كتاب كشف الغمة -60- مواصلة: باب فضل الوضوء وبيان صفته

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: مواصلة: باب فضل الوضوء وبيان صفته

 صباح الثلاثاء: 13 صفر 1445هـ

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  معنى النية
  •  ما الفرق بين العادة والعبادة؟
  •  هل النية فرض أم سنة في الوضوء؟
  •  ما هو حكم التلفظ بالنية؟
  •  كمال الوضوء يحصل بالنية
  •  شروط النية
  •  هل يُبطل قطع النية العبادة؟
  •  تحديد وقت النية في العبادات
  •  غسل الكف، ومعنى الكوع والكرسوع
  •  هل المضمضمة والاستنشاق واجبة؟
  •  الفصل والجمع بين المضمضمة والاستنشاق
  •  وضوء النبي ﷺ ثلاثا ثلاثا

نص الدرس مكتوب:

 

 "وكان رسول الله ﷺ يقول: "إنّما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوی"، قال شيخنا رضي الله تعالى عنه: ولم يقل أحد من العلماء بكمال العمل من غير نية أبدًا؛ إذ النية هي القصد وهذا لا يخلو عنه عامل إلا أن يكون غائب العقل لا يدري ما يفعل وهذا غير مكلف، وما نُقل عن أبي حنيفة من أنها ليست بفرض مُراده أنها ثبتت بالسّنة لا بالكتاب على مقتضى مصطلحه، فهي واجبةٌ عنده غير مفروضة فالخُلْفُ لفظي، وأما ما بناه أصحابه على كلامه من صحة الوضوء والغسل بلا نية كما لو كان عليه جنابة وسبح في النهر وهو غير ذاكرٍ للجنابة فيه تساهل، وكأنهم نظروا إلى أن الماء يُحيي العضو ولو بغير نية، كما أن الأرض تحيا بالماء إذا علا عليها وتنبت زرعها ولو لم يضعه إنسان، فما فات تارك النية إلا كمال الوضوء لا الوضوء؛ إذ المكلفُ لا يخرج عن العهدة إلا بالحضور فيما كُلّف به لا سيما إذا لم تحصل تسميةٌ عليه فحكمه حكم الميتة. 

وكان ﷺ يتوضأ لكل صلاة في أكثر أوقاته، وربما صلى الصلوات بوضوءٍ واحد، وكان وضوءه ﷺ على وجوهٍ كثيرة ولكن غالبها متداخل لا يزيد وضوءٌ على آخر إلا بعض صفات، وكان ﷺ تارةً يتوضأ فيفرغ من الإناء على يمينه فيغسل يديه ثلاثًا قبل أن يدخلهما الإناء، ثم يتمضمض ويستنثر ثلاثًا بكفٍّ واحد، ثم يغسل وجهه ثلاثًا، ثم يغسل يده اليمنى ثلاثًا، ثم يغسل يده اليسرى ثلاثًا. ثم يدخل يده في الإناء فيمسَح برأسه مرّةً واحدة مُقَدَمَهُ ومؤخره، ثم يغسل رجله اليمنى ثلاثًا ورجله اليسرى ثلاثًا، وهذه رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفيها اقتصر على مسحةٍ واحدةٍ للرأسِ وتركَ مسح الأذنين.

وقال علقمة: بلغنا أن عليًا -رضي الله عنه- في هذه الواقعة مسح رأسه ثلاثًا ثم قال: ولا خلاف؛ لأنه ﷺ وضع يده على نافوخه أولًا ثم مدّ يده إلى مؤخر رأسه ثم إلى مقدّم رأسه ولم يفصل يده من رأسه ولا أخذ الماء ثلاث مرات، فمن نظر إلى هذه الكيفية قال إنه مسح مرّةً واحدة، ومن نظر إلى تحريك يده قال: إنه مسح ثلاثًا، والله أعلم."

اللهم صلِّ أفضل صلواتك على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم، عدد معلوماتك ومداد كلماتك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون

 

الحمد لله الذي أكرمنا بأحكام الإسلام، وبيانها على لسان خير الأنام عبده المصطفى محمد صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلى آله وصحبه الكرام، وعلى من والاهم واتبعهم إلى يوم القيام، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقرّبين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنّه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 وبعدُ.. فيواصل الشيخ -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلّقة بفروض الوضوء وسُنن الوضوء، وابتدأ في هذا الفصل بذكر حديث النية، وقال: "وكان رسول الله ﷺ يقول إنّما الأعمال بالنيات.." جمع نيّة "..وإنما لكل امرئ ما نوی"، والنية تأتي على معاني في اللغة:

  •  فتأتي النية بمعنى: القصد، وهو الذي عليه أيضًا تعريفات الفقهاء، يقول: نوى الشيء أو انتواه أو تنوّاه؛ بمعنى: قَصَدَه.
  •  وتأتي النية بمعنى: الحفظ؛ يقول: نوى الله فلانًا، نوى الله فلانًا بمعنى: حَفِظه.

والوجه الذي يذهب إليه الإنسان يقال له: نية، والأمر الذي ينويه يُقال له: نية، نيّته كذا كذا.. أي: أمر ينوي أن يقوم به، وتوجيه النفس نحو العمل يقال له: نيّة، وهكذا تأتي تعاريف الأئمة الأربعة؛ فقهاء المذاهب الأربعة عن النية: 

  • فيقول الحنفية: قصد الطاعة والتقرّب إلى الله تعالى في إيجاب الفعل؛ فعندهم هذه النية وهي داخلة في المنهيات، لأن المكلّف به الفعل الذي هو كفّ النفس عن المحرّمات؛ فعندهم قصد الطاعة والتقرّب إلى الله في إيجاب الفعل.
  •  ويقول المالكية في تعريف النية: أنّها قصد الإنسان بقلبه ما يريده بفعله.
  •  ويقول الشافعية: النيّة قصد الشيء مقترنًا بفعله.
  •  يقول الحنابلة: عزم القلب على فعل العبادة تقرّبًا إلى الله تعالى.

 هذه تعاريف النية، فهي مشروعة تتميّز بها العبادات عن العادات، فجلُوس الجالس في المسجد قد يكون مجرّد عادة وقد يكون عبادة، ما الذي يميّزه؟ النية؛ إن نوى الاعتكاف أو انتظار الصلاة ونحوها من الخيرات فهو عبادة، وإن جلس من دون ما ينوي هذا فهو عادة ليست بعبادة.

وهكذا كما يأتي في الغسل؛ قد يغتسل تبرّدًا أو تنظّفًا، وقد يغتسل لأجل جمعة أو لأجل رفع جنابة، فما الذي يميّز؟ يميزه النيّة، يفرّق بين العادات والعبادات، وكذلك تميّز مراتب العبادات؛ قد يكون الغسل سُنّةً أو قد يكون فرضًا، ما الذي يميّز؟ هو النيّة؛ النيّة هي التي تميّز، فهذا حكمة مشروعة النية. وقد تُطلق النية على الغرض الحامل للإنسان على فعل الأمر، وهذا غير قصد الشيء مقترنًا بفعله، وعليه جاء الحديث: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها..."؛ غرضه الباعث له على فعل الشيء.

وبعد ذلك تأتي النية في العبادات، الفقهاء ما بين من يقول أنها فرض أو ركن أو شرط، وهكذا،

  •  فالجمهور يقولون: أن النية شرطٌ في العبادات. 
  • ويقول أكثر الشافعية: هي ركنٌ من أركان العبادات، هي ركن في الوضوء، هي ركنٌ في الصلاة، هي ركنٌ في الصوم، وهكذا..
  • يقول المالكية: أنها في الوضوء فرضٌ على الأصح.

 إذًا فالنية لها حكمٌ فيما يتعلّق بالوضوء، يقولون النية شرطٌ لا يصح الوضوء إلا بها، يقول الشافعية والحنابلة: أن النية شرطٌ في صحة الوضوء فلا يصحّ إلا بالنية، ويعدّها الشافعية كما سمعت ركنًا من أركان الوضوء؛ فرضًا من فروض الوضوء. فينوي المتوضئ رفع الحدث أو الطهارة للصلاة أو لأي مفتقرٍ إلى الطهارة.

  • يقول الحنفية: أن النية سُنّة في الوضوء ليُحتسب قربى.

 ولاحظ الإمام الشعراني هنا في مذهب الحنفية وقصد الإمام وما بنى بعد ذلك أتباعه على تصحيح نحو الوضوء بغير نية، وما رأى ذلك، 

  • كذلك المالكية يقولون: النية فرضٌ من فروض الوضوء. 

يقول: "ولم يقل أحد العلماء بكمال العمل من غير نية أبدًا؛" والحديث شاهد "..إذ النية هي القصد وهذا لا يخلو عنه عامل إلا أن يكون غائب العقل لا يدري ما يفعل وهذا غير مكلّف، وما نُقل عن أبي حنيفة من أنها ليست بفرض مُراده أنها ثبتت بالسّنة لا بالكتاب على مقتضى مصطلحه" في التفريق بين الفرض والواجب.

قال الشيخ الشعراني: "فهي واجبةٌ عنده غير مفروضة فالخُلْفُ لفظي،" لكن يقول أصحابه بنوا على كلامه "وأما ما بناه أصحابه على كلامه من صحة الوضوء والغسل بلا نية كما لو كان عليه جنابة وسبح في النهر وهو غير ذاكرٍ للجنابة فيه تساهل، وكأنهم نظروا إلى أن الماء يُحيي العضو ولو بغير نية، كما أن الأرض تحيا بالماء إذا علا عليها وتنبت زرعها ولو لم يضعه إنسان، فما فات تارك النية إلا كمال الوضوء لا الوضوء" إذًا أمّا الكمال فبالنيّة بالاتفاق "إذ المكلف لا يخرج عن العهدة إلا بالحضور فيما كُلّف به لا سيما إذا لم تحصل تسميةٌ عليه فحكمه حكم الميتة." 

  • وهل اشترط أن يتعرّض لفرضية في الوضوء؟ لا، يقول المالكية والشافعية والحنابلة: لا يشترط التعرّض لنيّة الفرضية؛ نية الوضوء كافية، أو ينوي رفع الحدث أو ينوي الطهارة للصلاة أو للطواف… لكن إذا تعرّض لنيّة الفرضية لا يضر ذلك، يكون أكمل.
  • ويقول الحنفية: النية سُنّة في الوضوء وليست فرضًا لعدم اشتراط النيّة فيه، وأخذوا بعموم الآية: (..إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ..) [المائدة:6] وما ذكر النية، لكن (..اغسلوا..) توجّه للفعل فقصد النيّة فيه منطوية، وأوجبُوها في التيمّم، وأخذوها من لفظ: (..فتيمّموا..) فإن التيمّم هو القصد، فقالوا تلزم النية في التيمّم ولا تلزم في الوضوء.

ومحل النية القلب، وبقيَ بعد ذلك حكم التلفّظ بها: والتلفظ باللسان من دون القلب هذا لا يكفي بالاتفاق، ولو اختلف اللسان عن القلب، فالعبرة بما في القلب، فلو نوى بقلبه الظهر ونطق بلسانه العصر، أو نوى بقلبه الحج ونطق لسانه بالعمرة، فإنِّما الصحة لما في القلب، ويثبت ما في القلب لا ما تلفّظ به اللسان، فالعبرة ما هو مستحضره في قلبه، العبرة النية بالقلب لا باللفظ.

إذًا: لا يشترط مع نية القلب التلفظ، نعم لا يشترط، ولكن ما حكمه؟ 

  • يقول الحنفية -المختار عندهم- والشافعية والحنابلة: التلفظ بالنية في العبادات سُنّة؛ ليوافق القلب اللسان. 
  • وبعض الحنفية وبعض الحنابلة قالوا: التلفظ بالنية مكروه.
  • قال المالكية: التلفظ بالنية في العبادات جائز، والأوْلى  تركه، إلا للموسوس؛ فإنه يُذهِب عنه الالتباس فليَتلفظ.

 لكن المختار عند الحنفية والذي عليه الشافعية وأكثر الحنابلة: أن التلفظ بالنية سُنّة، ليوافق القلب اللسان، وقياسًا على تلفُّظه ﷺ بالنية في الحج وما قاله جبريل له: "قل حجّةٌ في عُمرة"، والقول هو اللفظ ، "قل حجّة في عُمرة"، فتلفَّظ بالنية في الحج، وقال: "..لبيك بحجّةٍ حقّا تعبّدًا ورِقّا.."، فـقِيسَ عليها بقية العبادات والطاعات.

 وأما حديث أنه: لم يكن يُسمع منه في صلاته إلا التكبير، فلا يناقض ذلك التلفظ؛ لأنَّ ليس كل ما يتلفَّظ به الإنسان يُسمع منه، إنما يُسمع منه ما جَهَرَ به ، فما جهر به يُسمع منه، وقد يتلفّـظ ويُسمع نفسه ولا يسمعه الذي بجانبه، فلا مناقضة بينه وبين التلـفّظ.

فاشترط جمهور الفقهاء للنية: الإسلام؛ فلا تصح العبادات من الكافر، فليس أهلًا لها، فالحمدلله على نعمة الإسلام، اللهمّ كما أنعمت علينا بالإسلام فزِدنا منه، وكما أنعمت علينا بالإيمان فزِدنا منه، وكما أنعمت علينا بالعافية فزِدنا منها، وكما أنعمت علينا بالعمرِ فبارك لنا فيه.

وكذلك التمييز؛ فلا نية لصبي ولا لمجنون؛ صبي غير مميز ولا مجنون، ولابد أن يعلم بالمنوي، ويترك أي منافٍ للنية، فإذا قطع النية في أثناء العبادة:

  • يقول الحنفية: نية القطع لا تُـبطل العبادة.
  • يقول المالكية: قطع النية في أثناء العبادة يُبطل الصلاة والصوم، وكذا يُبطل الوضوء، والتيمم والاعتكاف عند بعضهم، ولا يبطل قطع النية الحج والعمرة إلا أن يقطعه بالفعل، فلا يبطله نية القطع.
  • وهكذا يقول الشافعية: نية القطع تُبطل الصلاة، ولا تُبطل الصوم ولا الاعتكاف ولا الحج والعمرة، نية القطع في الصلاة يضرّ، وفي غيرها ما يضر.
  • لكن الحنابلة قالوا: قطع النية أثناء الصلاة والصوم والوضوء وغيرها يُبطل العبادة، لأنَّ استصحاب حكم النية شرطٌ في صحتها، فإذًا قالوا: كل قطعٍ للنية يبطل العبادة.

 ويأتي وقت النية في أوّل العبادات غالبًا؛ فهي في الوضوء عند غسل أول جزءٍ من الوجه، ولكن قبل غسل الوجه سُنن، فينبغي أن تتقدم النية أو ينوي أداء السنن. 

يقول:  "كان ﷺ يتوضأ لكل صلاة في أكثر أوقاته"، وتقدّم معنا تجديد الوضوء، "وربما صلَّى الصلوات بوضوءٍ واحد"، وبينَّ بذلك الجواز، و منه ما كان في يوم الخندق، فقد صلَّى أربع فرائض بوضوءٍ واحد ﷺ، وكذلك ما كان منه في حجة الوداع، فإنه صلَّى في عرفة الظهر والعصر بوضوءٍ واحد، وصلَّى في مزدلفة المغرب والعشاء بوضوءٍ واحد ﷺ.

قال: "وكان وضوءه ﷺ على وجوهٍ كثيرة ولكن غالبها متداخل لا يزيد وضوءٌ على آخر إلا بعض صفات، وكان ﷺ تارةً يتوضأ فيُفرِغ من الإناء على يمينه فيغسل يديه ثلاثًا قبل أن يدخلهما الإناء"، والمراد باليدين هنا: الكفّين؛ أي: من أطراف الأصابع إلى الرسغين، والرسغ هو: العظم الذي في الوسط بين الكوع والكرسوع؛ لأنَّ العظم الذي يلي الإبهام في مقدّمة اليد بعد الكف يُقال له: كوع،  والذي يلي الخنصر يُقال له: كرسوع، وبينهما عظم يُقال له: الرسغ. وفي الرجل: يقابل الإبهام العظم في أول القدم يُقال له: بوع، ويضربون المثل للبليد وغير الفاهم يقولون: (ما يعرف كوعه من بوعه)، أو ما يفرِّق بين كوعه وبوعه.

 فعظمٌ يلي إبهام يدٍّ مُلقَّب بكوعٍ *** وما يلي خِنصره الكرسوع والرسغ ما وسَط 

وعظمٌ يلي إبهامُ رجلٍ ملقبٌ ببوعٍ ***  فخذ بالعلم واحذر من الغلط

فغسل الكفين من الأصابع إلى الرسغ، هذا سُنّة في أول الوضوء، فيُسنّ غسل اليدين إلى الرسغين في ابتداء الوضوء لفعل النبي ﷺ. يقول سيدنا عثمان: "دعا النبي بإناء فأفرغَ على كفّيه ثلاث مرات فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء"، أمّا لو كانت اليدين نجستين، فيَجِب أن يغسلهما خارج الإناء حتى لا ينجّس الماء. 

قال: "ثم يتمضمض ويستنثر ثلاثًا":

  • فقال الجمهور: أن المضمضة في الوضوء سُنّـة.
  • قال الحنابلة: المضمضة في الوضوء واجبة وكذلك الاستنشاق.
  • قال الجمهور: أن الاستنشاق في الوضوء سُنّـة.
  • قال الحنابلة: الاستنشاق فرض أو واجب.

 لأنّ من أهل العلم من رأى وجوب الاستنشاق دون وجوب المضمضة، فهو آكد من المضمضة، ومنهم من أوجب المضمضة والاستنشاق كما هو المعتمد عند الحنابلة، ومنهم من قال أنّها سُنّة وهم الجمهور. 

  • فيستحبّ عند المالكية والشافعية والحنابلة: أن يتمضمض ويستنشق بيمناه، باليد باليمنى لاتّباع النبي ﷺ.
  • وهكذا يقول الحنفية كذلك في المضمضة والاستنشاق باليمين: أنها سُنّـة.
  • وقال بعض الحنفية: المضمضة باليمين والاستنشاق باليسار؛ لأن الفم مطهرة والأنف مقذرة، واليمين للأطهار واليسار للأقذَار، ولكن المعتمد عندهم كغيرهم من الأئمة: أنه يتمضمض ويستنشق بيمينه.

 

  • يقول الحنفية والمالكية: الأفضل الفصل بينهما؛ بين المضمضة والاستنشاق.
  • قال الشافعية -في الأصح- ومثلهم الحنابلة: الأفضل أن يجمع بينهما بكفٍّ واحدة، أي الوصل بين المضمضة والاستنشاق، 
  •  يقول الحنفية والمالكية: الترتيب بين المضمضة والاستنشاق سُنّة ، يتمضمض أولا ثم يستنشق.
  • ويقول الحنابلة ووجه عند الشافعية: لا يجب الترتيب بينهما وبين غسل بقية الوجه.
  • ويقول الإمام النووي: اتفق أصحابنا على أنَّ المضمضة مقدَّمة على الاستنشاق.

وفي هذا التقديم وجهان حكاهما الماوردي والشيخ أبو محمد الجويني وولده إمام الحرمين، أصحَّهما: أنَّه شرطٌ  وهو المعتمد، فما يُحسب الإستنشاق إلا بعد المضمضة. والوجه الثاني: أنه يجوز تقديم الاستنشاق على المضمضة.

يقول: "ويستنثر ثلاثًا" ، والاستنثار: إخراج الماء من الأنف، وقيل أيضًا من الفم "بكفٍّ واحد"، وهو الوصل الذي عليه الشافعية والحنابلة. قال الحنفية والمالكية: يفصل بين المضمضة والاستنشاق، ويكون بغرفة للمضمضة وغرفة للاستنشاق.

قال: "ثم يغسل وجهه اليمنى ثلاثًا، ثم يغسل يده اليسرى ثلاثًا، ثم يدخل يده في الإناء فيمسّح برأسه مرة واحدة مُقدَّمَه ومؤخره، ثم يغسل رجله اليمنى ثلاثًا، ورجله اليسرى ثلاثًا  وهذه رواية سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم وجهه، وفيها اقتصر على مسحةٍ واحدةٍ للرأسِ وتركَ مسح الأذنين. وقال علقمة: "بلغنا أن عليًا -رضي الله عنه- في هذه الواقعة مسح رأسه ثلاثًا ثم قال: ولا خلاف؛ لأنه ﷺ وضع يده على نافوخه أولًا ثم مدّ يده إلى مؤخر رأسه ثم إلى مقدّم رأسه ولم يفصل يده من رأسه ولا أخذ الماء ثلاث مرات، فمن نظر إلى هذه الكيفية قال إنه مسح مرّةً واحدة، ومن نظر إلى تحريك يده قال: إنه مسح ثلاثًا". وفي رواية أوردها الإمام البيهقي في السنن الكبرى فيها: أنَّ مسح الرأس ثلاثًا. وعموم ما جاء في الصحيحين وغيرهما: أنه ﷺ توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ولم يستثنوا رأسًا ولا غيره، به أخذ الشافعية. 

  •  وقال الجمهور: مسح الرأس مرةً واحدة، يمسح رأسه مرةً واحدة.
  •  وقال الشافعية -المعتمد عندهم- كما هو قول بعضهم من الغير: أنَّ مسح الرأس يكون كبقية شؤون الوضوء، ثلاثًا ثلاثًا، لكن الواجب واحدة.

 

 رزقنا الله الاستقامة، وأداء الطهارة على الوجه الذي يُرضيه، وثبّتنا على الاتّباع والاقتداء بحبيبه ﷺ، وأنالنَـا  بذلك محبّته في لطفٍ وعافية.

 بسر الفاتحة

 إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابة

 الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

13 صفَر 1445

تاريخ النشر الميلادي

29 أغسطس 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام