كشف الغمة -204- كتاب الصلاة (95) صلاة الجماعة - 3 -

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  204- كتاب الصلاة (95)  صلاة الجماعة -3-

صباح السبت 25 ربيع الأول 1446 هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  • جوائز عظيمة لمن يحافظ على تكبيرة الإحرام
  •  صفوة الصلاة التكبيرة الأولى مع الإمام
  •  فضل النوافل في البيوت وميزة بيت المؤمن
  •  هل أداء النوافل في البيت أفضل أم المسجد؟
  •  النوافل التي تفضل في المسجد
  •  القول بأن الجماعة فرض عين
  •  صلاة النساء في البيوت
  •  تضاعف أجر الصلاة في الصحاري
  •  من الذي يعذر عن الجماعة ويحصل ثوابها؟ 
  •  هيئة خروج المرأة للمسجد
  •  الجماعة في صلاة الليل
  •  هل صلاة المسبوق قضاء لما فاته أو آخر صلاة نفسه؟

نص الدرس مكتوب:

"وكان ﷺ يقول: "من صلى في المسجد جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب الله له بها عتقًا من النار"، وكان ﷺ يقول: "أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم، فإن صلاة الرجل في بيته نور فنوروا بيوتكم"، وفي رواية: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته فإن الله عز وجل جاعل في بيته من صلاته خيرًا"، وكان ﷺ يقول: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ في بيته أو سوقه بسبع وعشرين درجة"، وفي رواية بخمس وعشرين صلاة كلها مثل صلاته فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة". 

فرع: وكان رسول الله ﷺ يقول: "إذا مرض العبد أو سافر كُتِبَ له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا"، وكان رسول الله ﷺ يقول: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا"

 

فرع: وكان ﷺ يرخص للنساء في ترك حضور المساجد ويقول: "صلاتهن في بيوتهن خير لهن، وإذا خرجن فليخرجن وهن متلفعات"، وكان ﷺ يقول: "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا الصلاة"، وكان ﷺ يقول: "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد"، فكن لا يحضرن المسجد إلا في صلاة العشاء والصبح إلى أن توفي رسول الله ﷺ.

وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: "لو أن رسول الله ﷺ رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما مُنعت نساء بني إسرائيل"، وكانت عمرة تروي ذلك عن عائشة -رضي الله عنها- ثم تقول: "وبلغني أن رسول الله ﷺ منعهن، قالت: وكنت أسمعه ﷺ كثيرًا ما يقول: "خير مساجد النساء قعور بيوتهن". قال شيخنا -رضي الله عنه-: "وأما حديث لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فلا ينافي ذلك؛ لأن المراد بالإماء الصافيات كالسيدة نفيسة ورابعة العدوية، كما أشار إليه إضافتهم إلى الله تعالى كقوله تعالى : ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانُ ﴾ [الحجر: ٤٢] ونحو ذلك مما ورد في عباد الاختصاص.

وكان ﷺ يقول: "أعظم الناس في الصلاة أجرًا أبعدهم إليها ممشى ثم الأبعد فالأبعد".

وكان ﷺ يقول: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحدَه، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى"، وكان ﷺ يحث الرجل على فعل الجماعة في نافلة الليل ولو باثنين أحدهما صبي أو امرأة ويقول: "من استيقظ من النوم وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعًا كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات"

وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "بت عند خالتي ميمونة فقام رسول الله ﷺ يصلي فقمت أصلي معه وأنا ابن عشر سنين، فأخذ رسول الله ﷺ برأسي وأقامني عن يمينه فصلى بي رسول الله ﷺ"، وكان ﷺ يأمر بالسعي إلى المساجد بالسكينة ويقول ﷺ: "إذا أتيتم الصلاة فائتوها وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا"، وفي رواية: "فاقضوا"، والله أعلم."

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمد لله الذي أكرمنا برسالة حبيبه وصفوته سيدنا محمد خير بريته، اللهم صلِّ وسلّم وبارك وكرّم على عبدك المختار سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعترته وأهل ولائه ومتابعته ومحبته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرتك في بريتك وآلهم وصحبهم وتابعيهم وملائكتك المقربين وعبادك الصالحين الذين سبقت لهم سابقة إفضالك، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

وبعد،،،

فيواصل الشيخ -عليه رحمة الله- ذكر على الأحاديث المتعلقة بالجماعة والنوافل، ويذكر لنا حديث: "من صلى في المسجد أربعين جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب له بها عتقًا من النار".

"كتب له بها عتقًا من النار".وهكذا يبين لنا -عليه الصلاة والسلام- ما تحصل به النجاة من النار والعتق من النار، وما يحصل به البراءة أيضاً من أشد الأمراض خطرًا وهو مرض النفاق. وجاء في الجماعة ما يتصل بذلك؛ فمنه هذا الحديث: "لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء كل ليلة أربعين ليلة كتب الله له بها عتقًا من النار".

وفي الحديث الآخر المشهور أن من حافظ على صلاة الجماعة -يعني: في الصلوات الخمس- لا تفوته التكبيرة الأولى مع الإمام كتب له براءة من النار وبراءة من النفاق.

كما جاء هذا في من صلى ثمانية أيام أي أربعين فريضة في المسجد النبوي الشريف، أن من صلى في مسجده  أربعين فريضةً لا تفوته التكبيرة الأولى مع الإمام فيها، كتب الله  له براءة من النار وبراءة من النفاق وبراءة من العذاب.

فينبغي للمؤمن أن يحرص على التكبيرة الأولى مع الإمام يحضر من أول الوقت، وإذا كبّر الإمام مباشرة ينوي ويكبر خلفه، والفضل في تكبيرة الإحرام بالاشتغال عَقب الإمام -أن يشتغل بالنية والتكبير مباشرةً إذا كبر الإمام- ولا يتأخر.

وبعض الناس يفوّت هذا؛ -يجلس يصلح مكانه أو يتشوف -ينظر- غيره ولا كذا؛ فاتته تكبيرة الإحرام وهي صفوة الصلاة- لكل شيءٍ صفوة وصفوة الصلاة هي التكبيرة الأولى مع الإمام. أشد من ذلك يقعد يكمل كلامه مع صاحبه وتفوته التكبيرة -تكبير الإحرام مع الإمام-.

 وقد كانوا يقولون: إذا رأيت طالب العلم لا يحرص على التكبيرة الأولى مع الإمام  فانفض يديك منه، أي: لا تؤمل فيه النجاح والخير وأن يتخرج نافعا لأنه استهان بشيء عظمه الله -جل جلاله-، صفوة الصلاة التكبيرة الأولى مع الإمام.

وهكذا يقول بعض صالحيَ الأمة: عاش 79 سنة لم تفته تكبيرة الإحرام سبعين عاماً -ليس أربعين يوم، سبعين عاماً- سبعين سنة لم تفته تكبيرة الإحرام .

وكان هكذا يقول شيخنا الحبيب محمد الهدار -عليه رحمة الله-: ما أذكر من أيام الصغر -أيام طلب العلم إلى آخر عمره- ما أذكر أن فريضة واحدة فاتته من دون تكبيرة الإحرام مع الإمام، قال: على النادر إذا جئنا إلى الحرم وغيره وهم قد صلوا؛ نعيد الصلاة من أجل تكبيرة الإحرام لا تفوته مع الإمام. 

فهي مظهر من مظاهر العبادة الخاصة الحرص على تكبيرة الإحرام مع الإمام في الصلوات الخمس

وكان ﷺ يقول: "أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم، فإن صلاة الرجل في بيته نور فنوروا بيوتكم"، وفي رواية: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته فإن الله عز وجل جاعل في بيته من صلاته خيرًا"، وأصل الحديث في صحيح مسلم.

إذا النوافل في البيوت لها فضل، وإرشاد النبي  إلى عمارة المؤمنين لبيوتهم بما يختصون به عن غير المؤمنين، فأما الأدوات والفرش والأمتعة وما إلى ذلك يستوي فيه بر وفاجر ومؤمن وكافر، لكن زينة المؤمن الخاصة التي يزيِّن بها بيته؛ لا فرش ولا وسادة ولا سيارة ولا ثلاجة ولا مكيف، ميزة المؤمن التي يميز بها بيته النوافل فيه وقراءة القرآن، والصلاة فيه هذه ميزة المؤمنين، العمل بالأداب، أن يكون وسط البيت:

  •  قراءة لأذكار الصباح والمساء.
  •  تلاوة للقرآن.
  •  صلاة على النبي 
  •  أن يكون فيه صلوات من قبل النساء، ونوافل من قبل الرجال.

إن بذلك تتنور البيوت ويكثر خيرها ويندفع عنها الشر، والبيت الذي يقرأ فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض، إذاً فينبغي أن لا تحرم البيوت من نصيب من الصلوات وعمارتها بالخيرات، كما ينبغي في مثل ربيع الأول أن تعمر كل بيوت المسلمين بقراءة مولده  وسيرته وأخلاقه؛ ربطًا للأسرة بقائدها وهاديها ومعلمها ومرشدها المنتخب لهدايتنا من قبل الإله ﷺ. 

فإذاً أداء النوافل في البيت أفضل.

  • وفي قول عند الحنابلة: أن الرواتب متعلقة بالفرائض في المسجد أفضل، وأدائها أيضًا  في البيوت أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، وكذلك شُبِّه البيت الذي لا يصلى فيه بمثل القبر الذي لا يصلِّ صاحبه، بمعنى أن أهل القبور قد فاتهم فرصة الأعمال الصالحة، ومن أعطي منهم خيراً في برزخه، فذلك تفضلاً من الله عليه لا لكسب الدرجات إنما كسب الدرجات والثواب في العمل أيام الحياة الدنيا. 
  • وبعد ذلك في قول أيضا عند الحنفية ورواية عند الحنابلة: التسوية بين أداءها في البيت والمسجد.
  • ولكن الذي عليه أكثر الأئمة وعامتهم والمعتمد عندهم: أن أداء عامة السنن والنوافل في البيت أفضل، إلا إذا خشي أن  يتشاغل عنها وتفوته بعد ذلك، أو كان في بيته يشتغل باله ويقل خشوعه فيصليها في المسجد باعتبار أن الخشوع أرجح.
  • ذكر الشافعية المستثنيات من النوافل التي صلاتها في المسجد أفضل من صلاتها في البيت، وإلا بقية النوافل صلاتها في البيوت أفضل، -صلاة نفل في البيوت أفضل إلا التي جماعة تحصّل-، وما يشرع فيها الجماعة كمثل التراويح ووتر رمضان ومثل صلاة العيدين والكسوف والخسوف؛ وما يشرع فيها الجماعة -إلا التي جماعة تحصّل-.

كذلك:

  • سنة الإحرام بالحج والعمرة في المسجد الذي يكون عند الميقات صلاتها في المسجد أفضل.
  • سنة الطواف -ما يخرج من الإحرام يروح يصلي في داره سنة الطواف-، يصليها في المسجد فهي أفضل من صلاتها في البيت. 
  • المعتكف، جالس في المسجد  -بعدين يقول بيروح يصلي النوافل في البيت وبيرجع، محلك- أنت معتكف وتصلي النوافل في المسجد فهو أفضل. 
  • ويقول: أيضاً إذا كان يرى إحياء البقعة بالعبادة لقلة المترددين والمصلين في هذا المكان.
  • صلاة الضحى، صلاة الضحى أفضل أداؤها في المسجد، عند الشافعية أفضل أداؤها في المسجد. 
  • تنفل يوم الجمعة، يسن التبكير والنفل في الجامع في المسجد وليس في البيت؛ فالذي يقول: أنه تأخر في البيت ليصلي النوافل وبعد ذلك يخرج الجمعة، والذي يبكّر إلى الجمعة ويصلي النوافل في المسجد، الذي يصلي في المسجد أفضل لأجل التبكير إلى الجمعة.
  • من خاف أنه إذا لم يصلي في المسجد الراتبة والبعدية أنه يلهو عنها ويشتغل ولا يصليها في البيت، فتداركها في المسجد أفضل.
  • سنة القدوم من السفر في المسجد أفضل من البيت، يجوز في البيت ولكن في المسجد أفضل إتباعاً، كان إذا قدم من السفر يذهب إلى المسجد يصلي ركعتين ثم يذهب إلى بيته.
  •  قالوا في قبلية المغرب؛ لأنه إذا صلاها في البيت يؤخر الفريضة، فيصليها في المسجد إذا أراد أن يصليها.
  • واختلفوا في الاستخارة، فقال بعض الشافعية: الاستخارة مثل الضحى أن صلاتها في المسجد أفضل من صلاتها في البيت.

وما بقي بعد ذلك فصلاة النوافل في البيت أفضل من صلاتها في المسجد.

أما الفرائض للرجال صلاتها في المساجد أفضل. 

ومع قول الحنابلة: أن الجماعة فرض واجب عيني عندهم، مع ذلك يقولون: أنها تصح من دون جماعة، ولكن يأثم صاحبها والصلاة صحيحة يعني لا أحد منهم اشترط في صحة الصلاة الجماعة، فتصح عندهم حتى الذين قالوا بوجوبها، قالوا: تصح من دون جماعة ولكن يفوته الثواب ويأثم.

وإلا في قول ابن عقيل من الحنابلة قال: ما تصح الصلاة مادام يجد جماعة؛ ما تصح  صلاته إلا جماعة.

وعلى كلٍ فهي مفضلة ومعظمة صلاة الجماعة، كما نسمع في الأحاديث مضاعفة الخير والثواب فيها حتى لا يتهاون بها إلا منافق معلوم النفاق والعياذُ بالله تعالى.

أما بالنسبة للنساء قالوا: صلاتهن في البيوت أفضل الفريضة والنافلة؛ "خير مساجد النساء قعور بيوتهن"، وهكذا جاء أيضًا الحديث الذي يقول: "صلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حجرتِها"، يعني: الحجرة العامة الكبيرة، والبيت: الغرفة الخاصة بها، "وصلاتُها في مَخدعِها" يعني: الخزانة وسط الغرفة الخاصة بها، "وصلاتُها في مَخدعِها أفضلُ من صلاتِها في بيتِها"، هكذا جاء ذلك  في رواية أبي داود بإسناد صحيح على شرط الإمام مسلم.

وقالت أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي: " أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني أحب الصلاة معك قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي" الجماعة؛ وهكذا جاء هذا الحديث في رواية الإمام أحمد بسند حسن.

قال: أنا أعلم أنك تحبين الصلاة معي، "لكن صلاتُكَ في بيتكَ" غرفتك الخاصة "خيرٌ لكَ مِنْ صلاتكَ فِي حُجْرَتَكَ" الغرفة العامة، "صلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك" فناء الدار؛ الصالة التي في الدار، "وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك" الذي بجنبك، وصلاتك في مسجد قومك القريب منك أفضل من صلاتك في الجامع الكبير الذي تذهبين إليه وهو أبعد من مكان البيت؛ فبين لها الأفضلية للمرأة؛ ومع ذلك فإذا خرجن يقول : "يَخرُجنَ وَهنَّ تفِلاتٌ" في الحديث أي: بلا طيب ولا زينة سواء؛ ولهذا قال: "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا الصلاة"، أي: صلاة الجماعة.

 

يقول النبي ﷺ: "إن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ" أي: الواحد المنفرد، وعشرين درجة"، وفي رواية بخمس وعشرين صلاة كلها مثل صلاته فإذا صلاها في فلاة -أي: صحراء- فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة"، فتضاعف صلاة الفلاة لخمسين صلاة.

ولهذا كان يحب بعض شيوخنا يحب إذا كان في سفر وفي السيارة أو نحوها، وحضر وقت فريضة أن ينتهي إلى ناحية في شيء من الصحاري أو الفلوات فيؤذن ويقيم، أيضًأ جاء في الخبر أن الذي يصلي في الفلاة، إن كان صلى بغير أذان صلى معه ملكاه، فإن صلى بأذانٍ وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة، وفي رواية كأمثال الجبال يصلون خلفه من الملائكة، وبهذا صارت فضيلة للصلاة في الصحراء؛ لأنها في الغالب يندر فيها إقامة العبادات فتفرح البقعة التي تقام فيها العبادة وتعمر وتشهد لصاحبها يوم القيامة. "فإذا صلاها في فلاة فأتم رُكُوعَها وسجودَها بلغتْ خمسين صلاةً ". 

وكان رسول الله ﷺ يقول: "إذا مرض العبد أو سافر"؛ فبسبب المرض أو السفر نقص بعض ما يعتاده القيام به من الأعمال الصالحة، قال: "كُتِبَ له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا"، إذا كان ما أخَّرْهُ عنه إلا العذر وهو حريص، ولكن ما تمكن ولا قدر فيكتب له ما كان يعملُه ويعتاده وهو صحيح ومُقِيْم.

 

قال: وكان رسول الله ﷺ يقول: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا"؛ إذا لم يكن تأخر عن تراخٍ منه ولا عن تساهل، ولكن اجتهد فصادف إنهم بكروا بالصلاة ولم يدركهم، فيكتب له أجر نية إدراك فضيلة الجماعة.

إذًا هناك أعذار تحصل؛ والأعذار: 

  • إما تكون مسقطة للعتاب والملامة. 
  • وإما محصلة للأجر.

فإن كانت مجرد رخصة وأذن في التأخر فهذا ترفع عنه الملامة فقط والعتاب.

إما أن كانت بحيث لا يستطيع أصلاً ولو قدر بأي طريقة ما تأخر فهذا يحصل له الثواب كامل كأنه صلى؛ ما هو مجرد ذهاب اللوم والعتاب ولكن أيضًا يحصل له الثواب؛ لأنه لو استطاع بأي وسيلة لعمل، ولكنه  تعذر عليه الأمر؛ مثل مريض مرض خفيف  معذور يسقط اللوم عليه، ما يحصل له ثواب الجماعة، لكن شديد مرضه ويريد أن يقوم ويريد أن يخرج، ولكن تعذر فهذا له ثواب مثل ثواب صلاة الجماعة في المسجد؛ لأنه لو كان يتمكن بأدنى قدرة لحضر، فهذا له ثواب كامل.    

ويقول: "وكان ﷺ يرخص للنساء في ترك حضور المساجد ويقول: "صلاتهن في بيوتهن خير لهن، وإذا خرجن فليخرجن وهن متلفعات" أي: متغطيات ببردهن وجلابيبهن، وكذلك قال: "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا الصلاة"، فلا تشهد معنا الصلاة: أي في الجماعة لأجل الرائحة.

 

"وكان ﷺ يقول: "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد"، فكن لا يحضرن المسجد إلا في صلاة العشاء والصبح إلى أن توفي رسول الله ﷺ".

وكانت عائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين تقول: "لو أن رسول الله ﷺ رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما مُنعت نساء بني إسرائيل"، تقول في لفظٍ: "لو رأى رسول الله ﷺ ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد".

 

وكذلك ما ترويه "عمرة تروي ذلك عن عائشة - رضي الله عنها- ثم تقول: "وبلغني أن رسول الله ﷺ منعهن، قالت وكنت أسمعه ﷺ كثيرًا ما يقول: "خير مساجد النساء قعور بيوتهن"، "وأما حديث لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فلا ينافي ذلك؛ لأن المراد بالإماء الصافيات كالسيدة نفسية ورابعة العدوية، كما أشار إليه إضافتهم إلى الله" إماء الله "تعالى كقوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) [الحجر: 42]" عباد مخصوص "ونحو ذلك مما ورد في عبادة الاختصاص"، وكان ﷺ يقول: "أعظم الناس في الصلاة أجرًا أبعدهم إليها ممشى ثم الأبعد فالأبعد".

وكان ﷺ يقول: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى"، كان ﷺ يحث الرجل على فعل الجماعة في نافلة الليل ولو باثنين أحدهما صبي أو امرأة" وهذا من الجائز ولكن وردت فيه أحاديث في اقتداء به في صلاة الليل "من استيقظ من النوم وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعًا كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات" تستيقظ فتوقظ زوجها، أو يستيقظ زوجها فيوقظ أهله فيصليان معًا، "كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات".

"يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: بت عند خالتي ميمونة" يعني: أم المؤمنين "فقام رسول الله ﷺ يصلي فقمت أصلي معه وأنا ابن عشر سنين" لما قام جاء عن يساره ﷺ "فأخذ رسول الله ﷺ برأسي وأقامني عن يمينه فصلى بي رسول الله" صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

"وكان ﷺ يأمر بالسعي إلى المساجد بالسكينة ،"إذا أتيتم الصلاة فائتوها وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا"، وفي رواية: "فاقضوا"، وبهذا اختلف الفقهاء؛ هل صلاة المسبوق هي قضاء لما فاته من قبل؟ أو هي آخر صلاة نفسه و ما أدرك مع الإمام وهو أول صلاة نفسه؟ :

  • قال الشافعية: ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته المأموم، وما بقي فيتم.
  • وقال بعض الأئمة من الأئمة الأربعة مثل المالكية والحنابلة والحنفية كذلك يقولون: إن صلاته مع الإمام هي آخر صلاة المأموم هذا، وأما الأولى فقد فاتته، فإذا سلم الإمام يقوم يقضي ما فاته. 
  • وعلى هذا قالوا: لا تصح الصلاة خلف المسبوق، وإنه إنما يقضي ما فاته وليس يؤدي صلاة، وعندهم ما يصح الداخل في القضاء،   
  • وقال الشافعية: لا شئ في ذلك، ويمكن أن يصلي خلف المسبوق إذا انفصل عن صلاة الإمام، إلا إن صلاتهم جماعة إذا كانوا أكثر من واحد، إنشاء جماعة جديدة خلف المسبوق لوجود الخلاف فيها.

رزقنا الله تعظيم الصلاة وتعظيم شعائر دينه تعالى، واتباع هدي رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وإيثاره سبحانه على ما سواه، ومكن ذلك في قلوبنا، وجعلنا من الصادقين معه، المقبلين عليه والمقبولين في خير ولطف وعافية.

 بسر الفاتحة  

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الفاتحة 

تاريخ النشر الهجري

25 ربيع الأول 1446

تاريخ النشر الميلادي

28 سبتمبر 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام