(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:كتاب الصلاة (73) باب صفة الصلاة -25- راتبة المغرب والعشاء
صباح الإثنين 2 محرم 1446 هـ
"وأما المغرب: فكان رسول الله ﷺ يقول: "بين كل أذانين صلاة، يعني بالأذان الثاني الإقامة"، وكان ﷺ يقول: "صلوا قبل المغرب ركعتين لمن شاء"، قال الراوي: "خشية أن يتخذها الناس سنة"، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ولم يكن رسول الله ﷺ يصلي قبل المغرب شيئاً وإنما أمر الناس بركعتين فكانوا يبتدرون السواري فيركعونهما حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت لكثرة من يصليهما، والله أعلم.
وأما بعد المغرب: فكان رسول الله ﷺ يصلي بعدها ركعتين في بيته ويقول هذه صلاة البيوت فصلوها في بيوتكم، وكان عكرمة -رضي الله عنه- يقول: "في قوله تعالى: ﴿ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) [ق:40]، هي الركعتان بعد المغرب"، وكان حذيفة -رضي الله عنه- يقول: عجلوا بالركعتين بعد المغرب فإنهما يُرْفعان مع المكتوبة، وفي رواية: حبس الركعتين بعد المغرب مشقة على الملكين.
وكان ﷺ يقول: "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن بعبادة ثنتي عشرة سنة، وغفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر"، ومن صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله تعالى له بيتًا في الجنة"، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: رأيت رسول الله ﷺ يصلي الركعتين بعد المغرب في المسجد فطوّل فيهما حتى تفرق الناس كلهم"، قال أنس -رضي الله عنه-: وكان ﷺ كثيرًا ما يصلي المغرب ثم لم يزل يصلي تطوعًا حتى ينادى للعشاء الآخرة، وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يرون أن في ذلك نزل قوله تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: ١٧]، وقوله تعالى: (تتَجافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦]، والله أعلم.
وأما العشاء: فكان رسول الله ﷺ يصلي بعدها أربعًا ويقول: "من صلاهن بعد العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر".قال أنس -رضي الله عنه- قال: و كان رسول الله ﷺ يقرأ في الأولى من الأربع ركعات بعد العشاء وقل (يأيها الكافرون)، وفي الثانية الإخلاص، والثالثة تبارك والرابعة آلم السجدة، وتارة يقرأ مع الفاتحة في الأولى الم تنزيل السجدة، وفي الثانية مع السجدة حم الدخان، وفي الثالثة مع الفاتحة يس، وفي الرابعة مع الفاتحة تبارك الذي بيده الملك"، ويقول ﷺ: "من صلى أربعًا بعد العشاء لا يفصل بينهن بتسليم شفع في أهل بيته كلهم ممن وجبت له النار وأجير من عذاب القبر".
وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: ما دخل علي رسول الله ﷺ قط بعد العشاء إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات ولقد مطرنا مرة من الليلة فطرحنا له نطعاً، فكأني أنظر إلى ثقب فيه ينبع من الماء وما رأيته ﷺ متقيًا الأرض بشيء من ثيابه قط"، وسيأتي أوائل باب صلاة الجماعة الحث على فعل النافلة في البيوت إن شاء الله تعالى، والله أعلم"
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا في الشريعة والدين، وبيانه على لسان عبده وحبيبه الأمين خاتم النبيين سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله في كل حال وحين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعد،،
فيذكر الشيخ - عليه رحمة الله تعالى - الرواتب المتعلقة بالصلوات، قال: "وأما المغرب فكان رسول الله ﷺ يقول: "بين كل أذانين صلاة"" وفي لفظ: "لمن شاء" وهو الحديث المشهور في الصحيحين وغيرهما، وفي بعض الروايات في غير الصحيحين زادت إلا المغرب. ومن هنا مال الحنفية والمالكية أن لا نافلة بين الأذان وصلاة المغرب، وقالوا: لا يستحب صلاة شيء ها هنا، وإنما يُبدأ بصلاة الفرض.
وسواء على القول: بأن وقتها ضيق وينتهي بعد مرور وقت يسع الأذان والإقامة وسترَ العورةَ والصلاة خمس ركعاتٍ فيخرج وقت المغرب.
أو على القول: بأنه يستمر إلى العشاء إلى مغيب الشفق الأحمر ودخول وقت العشاء.فعند الحنفية والمالكية يُبادروا بصلاة المغرب من دون تَنَفُّلٍ قبلها.
جاء في الرواية: أنه قال ذلك ثلاثًا: "صلُّوا قبل المغرب ركعتين، صلُّوا قبل المغرب، صلُّوا قبل المغرب"، وقال في الثالثة: "لمن شاء"، ومن فهم الرواي قال: "خشية أن يتخذها الناس سنةً" لقوله: "لمن شاء" أي: سنة؛ إما مؤكدة؛ أو واجبة عليه، فهي ليست واجبة ولكنها مشروعةٌ، ولا بأس بصلاتها.
قال وكان ﷺ يقول: "صلوا قبل المغرب ركعتين لمن شاء"، قال الراوي: "خشية أن يتخذها الناس سنة"، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ولم يكن رسول الله ﷺ يصلي قبل المغرب شيئاً وإنما أمر الناس بركعتين فكانوا يبتدرون السواري" أي: يسبقون إليها "فيركعونهما" وفيه حرصهم على وجود الشاخص عندما يصلون، "يبتدرون السواري حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صُليت لكثرة من يصليهما" وهكذا أصل الحديث أيضًا عند الإمام مسلم -رحمه الله تبارك وتعالى-: يقول عن سيدنا أنس "كنا بالمدينة، فإذا أذّن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري" يعني: يسرعون إلى أن يقف كل منهم أمام عمود من أعمدة المسجد، فيركعون ركعتين، حتى "أن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صُلِّيت من كثرة من يصليهما".
إذًا ففي الأمر سعة، من أراد أن يصليهما، ومن أراد أن يؤخرهما إلى ما بعد المغرب، ومن أراد أن يتركهما ويكتفي ببعدية المغرب فالأمر واسع.
قال: "وأما بعد المغرب.." فالصلاة بعدها مؤكدة سنة المغرب البعدية، يقول: "فكان ﷺ يصلي بعدها ركعتين في بيته ويقول هذه صلاة البيوت، فصلوها في بيوتكم". فصلاتها كبقية النفل في البيت أفضل من المسجد إلا:
أن تصليها في البيت أفضل، ومنها بعدية المغرب حتى لما جاء في الحديث الذي سمعت، قال بعض أهل الفقه: إن صلاتهما في البيت أفضل من صلاتهما في الحرم؛ لأنه كان يخرج ﷺ من المسجد إلى البيت فيصليهما في البيت ويقول: صلاة البيوت
"وكان عكرمة -رضي الله عنه- يقول: "في قوله تعالى: ﴿ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) [ق:40]، هي الركعتان بعد المغرب"، وكان حذيفة -رضي الله عنه- يقول: عجلوا بالركعتين بعد المغرب فإنهما يُرْفعان مع المكتوبة.." أي: من أجل أن يأخذهما ملائكة صلاة المغرب مع أن ملائكة النهار يرتفعون بعد العصر، ولكن لكل صلاة يحضر ملائكة يكتبون صلوات الناس، فإذا بادر بالبعدية رفعت في صحف الملائكة الذين سجلوا له الفرض، فإذا أخَّرها صعد هؤلاء الملائكة وكتب غيرهم بعد ذلك؛ وصعدوا بالفرض وحده، وقيل: إن ملائكة النهار ينتظرون إلى وقت الغروب، والمشهور في الحديث الصحيح أن ملائكة الليل والنهار يجتمعان في الفجر وفي العصر، فيصعد في الفجر ملائكة الليل ويبقى ملائكة النهار، ويصعد في العصر ملائكة النهار ويبقى ملائكة الليل وهكذا.
وقال: "وفي رواية: حبس الركعتين بعد المغرب مشقة على الملكين" يحبّان أن يرتفعا مع الفرض، ولهذا يُعجّل الكثير من أهل الخير بسنة المغرب البعدية، وهذا ما يتعلق بالراتبة.
واشترك الوقتان وقت الضحى وبعد المغرب أنه وقت غفلة ينصرف الناس فيه إلى شؤون معاشهم، وشؤون ما يشتغلون به في ظواهر أمورهم، فصارت العبادة في هذين الوقتين ميزة الأوابين، أي: الرجاعين إلى الله تبارك وتعالى. قال تعالى: ﴿إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غُفُورًا﴾ [الاسراء: 25].
فقال الشافعية: تسن صلاة الأوابين بين المغرب والعشاء إما ركعتين، وإما أربعًا، وإما ستًا، وإلى عشرين ركعة، وهناك ثواب مخصوص فيمن صلى ست ركعات بعد المغرب لا يتكلم بينهن.
وذكر ذلك وقال: "كان ﷺ يقول: "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء، عُدِلَن له بعبادة ثنتي عشرة سنة، وغفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، ومن صلى بعد المغرب عشرين ركعة فإن الله تعالى يبني له بيتًا في الجنة" يقول: أخرجه الترمذي.
وكان من شيوخنا المتأخرين من يُواظب على عشرين ركعة بعد المغرب الحبيب عبد القادر الجيلاني بن أبي بكر المشهور عليه رحمة الله تبارك تعالى.
فهذا أكثر صلاة الأوابين بين المغرب والعشاء عشرين ركعة، أقلها ركعتان، ولكن في الستّ ثواب مخصوص وهو إذا "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء -في لفظٍ بكلام الدنيا- عُدِلَن له بعبادة ثنتي عشرة سنة" في الليلة الثانية اثنتا عشرة سنة، وإذا هو أربع وعشرين سنة وعمره ما شاء الله حَصَّلَ عبادة أربع وعشرين سنة، وفي الليلة الثالثة اثنتا عشرة سنة، إذا هو ستة وثلاثين، ما يتعدّى عشر أيام وهو يواظب عليها إلا وهو معه عبادة مئة وعشرين سنة في العشر الأيام، والعشر الأيام الثانية مئة وعشرين صارت مئتين وأربعين، والعشرة الثالثة مئة وعشرين فصارت ست مئة.. وكم؟ ثلاثمئة وستين.. في الشهر الواحد نحصلُ -أي: ننال- أعمارًا مما سبق، تُعمّر ثلاثمائة وستين سنة وهذا في الشهر الواحدًوقد وصلت إلى ثلاثمائة وستين سنة وفي الشهر الثاني.. معناه تُكمل السنة إلاّ جاوزت في العبادة من تعبّد من الأمم السابقة ألوف السنين! هذا فضل الله لأمة حبيبه محمد ﷺ؛ لكن المُستثمرين في هذه النواحي يقلّون، وهو تنمية واستثمار بديع وأبدي باقي؛ بعدين ثمرهُ كبير، اثنا عشرة سنة تحصلها من العمر في كل ليلة،'.. في كل ليلة.. في كل ليلة.. فإذا جاء رمضان تحوّلت وتضاعفت إلى سبعين أو إلى ألف الاثنى عشرة سنة (ذَ ٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ یُؤۡتِیهِ مَن یَشَاۤءُۚ) [الجمعة:4]، "ولا يَهْلِكُ علَى اللهِ إلَّا هالِكٌ".
وجاء في هذه الرواية: "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء، عُدِلَن له بعبادة ثنتي عشرة سنة.." وقال: "وغفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر" .
ثم ذكر: "ومن صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله تعالى له بيتًا في الجنة"، "وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: رأيت رسول الله ﷺ يصلي الركعتين بعد المغرب في المسجد فطوّل فيهما حتى تفرق الناس كلهم" من هنا استحبّ من استحب من الفقهاء تطويلهما.
قال أنس -رضي الله عنه-: "وكان ﷺ كثيرًا ما يصلي المغرب ثم لم يزل يصلي تطوعًا حتى ينادى للعشاء الآخرة،" فيعمر الوقت بالصلاة. يقول الإمام عبد الرحمن بن الشيخ علي -رحمه الله- في برنامج "المؤمن في يومه وليلته":
وبعد المغرب اركع أو اقرأ بالتدبّر
أو اذكر وإن صفا القلب فاسبح في التفكّر
إلى وقت العشاء احذر تنام وتهمر
من تفسير قوله تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾
التفسير الأول:
قليلاً؛ جزءً يسيرًا من الليل ما يهجعون لا ينامون فيه (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، يقول: "وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يرون أن في ذلك نزل قوله تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]، يعني: بين المغرب والعشاء، وقوله: (تتَجافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة:16]" أيضًا قال سيدنا أنس بن مالك فيما بين المغرب والعشاء ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾، فيرون أنّ الآيتين نزلتا.. أي: يرى من يرى من الصحابة أنّ الآيتين نزلتا في الصلاة فيما بين المغرب والعشاء: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات:17-18] وهذا على تفسير أن كان قليل من الليل، أي: جزءًا يَسيرًا من الليل ما ينامون فيه؛ وهو ما بين المغرب والعشاء.
والتفسير الثاني:
﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) يعني: هجوعهم قليل في خلال الليل؛ في خلال الليل كله هجوعهم قليل؛ نومهم قليل. (قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) أي: قليل هجوعهم. أي: نومهم.
ثم ذكر العشاء: "فكان رسول الله ﷺ يصلي بعدها أربعًا"، من المعلوم أن العشاء أيضًا لها قبلية ولها بعدية، وكذلك جاء فيمن صلى قبل العشاء ركعتين وقرأ فيها بعد الفاتحة في كل ركعة آية الكرسي وثلاثة من الإخلاص بات والله راضٍ عنه؛ حتى سميت صلاة الرضا، صلاة الرضا ولذا يقرأون بعدها إذا سلم منها: "اللهم إني أسألك رضَاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار".
قال: ويقول: "من صلاهن" يعني: بعد العشاء أربع ركعات، في منهنّ بعدية العشاء ومنهنّ من الوتر، فإذا صلى بعد العشاء أربع ركعات قال: "كان كمثلهنّ من ليلة القدر"، وفي لفظٍ: "عدلنَ مثلهنّ من ليلة القدر"، يعني: كأنه صلى هذه الأربع في ليلة القدر. وثواب ليلة القدر الرّكعة يصير أفضل من ثلاثين ألف ركعة، لأن ليلة القدر خير من ألف شهر، والشهر ثلاثين ليلة، وألف شهر ثلاثين ألف، فكأنه صلى الركعة هذه ثلاثين ألف في أربع مئة وعشرين ألفًا، عشرين ألف ومئة ألف الأربع ركعات ؛ فكأنه صلى عشرين ألف ومئة ألف من الركعات بأربع بعد العشاء، "وأربعٌ بعد العشاء يَعدلنَ مثلهنّ من ليلة القدر"، وفي هذا اللفظ: "يقول: من صلاهنّ بعد العشاء كُنّ كمثلهنّ من ليلة القدر" أو كأن ثوابه كمثل ثواب "مثلهن من ليلة القدر".
"قال أنس -رضي الله عنه- قال: وكان رسول الله ﷺ يقرأ في الأولى من الأربع ركعات بعد العشاء وقل (يأيها الكافرون)، وفي الثانية الإخلاص، والثالثة تبارك والرابعة آلم السجدة، وتارة يقرأ مع الفاتحة في الأولى ألم تنزيل السجدة، وفي الثانية مع السجدة حم الدخان، وفي الثالثة مع الفاتحة يس، وفي الرابعة مع الفاتحة تبارك الذي بيده الملك"، ويقول ﷺ: "من صلى أربعًا بعد العشاء لا يفصل بينهن بتسليم شفع في أهل بيته كلهم ممن وجبت له النار وأجير من عذاب القبر"، يقول: أخرجه بن أبي شيبة بسنده "لا يفصل بينهنّ بتسليم عِدّلن بمثلهنّ من ليلة القدر".
"وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: ما دخل علي رسول الله ﷺ قط بعد العشاء إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات، ولقد مُطرنا مرة من الليلة فطرحنا له نطعاً، فكأني أنظر إلى ثقب فيه ينبع من الماء -في النطع هذا- وما رأيته ﷺ متقيًا الأرض بشيء من ثيابه قط" ﷺ في تواضعه وعبوديته للرب.
"قال: وسيأتي أوائل باب صلاة الجماعة الحث على فعل النافلة في البيوت -إن شاء الله تعالى-" فينبغي أن لا تُهجر البيوت، وأن تُعمّر بنصيب من النافلة.
عمَر الله ديارنا، وعمَر الله قلوبنا بأنوار الصلاة؛ وأنوار الذكر؛ وأنوار الصدق معه في جميع الأحوال والشؤون في الظهور والبطون، وأثبتنا في ديوان من يهدون بالحق وبه يعدلون، ورقانا مراقي خواص أهل الصدق معه، كما هو أهله بما هو أهله في لطف وعافية.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله
الفاتحة
08 مُحرَّم 1446