كشف الغمة -178- كتاب الصلاة (70) باب صفة الصلاة -24- تكملة أدعية وأذكار ما بعد الصلاة

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (70) باب صفة الصلاة -24- تكملة أدعية وأذكار ما بعد الصلاة

صباح الإثنين 25  ذو الحجة 1445هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  الدعاء بعد الصلاة من مواطن الإجابة
  •  الإكثار من الدعاء وعظمة المطالب
  •  من يصلح لحمل اسم الله الأعظم؟
  •  حديث رفع الأصوات بالذكر بعد الصلاة
  •  الحكمة من الاستغفار بعد الصلاة
  •  الاستعاذة من مضلات الفتن
  •  الرد على من يقول أن الدعاء قبل السلام 
  •  التسبيحات بعد كل صلاة
  •  قول: اللهم أجرنا من النار، بعد صلاة الفجر والمغرب
  •  تسبيح النبي ﷺ باليد أو بالنوى
  •  ذكر عدد من الكائنات بعد التسبيح لكسب ثواب واسع
  •  مما ينبغي أن يختم به الدعاء

نص الدرس مكتوب:

"وكان أبو إمامة -رضي الله عنه- يقول: سُئل رسول الله ﷺ: أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات"، وكان ﷺ يقول: "إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربًا كريمًا"، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: قال لي رسول الله ﷺ: "هل علمت يا عائشة أن الله دلني على الاسم الذي إذا دعي به أجاب فقلت: علمني إياه، فقال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة". 

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-:  وكان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبات على عهد رسول الله ﷺ وما كنا نعرف انقضاء الصلاة إلا برفع الناس أصواتهم بالتكبير، وكان ﷺ إذا انصرف من صلاته قال :" أستغفر الله ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة، وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر". 

وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: ما من أحد منكم إلا وهو مشتمل على فتنة لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن : ١٥] ، فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله من مضلات الفتن، وكان أبو عمران الجوني -رضي الله عنه- يقول: لما نزل العذاب بقوم يونس فزعوا إلى شيخ منهم فقال لهم: قولوا يا حي حين لا حي، يا محي الموتى يا حي، لا إله إلا أنت، فقالوا: فكشف عنهم العذاب. قال فاجعلوها دبر صلاتكم، وكان عمر -رضي الله عنه- إذا سمع رجلًا يقول: "اللهم اغفر لي خطاياي يقول له: أستغفر الله في العمد فإن الخطأ قد تجوز الله تعالى عنه". 

وكان ﷺ يقول بعد السلام من الصبح: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملًا متقبلًا"،  وكان ﷺ يسبح بعد الصبح عشرًا ويحمد عشرًا ويكبر عشرًا، وتارة ثلاثًا وثلاثين ويكبر كذلك ويحمد كذلك ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير"، وكان ﷺلا يقول هذه الأخيرة بعد صلاة الصبح عشرًا وبعد المغرب عشرَا، ثم يقول: "اللهم أجرنا من النار سبعًا". 

وكان ﷺ يعقد التسبيح باليد وتارة يعده بالنوى ويقول: "لا يغفلن أحدكم عن التسبيح والتهليل والتقديس فينسى الرحمة، وليعقد أحدكم بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات"، ودخل ﷺ له على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال: "أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك  وسبحان الله عدد ما هو خالق والله أكبر مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك". 

ودخل ﷺ مرة على صفية وبين يديها أربعة آلاف نواة تسبح بها فقال: "ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟ فقالت: علمني يا رسول الله، قال: قولي سبحان الله وبحمده عدد خلقه"، وكان ﷺ يقول عند انصرافه: "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين"، وفي هذا القدر كفاية، والله تعالى أعلم".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

 

الحمد لله مُكرمنا بذكره، وما أنزل على عبده ﷺ من أمره وزجره، ونسأله التوفيق لِحسن لامتثال أمره واجتناب زجره ، بوجاهة عبده المختار، أعظم أهل ذكره وشكره، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبارك وكرم عليه، وعلى آله وصحبه المقتبسين من نوره، وعلى من والاهم واتبعهم بإحسان في باطن الأمر وﻇهوره، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، سادات أهل القرب من الحق -تبارك وتعالى-، وأهل محبته وذكره، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين.

وبعد؛ 

فيواصل الشيخ -عليه رحمة الله- ذكر أحاديث تتعلق بالدعاء بعد الصلاة والأذكار، وموطن ما بعد الخروج من الصلوات الخمس من مواطن الإجابة، من مواطن استجابة الدعاء، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة عنه - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - فهو من المواطن التي ينبغي للمؤمن أن يلحّ على الله فيها، ويدعوه -جلّ جلاله وتعالى في علاه-، ومنها:

ما ذكر لنا من أن "أبو إمامة -رضي الله عنه- يقول: سئل رسول الله ﷺ: أي الدعاء أسمع؟ -أي: أقرب للاستجابة، لسماع الله أي قبوله- قال: "جوف الليل الآخر -آخر الليل- ودبر الصلوات المكتوبات".

وقال ﷺ لسيدنا معاذ: "إني أحبك فلا تدعَنَّ أن تقول في دُبُر كل صلاة: اللهم أعني على ذِكرك وشكرك وحُسن عبادتك"، وجاءت عدد من الروايات في الدعاء دُبر الصلاة أي: بعد الخروج من الصلاة، كما جاءت أيضًا عدد من الأذكار.

"وكان ﷺ يقول: "إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربًا كريمًا".

أي: يُعظم المسألة، كما جاء في الرواية الأخرى، ويسأل الحق - تعالى - الخيرات الكبيرة والدرجات الرفيعة العالية، وقد تكرر في حديثه ﷺ قوله: "وأَسألُكَ الدَّرجاتِ العُلى مِنَ الجنَّةِ"، وقوله: "إذا سألتُم اللهَ فاسألوه الفِردَوسَ"، وهكذا ينبغي أن يلحّ المؤمن على ربّه في الدعاء، وأن يُكثر الدعاء، وأن يُجزل المطلب، ويُعظم الهمة، فإنه لا أكرم من الله، ولا أرحم منه، وإن الله لا يتعاظّمه شيء.

بل قال بعض أهل المعرفة بالله: "إذا سيَّر الله على قلبك ولسانك سؤال أمر، فإنه علامة أنه يُريد أن يُبلِّغك ذلك الأمر، وما سيَّر قلبك ولسانك على التضرّع به وتكراره إلا وهو يُريد أن يُعطيك إياه". 

وفي ذلك يقول قائلهم

لَو لْم تُرِدْ نَيْلَ ما أرجو وأطلُبُهُ***من فَيضِ جُودِكَ ما علَّمتني الطَّلبا

وجاء في الأثر: "من أُعطي الدُّعاءَ لم يُحرَمِ الإجابةَ"، (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ)[غافر: 60].

 

ذكر "عن عائشة -رضي الله عنها- تقول: قال لي رسول الله ﷺ: "هل علمت يا عائشة أن الله دلني على الاسم الذي إذا دعي به أجاب فقلت: علمني إياه، فقال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة"، في إشارة إلى أن بعض ما خُصِّص بأسرار في الإجابة لا ينبغي إلا لمُتمكّنٍ مُتأنٍّ عاقل، يُضبط الدعاء ولا يستفزّه شيء من حواليه على الاستعجال بالدعاء في غير محلّه، وبغير الهداية والرحمة لعباد الله -تبارك وتعالى-، وأن معرفة اسم الله الأعظم يختصّ الله  تعالى به من يشاء من عباده، وإنما يصلُح لحمله مَن قَِويَ وتَمَكّن. 

ولمَّا ألحّ بعض الطلاب على بعض الشيوخ الصالحين أن يُعلِّمه اسم الله الأعظم، أتاه بقصعة وضع فيها فأرة، وقال: اذهب بهذا إلى فلان، فحمله، ووجد أثر حركة وسط القصعة ومايدري ما هذا فانتحى ناحية في الطريق، وفتح القصعة، ففرّ الفأر، وأخذ يجري وراءه ماقدر يحصله فرجع بالقصعة فاضية، فقال له الشيخ: لم تُؤمَن على فأر توصله كيف تُؤمَن على اسم الله الأعظم؟! اجلس تربى وتزكّى حتى ترتقي وتتنقّى، ما أحد استأمنك على فأر من هذه الحيوانات الحقيرة، وعادك بغيت-أردت- اسم الله الأعظم! كيف نستأمنك عليه؟ ما حفظت حتى مثل هذا!" وهكذا.

وكان بعض التلاميذ أيضًا يلزم بعض الشيوخ الصالحين على أن يُعلِّمه اسم الله الأعظم، حتى جاءه يومًا من السوق وهو في حماسته و ثقته، يقول: الآن وهذا اليوم علّمني اسم الله الأعظم، قال: لماذا ما هذا الإلحاح في هذه الساعة؟ قال: رأيت منظر في السوق غريب، ما هو؟ قال: رجلُ شايبٌ جاء بحُزمة من حطب جمعها يقتات بها، فمرّ جنديّ قال له: احملها معي ورتبها إلى البيت؛ فلما حملها وأتى بها إلى البيت، قال: ضعها، وضعها؛ قال: أعطني قيمتها؛ قال: اذهب؛ وطرده وزجره، وذهب الشايب منكسر من تجبُّر هذا الجنديّ، وما أعطاه شيء؛ قال: فلماذا تُريد الاسم الأعظم؟ قال: بدعي عليه هذا الخبيث؛ يقهر المسلمين، ويؤذي هذا الشايب؛ قال: ما وصْف الشايب؟ قال: كذا كذا كذا؛ قال: هذا شيخي الذي علمني اسم الله الأعظم؛ -قال هو ذا الشايب ذا اللي تعلّمتْ منه اسم الله الأعظم- وأنت لو أخذته بتَقتل خلق الله! كل ساعة بتتصرف وبتتحرك؟! لا تصلح لاسم الله الأعظم مثلكم! لا إله إلا الله؛ قال:هو ذا الشيخ الذي عَلمنا هو يعرف اسم الله الأعظم، ولكنه صابر ثابت مُطْمَئِنٌّ لِقَضَاءِ الله وقدره، ومُسْتَنْزِلٌ أجرَ الحق تبارك وتعالى، ومتعرّضٌ لثوابه، ومُعظِّم حكمته فيما يُجْرِيه من الأمور؛ لا إله إلا الله.

يقول: "قال ابن عباس -رضي الله عنهما-:  وكان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبات على عهد رسول الله ﷺ وما كنا نعرف انقضاء الصلاة إلا برفع الناس أصواتهم بالتكبير". وهذا الذي جاء أيضا الحديث في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنه-، وفيه استعمال لفظة: "انصراف الناس"، "وانصرف الناس"، ففيه تخصيصٌ لِمَا سَبَقَ عنه من أنه لا يقول: انصرفتُ من الصلاة "فإن قومًا انصرفوا فصرف الله قلوبهم".

وقال: "وكان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبات على عهد رسول الله ﷺ". وكان لصغر سنه، يكون خارج المسجد، يقول نعرف انقضاء الصلاة أن النبي سلم بهم، وخرجوا من الفرض برفع أصواتهم بالتكبير أو الذكر، وفيه الجمع بين ذكر الله -تبارك وتعالى- سرًّا وجهرًا، وأنه إذا جاء مع أمن الرياء وعدم إيذاء الغير فيكون أفضل، وإذا قارنه شيءٌ مما ينْبَغِي به الإسرار، فيكون الإسرار أفضل، والأمر فيه واسع، وفي الحديث القدسي: " يقولُ اللهُ تعالَى من ذكَرَني في نفسِهِ ذكرتُهُ في نفسي ومن ذكَرَني في ملإٍ ذكرتُهُ في ملإٍ خيرٍ منه".

"وكان ﷺ اذا انصرف من صلاته قال :" أستغفر الله ثلاث مرات". وهذا تعليم أمته شهودَ التقصير، وطلبَ المغفرة عند الخروج من الصلاة، وإنما يُعْهَدُ الاستغفارُ عند الوقوع في الخطايا، عند الوقوع في الذنوب والآثام، فهل الصلاة فيها شيءٌ من هذا؟ كيف يخرج ويستغفر؟! فيستغفر من تقصيره في الصلاة، وعدم قيامه بما يليق بعظمة الله -سبحانه وتعالى- في الوقوف بين يديه، إذا كان هذا أحوال الأنبياء المقرّبين وسيدهم، فكيف بغيرهم؟ من يقدر أن يعبد الله حق عبادته؟ وأن يقوم له بما..؟ ولكن الله قَبِلَ منّا ما أدخله في دائرة استطاعتنا وقدرتنا، إذا جاهدنا أنفسنا، وحملنا أنفسنا على الحضور معه، والتعظيم له، قَبِلَ منّا ذلك، وأثابنا عليه، وفَتَحَ لنا مجالاً لنتَّسع ونرتفع في ذلك إلى مقدار، وأما كما يليق بعظمته، فما يقدر عليه أحد. "وإن لله ملائكةً في السماوات، أحدهم قائمٌ منذ خلقه الله في صلاته إلى أن تقوم الساعة، والآخر راكعٌ إلى أن تقوم الساعة، والثالث ساجدٌ إلى أن تقوم الساعة، والرابع جالسٌ بين يدي الله إلى أن تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة، وحضروا بالقيامة قالوا: سبحانك ياربنا ما عبدناك حق عبادتك، ولا عرفناك حق معرفتك"، لا إله إلا الله! -جلّ جلاله وتعالى في علاه- ولكنَّ الله رضي من عباده باليسير، وبما أقدرهم عليه، وأدخله في استطاعاتهم، فله الحمد والمِنّة.

وينبغي الاستغفار بعد الأعمال الصالحة، لِتَدَارُكِ ما فيها من خللٍ وتقصير، ومنها -من أعظمها-: الصلوات، يخرج من الصلاة يقول: "أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله"، وهكذا حال المُحْسِنِينَ في قيام الليل، فإنهم (یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدًا وَقِیَـٰمًا) [الفرقان:65]،  (قَلِیلًا مِّنَ ٱلَّیۡلِ مَا یَهۡجَعُونَ﴾[الذاريات:17]، وبالأسحار وبعدين يأتون في آخر الليل يستغفرون. 

ما الذي تقدَّم قبل الاستغفار؟ 

تقدم صلوات، وقراءات، وتذللٌ، وانكسار، وبعدين يستغفرون، يستغفرون ما أذنبوا! ولكن هو الإقرار للحق -جلّ جلاله- بالتّقصير، وطلب العفو والستر منه -سبحانه وتعالى-، والمغفرة. قال: (وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ یَسۡتَغۡفِرُونَ) [الذاريات:18] بعد ما يبُيِّتون قُوَّم، ركع، سجود، يرجعون إلى الاستغفار، يختمون بها أعمالهم، يا غفار اغفر لنا، يا خير الغافرين اغفر لنا، بمغفرتك الواسعة يا أرحم الراحمين؛ 

يقول: " أستغفر الله ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام".

وفي مجموع الروايات: "اللهم أنت السلام، منك السلام، وإليك يعود السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا برحمتك دارك دار السلام، تباركت ربنا وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام". 

وكذلك "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم". ومما أُثر بعد الصلاة: "لا إله إلا الله ولانعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون".

كذلك: "اللهم لا مانع لما أعطيت،". لا يقدر أحد أن يمنع عطاءً أعطيته يا معطي!  "ولا معطي لما منعت،" ولا يقدر أحد أن يعطي شيئًا منعته. "ولا ينفع ذا الجد منك الجد،" ذا الجَدِّ: ذا الحظِّ والغنى، صاحب الحظِّ وصاحب الغنى لا ينفعه حظه ولا غناه منك إلا ما وفَّقته، وإلا ما أعطيته، وإلا ما تكرمت به فقط. ولا يفيد أحد حظه ولا غناه ولا شيء من أموره إذا أعرضت عنه، أو أوقعته في السوء -والعياذ بالله-.

"ولا ينفع ذا الجد منك الجد، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر".

هذا من جملة ما وَرَدَ بعد الصلاة.

قال: "وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: ما من أحد منكم إلا وهو مشتمل على فتنة -أي: اختبار- لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن : ١٥] ، فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله من مضلات الفتن".

ما يضلك من ولد، ومن مال، ومن جاه، هذا الذي تستعيذ بالله منه أن يضلك شيء من ذلك، أو يحرفك عن سواء السبيل، أو يقطعك عن الارتقاء إلى المقام الجليل.

"وكان أبو عمران الجوني -رضي الله عنه- يقول: لما نزل العذاب بقوم يونس فزعوا إلى شيخ منهم فقال لهم: قولوا يا حي حين لاحي، يا محي الموتى يا حي، لا إله إلا أنت، فقالوا: فكشف عنهم العذاب".

  • قال تعالى: (قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُمۡ) [الشعراء:77].
  • قال : "ولا يرد القضاء إلا الدعاء".
  • وقال: "وإن البلاء لينزل من السماء فيتلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة"، ما عاد يصل إلى الأرض بسبب بعض الدعاء لمقبولٍ عند الله تبارك وتعالى.

يقول أبو عمران: "فاجعلوها دُبر صلاتكم: "يا حي حين لا حي، يا محيي الموتى، يا حي لا إله إلا أنت".

"وكان عمر -رضي الله عنه- إذا سمع رجلاً يقول لهم: اغفروا لي خطاياي. يقول له: استغفر الله في العمد فإن الخطأ قد تجوز الله تعالى عنه". 

ومع ما جاء من السعة في طلب غفران الخطأ والعمد والنسيان ومع الذكر كله، ينبغي أن يستغفر منه المؤمن.

"وكان ﷺ يقول بعد السلام من الصبح: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملًا متقبلًا". وفيه في النص بعد السلام للرد على من يقول أن مع دُبُر الصلاة الذي يُقَرِب من دُبُرها وهو آخر التشهد، الدعوات فيه بعد السلام، بعد أن يخرج فهو أيضًا موطن دعاء. 

وقال: "وكان ﷺ يسبح بعد الصبح عشرًا ويحمد عشرًا ويكبر عشرًا، وتارة ثلاثًا وثلاثين ويكبر كذلك ويحمد كذلك ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير"، وكان ﷺلا يقول هذه الأخيرة  -يعني: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير- بعد صلاة الصبح عشرًا وبعد المغرب عشرَا، ثم يقول: "اللهم أجرنا من النار سبعًا".

وقال لبعض أصحابه: "قلها بعد المغرب سبعًا، فإنك إن مُتَّ من ليلتك كان لك جوارًا من النار -أجارك الله من النار- وقلها بعد الصبح سبعًا، فإنك إن مُتَّ في يومك كان لك جوارًا من النار"، وجاء في بعض الروايات تقييده قبل أن يُغير هيئته من الصلاة، وقبل أن يتكلم يقول: "اللهم أجرني من النار" سبع مرات، بعد صلاة الصبح وبعد صلاة المغرب.

"وكان ﷺ يعقد التسبيح باليد وتارة يعده بالنوى ويقول: "لا يغفلن أحدكم عن التسبيح والتهليل والتقديس فينسى الرحمة -واستمطارها من حضرة الرحمن -جل جلاله- والتعرض لها- وليعقد أحدكم بالأنامل -الأصابع- فإنهن مسؤولات مستنطقات" -يُستنطقن في القيامة. 

"ودخل ﷺ له على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال: "أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد وسبحان الله عدد ما هو خالق والله أكبر مثل ذلك".

 يعني: الله أكبر عدد ماخلق في السماء والله أكبر عدد ما خلق في الأرض والله أكبر عدد مابين ذلك والله أكبر عدد ماهو خالق.

"ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك"

يعني: لاحول ولاقوة إلا بالله عدد ما خلق في السماء ولاحول ولاقوة إلا بالله عدد ما خلق في الأرض ولاحول ولاقوة إلا بالله عدد مابين ذلك ولاحول ولاقوة إلا بالله عدد ما هو خالق، وفيه ذكر عدد بعد التسبيح من الكائنات والمخلوقات لكسب الثواب الواسع، وفي هذا تشريع أن يقول أي ذكر وأي دعاء ثم يقول: عدد كذا وعدد كذا وعدد كذا، فأصله جاء في السُّنة.

وكذلك يقول: " ودخل ﷺ مرة على صفية وبين يديها أربعة آلاف نواة تسبح بها فقال: "ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟ فقالت علمني يا رسول الله، قال: قولي سبحان الله وبحمده عدد خلقه -في رواية: "ورضا نفسه،وزِنة عرشه، ومداد كلماته".

"وكان ﷺ يقول عند انصرافه: -أي من الدعاء ويختم الدعاء بقوله- "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين".

فهذا مما ينبغي أن يُختم به الدعاء، كما يقال بعد الدعاء وبعد كل عمل صالح في آخر كل مجلس: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. 

قال: "وفي هذا القدر كفاية".

فقد وردت أحاديث كثيرة تتعلق بالدعاء والذكر بعد الصلوات.

 

جعلنا الله من الذاكرين الشاكرين الصادقين المُخلَصين المُخلِصين المُوَفَّقين في خير، ولطف وعافية، بسرّ الفاتحة.

 بسر الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد ﷺ اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله 

الفاتحة 

تاريخ النشر الهجري

27 ذو الحِجّة 1445

تاريخ النشر الميلادي

03 يوليو 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام