كشف الغمة 324- كتاب الصيام (01) مشروعية الصوم وفضله

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كشف الغمة 324- كتاب الصيام (01) مشروعية الصوم وفضله
صباح الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ
نص الدرس مكتوب:
كتابُ الصيام
"كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يقول: أحيل الصوم على ثلاثة أحوال قدم الناس المدينة ولا عهد لهم بالصيام، فكان رسول الله ﷺ يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويأمر بها الناس حتى نزل صوم شهر رمضان فاستنکر غالب الناس ذلك وشق عليهم لكون الناس لم يتعودوا الصيام، فكان كل من لم يصم أطعم ستين مسكيناً حتى نزل: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: 185] فأمر به من أطاق الصوم دون من لم يطقه، وكان رسول الله ﷺ إذا دخل رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل ولم يأت فراشه حتى ينسلخ، وكان إذا دخل رمضان تغير لونه وكثرت صلاته ودعاؤه.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: وكان ﷺ إذا دخل شهر رمضان يقول: "أتاكم رمضان شهر مبارك تحط فيه الخطايا ويستجاب فيه الدعاء وينظر الله تعالى فيه إلى تنافسكم ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل"، وكان ﷺ يقول كثيرًا: "قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به"، قال العلماء: وفيه دليل على أن الصوم لا يعطى منه شيء للخصوم بخلاف سائر الأعمال في يوم القيامة، وكان ﷺ يعلم الناس هؤلاء الكلمات إذا جاء رمضان: اللهم سلمني لرمضان وسلم رمضان لي وتسلمه مني متقبلا"، وكان ﷺ يقول: "رغم أنف رجل أدرك رمضان ثم لم يغفر له"، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: إنما سمي رمضان، لأن الذنوب ترمض فيه، وإنما سمي شوّال لأنه يشول الذنوب كما تشول الناقة ذنبها، وكان ﷺ إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه سريعاً وقال: "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله هلال رشد وخير آمنت بالذي خلقك، يقول ذلك ثلاث مرات".
اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مُكرِمنا بشريعته وبيانها على لسان عبده وحبيبه وصفوته خير بريته سيدنا مُحمّد صلَّ الله عليه وآله وسلم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وصحابته وعلى من والاهم واتبعهم بإحسان في ظاهره وسريرته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، محل نظر الله تبارك وتعالى من بين خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وابتدأ الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- يتكلم عن الصيام: وقال: "كتاب الصيام"؛ والمراد به: ما فُرض من صيام شهر رمضان وما يتعلق بذلك من الأحكام.
وذكر قول سيدنا معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: "أُحيل الصوم على ثلاثة أحوال"، فإنه إنما فُرض في السنة الثانية من الهجرة في شهر شعبان، فبقيت السنة الأولى وأشهُر ستة أشهر من السنة الثانية لم يُفرض الصوم بعد، في خلال هذه المدة.
قال: "قدم الناس المدينة ولا عهد لهم بالصيام، -لم يكونوا يعرفونه ولا يعهدونه ولا يُكثرون منه- فكان رسول الله ﷺ يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويأمر بها الناس"؛ أي: على سبيل الندب والاستحباب. وكما جاء في رواية أخرى أيضاً: "أنه أمرهم أيضًا في خلال هذه المدة، في أول السنة الثانية من الهجرة، بصيام يوم عاشوراء، واختلفوا هل فرضه عليهم أم ندبهم إليه.
ثم جاء الفرض في شعبان في السنة الثانية، قال: "حتى نزل صوم شهر رمضان، فاستنكر غالب الناس ذلك وشق عليهم لكونهم لم يتعودوا الصيام؛ فكان من لم يُطِقْهُ أطعم مسكيناً" وعلى هذا قوله سبحانه وتعالى: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ﴾ [البقرة:184]، ويُخرِج بدل صوم اليوم مُدًّا؛ الغريب هنا قوله: "ستين"، "حتى نزل قوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: 185]؛ فأمر به من أطاق الصوم -به من أطاق الصوم ولم يُقبل منه غير ذلك- دون من لم يُطِقْهُ".
فوجب على:
- كل قادر على الصوم أن يصوم مهما أطاق ذلك،
- ولا يُقبل منه الفدية وغيرُها إلا للعاجز كالشيخ الهَرِم؛ وصاحب المرض الذي لا يُرجى زوال مرضه ولا يُرجى بُرؤُهُ وشفاؤُه منه، فحينئذ ينتقل إلى الفدية: وهي أن يُخرِج عن كل يوم مُدًّ.
وجاء في تعظيم شهر رمضان، يقول: "وكان رسول الله ﷺ إذا دخل رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل ولم يأت فراشه حتى ينسلخ، وكان إذا دخل رمضان تغير لونه وكثرت صلاته ودعاؤه" ﷺ.
فلم يزل للصالحين والصادقين والمخلصين مع رمضان أحوالٌ ووَجْدٌ وذَوْقٌ ووجهاتٌ إلى الرب جل جلاله وتعالى في عُلاه. وقالوا:
- إن الصوم مُجمَعٌ على وجوبه بالقرآن والسنة.
- وهو مُجمَعٌ عليه لكل قادر عليه مُطيقٍ له من المُكلفين.
- غير أن من كان على سفر أو عليه مرض فيُفطِر ويَقضي.
- ومثلُ الحائض والنفساء، فيقضينَ بدل تلك الأيام غيرها من أيام السنة.
وهو: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على وجه مخصوص بنية.. هذا معنى الصوم.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183] فأشار إلى إفادته التقوى، بما يُقوِّي من الإيمان واليقين ويُصفِّي الباطن، فتسهُل التقوى به.
وفي الحديث أيضًا في الصحيحين: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ". وفي رواية: "وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".
وجاء بعد ذلك فضائل كثيرة في هذا الصوم:
- فمنها ما جاء في صحيح البخاري: " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
- كما جاء إيضًا في رواية الإمام أحمد والنسائي: كان النبي ﷺ يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول: "قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفتَّح فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغلَّق فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ"، تقبل الله مِنا ما كان من رمضان الماضي، ووفقنا وبلغنا رمضان المقبل في عافية وصلاح لأحوالنا والمسلمين.
- كذلك جاء في الصحيحين: " إنَّ في الجَنَّةِ بابًا يُقالُ له: الرَّيّانُ، يَدْخُلُ منه الصّائِمُونَ يَومَ القِيامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقالُ: أيْنَ الصّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ"؛ وينال هذا من حافظ على إحسان صوم رمضان، ثم صام مثل الست من شوال ويوم عاشوراء ويوم عرفة وثلاثة أيام من كل شهر، فيستحق أن يُنادى من باب الريان في القيامة ويدخل مع الصائمين من باب الريان، وكذلك جاء عند الترمذي يقول ﷺ: "رغِم أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ ثمَّ انسلخ قبل أن يُغفَرَ له".
قالوا: في الصيام منافع وفوائد كثيرة، فتظهر حكمته في أنه:
- وسيلة إلى شكر النعمة، ففيه كف النفس عن الأكل والشرب والمفطِّرات من أجل المنعم جل جلاله الذي قال: (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
- وهو وسيلة إلى التقوى، قال سبحانه وتعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، فهو وسيلة إلى التقوى وتثبيتها في مراقبة الحق تبارك وتعالى في الكف عن المفطِّرات.
- وهو كاسر للشهوة ومانع للشيطان من التسلط.
- وهو كذلك يستبعث الرحمة والعطف على المساكين والمقلِّين.
- وكذلك يكون فيه موافقة للفقراء، في تذوق ما يتعرضون له من الجوع.
وكذلك في هذا الصوم فوائد كثيرة، وأشار ﷺ إلى عظيم فوائده بقوله فيما يروي عن الله تعالى: "إلّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنا أَجْزِي به"، "إلّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنا أَجْزِي به".
يقول: "قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: وكان ﷺ إذا دخل شهر رمضان يقول: "أتاكم رمضان شهر مبارك تحط فيه الخطايا ويستجاب فيه الدعاء وينظر الله تعالى فيه إلى تنافسكم - تسابقِكم إلى الخير ومسارعتِكم إلى الطاعات - ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل"-هكذا شأن الشهر وعظمته-، وكان ﷺ يقول كثيرًا: "قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به".
ومن هنا جاءت المعاني في قوله: "الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ":
- فمنهم من يقول: إنه لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره "الصَّوْمُ لِي".
- ومنهم من يقول: أني أَنفَرِد بعلم مقدار ثوابه وتضعيفه دون غيري.
- ومنهم من يقول: أنه أَحَبُّ العبادات إليَّ والمقدَّم عندي "الصَّوْمُ لِي".
وهكذا كما قال ابن عبد البر: كفى بقوله "الصَّوْمُ لِي" فضلاً للصيام على سائر العبادات؛ وكما جاء في الحديث: "عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ".
- كذلك أن الإضافة إضافة تشريفٍ وتعظيم، نُسِبَتْ إلى الحق جل جلاله، مع أن جميع العبادات لله.
- وكذلك أن فيه من صفات الاستغناء عن الطعام وعن الشراب، وهذا أيضًا معنى من القدسية والجلال.
- وكذلك قيل: إن المراد بأن "الصَّوْمُ لِي" يعني: صاحبه يشبه الملائكة، فإنهم لا يأكلون ولا يشربون، فهو خلال الصوم يتشبه بالملائكة.
- وكذلك أنه ليس فيه للنفس ولا للعبد حظٌّ؛ ويذكر بعضهم هذا.
- وكذلك قيل: إن أنواع المشركين لم يعبدوا آلهتهم بالصوم، أنواع الذين عبدوا غير الله لا أحد منهم يعبد إلهه بالصوم؛ يعبدون بالذبح، وبالسجود، وبالأشياء الثانية؛ ولكن لا يعبدونه بالصوم قال: "إِلَّا الصَّوْمَ فَإنهُ لِي"، يتعبدني به المتعبدون، "وَأَنَا أَجْزِي بِهِ".
- وبعد ذلك هذا المعنى الرفيع الذي يذكره بعضهم أنه "لِي" بمعنى: لا يستوفي منه مظالم العباد: أن جميع العبادات تُستوفى منها إلا الصوم، فإن الحق يحفظه عنده، وإذا قبِلَه، يجزِي المستحقين من عنده، ويبقى الصوم محفوظًا.
- وكذلك الإخلاص فيه كغيره سرٌّ من الأسرار، لا تطَّلع عليه الحفظة ولا غيرهم.
قال: "الصوم لي وأنا أجزي به"، - نقل الشعراني - "قال العلماء: وفيه دليل على أن الصوم لا يعطى منه شيء للخصوم بخلاف سائر الأعمال في يوم القيامة"
فإن من عليه تبعات يُؤخذ من حسناته؛ يقال: نظرتَ شزرًا إلى فلان يوم كذا، فهاتِ حقه، اغتبتَ فلانًا في يوم كذا، فهاتِ حقه، أسأتَ إلى فلان في يوم كذا، فهاتِ حقه، من أين يأتي بحقه؟! أخذتَ من مال فلان يوم كذا، فهاتِ حقه، من أين يأتي بحقه؟! يقال: هاتِ حسناتك؛ حتى يُروى أنه يُؤخذ في مقابل الدانِق -فلس ما هو درهم- دانِق، ثواب سبعين فريضة مقبولة؛ يا لطيف! كم معه فرائض مقبولات وكم؟! وهذا في الدانِق، فكيف بالدرهم، كيف بالدينار، كيف بالألوف؟! لا حول ولا قوة إلا بالله! يا خيبة الظالمين يوم القيامة! يا خيبة أهل التَّبِعات! فيُؤخذ من حسناته؛ ففي قولٍ: إلا الصوم، إذا قُبِل عند الله تعالى فيبقى؛ فإذا قالت الملائكة: يا رب، استغرقَتْ تبعاتُه حسناتِه، وبقيَتْ تبعات، وما في إلا الصوم باقٍ. يقول الله: لا، "الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ"، فيُعطي من عنده -سبحانه وتعالى- لأهل التَّبِعات، ويَسلَم له الصوم، ويكون من أسباب نجاته إذا قَبِلَه الحق جل جلاله.
يقول: "وكان ﷺ يعلم الناس هؤلاء الكلمات إذا جاء رمضان: اللهم سلمني لرمضان وسلم رمضان لي وتسلمه مني متقبلا".
"سلمني لرمضان": فلا ينتابني فيه ولا يلحقني ما يقطعني عن حسن صومه والقيام فيه واغتنامه، من مرض ولا عِلّة ولا طارئ يطرأ يقطعني عن القيام بحق رمضان.
"وسلِّم رمضان لي": فلا أرتكب فيه ما يُذهِب عني ثوابه وأجره الكبير.
"سلِّم رمضان لي": سلِّم صومي فيه وقيامي من الرياء ومن العُجب ومن الكِبْر ومن كل ما يحبط العمل.
وتسلَّمْهُ مني متقبَّلًا": ارزقني القبول فيه، وأخرج من الصوم وأنا مقبول عندك.
وهذا أيضًا من الأدعية التي يُؤتى بها عند رؤية الهلال، هلال رمضان خاصة، ولكل هلال إذا هَلَّ ينبغي للمؤمن أن يدعو.
- وكان ﷺ إذا هَلَّ الهلال قال: "اللَّهُمَّ أَهِلَّه علينا باليُمْنِ والإيمانِ، والسَّلامةِ والإسْلامِ، رَبِّي ورَبُّك اللهُ"؛ فهو مما ورد في سنن الترمذي عنه ﷺ إذا رأى الهلال يقول ذلك.
- وكذلك جاء في رواية الطبراني: إذا رأى الهلال ﷺ قال: "اللهم أَهِلَّه علينا بالأمنِ والإيمانِ، والسلامةِ والإسلامِ، والتوفيقِ لِما تُحِبُّ وترضى، ربُّنا وربُّك اللهُ ".
- وكذلك جاء عن عبادة بن الصامت يقول: كان ﷺ إذا رأى الهلال قال: " اللهُ أكبرُ، الحمدُ للهِ، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ ! اللهمَّ إني أسألُك خيرَ هذا الشهرَ، وأعوذُ بكَ منْ شرِّ القدَرِ، ومنْ سوءِ الحشرِ"؛ هكذا جاء عند الطبراني.
- وكذلك يقول سيدنا قتادة: أن النبي ﷺ كان إذا رأى الهلال قال: "هلالُ خيرٍ ورُشدٍ، هلالُ خيرٍ ورُشدٍ، هلالُ خيرٍ ورُشدٍ، آمنتُ بالذي خلقك ثلاثَ مرّاتٍ ثم يقول: الحمدُ للهِ الذي ذهب بشهرِ كذا -الشهر المُنصَرِم- وجاء بشهرِ كذا"؛ هكذا في رواية أبي داود، وكما أوردها الإمام النووي في كتاب الأذكار، وفيه التعريف بقدر مرور الأيام والأشهر، وأنها محل الخير والفضل والقُرب، كما أنه يُخشى أن تكون محل الطرد أو البعد أو الغفلة أو ما إلى ذلك؛ ما شاء الله.
- ويُروى عن سيدنا عليٍّ رضي الله عنه: "إذا رأيتم الهلال فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو آية تقع، مثل الشمس والنجوم"؛ يعني: لا يُطيل النظر إليه. ويُروى أيضًا أنه إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه ودعا بهذا الدعاء ﷺ .
"وكان ﷺ يقول: "رغم أنف رجل أدرك رمضان ثم لم يغفر له"-لتَيَسُّر أسباب المغفرة في رمضان-، "وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: إنما سمي رمضان، لأن الذنوب ترمض فيه -أي: تُحرَق-، وإنما سمي شوّال لأنه يشول الذنوب كما تشول الناقة ذنبها، وكان ﷺ إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه سريعاً وقال: "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله هلال رشد وخير آمنت، بالذي خلقك يقول ذلك ثلاث مرات".
فالله يبارك في أعمارنا وأعمالنا وأوقاتنا، ويجعلنا من المقبلين بالكليَّة عليه، المقبولين لديه، الموفقين لمرضاته، سالكين مسالك مودته، مع من يرتضيهم من خاصته، في لطف وعافية.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه
الفاتحة
23 ذو الحِجّة 1446