(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: باب سنن الوضوء : السواك - غسل اليدين
صباح السبت: 24 صفر 1445هـ
"وكان لا يخرج ﷺ من بيته إلا استاك"، وكان يقول: "من رغب عن السواك فليس مني، وكان يقول: من خير خصال الصائم السواك".
وكان ﷺ إذا وجد جليسه متغير الفم يأمره بالاستياك، وكان ابن عمر وأنس يقولان: يستاك الصائم أول النهار وآخره، وكان ﷺ يقول: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وبهذا احتج من كره السواك للصائم بعد الزوال، وكان ﷺ يقول: "إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامة".
وكان ﷺ كثيراً ما يتسوك بأصبعه في المضمضة ويكتفي به ويقول: "يجزي من السواك الأصابع"، وكان ﷺ يقول: "إذا استكتم فاستاكوا عرضًا"، واستاك ﷺ في مرض موته بجريدة رطبة كانت في يد عبد الرحمن ابن أبي بكر رضي الله عنه، وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: "قلت: يا رسول الله الرجل يذهب فوه يستاك، قال: نعم؟ فقلت: كيف يصنع؟ قال: يدخل أصبعه في فيه"، والله أعلم.
الثانية: غسل اليدين: قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: كان رسول الله ﷺ يقول: "إذا توضأ أحدكم فليبدأ بغسل يده فإن الكافر يبدأ بفيه"، وكان ﷺ يقول: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده، أو أين كانت تطوف يده" ، وفي رواية: "فلا يغمس يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثاً"، وفي رواية: "حتى يغسلها ولم يقل لا مرتين ولا ثلاثاً".
وكان غالب الصحابة يستنجون بالأحجار ويقتصرون عليها فربما عرقوا فتقذر المحل، وكان ابن عمر لا يغمس يده في وضوئه ولو حوضاً كبيراً ويقول: "إن الحوض إناء"، وكانوا لا يرون بأساً بإدخال اليد إذا كانت نظيفة.
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بالشريعة الغراء وبيانها على لسان عبده وحبيبه خير الورى، سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه الكبراء، وعلى من اقتدى بهم وسار في نهجهم سرا وجهرا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الراقين في كل فضل أعلى الذرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ولا يزال الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- يواصل ذكر الأحاديث المتعلقة بسنن الوضوء، وتقدّم عدد من الأحاديث المتعلقة بالسواك، وجاء "كان ﷺ لا يخرج من بيته إلا استاك" فيأتي فيه كما أنه يسن الاستياك عند الدخول إلى البيت فعند الخروج كذلك كما تقتضيه هذه الرواية عند أبي داود والبيهقي في السنن الكبرى، فتكون من المواضع والمواطن التي يتأكد فيها الاستياك أو يستحب على وجه الخصوص، وقد تقدّم معنا أنه سنة في كل حال، وأن كلما استاك المؤمن يبتغي بذلك فعل السنة والاقتداء برسوله أُثيب على أي استياك في أي وقت من الأوقات، ولكنه في أحوال وأوقات مخصوصة يكون أعظم أجرا، ومنها عند دخول البيت وهي من السنن المهجورة، ومنها عند الخروج من البيت كما اقتضته هذه الرواية.
ويقول في الحديث: "من رغب عن السواك فليس مني" مبينا عظمة هذه السنّة الشريفة، وتطييب مجرى الذكر وهو الفم؛ ليتلو ويذكر الله بفم طيّب، وكان ﷺ يقول: "من خير خصال الصائم السواك".
وقد علمنا ما قال الجمهور أنه يُسنّ للصائم في أول النهار وآخره، وما قال الشافعية أنه يُكره للصائم من بعد الزوال على المعتمد عندهم، وما اختار الإمام النووي من أنه لا يُكره ولو بعد الزوال للصائم، وما رُوي من "استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي" إلى غير ذلك فالجمهور على أنه لا يُكره للصائم لا أول النهار ولا آخره، ومن أهل العلم من قال يُكره في آخر النهار، ورجّح الإمام النووي من حيث الدليل عدم الكراهة وبذلك جاء اختياره.
"وكان ﷺ إذا وجد جليسه متغيّر الفم يأمره بالاستياك" حرصًا على النظافة، وطيب المجالسة في الله تبارك وتعالى، وأن لا يُشوش عليها وعلى الحضور مع الله تعالى فيها رائحة كريهة ولا شيء من المشوشات.
وكان ابن عمر وأنس يقولان: يستاك الصائم أول النهار وآخره، وكان ﷺ يقول: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والخلوف: تغيّر رائحة الفم بسبب الصيام، "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" أي: ذي منزلة عند الرب -جل جلاله- ومكانة ويكافئون على ذلك بشدة طيب رائحة أفواههم في القيامة، فتكون كريح المسك وأزكى بحسب ما كان صبروا لله -تبارك وتعالى-، وجاهدوا في الله -سبحانه وتعالى-.
يقول: وبهذا احتج من كره السواك للصائم بعد الزوال وهو الإمام الشافعي، وكان ﷺ يقول: "إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي لأنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نورا بين عينيه يوم القيامة" فإن الجزاء من جنس العمل، وكل من قدّم شيئا لله كافأه الله عليه، وكان ﷺ كثيرا ما يتسوك بأصبعه في المضمضة ويكتفي به، ويقول: "يجزي من السواك الأصابع"، وهذا محل أيضًا خلاف بين أهل العلم هل يجزي المتوضئ وغيره أن يستاك بأصبعه؟ مع كونها منسوبة إليه؟ وهل من فرق بين الأصبع إن كانت خشنة أو غير خشنة؟ وهل من فرق بين أن يجد غيرها أو لا يجد إلا هي؟
جاء على ذلك اجتهاد الأئمة -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى- فالمعتمد عند الشافعية: أن الأصبع لا يجزئ ولو كانت خشنة؛ ولابد أن يستعمل شيئا خارجا من بدنه يُنظف به أسنانه وفمه، وفي قول عندهم كما هو أيضًا عند غيرهم من الأئمة رأي عند المالكية وكذلك رواية عند الحنابلة: أنه تجزئ الأصبع في السواك وفي الاستياك مطلقًا، والقول الثاني للحنفية: أنه تجزئ عند عدم وجود غيرها فهذا مذهب الحنفية، إذا لم يكن هناك غيرها تكفي كما هو في رواية عند المالكية، ويُذكر لبعض الشافعية أنه إن لم يجد غيرها أجزأت وهو معتمد مذهب الحنفية -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-.
وأوردوا عن سيدنا أنس بن مالك: "أن رجل من بني عمرو بن عوف قال: يا رسول الله إنك رغبتنا في السواك فهل دون ذلك من شيء؟ قال: اصبعيك سواك عند وضوئك وأمِرَّهما على أسنانك"، فمن نظر أن المقصود مجرد التنظيف ووجود التنظيف فبأي شيء حصل التنظيف حصلت سنيّة الاستياك.
والقول الثالث الذي أشرنا إليه قول الشافعية وهي أيضا رواية عند الحنابلة: أنه لا تجزئ الإصبع مطلقا سواء خشنة أو غير خشنة، سواء وجد غيرها أو لم يجد غيرها، فعندهم لا تحصل سنّة الاستياك بإصبع نفسه المتصلة، وكذلك المعتمد عندهم أنه لو كانت اصبع غيره لحصلت بها السنة، فكذلك إذا كانت إصبعه منفصلة عنه واستاك بها ففيه أيضا خلاف عند الشافعية بسبب انفصالها، فإصبعه المتصلة به بالاتفاق؛ وكذلك لا يحصل بالمنفصلة عند ابن حجر وإن خشنت، وكذلك الإصبع المنفصلة منه أو من غيره، وإن وجب أيضًا دفنها إذا مات صاحبها يجب أن تُدفن معه، هذا ما يتعلق بالإصبع.
وكان ﷺ يقول: "إذا استكتم فاستاكوا عرضا" فالاستياك ينبغي أن يكون عرضا في الأسنان وطولا في اللسان، فيمرّ به من جهة اليمين في أعلى الأسنان ثم أسفلها وكذلك في اليسار أعلى الأسنان وأسفلها.
ما هو المعتمد عند ابن حجر في الإصبع؟
إذا كان الأصبع المتصلة به ما تسمى سواك، جزء منه ولا تجزئ مطلقا وهي رواية عند الحنابلة وهذا معتمد الشافعية، فإصبعه المتصلة لا تسمى سواك.
وهل يجزي بأصبع غيره المتصلة؟ المعتمد كذلك نعم، وكذا إصبع غير المنفصلة أو إصبعه المنفصلة فهو الذي اعتمده أيضا ابن حجر أجزأه، وقيل: لا تجزئ ما دامت من جنس الأصبع.
"إذا استكتم فاستاكوا عرضا"، فلا ينبغي أن يستاك في طول الأسنان هكذا؛ ولكن بالعرض. وقد كان بعض هؤلاء الأطباء يرون أنه الاستياك بالطول في الأسنان، ثم اكتشفوا أن في ذلك أضرار على اللثة وأضرار على اللسان وقالوا: إنما يكون بالعرض، وقد نُبئنا في السنة من قبل اجتهاداتكم وتجاربكم، ولا أحسن من هدي زين الوجود ﷺ.
وقال: "استاك ﷺ في مرض موته بجريدة رطبة كانت في يد عبد الرحمن بن أبي بكر، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: قلت: يا رسول الله الرجل يذهب فوهُ ويستاك؟ قال: نعم -يعني: تقصد سقوط الأسنان-، قال: نعم، فقلت له: كيف يصنع؟ قال: يدخل أصبعه في فيه".
جاءنا في رواية البخاري، "كانت تذكر في مرض موته ﷺ السيدة عائشة تقول: كانت إحدانا تَعوِذ بالدعاء إذا مرض، فذهبت أُعوذه، فرفع رأسه إلى السماء وقال: في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى، ومرّ عبد الرحمن بن أبي بكر أخوها وفي يده جريدة رطبة، فنظر إليها النبي ﷺ، ففهمت أنه يحب الاستياك، فظننت أنه بحاجة فأخذتها، فمضغت رأسها ونفضتها فدفعتها إليه فاستن بها -أي: استاك- كأحسن ما كان مستنًا، ثم ناولنيها فسقطت يده، أو وسقطت من يده في آخر أنفاسه ﷺ، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: فَجَمع اللَّهُ بيْنَ رِيقِي ورِيقِهِ في آخِرِ يَومٍ مِنَ الدُّنْيَا، وأَوَّلِ يَومٍ مِنَ الآخِرَةِ." فهذه الآثار الواردة في السواك.
ثم ذكر لنا سنّية غسل اليدين والمراد: من أطراف الأصابع إلى الكوعين إلى الرسغ؛ إلى الرسغ من كل يد، فهذه من أوائل سنن الوضوء يتقدّمها التّسمية التي هي عند الحنابلة في قول عندهم واجبة، وهي عند الجمهور سنّة أن يسمّي الله -تبارك وتعالى- في ابتداء وضوئه.
والحديث الذي رواه الإمام أحمد نفسه وضعّفه الإمام أحمد "لا وضوء لمن لم يسمّ الله" حمّله الشافعي وغيره على أنه على الكمال أي: لا وضوء كاملا، وغسل الكفين كذلك ذكر لنا " كان رسول الله ﷺ يقول: "إذا توضأ أحدكم فليبدأ بغسل يده فإن الكافر يبدأ بفيه"أخرجه ابن حبان في الصحيح والطحاوي.
فغسل اليدين سنّة في أول الوضوء سواء قام من نوم أو لم يقم من نوم، وكان ﷺ يقول: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا"، قالوا: فلا تنتفي الكراهية بغسل مرة ولا بغسل اثنتين للنّص في قوله: "لا يغمس يده في الإناء حتى يغسل ثلاثا"، فلا تنتفي كراهية غمس اليد في الإناء؛ واختلفوا في ذلك هل مطلقا أو إذا كان الماء قليلا؟ وهل إذا كان توقع النجاسة في يده من دون أن يتيقّنها؟
فكان نظر المجتهدين من الأئمة في مسألة غسل الكفين في بداية الوضوء قبل أن يدخلهما الإناء، ويجيء من أحكام ذلك أن من تيقّن نجاسة يديه فلا يجوز أن يدخلهم الماء القليل عند الجمهور، ويقول المالكية: إن كان لا يخاف التغيّر فلا بأس أن يُدخلها -لا يحرم عليهم إدخالها- لأن عندهم لا ينجس الماء إلا إذا تغيّر؛ فما دام لا يخشى تغيّر الماء فلا بأس أن يدخلها، يعني: لا يحرم ذلك، وقال غيرهم: إذا كان يتيقّن أن في يده نجاسة فيحرم أن يدخلها في الماء القليل لأنه يصير نجسًا؛ بل مما يلاحظ أيضًا الحنفية أنه لا يُدخل إلا مقدار الحاجة من يده، فإذا أدخل كفه كلّه وزادها فيصير الماء مستعمل إذا كان قليل عندهم، لأن الترتيب عندهم ما يلزم، وقد يقولون بالاستعمال من غسل الكفين أيضًا، وعند الشافعية ما يكون استعمال إلا من فرض، فلهذا يقول: يقتصر على مقدار الحاجة في رفع الماء من الإناء عندما يريد أن يغسل كفيه.
فيقول: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده أو أين كانت تطوف يده" -وفي رواية- فلا يغمس يده في الإناء حتى يُفرغ عليها مرتين أو ثلاثة -وفي رواية- حتى يغسلها" ولم يقل مرتين أو ثلاثة.
ثم إن تيقن طهارة اليدين فهل يُكره غمسها قبل إدخالها الإناء أو لا؟ هل يُكره غمسها في الإناء قبل أن يغسلها خارج الإناء أم لا؟
أيضًا من جهة الجواز جائز عند الجميع، ولكن هل يكره؟
كذلك مال من مال إليه أنه لا كراهة في ذلك؛ إلا أن يشك كما دلّت عليه الروايات "فلا يدري أين باتت يده أو أين كانت تطوف يده"، وذلك كما أورد عندكم أنه كان لا يستعمل الماء في الإستنجاء أكثر الصحابة فربما عرقوا فحصلت بذلك نجاسة، أو ربما وقعت عليها يد أحدهم، وعلى هذا أيضًا يأتي تخصيص كراهية وضع اليد في الإناء قبل غسلها خارج الإناء ثلاثا بمن قام من نومه.
وهل أي نوم في ليل أو نهار؟ أو يختص بنوم الليل؟ أيضًا فيه نظر واجتهاد:
وكما أشار عندكم أن ابن عمر كان يرى أنه لا فرق بين ماء قليل ولا ماء كثير، وأنه أخذ بمجرد الأمر في النّص أن يغسل يده قبل أن يُدخلها الإناء، فكذلك الوضوء ولو كان في غير إناء عنده، ولو كان من بحر أو من حوض، يحب أن يغسلها في الخارج أخذ بظاهر عموم اللفظ، والجمهور على أنه يختلف الإناء عن غيره إذا كان الماء كثيرا.
"قال: وكان غالب الصحابة يستنجون بالأحجار يقتصرون عليها فربما عرقوا فتقذر المحل، وكان ابن عمر لا يغمس يده في وَضوءه" -أي: الماء الذي يتوضأ به- "وله حوضا كبيرا" وأخذ بالإطلاق "ويقول: إن الحوض إناء، وكانوا لا يرون بأسا بإدخال اليد إذا كانت نظيفة" أي: طاهرة.
"جاء عنه ﷺ كان إذا قام من نوم يفرغ على يده ثلاثا" وجاء أيضًا عنه ﷺ "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يُدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده أو أين طافت يده"، قال رجل لما روى الحديث عبدالله بن عمر قال له رجل: أرأيت إن كان حوضا؟ فحصبه ابن عمر وقال: أخبرك عن رسول الله ﷺ فتقول: أرأيت إن كان حوضًا؟! أقول لك إذا قام من منامه ما يُدخل يده في الإناء؛ وأنت تقول أرأيت إن كان حوضًا؟! فما أحب منه هذه المراجعة وأحب منه أن يعمل بالنّص مباشرة ويفهم منه ما فهمه من العموم، هكذا جاء في رواية ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي.
فهذا غسل اليدين الطاهرتين إلى الرسغين في ابتداء الوضوء سنة من سنن الوضوء عندهم متفق عليها، وهكذا يرى الحنابلة أن غسل الكفين هذه غسل اليدين واجب تعبدًا إذا استيقظ من نوم ليل ناقض للوضوء، أي نوم انتقض به وضوءه في الليل يجب عليه أن لا يُدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فهو عند الحنابلة واجب تعبدا، إذًا فهو مشروع بالاتفاق سنّة عند الجمهور غسل الكفين، وواجب عند الحنابلة أن يكون قبل إدخاله الإناء إن قام من نوم ليل وليس نوم نهار.
فيرى الأئمة الثلاثة أن ذلك سنّة، وهي أيضا رواية عن الإمام أحمد؛ لكن المعتمد عند الحنابلة وجوب غسل الكفين عند القيام من نوم الليل إن كان نوم ناقض، يعني نوم ناقض؛ اللذي يكون غير متمكن وغير جالس وغير ….الخ.
قال الإمام أحمد: وجوب الغسل يكون عند القيام من نوم الليل، ولا يجب غسلهما من نوم النهار؛ لدلالة الحديث "أين باتت يده"؛ ولكن جاء عن الحسن البصري تسويته بين نوم الليل والنهار، وينتقل إلى سنة المضمضة والاستنشاق والاستنثار.
رزقنا الله اتباع الآثار، والاقتداء بالنبي المختار، وتولانا به في السر والإجهار، ودفع عنا الآفات وبلغنا الأمنيات، ورعانا بعين العناية وثبتنا أكمل الثبات.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابة
الفاتحة
24 صفَر 1445