(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: مواصلة شرح: فصل الوضوء من أكل ما مَسَّتِ النار.
صباح الثلاثاء: 2 ربيع الآخر 1445هـ
"وكان جابر بن سمرة يقول: "جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله أأصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أأصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا فإنها من الشياطين قال يا رسول الله أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ. وقال: أأتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل".
وفي رواية: "توضؤوا من لحوم الإبل ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم، وتوضؤوا من ألبان الإبل ولا تتوضؤوا من ألبان الغنم"، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول:" بينما رجل يصلي مسبل إزاره قال له رسول الله ﷺ: اذهب فتوضأ فذهب فتوضأ، ثم جاء فقال له: اذهب فتوضأ فذهب فتوضأ، ثم جاء فقال له رجل: يا رسول الله مالك أمرته أن يتوضأ؟ قال: إنه كان يصلي وهو مُسّبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مُسّبلٍ إزاره".
وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ولا يتوضأ من الكلمة العوراء يقولها، وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: كنا لا نتوضأ من موطئ ولا نكفٌ شعرًا ولا ثوبًا
وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يتوضأ من قص الشارب وتقليم الأظفار ويقول: إن فعله طهوره، وكان الزهري إذا سُئِلَ عن ذلك يقول: إن شاء ذلك مسح بماء وإن شاء ترك، والله تعالى أعلم" .
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن.
الحمد لله مُكرمنا بشريعته الغراء وبيانها على لسان عبده المصطفى خير الورى صلى الله عليه وسلم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله من حازوا به طُهرا وأصحابه من رفع الله لهم به قدره وعلى من تبعهم بالصدق والإخلاص سرًا وجهرًا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الرَّاقين في الفضل على الذرى وآلهم وصاحبهم وتابعهم، والملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعدُ..
فيواصل سيدنا الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- ذِكر الأحاديث المتعلقة بأماكن الصلاة، وذكر لنا في هذه الأحاديث:
فالحديث هذا الذي ذكره لنا أو الحديثين تتعلق بالصلاة في مرابض الغنم والإبل، وكذلك الوضُوء من: أكل لحم الغنم أو لحم الإبل، فمَبارك الإبل ما فيها من النفور تأتي إلى قطع الصلاة، أو يحصل منها أذى أو تشوش الخاطر الذي يُلهي عن الخشوع؛ فنُهيَ عن الصلاة.
قال المالكية: النهي تعبُدي لا لعلة معقولة، وهو قول عند الحنابلة.
ومن المعلوم أنه في الحديث فرَّق بين معاطن الإبل ومرابض الغنم، فلا بُدَّ أن يكون هناك خصوصية في الإبل لكراهة الصلاة في معاطنها؛ لا مجرد النجاسة فإن من الأئمة من يقول:
فلا أحد يقول أن أبوال الغنم وأرواثها طاهر، وأبوال الإبل وروثها نجس، الذي قالوا بالطهارة قالوا بالطهارة في الجميع، والذين قالوا بالنجاسة قالوا بالنجاسة في الجميع؛ إذًا فليست العلة مجرد النجاسة.
أما النجاسة فعلى من يقول بالنجاسة سواءً كان مربض غنم أو معطن إبل أو غير ذلك من الأماكن، إذا لامس النجاسة بطلت صلاته.
إذاً الصلاة في معاطن مكروهة حتى ولو كان طاهر، ولو كان من دون نجاسة، ولو كان على السجادة، فهذا مكروه عند جمهور العلماء.
ولكن الحنابلة قالوا: ما تصح؛ المعتمد عندهم ما تصح الصلاة في معاطن الإبل لأجل النهي فلا تصح أصلًا، يعني فهي حرام لأن التلبس بعبادة فاسدة حرام، وهكذا يقول الشافعية: إذا صلى في أعطان الإبل ومراح الغنم إن مس شيء من النجاسة أبواله وبعاره وغيرها من النجاسة بطلت صلاته، وإن بسط شيء طاهر وصلى عليه أو صلى في موضع طاهر صحت صلاته، لكن تُكرَه في أعطان الإبل ولا تُكرَه في مرابض الغنم لأن الكراهة ليست لأجل النجاسة.
وقال المالكية: تصح الصلاة في مربض الغنم والبقر ولو من غير فرش لأن عندهم روثها طاهر، أما الإبل فهي مكروهة.
وقال الحنابلة في المعاطن عندهم: لا تصح بأي حال الصلاة في معاطن الإبل، ودليل ما جاء عندنا في الحديث " أأصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا فإنها من الشياطين" أي:
إذًا قول الحنابلة: إذا كان المصلي عالم بالنهي في هذه المواضع- معاطن الإبل- لم تصح صلاته هو عاصٍ بصلاته فيها، والمعصية ما تكون قُربة. فاختلفوا أو جاء عندهم أقوال في الجاهل إذا كان يجهل حرمة ذلك أو النهي عن ذلك:
في المسائل كذلك يتحدث في الحديث عن الوضوء من أكل لحم الجزور:
وقالوا أيضًا: أن الوضوء لا ينتقض بشرب لبن الإبل أو شرب مرق لحمها، لأن الأخبار وردت في اللحم نفسه، فإما شُرب مرق وإلا لبن ما ينتقض الوضوء بذلك، إذًا فالقول بعدم صحة الصلاة في أعطان الإبل عند الحنابلة، وكذلك القول بانتقاض الوضوء بأكل لحم الجزور هو عند الحنابلة، "توضؤوا من لحوم الإبل ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم، وتوضؤوا من ألبان الإبل ولا تتوضؤوا من ألبان الغنم" لكن علمت أنهم لم يقولوا بالوضوء من لبن الإبل؛ وإنما قالوا من أكل لحم الإبل لِمَا صح عندهم، أو للرواية التي صحت لديهم والله أعلم.
رزقنا الله الإستقامة واتحفنا بالكرامة، وملأ قلوبنا بالإيمان وألحقنا بالخيار الزيان، وأصلح شؤوننا بما أصلحت به شؤون الصالحين.
بسِرَ الفاتحة إلى حضرة النبي
اللهم صلِّ وسلم وبارك علي وعلى آله وأصحابه
الفاتحة
03 ربيع الثاني 1445