(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: مواصلة: باب فضل الوضوء وبيان صفته
صباح الإثنين: 12 صفر 1445هـ
باب فضل الوضوء وبيان صفته
"كان ﷺ يقول: "ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول إلا انفتل وهو كيوم ولدته أمه"
وكان ﷺ يقول : "إسباغ الوضوء في المكاره ، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا".
وكان ﷺ يقول : "من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان، ومن أسبغ الوضوء في الحر الشديد كان له من الأجر كفل"
وكان ﷺ يقول : "إن الله لا يقبل صلاة بغير طهور"
وكان ﷺ لا يتوضأ إلا إذا صلى بوضوئه ولو ركعتين، وأتوه مرة بوضوء ليتوضأ فقال : لم أصل فأتوضأ، وكان ﷺ يقول: "لن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن".
وكان ﷺ يقول : "من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات"،
ودعا رسول الله يوماً بلالاً فقال : "يا بلال ، بم سبقتني إلى الجنة إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي؟ فقال بلال: يا رسول ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها، فقال رسول الله ﷺ: بهذا"،
وكان ﷺ يقول : "من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى أربع ركعات لا يسهو فيهن غفر الله له"، وفي رواية : "من توضأ ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له".
قال شيخنا وخرج بحديث النفس ما يشهده القلب من صور الأكوان فإن هذا ليس في قدرة البشر دفعه، ويشهد لذلك ما وقع له ﷺ في صلاة الكسوف من قوله : (رأيت الجنة والنار)، والله أعلم.
وكان علي رضي الله عنه يتوضأ لكل فريضة ولو لم يحدث، فكان إذا حضرت الصلاة دعا بماء فأخذ كفاً من ماء فتمضمض منه واستنشق منه ونضح بفضله وجهه وذراعيه ورأسه ورجليه ثم يقول هذا وضوء من لم يحدث.
اللهم صلِّ أفضل صلواتك على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم، عدد معلوماتك ومداد كلماتك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون
الحمد لله على عظيم فضله وصلى الله وسلم وبارك وكرم على خاتم رسله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه المتابعين له في قوله وفعله، وعلى من والاهم واتبعهم بإحسان إلى يوم حكم الحق تبارك وتعالى بين الخلائق وفصله، وعلى آبائه وإخوانه من أنبياء الله ورسله وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى جميع الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
يواصل الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلقة بإسباغ الوضوء وبأحكام الوضوء.
وذكر لنا قوله ﷺ كان ﷺ يقول : "ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول إلا انفتل وهو كيوم ولدته أمه"، أي: بريئًا من الذنوب.
"ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء"، الإسباغ: الإكمال والتوفية والتمام؛ فهو إتمام الوضوء وتوفيته بفرائضه وسننه؛ من الدلك والمبالغة في المضمضة والاستنشاق، ومن استيعاب العضو بالماء كذلك ومن التثليث فيه؛ هذا الإسباغ إسباغه معناه إكماله وتوفيته، و جاءت فيه احاديث منها حديث "ألا أدلُّكُم على ما يَمحو اللَّهُ بهِ الذُّنوبَ ويرفعُ الدَّرجاتِ،.. قالوا: بلى يا رسولَ اللَّهِ قال: إِسباغُ الوضوءِ على المَكارِه وَكثرةُ الخُطا إلى المسجِدِ وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ فذلِكَ الرِّباطُ فذلِكَ الرِّباطُ فذلِكَ الرِّباطُ"
إذا فإسباغ الوضوء مستحب، وجاءتنا فيه الأحاديث وأوجب المالكية الدلك الذي هو من إسباغ الوضوء؛ وهو عندهم واجب لأن يمر بيده على العضو؛ وهو عند غيرهم سنة يتم به الإسباغ من جملة ما يتم به الإسباغ.
و بعد ذلك يقول: "ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول.." أي: تمر صلاته على الحضور، فالحضور: أن يعلم ما يقول ويفعل؛ أن يستشعر ما يقول من قراءة وتسبيح وتهليل وتكبير؛ ما يقول وما يفعل من قيام وركوع واعتدال وسجود وجلوس بين السجدتين؛ يستشعر هذا الفعل أنه واقف بين يدي الله، راكع لله، وقائم بين يديه، وساجد له، وجالس له معظمًا خاضعًا، أن يستشعر معنى الفعل ومعنى القول.
وقال الحبيب أحمد بن زين الحبشي: والحضور في الأفعال أهم من الحضور في الأقوال، فيكون حاضرًا في الفعل؛ وحاضرًا في القول، وهو أن يستشعر معنى الفعل؛ معنى القيام؛ معنى الركوع؛ معنى الاعتدال؛ معنى السجود؛ معنى الجلوس، ويستحضر معاني ما يقوله في القيام والركوع والسجود، فهذا هو الحضور، "فيعلم ما يقول إلا انفتل" أي: خرج من صلاته ورجع عنها "كيوم ولدته أمه" أي: خاليًا من الذنوب والمعاصي لا إثم عليه؛ أي: تعرض للمغفرة بصلاة الركعتين بهذه الصورة
" إسباغ الوضوء في المكاره ، وإعمال الأقدام إلى المساجد" وفي الرواية الأخرى "وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا " تأكيدًا أنه لا يبقي شيئًا منها.
كما قال في الجماعة والصلاة والصلوات الخمس "أترون أن لو أن بباب أحدكم نهرًا غمرًا جارٍ يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل ترون يبقي ذلك من درنه شيء، قال: لا يبقي من درنه شيء قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا"
وكان ﷺ يقول : "من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان، ومن أسبغ الوضوء في الحر الشديد كان له من الأجر كفل"، لأنه في الحر يميل النفس الإنسان إلى تبريد جسده بالماء، فيلذُّهُ ذلك، فإذا قصد الوضوء فله كفل من الأجر؛ وأما وقت الشتاء تعاف النفس الماء؛ ويشق عليها برودتها على الجسد؛ فإذا فعل ذلك من أجل الله فله كفلان من الأجر، يتضاعف أجره بذلك، وهو من معاني "إسباغ الوضوء على المكاره":فمنها شدة البرد، إذا توضأ بالماء البارد، فهو يشق عليه فيسبغ الوضوء على المكاره، ومنها أن يكون في حالة مرض أو في حالة إعياء وتعب فيسبغ الوضوء على المكاره، يعني: يسبغ الوضوء على مشقة يتحملها من أجل إسباغ الوضوء، هذا معنى "إسباغ الوضوء على المكاره" ما تكرهه النفس بطبيعتها.
وماذا في إطالة الغُرَّة والتحجيل؟
فماذا معنى إطالة الغرة عندهم والتحجيل؟
الإطالة: معناه الإدامة، والغُرَّة: الوضوء، فاستدامت الوضوء وتجديده عندهم هو معنى إطالة الغُرَّة؛ أن يستديم الوضوء ويجدده.
وقال الشافعية والحنابلة: يُسَن إطالة الغُرَّة والتحجيل، ما معنى إطالة الغُرَّة والتحجيل؟ إطالة الغُرَّة وإطالة التحجيل؛ قالوا:
أما نفس الغُرَّة والتحجيل فبالاتفاق هذا واجب لأنه لا يتم الواجب إلا به، وهو: غسل أدنى شيء من الحدود الزائدة في الوجه وفي اليدين هذا ما يتأكد، ولا يُعلَم تمام الطهارة إلا به فهذا واجب.
لكن الإطالة؛ إطالة الغُرَّة سنة وهو: أن يغسل زائدًا على الواجب في الوجه، هذه إطالة الغُرَّة يغسل زائد على الواجب في الوجه، وزائد على الواجب في اليدين، والرجلين التحجيل؛ التحجيل: غسل زيادة على الواجب في اليدين والرجلين؛ أي: أدنى زيادة على ما لا يتم الواجب إلا به فهو إطالة الغرة وإطالة التحجيل.
ولكن كمال إطالة الغرة يغسل مع الوجه مقدمة الرأس، وما بينه إلى الأذن والأذنين، كذلك وصفحتي العنق فهذا الكمال في إطالة الغرة، كذلك في التحجيل أن يغسل أدنى التحجيل يغسل زايد على الواجب في اليدين فوق المرفقين؛ وفي الرجلين فوق الكعبين، ولكن كماله إلى نصف العضد إلى المنكب في اليدين؛ إلى نصف الساق إلى الركبة في الرجلين فهذا كمال إطالة التحجيل.
ويقال: أن الحِلْيَةَ التي يُحَلّى بها المؤمنين في الجنة تبلغ مواضع الوضوء فمن زاد زادوه. وكذلك ظهور النور الأبيض على الوجه واليدين والرجلين في القيامة لهذه الأمة المحمدية على قدر إطالتهم الغرة والتحجيل "فمن استطاع أن يطيل منكم غرته فليفعل". فهذا هو الحد في إطالة الغرة والتحجيل.
وعرفنا مذهب المالكية: وأنه لا يزيد على الواجب؛ بل يخاف من دخوله في الإسراف، وقالوا: إطالة الغرة إدامة الوضوء، وقد علمنا أنه بالاتفاق أصل الزيادة لا بد منها لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ثم أنه أيضا أشار إلى صلاة الركعتين بعد الوضوء، فهل يُستَحبُّ للوضوء صلاة الركعتين؟ نعم.
يقول الحنفية والشافعية والحنابلة: يُستَحبُّ للمتوضئ إذا توضأ أن يصلي بهذا الوضوء ركعتين فأكثر؛ فلا تحصل سنة الوضوء بركعة واحدة؛ لا بد من ركعتين فأكثر، أن يصلي ركعتين أو أكثر من ركعتين، وهي من الصلوات المندرجة في غيرها من الصلوات يمكن تندرج في فرض أو في نفل آخر. يقول في الحديث الذي رواه الإمام مسلم يقول: "ما من أحدٍ يتوضَّأُ فيحسنُ الوضوءَ ويُصلِّي ركعتَينِ يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما إلا وجبتْ له الجنَّةُ".
فقال الحنفية والحنابلة: أنه يُسن لمن توضأ أن يصلي ركعتين إلا في الأوقات التي تُكرَه الصلاة فيها؛ كما بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس؛ وما بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس؛ فلا يصلي في هذا الوقت سنة الوضوء.
قال الشافعية: إنَ سنة الوضوء لها سبب متقدم؛ فيجوز أن يصليها ولو بعد العصر ولو بعد الصبح.
وكان عمل سلفنا أن يحترزوا من ذلك خروجًا من الخلاف؛ واكتفوا بالتسبيح، فلا يصلون في هذين الوقتين سنة الوضوء ولا تحية مسجد، وإن كانت جائزة في مذهب الإمام الشافعي -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- استدلالًا منه بفعل النبي ﷺ؛ قضاء سنة الظهر بعد أن صلى العصر، بعد أن صلى العصر قضى سنة الظهر، فقال: كل صلاة لها سبب متقدم فتجوز في هذه الأوقات، وإنما النفل المطلق وما ليس له سبب متقدِّم فإن كان سببه متأخر فتحرُمْ في هذه الأوقات.
يرى الإمام الغزالي كما يرى المالكية: أنه إنما يتوضأ ليصلي ولا يُصلّي لأنه توضأ، ما في سنة خاصة للوضوء؛ ولكن إذا توضأ جازت له الصلاة فليصلِّ ما صادفه من ضحىً أو وتر أو رواتب أو نفل مطلق وما إلى ذلك، ولا شيء خاص اسمه سنة الوضوء هكذا مال الغزالي كما يقول المالكية.
ولكن قال الأئمة الثلاثة: أنه يسن لمن توضأ أن يصلي ركعتين عمارة لذلك الوضوء. وجاء أيضًا في حديث بلال الذي يشير إليه أو يحضر معنا وسيأتي معنا.
"من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان، ومن أسبغ الوضوء في الحر الشديد كان له من الأجر كفل"، ثم أنه قال ﷺ : "إن الله لا يقبل صلاة بغير طهور" معلوم كما هو في صحيح مسلم وعند الترمذي وابن ماجة، ورواه الإمام أحمد أيضًا في مسنده "إن الله لا يقبل صلاةً بغير طهور"، ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ) إلى آخر الآية [المائدة: 6]
"ويقول: وكان ﷺ لايتوضأ إلا إذا صلى بوضوئه ولو ركعتين" وهذا مذهب الشافعية في تجديد الوضوء: أنه إذا صلى بالوضوء أيَّ صلاة فيسن أن يجدد الوضوء بعد ذلك. وتجديد الوضوء أيضا يقول به جمهور الفقهاء أنه يسن تجديد الوضوء إما سنة أو مستحب، ولكن قال الشافعية: إنما يكون تجديد الوضوء إذا صلى بالوضوء السابق شيئًا ولو ركعتين.
كـذاكَ تجديـدُ الـوُضُـو إِنْ صَـلَّـى ***** فـريـضَــةً أو ســنَّـــةً أو نَــفْـــلا
فأما المتوضأ:
فهو ما بين سنة ومستحب إذا صلى بالوضوء شيئًا فرضًا كان أو نفلًا، وسُنَّ تجديد الوضوء إن صلى فريضةً أو سنةً أو نفلا، "والوضوء على الوضوء نور على نور" في الحديث.
فإذا واحد توضأ ولا صلى ولا طاف ولا عمل شيء؛ فقال أجدِّد ثاني مرة..! لا يُسَن..
"من توضأ على طُهْرٍ كُتِبَ له عشر حسنات" عند الترمذي، قالوا وما جاء عن الخلفاء الراشدين وختم به الفصل في الكتاب عن سيدنا علي أنهم يتوضؤون لكل صلاة، وكان يقرأ إذا قام إلى تجديد الوضوء سيدنا علي يقول: (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُوا۟ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَیۡنِۚ ) [المائدة: 6].
ثم أن استدامة الوضوء أيضًا سنة من السنن المحافظة عليه فهو مندوب عند الحنفية وكذلك عند المالكية؛ وهم الذي سموه إطالة الغرة أن يحافظ على الوضوء، فاستدامة الوضوء وهو من جملة وظائف المريد السائر لله تعالى أن يستديم الطهارة، وكلما أحدث جدَّدَ طهارته ووضوءه.
ومع سُنِّيٍّة استدامة الطهارة فبيّن ﷺ الجواز: أنه لا يجب استدامة الطهارة؛ وأنه يمكن للمحدث الحدث الأصغر أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يخرج أو يدخل من غير وضوء؛ وإن كان سُنةٌ استدامة الوضوء "والوضوء سلاح المؤمن"، "ومن أصابه عين أو سحر على غير وضوء فلا يلومن إلا نفسه"، فإنه سبب لدفع العين، ودفع السحر، ودفع أنواع المصائب؛ الوضوء، "والوضوء سلاح المؤمن" فينبغي أن يستديمه ولكن يجوز أن يبقى محدثًا بغير الوضوء ما دام لا يريد أن يصلي ولا يفعل شيء يترتب عليه الطهارة،٠ وعليه جاء الحديث أنه "وكان ﷺ لا يتوضأ إلا إذا صلى بوضوئه ولو ركعتين، وأتوه مرة بوضوء ليتوضأ فقال : لم أصل فأتوضا" يعني: لا أريد الصلاة،
مع قوله "لن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" أخرجه الإمام أحمد في المسند وابن ماجة، "لن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" فهو شهادة من رسول الله في الذي يحافظ على الوضوء أنه ليس من أهل النفاق "وكان ﷺ يقول : من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات"،
ودعا رسول الله ﷺ يوماً بلالاً فقال : يا بلال بم سبقتني إلى الجنة -في رؤية رآها- إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي؟ فقال بلال: يا رسول ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها، فقال رسول الله ﷺ: بهذا" بإدامة الوضوء وبصلاته ركعتين، كل ما توضأ صلى ركعتين أو أكثر، الحديث جاء أيضا في مسند الإمام أحمد وعند الترمذي وقال حديث حسن صحيح حديث سيدنا بلال -عليه الرضوان- وهذا في الرؤيا، أما يوم القيامة فلا بلال ولا غير بلال يسبق ﷺ ولا يتقدمه قبله أحد "بك أمرني ربي أن لا أدع أحدًا يدخلها قبلك" يقول له سيدنا رضوان ﷺ، لكن كما صح في الحديث الرجل يقول "أني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي".
إذًا علمنا فضل استدامة الوضوء، وصلاة ركعتين بعد الوضوء، بعد ذلك يذكر لنا ﷺ يقول : "من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى أربع ركعات لا يسهو فيهن غفر الله له" جاء في بعض الروايات أنه لا يخطر على باله شيء غير الصلاة هذا معناه لا يسهو فيهن.
"من توضأ ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له"
أي: لا يخطر عليه شيء إلا الصلاة ومعانيها غُفِرَ له، "قال شيخنا وخرج بحديث النفس ما يشهده القلب من صور الأكوان فإن هذا ليس في قدرة البشر دفعه، ويشهد لذلك ما وقع له في صلاة الكسوف من قوله : رأيت الجنة والنار )، فوقوع عينه على شيء ومرورها بقلبه من دون أن يفكر فيها لا تخرجه عن أنه لا يحدث نفسه في الصلاة بشيء
وذكر أن سيدنا علي رضي الله عنه يتوضأ لكل فريضة ولو لم يحدث،" أي: وهو على وضوء "فكان إذا حضرت الصلاة دعا بماء فأخذ كفاً من ماء فتمضمض منه واستنشق منه ونضح بفضله وجهه وذراعيه ورأسه ورجليه ثم يقول هذا وضوء من لم يحدث."، أي: تجديد الوضوء ويقرأ الآية الكريمة وهي قوله تعالى ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ)
جعلنا الله ممن يديم الطهارة، وتولانا بما تولى به الصالحين من عباده.
وفيما روى الدارمي بإسناد حسن قلنا سعدًا كان يصلي الصلوات كلها بوضوء واحد؛ وأن علي كان يتوضأ لكل صلاة ويتلوا هذه الآية ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ)
وكذلك جاء عند ابن خزيمة وعند الإمام أحمد وعبد الرزاق في مصنفه يقول: صلينا مع علي الظهر ثم خرجنا إلى الرحبة فدعا بإناء فيه شراب فأخذه فمضمض واستنشق قال منصور وقال واستنشق ومسح وجهه وذراعيه ورأسه وقدميه ثم شرب فضله وهو قائم ثم قال إن ناسا يكرهون أن يشربوا وهم قيام إن رسول الله ﷺ صنع مثل ما صنعت وهذا وضوء من لم يحدث.
وجاء في صحيح البخاري عن علي -رضي الله عنه- "أنه صلى الظهر، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتى حضرت صلاة العصر، ثم أتي بماء فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه، ثم قام فشرب فضله وهو قائم، ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما، وإن النبي ﷺ صنع مثل ما صنعت."
اللهم ارزقنا صفاء البواطن وطهارة الظاهر والباطن واتباع نبيك ﷺ والاهتداء به والتخلق بأخلاقه والسير في سيره
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابة
الفاتحة
12 صفَر 1445