رجليه ويخلل يديه ورجليه ويخلل الشعر شعر لحيته وشعر الحاجبين والأهداب والشارب فينتبه من ذلك، ومن ذلك نبهوا إلى أنه يحتاج إلى أن ينوي رفع الجنابة وهو جالس على هيئة المستنجي حتى يصل الماء إلى جميع معاطف جسده ولا يبقى لمعة في جسده عليها الجنابة.
والحديث الذي ذكره " جاء رجل إلى رسول الله ﷺ يسأله عن خبر السماء فنظر إليه النبي-هو يسأل النبي عن خبر السماء وعن الوحي- فرأى أظفاره طوالًا فقال: "يسأل أحدكم عن خبر السماء وأظفاره كأظفار الطير يجمع فيها الجنابة والتفث" يشير إلى أنه ما تحت الأظافر فيه جنابة؛ يجب إزالة الوسخ حتى يصل الماء إلى البشرة التي تحت الأظفار وإلى جميع الظفر والتفث والوسخ، فلا يتعرض لجمع الأوساخ ولا الجنابة بإهمال أظافره وإطالتها بل ينبغي أن يقص الأظافر.
وكان ثوبان -رضي الله عنه- يقول: سئل رسول الله ﷺ عن الغسل من الجنابة، فقال: "أما الرجل فينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات تكفيها". وفي هذا جاء كلامهم عن ضفائر المرأة وهل يجب نقضها.
وقالوا ضفائر المرأة عقد شعر رأسها:
وفَرَّق الحنفية بين الرجل والمرأة وقالوا:
يقول الحنفية: يجب غسل كل ما يمكن بلا حرج مثل الأذن والسرة والشارب والحاجب وإن كثف وبقية أجزاء البدن، وسَمِعت أيضًا إيجاب للمضمضة والاستنشاق عندهم.
أما الموالاة:
فالمالكية يقولون: أنها واجبة من فرائض الغسل.
ويقول الأئمة الثلاثة: إنها سنة.
لكن عند الحنابلة يقولون: إذا فاتت الموالاة قبل إتمام الغسل بأن جف ما غسله من بدنه جدد لإتمام النية وجوبًا يقول لإنقطاع النية بفوات الموالاة، فعجب الجمع بين قولهم أن الموالاة سنة وبين نصهم على أنه إذا جف بعض الجسد فاحتاج إلى إكماله فيعيد الغسل هذا كله لأنه يبقى الثاني بلا نية والنية عندهم متحدة للجسد كله فلا بد من نية واحدة وكانت تنقطع بطول الفصل، وليس كذلك عند الأئمة الحنفية والشافعية.
وكذلك الدلك:
هوواجب عند المالكية أوجبوا الدلك في الوضوء وفي الغسل
واستحبه الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا: أن دلك الأعضاء في الغسل سنة وفي الحديث يقول ﷺ لأم سلمة: "إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي علَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ".
المزني من الشافعية كالمالكية يقول بوجوب الدلك.
رزقنا الله الاستقامة والاقتداء بسيد أهل الإمامة، والاهتداء بهديه والسير في سبيله، وسقانا من سلسبيله، وألحقنا بأهل قربه وجيله، وحمانا به من شرور أنفسنا، وسترها عنا من كل سوء أحاط بعلمه في الدنيا والآخرة.
بسِرَ الفاتحة إلى حضرة النبي
اللهم صلِّ وسلم وبارك علي وعلى آله وأصحابه
الفاتحة
24 ربيع الثاني 1445