(231)
(536)
(574)
(311)
شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الصلاة، باب القراءة في المغرب والعشاء.
فجر الأحد 4 محرم 1442هـ.
باب الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
209 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ.
210 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ (وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً) [المرسلات:1] فَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ.
211 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلاَفَةِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَصَلَّيْتُ وَرَاءَهُ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَةِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَبِهَذِهِ الآيَةِ: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران:8].
212 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ يَقْرَأُ فِي الأَرْبَعِ جَمِيعاً، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَقْرَأُ أَحْيَاناً بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلاَثِ، فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ، كَذَلِكَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ.
213 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَاري، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْعِشَاءَ، فَقَرَأَ فِيهَا بـ (التِّينِ وَالزَّيْتُونِ).
الحمد لله مُكرمنا بالبيان على لسان عبده المصطفى سيد الأكوان، محمّد ابن عبد الله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله في كل حال وفي كل شأن، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآله وصحبه وتابعيهم بإحسان، وآلهم وصحبهم أجمعين وتابعيهم، وعلى الملائكة المقرّبين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وكان آخر ما تقدّم معنا من حديث الإمام مالك في موطئه -عليه رضوان الله تبارك وتعالى- الأحاديث المتعلقة بالتكبير، وتكبيرة الافتتاح والتكبيرات في الانتقالات. ومضى معنا أن الواجب والفرض هو في تكبيرة الإحرام؛ وبه قال الأئمة الأربعة وجماهير أهل العلم، وأنه إنما تفتتح الصلاة بالتكبير؛ لا يجزئ غيرها، إلا ماشذّ من أقوال بعض أهل العلم بعدم اشتراط التكبير في أول الصلاة.
وتقدّم معنا قول الإمام مالك أن الإمام إذا لم يكبّر تكبيرة الإحرام فصلاته باطلة، وصلاة من صلّى خلفه كذلك باطلة. وعنده قولٌ في المَأْمُومِ إنه إن لم يكبر فكفته تكبيرة الإمام. وبعد ذلك عرفنا وقت التكبير، ووقت التكبير بالنسبة لتكبيرة الإحرام؛ هو عند الإمام الشافعي والإمام أحمد والإمام أبي حنيفة وعند الإمام مالك أيضًا: إنه بعد أن يفرغ المقيم من الإقامة، ثم يشرع في التكبير، بل وجاء تعديل الصفوف؛ وأن سيدنا عمر قد يمر على الصفوف، كل ذلك بعد أن يقيم المقيم للصلاة.
أما المأموم:
والذي ينبغي أن يحرص على ثواب تكبيرة الإحرام مع الإمام؛ فهي صفوة الصلاة "لكل شيء صفوة، وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى مع الإمام".
فينبغي أن يُعظّم شأن تكبيرة الإحرام مع الإمام، وأن يُبَادئْ المأموم عِند تكبير الإمام بالنية والإحرام خلفه، ولا يجوز عند الشافعي أن يبتدئ بشيءٍ منها حتى يكمل الإمام تكبيرة، فإذا نطق بالراء من "أكبر" ابتدأ المأموم وقال: "الله أكبر" ناويًا الصلاة.
ويذكر في هذا الباب: "الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ"، ويذكر عن جُبَيْرِ بنِ مُطعِمٍ "أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ."، فهذا مما ورد وأصل الحديث، وكذلك ورد الحديث في صحيح البخاري ومسلم، سماعه لقراءة ﷺ سورة الطور في المغرب. مع أن الغالب المنقول من قراءته بالمغرب أنه ﷺ يقرأ من قصار المفصل، ولكن هذا هو الغالب، وقد يقرأ غير ذلك، حتى في آخر صلاة خرج إليها في أيام مرض موته ﷺ، صلى المغرب فقرأ بالمرسلات، ثم لم يتمكن بعدها من الخروج في صلاة العشاء، وأمرهم بوضع الماء فجاء يتوضأ فأغمي عليه، ثم أفاق وسأل عن الناس وقالوا إنهم ينتظرونك، فأمر بصبّ الماء مرة أخرى في الإناء وجاء ليتوضأ فأغمي عليه، ثم أَفَاقَ وسأل عن الناس وقيل إنهم ينتظرونك؛ فأمر بوضع الماء فأغمي عليه الثالثة فلما أَفَاقَ قال: "مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ"، وانتظر ﷺ حتى تمكّن من الوضوء والصلاة في بيته عليه الصلاة والسلام في تلك الليلة. فلم يخرج بعدها إلا الجمعة؛ خرج يصلي بالناس الجمعة. وخرج مرة في أيضًا في أثناء النهار، وخطب فيهم كانت آخر خطبه عليه الصلاة والسلام.
فبقي خلال تلك الأيام لا يخرج إلى الصلوات الخمس إلا الجمعة، ثم كان يوم وفاته فأحسّ بنشاط فمشى، وهُم يصلي بهم أبو بكر الصديق عليه رضوان الله تبارك وتعالى، حتى خرج من باب حجرته إلى الممر بينه وبين المسجد، ووقف على باب المسجد ورفع الستارة التي على الباب، فأشرق نور وجهه فالتفت الصحابة كلهم حتى أبو بكر الذي كان لا يلتفت في الصلاة لإحساسه بمجئ النبي وذهب ليرجع، فأشار إليه أن مكانك.. وتبسّم في وجوههم، فكان وداعه لهم ﷺ. مع أنهم أصبحوا بينهم البين ينبّه بعضهم بعضًا أن رسول الله مشى وحده من دون ما يمسك أحد بيده، وأنه أصبح نشيطًا وأنه تمثل للشفاء والعافية، فكثير منهم انطلقوا ذاك اليوم إلى أعمالهم بعد أن كانت لهم أيام يلازمون المسجد لا ينصرفون إلى أعمالهم. فَبعد انصرافهم إلى أعمالهم حتى خرج سيدنا أبو بكر الجرف، وانصرف من انصرف، فجاء جبريل يستأذن لسيّدنا عزرائيل وكان وفاة سيد الوجود ﷺ، وسمعته السيدة عائشة رافعًا يده وذراعه، ويقول: "بلِ الرَّفيقُ الأعلَى، بلِ الرَّفيقُ الأعلَى" ﷺ.
فهذه قراءته في صلاة المغرب بسورة الطور، و قراءته في صلاة المغرب بسورة المرسلات، والغالب مما نقل عنه في المغرب إنه يقرأ من قصار المفصل ﷺ. ثم اورد لنا حديث "أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ (وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً) [المرسلات:] فَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي"؛ لما رَأَتْ ولدها يقرأ المرسلات "لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ" (وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً) ﷺ.
وجاء بحديث: "أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلاَفَةِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَصَلَّيْتُ وَرَاءَهُ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ" كما هو أكثر المنقول عن سيدنا المرسل "ثُمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَةِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَبِهَذِهِ الآيَةِ: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران:8]". وجاء في بعض الروايات: فما علمت أيريد قراءة السورة، أم أنّه دعاء دعا به بعد انتهائه من الفاتحة. وعليه عمل الإمام الحداد؛ فإنه في الركعة الثالثة والرابعة يقرأ شيء من الآيات غالبها أدعية، غالبًا من آيات الدعاء؛ يقرأها بعد أن ينتهي من الفاتحة في الركعة الثالثة وفي الركعة الرابعة، ومنها هذه الآية قد سُمِعَّت منه يقرئها بعد الفاتحة في الركعة الثالثة (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)[آل عمران:8].
ومن الأئمة من قال: يقرأ سورةً في الثالثة والرابعة كما يقرأها في الأولى والثانية، ولكنها في الأولى والثانية آكد، ومحل اتفاق بينهم في سُنيّة قراءة شيء غير الفاتحة، وقراءة سورة وإن كانت قصيرة أفضل من قراءة بعض سورة ولو كان طويلًا، وهو أكثر المنقول عنه ﷺ أنه إنما يقرأ سورةً، أو يقسم سورةً بين الركعتين، ولم يشتهر عنه قراءة بعض سورة في شيءٍ من ركعاته ﷺ.
وأورد حديث ابن عمر قال: "كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ يَقْرَأُ فِي الأَرْبَعِ جَمِيعاً، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَقْرَأُ أَحْيَاناً بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلاَثِ، فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ، كَذَلِكَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ"
وعلى هذا قال عُلَمَائُنَا:
أي: أن يكون ذلك غالبًا؛ ولا شئ أن يكون غير ذلك فما قُرئ من القرآن في الصلاة فله بكل حرف مئة حسنة. كما جاء في الحديث عن سيدنا علي -كرّم الله وجهه ورضي عنه- للقارئ في الصلاة من قيامٍ بكل حرف مائة حسنة، أو من جلوس إذا كان في نفلٍ يجوز أن يجلس فيه فله بكل حرف خمسون حسنة، أو قرأ القرآن خارج الصلاة على وضوءٍ فله بكل حرفٍ خمسٌ وعشرون حسنة. وجعل أن الحرف بعشر حسنات لمن يقرأ خارج الصلاة على غير طهارة. له بكل حرف عشر حسنات، وفي الحديث قال:" لا أقولُ (الـم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ". رزقنا الله تعظيم الصلاة وقبولها لديه ويترتب عليها أمر عظيم؛ لأنها عماد الدين فإذا تمّت وصَلُحَتْ، فقد صَلُحَ دين الإنسان كله؛ وهي أول ما يحاسب عليه في القبر ويوم القيامة.
وأورد لنا حديث: "عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَاري، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْعِشَاءَ، فَقَرَأَ فِيهَا بـ (ِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)، وهذا على القول المشهور: أنها من قصار المفصل، وقيل هي من طوال المفصل. فالقول الأشهر المعتمد:
فقراءته ﷺ في العشاء (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)[التين:1]. وجاء أن ذلك كان وهو في سفر ﷺ، وهذا في الركعة الأولى (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) فماذا قرأ في الركعة الثانية؟ قرأ فيها كما جاء في رواية بالقدر (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ). وفي رواية أيضًا يقول البراء بن عازب: "فما سمعت صوتًا أحسن منه"، وقد سمعه يقرأ وهو في السفر:
ولذا قال الشافعي أنها السنة في صبح المسافر، وإذا كان في أثناء السفر فصلى الصبح فيقرأ الكافرون والإخلاص. وجاء قراءته ﷺ في بعض الفرائض بالمعوذتين، كما يروى عنه في قراءة سورة الكافرون والإخلاص في مغرب ليلة الجمعة، والمعوذتين في مغرب ليلة السبت أي: مساء الجمعة ليلة السبت، والذي نُقل عنه المواظبة عليه قراءة سورة (الم..)[السجدة] و(هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ..) في صلاة صبح الجمعة. كما أنه الغالب في صلاة العيد أن يقرأ بـ(ق ۚ..)[ق] و(اقْتَرَبَتِ..)[القمر]، وقد يقرأ فيهما بسورة الجمعة والمنافقون في يوم الجمعة في صلاة الجمعة، وقد يقرأ بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)، و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) صلوات ربي وسلامه عليه.
وكان ربطوا قِراءته لبعض السور في السرّية؛ وذلك فيما قالوا: "إنه وَيُسْمِعُنَا السورة أحيانًا" أي: يسمعون من بعض الآيات التي ينطق بها فيعرفون أنه قرأ سورة كذا في صلاة الظهر، قالوا: "وكانت أطول صلاةٍ له؛ في الفرائض الخمس صلاة الظهر ثم صلاة الصبح، وذكروا في طول صلاته في صلاة الظهر؛ أنه يكبر فيخرج الخارج إلى البقيع فيتوضأ، ويأتي فيدرك معه الركوع الأول، يدرك معه الركوع الأول في صلاة الظهر صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهذا المنقول في الغالب رزقنا الله حسن متابعته وهو قال "صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي" صلوات ربي وسلامه عليه.
ولكن الاختلاف في أقل ما يجزئ:
وهكذا قال الإمام أحمد كقول الإمام الشافعي عليهم رحمة الله تبارك وتعالى. وأشرنا إلى مذهب الإمام أبي حنيفة وهو أيضًا قول الأوزاعي يقرأ أي شيء من القرآن، وأخذوا أيضًا بحديث "ثُمَّ إقرأ ما معك من القرآن" حديث المسيء صلاته جاء في رواية: "ثُمَّ إقرأ ما معك من القرآن" وحمله غيرهم على تقييده بالرواية الأخرى ثم أقرأ بأم الكتاب الفاتحة.
الفاتحة أن يكتبنا الله وإياكم في ديوان مقيمي الصلاة، الحاضرة قلوبهم فيها مع الله، والمقبلين فيها بالكلية على الله، ويدخلنا في دائرة المؤمنين (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) [المؤمنون:2-5]، (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [المؤمنون:8-9] خير المحافظة مع عطايا كبيرة ومنن وفيرة، وسير في خير سيرة، وقبلنا وإياكم وجميع أهل الزيارة، وهب لكل منا ومنكم ومنهم من مواهبه الواسعة، و مننه المتتابعة ماهو أهله في الدنيا والآخرة، وأشمل بذلك أهاليهم ومن في ديارهم وقراباتهم وطلابهم و أحبابهم وأصحابهم، وأعِد عوائد الفضل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في جميع الجهات، وكتب لهم جمع الشمل والتوفيق لما يحبّه ويرضاه منهم في النية والقول والفعل، واجعل تَبَعِيَتُهم لحبيبه خاتم الرسل، وخلّصهم من تبعية الكفار والفساق وأعداء الدين، و أصلح شؤوننا وشؤون أهل لا إله إلا الله أجمعين، بما أصلح به شؤون الصالحين، وختم لنا ولكم بأكمل الحسنى وهو راضٍ عنا في خيرٍ ولطفٍ وعافية، وإلى حضرة النبي ﷺ.
06 مُحرَّم 1442