كشف الغمة -126- كتاب الصلاة (18) مسائل متعلقة بالأذان

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (18) مسائل متعلقة بالأذان

 صباح الأربعاء 5 رجب 1445هـ

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  هل يجوز للمؤذن رد السلام وهل يُبطل كلامه الأذان؟
  •  متى يقول المؤذن: صلوا في رحالكم؟
  •  هل يؤذن للصلاة الفائتة ولصلاة المنفرد؟
  •  هل يجب رفع الصوت في الأذان؟
  •  لو حضرت جماعة أخرى في المسجد هل يؤذن لها؟
  •  الأذان في السفر
  • فضل الأذان في الصحراء
  •  اقتصار النساء على الإقامة دون الأذان
  •  كان ﷺ: يقول أرِحنا بها يا بلال
  •  ما يقال عند أصوات الديكة وأصوات الحمير

نص الدرس مكتوب:

 

"وكانت الصحابة الله -رضي عنهم- يرخصون في الكلام في أثناء الأذان بما للناس فيه مصلحة، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يأمر المؤذن أن يقول في المطر: ألا صلوا في الرحال، وقال نعيم بن النحام -رضي الله عنه-: كنت مع امرأتي في مرطها في غداة باردة، فنادى منادي رسول الله ﷺ إلى صلاة الصبح فلما سمعته قلت: لو قال رسول الله ﷺ: ومن قعد فلا حرج، فلما قال: الصلاة خير من النوم، قال: ومن قعد فلا حرج. 

 

وكان سليمان بن صرد -رضي الله عنه- يؤذن بالعسكر فيأمر غلامه بالحاجة وهو في أذانه، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يكره الكلام في الأذان ويقول: "ما كان رسول الله ﷺ يأمر المؤذن أن يقول في أيام المطر أو البرد: ألا صلوا في رحالكم إلا بعد الأذان"، وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يؤذنون لأنفسهم إذا صلى أحدهم في فلاة منفرداً كما تقدم في حديث مالك بن أبي صعصعة -رضي الله عنه-. 

وكانوا يكتفون بأذان واحد من أهل القرية إذا بلغ صوته الجميع، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: من جاء المسجد وقد خرج الإمام من الصلاة كان له أن يصلي بلا أذان ولا إقامة وأجزأه أذانهم وإقامتهم، وكان أنس -رضي الله عنه- إذا دخل المسجد بعد ما صلى الناس يؤذن لنفسه ويقيم، وكان علي -رضي الله عنه- يرخص في ترك الأذان للمسافرين ويقول: إن شاء المسافر أذن وأقام وإن شاء أقام، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يؤذن في السفر إلا في الصبح، وكان  يقول: "إنما الأذان للإمام الذي يجتمع إليه الناس"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: لا أحب أن يكون الأرقاء مؤذنين، ووالله لو أطقت الأذان مع الخليفي - يعني الخلافة - لأذنت، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: كنا نصلي بغير أذان ولا إقامة كثيراً.

 فرع: وكان رسول الله ﷺ يأمر بالأذان للفوائت في الأولى منها، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وشغل المشركون رسول الله ﷺ يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء"، وكان ﷺ يستريح إلى مواقيت الصلاة ويقول: "قم يا بلال فأرحنا بالصلاة"، وكان محمد بن الحنفية -رضي الله عنه- إذا أصابه هم يقول: يا جارية ائتيني بوضوء لأتوضأ وأصلي لعلي أستريح مما أنا فيه -رضي الله عنه-. 

خاتمة : كان أبو هريرة يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إذا سمعتم أصوات الديكة فاسئلوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوّذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً"، والله أعلم والحمد لله رب العالمين".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

 الحمد لله مكرمنا بشريعته المنيرة ومبيّنها على لسان عبده المصطفى محمد الداعي إلى الله على بصيرة، اللهم صلِّ وسلم وبارك وكرّم على عبدك المنيب الأوّاب سيّد الأحباب سيدنا محمد وعلى آله والأصحاب، ومن ثبت على قدمه وموالاته إلى يوم المآب، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين أطيب الأطياب وسادة أهل الاقتراب، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

 أما بعدُ: فيواصل الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلقة بالآذان، وذكر في هذه المسألة هل يقطع الكلام الآذان؟ وهل يجوز للمؤذن أن يتكلم مع أحد من الناس؟ أو يردّ السّلام على مُسلِّم؟ مع أنه يسنّ السّلام على مؤذن؛ فلا يُسَلَّم على مؤذن ولا على مشتغل بقراءة القرآن، ولا على مصلّ كفى بالصلاة شغلا.

ولكن هل يجوز له أن يردّ السّلام؟ وهل يجوز أن يتكلم مع أحد؟ وهل يبطل بذلك الآذان؟

الذي عليه جمهور فقهاء الشريعة: 

  • أنه يكره ولا يبطل الآذان الكلام اليسير.
  • فإذا طال وحصل الفصل بين الآذان بطل الآذان؛ إلا لقولٍ عند الحنفية فلا يضر عندهم طول الفصل ولا كثرة الكلام.

 فالجمهور يقولون: 

  • بأن الفصل بين كلمات الآذان بأي شيء؛ مثل: سكوت أو كلام وغيره إن كان يسير فلا يبطل الآذان، ويُبني على ما مضى.
  • ويقولون أيضًا إنه مكروه، إن كان لغير سبب أو ضرورة مكروه، وقالوا: فيُكره الكلام عندهم في أثناء السلام من المؤذن، يكره أن يتكلم ولو بردّ السّلام؛ بل من سلّم عليه يسكت عنه فإذا أكمل الآذان فلا بأس أن يردّ عليه بعد أن يكمّل الآذان يردّ عليه السّلام، كما أن السّلام نفسه على المؤذن مكروه.
  • وأما الكلام الطويل يقطع الموالاة فيُبطل به الآذان؛ ولكن قال الحنفية لا شيء.

 وكذلك يقول الحنابلة: بالنسبة لردّ السلام لا بأس به؛ أنه يجوز له أن يردّ السلام أثناء الآذان إذا سلّم عليه مُسَلّم؛ ولكن تأخيره إلى ما بعد هو الأولى كما جاء. 

يقول: "وكان -رضي الله عنهم- يرخّصون في الكلام في أثناء الآذان بما للنّاس فيه مصلحة"، إذا ترتب عليه فائدة أو مصلحة.

"وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يأمر المؤذن أن يقول في يوم المطر ألا صلّوا في الرحال"، فينادي عليهم بالصلاة في أماكنهم ورحالهم إذا كان هناك عذر؛ وإذا كان هناك ضرورة؛ وإذا كان يُخشى عليه من المجيء إذا كان هناك مطر كثير؛ أو برد شديد؛ أو زلق في الطريق؛ أو كانت ليلة رعد وبرق وما إلى ذلك، فيُؤَذن فيُقال في الآذان أو بعد الآذان، وقال أكثر العلماء: يكون بعد قوله حي على الصلاة، حي على الفلاح، أو بعد قوله: الصلاة خير من النوم في الفجر، يقول: ألا صلّوا في الرحال، وقال بعض العلماء: بل بعد أن يكمل، يعني: يكمل الأذان ثم يناديهم، ألا صلّوا في رحالكم.

فإذًا عند شدة المطر؛ أو الريح الشديد؛ أو البرد الشديد؛ يجوز للمؤذن أن ينادي ألا صلّوا في رحالكم:

  • فإما بعد الحيعلتين، كما هو عند الشافعية.
  • أو بعد قوله: الصلاة خير من النوم في أذان الفجر.
  • أو بعد نهاية الآذان كما هو عند الجمهور، بعد ما يكمل الآذان يقول لهم: "ألا صلّوا في رحالكم".

وأذّنَ ابن عمر في ليلة باردة -ليلة برد وريح- قال: ألا صلّوا في الرحال، ثم قال: "إن رسول الله ﷺ كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر أن يقول: ألا صلّوا في الرحال" كما جاء في رواية النسائي، ويقول: "إذا ابتلت النعال.." في الحديث "إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال"، يعني: إذا كان المطر يُبلل النعال من كثرته فالصلاة في الرحال، وهكذا جاء أيضا "إذا كان مطر وابل فصلوا في رحالكم".

وبعد ذلك يقول: "كان سليمان بن صرد يأذن بالعسكر؛ فيأمر غلامه بالحاجة وهو في أذانه"، على ما سمعنا من الجواز في ذلك، "كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يكره الكلام في الآذان"، وأيضا الجمهور على أنه لغير حاجة وضرورة مكروه، فإن كان يسيرا لا يبطل الآذان ولا يبطل الموالاة، ولكن إذا كان لغير حاجة ولغير ضرورة مكروه.

وكذلك ما "قال ابن عمر: أن الرسول ﷺ ما كان يأمر المؤذن يقول في أيام المطر أو البرد ألا صلوا في رحالكم إلا بعد الآذان"، وعليه الجمهور وعند الشافعية بعد الحيعلىتين، يقول ألا صلّوا في الرحال.

 وقال: "وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يُؤذنون لأنفسهم إذا صلّى أحدهم في فلاة منفردا، كما تقدم في حديث مالك ابن صعصعة -رضي الله تعالى عنه-"، وقال لأبو سعيد الخدري: "إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة"، أبو سعيد يقول لعبد الرحمن بن أبي صعصعة سمعته من رسول الله ﷺ.

إذًا الآذان شُرِعَ للصلوات المفروضة في الأصل:

  •  في حال الحضر والسفر والجماعة والانفراد.
  •  أداء وقضاء.
  • إلا ما جاء عن المالكية أنه يكره الآذان للفائتة.
  • ولكن غيرهم قال: أنه يُسنّ يؤذن ولو للفوائت؛ لكن للفوائت للأولى منها فقط، كما صح في الحديث أنه أمر بلال فأذّن وأقام، ثم أقام، ثم أقام، ثم أقام، ولم يُعد الآذان. 
  • وفي قول بعضهم وهو القول القديم للشافعي: أن المنفرد لا آذان له، واستثنى بعضهم إذا كان في الصحراء لورود النص، والذي عليه الجمهور أنهم وإن كان منفردا فيؤذن.

وقال: "وكانوا يكتفون بآذان واحد من أهل القرية إذا بلغ صوته الجميع"؛ فيسقط الطلب. وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "من جاء المسجد وقد خرج الإمام من الصلاة كان له أن يصلي بلا آذان ولا إقامة وأجزأه آذانهم وإقامتهم"، "وكان أنس -رضي الله عنه- أنه إذا دخل المسجد بعدما صلّى الناس يؤذن لنفسه ويقيم،"، وعليه الجمهور أيضا فالأمر واسع.

"وكان علي -رضي الله عنه- يُرخّص في ترك الآذان للمسافرين ويقول: إن شاء المسافر أذّن وأقام، وإن شاء أقام" بلا آذان.

ثم إن الشافعية والحنابلة قالوا: الآذان يجب رفع الصوت فيه لأنه مقصود به الإعلام؛ يحصل السماع المقصود للآذان، وهذا أيضا فيه رأي عند الحنفية: إذا أن الغرض إعلام غير الحاضرين بالصلاة، أما من يؤذن لنفسه أو لحاضر معه فلا يشترط رفع الصوت عند الحنفية. وفي الحديث: "إذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء"، ويقول المالكية: رفع الصوت بالنداء سنة، وهذا هو الراجح في رأي الحنفية أنه سنة؛ لكن أوجبه الشافعية والحنابلة، ولكن إلى حد، بمعنى؛ لا يجهد نفسه فوق طاقتة مبالغة في رفع الأذان، ولكن يكون الأذان مسموعا ومحققا للغرض، ولذا يرتفعون كانوا قبل وجود هذه المكبرات للصوت يرتفعون على الأماكن العالية من أجل يسمعهم الناس.

ولو أقيمت جماعة في مسجد وحضر بعد ذلك جماعة بيصلون ثاني مرة:

  • الشافعية يقولون: يأذنون ويقيمون الأفضل لهم سنة، يسن لهم الأذان لكن دون رفع الصوت فقط يسمعون أنفسهم فقط، ما هو يفتحوا المكروفون حق المسجد ولا يطلعوا فوق، لأن الناس قد صلوا، ولكن بينهم البين.
  • يقول الحنابلة: يستوي الأمر، إن أذنوا وإلاّ أقاموا من دون أذان. وجاء عن سيدنا أنس فيما رواه أبو يعلى يقول: "دخل سيدنا أنس مسجداً قد صلوا فيه، فأمر رجلاً فأذن وأقام فصل بهم" يعني وسط المسجد أذَّن يُسمع الحاضرين.
  • وهكذا يقول الحنفية: إن كان المسجد له أهل معلومون، صلّى فيه غير أهله بأذان وإقامة، فأهله المعيَّنين هؤلاء لا يُكره لهم أن يعيدوا الأذان والإقامة إذا صلوا، وأما إن صلَّى في أهله ومعتادون إلى إقامة الصلاة فيه بأذان وإقامة، فيُكره لغير أهله، عند الحنفية يكره لغير أهله، والباقين من أهله يعيدوا الأذان والإقامة إذا صلوا. أما إذا كان مسجد ليس له أهل معلومون، فإن كان على طريق مثلا، فلا يكره تكرار الأذان والإقامة فيه؛ فهذا مذهب الحنفية. نقول إن كان مسجد له أهل معلومون وأناس معروفون يقيمون فيه الصلاة، فهؤلاء لو سبقهم أحد -افتات عليهم- فأذن وأقام وصلّى، فجاؤا فهم على عادتهم يأذنون ويقيمون ويصلون، أما إذا قد صلَّى أهل المسجد فيه بأذان وإقامة؛ فعندهم يُكره لغيرهم إذا جاء أن يُؤذن؛ لأنه قد سبق الأذان والإقامة. إلا إذا كان المسجد ليس له أهل معلومون كأن كان على الطريق فلا بأس أن يتكرر فيه الأذان، كل من جاء يؤذن ويقيم، كل من جاء يؤذن ويقيم، هذا مذهب الحنفية.
  • ويقول المالكية: من جاء بعد الجماعة فصلى بغير أذان، بدون أذان  خلاص ، ما عاد له إلا الإقامة فقط.

ومن المعلوم: شرع الأذان للصلوات المفروضة في الحضر والسفر والانفراد والأداء والقضاء، وللجماعة للأداء والقضاء سواء، علمنا إلا ما قال المالكية: أن الفوائت يُكره الأذن لها.

وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يؤذن في السفر إلا في الصبح، وكان يقول: "إنما الأذان للإمام الذي يجتمع إليه الناس"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: لا أحب أن يكون الأرقاء مؤذنين، ووالله لو أطقت الأذان مع الخليفي - يعني -مع- الخلافة - لأذنت" يعني اشتغالي بأمر الخلافة يصعب علي أن أترقب الأوقات وأكون مؤذن، وإلا لولا شغلي بالخلافة لأحببت أن أكون مؤذن، يقول سيدنا عمر: "لو أطقت الأذان مع الخليفي" يعني: مع الخلافة لأذنت.

"وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: كنا نصلي بغير أذان ولا إقامة كثيراً" وهؤلاء النساء، والنساء يقتصرن على الإقامة دون الأذان، ولا بأس أن يتخذن مؤذنًا من الرجال، يؤذن لهن.

ويقول سيدنا عمر: "لو أطقت الأذان مع الخليفي- لأذنت"  إذًا: فهو سنة الأذان والإقامة بما تقدم من التفسير.

ويجوز أن يكون المؤذن والمقيم مملوكا، إلا أن الحنابلة قالوا: عليه أن يستأذن سيده.

وبعد ذلك يقول: "فرع: وكان رسول الله ﷺ يأمر بالأذان للفوائت في الأولى منها -في الاولى منها فقط-، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وشغل المشركون رسول الله ﷺ يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء" فكانت إقامات في الأخرى، وهذا الحكم في الفوائت.

"وكان ﷺ يستريح إلى مواقيت الصلاة"، أي: يرتاح ويطمئن قلبه ويلتذ بالُهُ بالصلاة، وكان يقول: "قم يا بلال فأرحنا بالصلاة"، "أرحنا بها يا بلال"، وقد قال: "وجُعلت قرة عيني في الصلاة" ﷺ، وكان إذا حزبه أمر قام إلى الصلاة.

"وكان محمد بن الحنفية رضي الله عنه ابن سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إذا أصابه هم يقول: يا جارية ائتيني بوضوء لأتوضأ وأصلي لعلي أستريح مما أنا فيه -رضي الله عنه"

وذكر في الخاتمة ما يقال عند سماع صراخ الديَكة وكذلك عند نهيق الحمير، وأخبرنا ﷺ أن هذه الحيوانات جعل الله لها رؤية للملائكة وللشياطين، فهي لا تُحجب عنها رؤية الملائكة كما تُحجب عن أبصار عامة بني آدم والجن، فتشاهد الملائكة، وإذا رأت أحد من الملائكة برؤية خاصة صرخت،  وقال:"إذا سمعتم أصوات الديكة فاسئلوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً"، وفي هذا أيضا أن الدعاء يكون مستجاب عند حضور الصالح وعند حضور المَلَكْ وعند حضور صاحب المكانة عند الله تعالى، "فاسئلوا الله من فضله فإنها رأت ملكا" أي يكون الدعاء مستجاب عند وجود المَلَكْ، والحديث أخرجه الإمام مسلم.

ويقول: "وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوّذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً" فإذا شاهدت أحد من الشياطين شهود بارز نهقت، فإذا سمعنا نهيق الحمير نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

 

رزقنا الله كمال الإيمان واليقين والإستقامة، وحسن اتباع حبيبه محمد نبي الكرامة، وأدخلنا في حماه وسقانا من حماياه وأسعدنا بالنظر إلى محياه، وجعلنا من أهل متابعته واقتفاه، وأهل نصرة وولاه، وأهل الحشر في زمرته، وهو راض عننا في خير لطف وجود وعطف، مع صلاح أحوالنا وأحوال الأمة والتعجيل بتفريج الكروب عن أمته أجمعين، وأن يحول أحوالهم إلى أحسن حال ويرينا و يسمعنا في رجب ما تقر به عين سيدنا المصطفى  في الظاهر والخفى، في لطف وعافية.

 

بسرّ الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

10 رَجب 1445

تاريخ النشر الميلادي

20 يناير 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام